السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 23 أكتوبر 2014

قال وقلت ١٤: لماذا تريد أن لا يوجد أحد يخالفك؟


بالنسبة للمنشور السابق، 
قلت: (لماذا تريد أن لا يوجد أحد يخالفك؟)

قال: «هذه العبارة يستعملها أهل الباطل في رد كلام أهل الحق!»

قلت: إذا قررت الحق، وذكرت أدلته، ورددت على الشبهات، ثم بعد ذلك استمر أهل الباطل في باطلهم ماذا أعمل؟

قال الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. (المائدة: ١٠٥).

وفي تفسير ابن كثير: «يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُصْلِحُوا أَنْفُسَهُمْ وَيَفْعَلُوا الْخَيْرَ بِجُهْدِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ، وَمُخْبِرًا لَهُمْ أَنَّهُ مَنْ أَصْلَحَ أَمْرَهُ لَا يَضُرُّهُ فَسَادُ مَنْ فَسَدَ مِنَ النَّاسِ، سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ أَوْ بَعِيدًا... 
وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مسْتَدلٌّ عَلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، إِذَا كَانَ فِعْلُ ذَلِكَ مُمْكِنًا» اهـ.

فلا يشغل المسلم نفسه بالرد على كل أحد؛ فإن هذا مشغلة شديدة تصرف المسلم عن ما ينبغي له.

فإذا قررت الحق، وبينت أدلته، ورددت على الشبهات المعارضة، ووضحت القول، فلا عليك حينئذ أن يخالفك أحد.

وبعض الناس تقرر له الحق ويقبله والحمد لله، ثم يبدأ يسأل: «ماذا أفعل فيمن لم يقبل؟ بماذا أرد على من لا يقبل؟» إلى آخر ذلك... عندها أقول: لماذا تريد أن لا يوجد أحد يخالفك؟


عرفت الحق، فالزمه، واتبعه، وإياك وبنيات الطريق.

كشكول ٥٢: المصالح المرسلة



المصالح المرسلة: من الأدلة المختلف فيها.
والمصلحة: هي المنفعة المرجوة من الأمر، بحيث تدفع الفساد.

وهي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: مصلحة معتبرة، دل الشرع عليها.
النوع الثاني: مصلحة ملغية، دل الشرع على عدم اعتبارها.
النوع الثالث: مصلحة لا دليل على اعتبارها، ولا على إلغائها.
والنوع الثالث هو موضوع الكلام هنا.
سميت مرسلة؛ لإرسالها عن دليل في اعتبارها أو في إلغائها.
والدين قائم على تحصيل المصالح وتكثيرها، وعلى درء المفاسد وتقليلها؛ [إذْ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُعِثَ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا. فَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ: فَمَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةٌ. وَمَا نَهَى عَنْهُ: فَمَفْسَدَتُهُ رَاجِحَةٌ]. (ما بين معقوفتين من (مجموع الفتاوى، (١/ ١٣٨))). 
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالصَّلَاحِ، وَنَهَى عَنْ الْفَسَادِ، وَبَعَثَ رُسُلَهُ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا. وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}. (الأعراف:  ١٤٢). وَقَالَ شُعَيْبٌ: {إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}. (هود: ٨٨). وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}. (الأعراف:  ٣٥). وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ...} (البقرة: ١١-١٢)» اهـ. ((الفتاوى الكبرى)، لابن تيمية، (٤/ ١٥٦)).
وقال -رحمه الله-: «وَتَمَامُ (الْوَرَعِ) أَنْ يَعلم الْإِنْسَان خَيْر الْخَيْرَيْنِ، وَشَرّ الشَّرَّيْنِ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا عَلَى: تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، وَإِلَّا فَمَنْ لَمْ يُوَازِنْ مَا فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَفْسَدَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَقَدْ يَدَعُ وَاجِبَاتٍ، وَيَفْعَلُ مُحَرَّمَاتٍ، وَيَرَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَعِ. كَمَنْ يَدْعُ الْجِهَادَ مَعَ الْأُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ، وَيَرَى ذَلِكَ وَرَعًا. وَيَدَعُ الْجُمْعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ فِيهِمْ بِدْعَةٌ أَوْ فُجُورٌ، وَيَرَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَعِ. وَيَمْتَنِعُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الصَّادِقِ، وَأَخْذِ عِلْمِ الْعَالِمِ، لِمَا فِي صَاحِبِهِ مِنْ بِدْعَةٍ خَفِيَّةٍ، وَيَرَى تَرْكَ قَبُولِ سَمَاعِ هَذَا الْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ سَمَاعُهُ مِنْ الْوَرَعِ» اهـ. ((مجموع الفتاوى، (١٠/ ٥١٢).).
فـ «لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْفَسَادِ الْقَلِيلِ بِالْفَسَادِ الْكَثِيرِ.
وَلَا دَفْعُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، بِتَحْصِيلِ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ؛
فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ جَاءَتْ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا، بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. 
وَمَطْلُوبُهَا:
- تَرْجِيحُ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَجْتَمِعَا جَمِيعًا.
- وَدَفْعُ شَرِّ الشَّرَّيْنِ إذَا لَمْ يَنْدَفِعَا جَمِيعًا. 
فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ مَنْعُ الْمُظْهِرِ لِلْبِدْعَةِ وَالْفُجُورِ إلَّا بِضَرَرِ زَائِدٍ عَلَى ضَرَرِ إمَامَتِهِ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، بَلْ يُصَلِّي خَلْفَهُ مَا لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا إلَّا خَلْفَهُ كَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَالْجَمَاعَةِ، إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إمَامٌ غَيْرُهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ، وَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِمَا الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ تَفْوِيتَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِيهِمَا بِإِمَامِ فَاجِرٍ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ عَنْهُمَا لَا يَدْفَعُ فُجُورَهُ، فَيَبْقَى تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِ دَفْعِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ؛
وَلِهَذَا كَانَ التَّارِكُونَ لِلْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ مُطْلَقًا مَعْدُودِينَ عِنْدَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ». (من (مجموع الفتاوى، ( ٢٣/ ٣٤٣))).

إذا تعارضت المصالح والمفاسد:
قال ابن تيمية -رحمه الله-: (مجموع الفتاوى، (٢٨/٢٩-٢٣٠).): «إذَا تَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ، وَالْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ، أَوْ تَزَاحَمَتْ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَرْجِيحُ الرَّاجِحِ مِنْهَا فِيمَا إذَا ازْدَحَمَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ، وَتَعَارَضَتْ الْمَصَالِحُ وَالْمَفَاسِدُ؛ 
فَإِنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا؛ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ، وَدَفْعِ مَفْسَدَةٍ، فَيُنْظَرُ فِي الْمُعَارِضِ لَهُ؛
فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفُوتُ مِنْ الْمَصَالِحِ، أَوْ يَحْصُلُ مِنْ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرَ؛ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ؛ بَلْ يَكُونُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ، فَمَتَى قَدَرَ الْإِنْسَانُ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا، وَإِلَّا اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ لِمَعْرِفَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَقُلْ إنْ تعوز النُّصُوصَ مَنْ يَكُونُ خَبِيرًا بِهَا وَبِدَلَالَتِهَا عَلَى الْأَحْكَامِ. 
وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّخْصُ، أَوْ الطَّائِفَةُ جَامِعَيْنِ بَيْنَ مَعْرُوفٍ وَمُنْكَرٍ بِحَيْثُ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا؛ بَلْ إمَّا أَنْ يَفْعَلُوهُمَا جَمِيعًا، أَوْ يَتْرُكُوهَا جَمِيعًا؛ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُؤْمَرُوا بِمَعْرُوفِ وَلَا أَنْ يُنْهُوا مِنْ مُنْكَرٍ، يَنْظُرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ أَكْثَرَ أَمَرَ بِهِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنْ الْمُنْكَرِ. 
وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَعْرُوفٍ أَعْظَمَ مِنْهُ؛ بَلْ يَكُونُ النَّهْيُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَالسَّعْيِ فِي زَوَالِ طَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَزَوَالِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ. 
وَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ أَغْلَبَ نَهَى عَنْهُ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ فَوَاتَ مَا هُوَ دُونَهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْمُنْكَرِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَمْرًا بِمُنْكَرِ، وَسَعْيًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. 
وَإِنْ تَكَافَأَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ الْمُتَلَازِمَانِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُمَا؛
فَتَارَةً يَصْلُحُ الْأَمْرُ.
وَتَارَةً يَصْلُحُ النَّهْيُ.
وَتَارَةً لَا يَصْلُحُ لَا أَمْرٌ، وَلَا نَهْيٌ، حَيْثُ كَانَ الْمَعْرُوفُ وَالْمُنْكَرُ مُتَلَازِمَيْنِ؛ وَذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ الْوَاقِعَةِ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّوْعِ: فَيُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ مُطْلَقًا، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ مُطْلَقًا. 
وَفِي الْفَاعِلِ الْوَاحِدِ، وَالطَّائِفَةِ الْوَاحِدَةِ، يُؤْمَرُ بِمَعْرُوفِهَا، وَيَنْهَى عَنْ مُنْكَرِهَا، وَيُحْمَدُ مَحْمُودُهَا، وَيُذَمُّ مَذْمُومُهَا، بِحَيْثُ لَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِمَعْرُوفِ فَوَاتَ أَكْثَرَ مِنْهُ، أَوْ حُصُولَ مُنْكَرٍ فَوْقَهُ، وَلَا يَتَضَمَّنُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حُصُولَ أَنْكَرَ مِنْهُ، أَوْ فَوَاتَ مَعْرُوفٍ أَرْجَحَ مِنْهُ. 
وَإِذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ؛ فَلَا يَقْدُمُ عَلَى الطَّاعَةِ إلَّا بِعِلْمِ وَنِيَّةٍ؛ وَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا؛ فَتَرْكُ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ، وَفِعْلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ مَعْصِيَةٌ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» اهـ. (مجموع الفتاوى، (٢٨/١٢٩-١٣١)).

فيشترط في اعتبار المصلحة المرسلة:
- أن لا تتعارض مع المقاصد الشرعية بل تتفق معها. وهي: حفظ الدين، والنفس، والمال، والعرض، والعقل.
- أن لا تتعارض مع الكتاب والسنة، والإجماع والقياس.
- أن لا تتعارض مع مصلحة أعلى منها، وأن لا يترتب عليها فساد أكثر مما يراد دفعه.
- أن يتم النظر فيها من أهل العلم والمعرفة بالشريعة فلا تتعلق بالأهواء والرغبات الخاصة.
- أن النظر فيها للصالح العام.
وأكثر الأبواب التي يجري فيها إعمال هذا الدليل: هو باب السياسة الشرعية، وما يتعلق به، من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسياسة الناس.
ومن المصالح المعتبرة في الشرع: مراعاة مصلحة الجماعة، وحفظ الدين، ومنع إيقاع الناس في الفتن.
ومن ذلك امتناع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من هدم البيت، وإعادته على قواعد إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، فأخرج مالك في (الموطأ) في (كتاب الحج) بَاب مَا جَاءَ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ»، قَالَتْ: «فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟»»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ».
ففيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- راعى مصلحة حفظ الدين، وسلامة الناس عن الفتنة فيه، فترك أمراً مستحباً.

ومن الأمثلة: الأمر بالصبر على أئمة الجور من المسلمين، وعدم جواز الخروج على الكافر من ولاة الأمر، إذا لم يغلب على الظن:
- عدم إراقة الدماء،
- والقدرة على ذلك، وهذا من باب تحقيق مصلحة حفظ الجماعة، والدين، والأنفس، والأموال.

ومن المصالح الملغية في الشرع:
- مصلحة زيادة المال بالربا،
- والبيوع المحرمة،
- والغش.
- ومصلحة التجارة بالخمر، وما فيها من أثر موهوم بالراحة.

ومن المصالح التي سكت عنها الشرع: 
- تنظيم أمور الناس: بالدواوين، والسجلات المدنية.
- وضع الغرامات والأنظمة لسياسة أحوال الناس: كنظام المرور، ونظام الأحوال الشخصية، ونظام الجمارك، ونحو ذلك؛ 
فينظر فيها العلماء فما كان يشبه ويقارب المصالح المعتبرة شرعاً؛ اعتبر قياساً عليها، وإلا فلا.


«ما الفرق بين المصلحة المرسلة، والبدعة؟»

الجواب :
الفرق بينهما من جهة:
- أن المقتضي للأمر إذا كان موجوداً زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتركه ولم يفعله، من غير مانع يمنع ذلك؛ فيصير فعله بدعة؛ لأن متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الترك كما هي في الفعل.
- أمّا إذا كان المقتضي للأمر لم يكن في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهذا يكون النظر فيه من جهة المصالح المرسلة.
- وكذا إذا كان المقتضي قائماً في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومنع من فعله مانع، فإنه يدخل في المصالح المرسلة.
واعتنى ابن تيمية -رحمه الله- ببيان ذلك أبلغ بيان في (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم).

ويقع الخطأ في هذا الدليل إذا لم يراع اشتراط الشروط السابقة، لاعتبار المصلحة، والله الموفق.

كشكول ٥١: العرف



العرف: من الأدلة المختلف فيها.
والمراد به: ما جرى عليه الناس، أو اعتادوه في قول أو فعل.
وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
- قسم أحال إليه الشرع، أو أقره. وهذا لا خلاف فيه، وعليه تدور القاعدة الفقهية الكبرى (العادة محكمة).
- وقسم غيره الشارع، ولم يرتضه. (وهو كل عرف خالف الشرع، أو جر الضرر).
- وقسم حادث. وهذا ينظر فيه؛
فما خالف الشرع رد.
وما وافق الشرع قبل.
وما لم يوافق أو يخالف؛ فإنه لا مانع من إعماله، إذا كان عرفاً:
- مطردًا.
- عامًا.
- مشهورًا.
- مقارناً لمحله أو قبله، لا بعده.
- ولم يتراض على تركه.
(وهذه شروط العرف).

ودليل العرف: كل آية في القرآن أحيل فيها إلى العرف، كقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. (البقرة:  ٢٢٨). هل حدد الله شيئًا معلومًا، أو قال كم تعطي؟ لم يقل، فقد أحاله إلى العرف، فإذا كان هذا المجتمع عنده أن العادة جرت بألف، هذا المجتمع الآخر العادة جرت بمائة، ولكل مجتمع عادته وعرفه، فلا تحكم على هذا المجتمع بعرف الآخر.
وقوله تعالى: {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}. (البقرة:  ٢٣٢)، هل قال كيف يتراضون؟ هل قال: لابد أن يتراضوا بهذه الطريقة؟ لا، فإذا اصطلحوا على طريقة مشى عليها العرف الذي بينهم، المهم أن لا يكون هناك شيء حرام خلاف الشرع، ولذلك يقولون: «الصلح سيد الأحكام»، وهذا من تطبيقات قاعدة (العادة محكمة).
ويقول تعالى أيضًا: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}. (البقرة: ٢٣١)، أيضًا هنا في الآية أحال على العرف، لم يقل أمسكها على وصف معين، أمسكها بمعروف أو فارقها بحسب ما جرى عليه العرف.
وقال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. [النساء: ١٩] ما قال للرجل من أهل البادية أنت عاشر زوجتك كما يعاشرها الرجل الذي في الحاضرة، فكل أهل جهة بحسب عرفهم.
ومنه قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (المائدة:  ٨٩) لم يبين قدره، فأحال إلى أوسط ما نطعم به أهلنا، قد يكون الواحد طعامه في اليوم رغيف وجبن، في أغلب الأيام هذا طعامه، فالواجب عليه في الإطعام هذا، وقد يكون الواحد طعامه في أوسط ما يطعم به أهله مثلاً أرز ولحم، نقول هذا أوسط ما تطعم به في حقك أنت، وهكذا.

ودليله في الأحاديث:
من ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبته الطويلة في حجة الوداع، قال: «ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف» (أخرجه مسلم في (كتاب الحج)، باب صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث (١٢١٨)، قال: «ولهن» أي: للنساء «عليكم» أيها الأزواج «رزقهن، وكسوتهن بالمعروف»، ما قال: كل امرأة عليك أن ترزقها مثل ما يرزق ذلك الرجل الأمير، أو تكسوها مثل ما يكسوها، لا، كل واحد بحسب العرف، فأحال إلى العرف، لأن العادة محكّمة، يحتكم إليها في مثل هذه الأمور.
ولما جاءت هند بنت عتبة -رضي الله عنها- تشتكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوجها أبا سفيان، تقول: يا رسول الله إنه رجل شحيح، يعني لا يعطينا حقنا، فقال لها الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف». (أخرجه البخاري في (كتاب البيوع)، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع، حديث (٢٢١١)، وأخرجه مسلم في (كتاب الأقضية)، باب قضية هند، حديث (١٧١٤).) لم يقل لها خذي وسكت، وأباح لها مال زوجها، لا، بل خذي من مال هذا الرجل بالقدر الذي جرى العرف أن مثلكِ وولدك يكتفي به.

قاعدة: كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مُطْلَقًا، وَلَا ضَابِطَ لَهُ فِيهِ، وَلَا فِي اللُّغَةِ، يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ.
قاعدة: العادة محكمة. 
قاعدة: المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، إلا إذا خالف الشرع.
قاعدة: المفتي لا يفتي في معاملات أهل بلد إلا إذا عرف عرفهم. والفتوى المبنية على العرف تتغير بتغيره. وما تعارف الناس عليه في البيع والشراء، والتقابض أعتبر. لو اختصم رجلان فقال هذا لهذا: اذهب أنت ابن أمك، فذهب الرجل المسبوب يشتكي يقول هذا قذفني، فإنه رمى أمي بأنها زانية، فهذه اللفظة غير صريحة، فالقاضي هنا –وهذا من فقه الواقع في الفتوى- عليه أن يراعي العرف الذي عليه الساب والمسبوب، فإذا كان من عرف هذا المكان أن هذه الكلمة تعني ابن زنا، فإنه يجلده حد القذف، وإذا لم يجر العرف بأن مثل هذه الكلمة لا تقتضي الرمي بالزنا، فإنه لا يقيم عليه حد القذف.
مثال آخر: لو أن رجلا تخاصم مع رجل من الأشراف (آل البيت) فسبه بأبيه أو جده، فإنه لا يعتبر كافرًا؛ لأنه لا يقال عنه: إنه سب النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن العرف جرى أنه لم يقصد بهذا سب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إنما يقصد سب هذا الشخص بذاته، فانظر كيف راعى العرف.
قاعدة: الكنايات يرجع فيها إلى النية، وإلا رجع إلى العرف، وإلا إلى اللغة.
قاعدة: الألفاظ الواردة في القرآن العظيم، والسنة النبوية، تفسر بمعانيها الشرعية، وتسمى: (الحقيقة الشرعية). فإن لم يوجد فسرت بمعانيها العرفية (عرف زمن التنزيل بما جاء عن الصحابة) وتسمى: (الحقيقة العرفية). فإن لم يوجد فإنه يرجع إلى اللغة. وتسمى: (الحقيقة اللغوية). ومن أمثلة العرف المقارن للخطاب (عرف زمن التشريع) ما أخرجه البخاري (١٥١٠) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ، وَالزَّبِيبُ، وَالأَقِطُ، وَالتَّمْرُ».
قاعدة: العرف المعتبر ما قارن اللفظ أو كان قبله، ولا عبرة بالمتأخر عنه.
قاعدة: الأيمان يرجع فيها إلى العرف، وإلا إلى اللغة. «لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِمَا يَعْتَادُهُ أَهْلُ بَلَدِهِ:
فَفِي الْقَاهِرَةِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِخُبْزِ الْبُرِّ، 
وَفِي طَبَرِسْتَانَ يَنْصَرِفُ إلَى خُبْزِ الْأُرْزِ،
وَفِي زَبِيدَ إلَى خُبْزِ الذُّرَةِ وَالدُّخْنِ.
وَلَوْ أَكَلَ الْحَالِفُ خِلَافَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْخُبْزِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْقَطَائِفِ إلَّا بِالنِّيَّةِ». ((الأشباه والنظائر)، لابن نجيم، (ص: ٨٣).).
«ولَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا؛ لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّمَكِ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا.
أَوْ حلف لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ، أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ، أَوْ فِي ضَوْءِ سِرَاج، لَمْ يَحْنَثْ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْض وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا، وَلَا تَحْت السَّمَاءِ، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سَقْفًا، وَلَا فِي الشَّمْس، وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا.
أَوْ حلف لَا يَضَعُ رَأْسَهُ عَلَى وَتَدٍ، لَمْ يَحْنَثْ بِوَضْعِهَا عَلَى جَبَلٍ، وإن سماها الله أوتاداً.
أَوْ حلف لَا يَأْكُلُ مَيْتَةً أَوْ دَمًا، لَمْ يَحْنَثْ بِأكل السَّمَكِ أوَالْجَرَادِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ؛
فَقُدِّمَ الْعُرْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الشَّرْعِ تَسْمِيَةً بِلَا تَعَلُّقِ حُكْمٍ وَتَكْلِيفٍ».
((الأشباه والنظائر)، للسيوطي، (ص: ٩٣)، و(الأشباه والنظائر)، لابن نجيم، ص: (٨٢-٨٣).).

ويظهر أن الذين لم يعتبروا العرف أرادوا:
- مالم تتوفر فيه الشروط،
- أو العرف المخالف للشرع أصلاً.

ومن اعتبره أراد:
- العرف الذي أقره الشرع
أو أحال إليه،
- أو ما توفرت فيه الشروط.

وبهذا يتحرر اعتبار العرف من الأدلة التي يرجع إليها بشرطه.


والله أعلم.

كشكول ٥٠: كتاب (التاريخ الكبير) للبخاري، وكتاب (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم


كتاب (التاريخ الكبير) للبخاري، كتاب كالسحر!

لمّا صنف الإمام: محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله- كتابه (التاريخ الكبير) أدهش الناس، حتى قالوا: «إنه كالسحر!».

إذ لم يسبق أن رأوا مصنفًا يحوي تراجم رجال الحديث من شرق البلاد الإسلامية إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها.

ولم يكن قبله إلا سؤالات عن بعض الرواة، وأشياء متناثرة، فكيف تسنى للبخاري أن يصنف هذا الكتاب؟!

استخرج البخاري أسماء الرواة من الأسانيد، وجاء لكل راوي بذكر أشهر شيوخه، وتلاميذه الذين وقعوا له بحسب الأسانيد، مع الإشارة إلى أهم ما يتعلق بروايته، وساقه ورتبه في كتابه؛ فأدهش الناس وحير عقولهم -رحمه الله-.

وكان دقيقاً -رحمه الله-، فسمى كتابه بـ (التاريخ الكبير)؛ ليبين أنه ليس من مقصده الأساس ذكر حال الرواة جرحاً وتعديلاً، إنما مقصده التعريف بهم.
وجاء تلميذاه أبو حاتم، وأبو زرعة، فجعلا الكتاب أصلاً، وتكلما على رجاله رجلاً رجلاً، جرحًا وتعديلاً؛ فكان كتاب (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم -رحم الله الجميع-.

والشبه بين (التاريخ الكبير) و(الجرح والتعديل) يظهر عند أدنى مقارنة بين الكتابين في التراجم.


فرحمهم الله، وأسكنهم فسيح جناته.

كشكول ٤٩: الصحابة رضي الله عنهم عدول ضابطون


الصحابة -رضي الله عنهم- عدول ضابطون؛ 

والقول بأنهم عدول في دينهم ليسوا بأهل ضبط، وأنه لا يلزم من ثبوت عدالتهم الدينية ثبوت ضبطهم؛ هذا من أقوال أهل البدع والضلالة، ويؤدي إلى الطعن في الدين جملة؛ لأنهم -رضي الله عنهم- هم الواسطة بيننا وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا قيل بعدم ضبطهم، اختل نقل الدين إلينا، وطعن فيه.

فإن قيل: «ألم تستدرك عائشة على الصحابة -رضوان الله عليهم-؟!».

فالجواب: استدركت عليهم -رضي الله عنها- أموراً ظنت أنهم لم تبلغهم، ولم يقفوا عليها، في فهم حديث أو معناه، 
وهذا هو مجمل ما استدركته عائشة على الصحابة.

فليس في استدراكاتها عليهم ما هو من باب الضبط أصلاً، إلا قضايا يسيرة محتملة!


المقصود:
- بيان أن مذهب أهل السنة والجماعة: إثبات العدالة الدينية للصحابة، وإثبات الضبط لهم.
- والتحذير من مقولة أهل البدع والضلالة في ذلك.

والله الموفق، وعليه التكلان.

كشكول ٤٨: بيان بشأن الرد، وتعليق الشيخ من صفحته في (الفيس بوك)


أرسل لي الأخ الأستاذ أبو موسى أحمد الغرايبة هذا الحوار الذي دار بينه وبين بعض الأخوة على الخاص عنده؛ لأقف على مدى ما حصل لبعض الأخوة من شك في صفحتي بسبب بعض المنشورات؛ ولأني لا أرد على الأسئلة والتعليقات...
وأعجبني رده، وتبيينه للأخ وجه المنشور الذي استشكله.
أما قضية الرد على كل شيء، والتعليق عليه، والإجابة على الأسئلة؛ فهذه تحتاج وقتاً إضافياً لا أملكه، وقدراً من العلم لا أصل إليه؛ فالعفو والسماح!


وجزاه الله خيرًا، وأحسن الله إليه!


قال وقلت ١٣: نحن في حال ضعف عن الجهاد؛ فالواجب علينا الصبر


قال: «حالنا اليوم جهاد دفع؛ لأن الكفار استولوا على بلاد المسلمين وعجز أهلها عن دفعهم».

قلت: بل نحن في حال ضعف عن الجهاد؛ فالواجب علينا الصبر، وحالنا كحال المسلمين في أول الاسلام، لم يكلفوا بالجهاد، إنما كلفوا بالصبر والهجرة.

ولا يصح أن يطلق جهاد الدفع على المسلمين، ودعوى أنهم يأثمون بتركه؛ لأن القدرة مناط التكليف.

ولأن جهاد الدفع من باب دفع الصائل، ولا يتحقق ذلك في واقع الحال.

والله الموفق.

قال وقلت ١٢: الولاية لمن جاء بالانتخاب أو الغلبة بالسيف


قال: «هذا ليس بولي أمر شرعي؛ لأنه جاء بالانتخاب، والانتخاب ليس طريقة شرعية للولاية؟»

قلت: أهل السنة قالوا: من جاء للولاية بالغلبة بالسيف له السمع والطاعة، إذا: استقر له الأمر، وأقام شرع الله. فولاية من جاء بالانتخاب من باب أولى. المهم أن يستقر له الأمر، ويجتمع عليه الناس، ويقيم فيهم شرع الله.

ويؤكد هذا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقر ولاية أصحاب الملك الجبري، وأصحاب الملك العضوض، وأن لهم السمع والطاعة في المعروف، فكذا من جاء بالانتخاب.


والله يصلح الحال، ويوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.