السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 15 مارس 2015

استنباطات ٤٦: في قوله -تبارك وتعالى-: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ...}


في قوله -تبارك وتعالى-: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}. (التحريم:5)،
- فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يطلق أزواجه، وورد أنه -صلى الله عليه وسلم- طلق حفصة ثم راجعها، وهذا لا ينافي الآية؛ لأن الآية نفت طلاقه -صلى الله عليه وسلم- لهن جميعاً.
- وفيه أن المرأة إذا اشتدت غيرتها وأذيتها لزوجها فيما أباحه الله له، ولم تتب وترجع فإن له أن يطلقها وإن كانت صالحة في نفسها.
- وفي الآية فضيلة زوجات النبي -صلوات ربي وسلامه عليه-، وأنهن خير نساء أمته مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يطلقهن، ولما طلق حفصه -رضي الله عنها- نزل جبريل بأمر الله أن يراجعها؛ فإنها صوامة قوامة.

استنباطات ٤٥: في قوله -تبارك وتعالى-: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا...}


في قوله -تبارك وتعالى-: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}. (التحريم:3-4).
- فيه أن النساء حتى الصالحات منهن مجبولات على الغيرة على أزواجهن، حتى فيما يحل له.
- وأن بيوت الناس لا تخلو من مشاكل أسرية، وأن هذا ليس بعلامة على سوء الحال أو فساده.
- وأن التواطؤ على الزوج والضغط عليه بأذيته فيما يحب، حتى ولو باسم الغيرة حتى يلجئه ذلك إلى ما لا يحسن إثم على المرأة أن تتوب منه.
- وأن جبريل له مكانة عالية تفوق سائر الملائكة.
- وأن صالحي المؤمنين أفضل من الملائكة.
- وأن الله يحب وينصر نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ضد كل من يتواطأ ضده، وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير، وذلك في كل زمان.

استنباطات ٤٤: في قوله -تبارك وتعالى-: {...قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}



في قوله -تبارك وتعالى-: {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}. (التحريم :3)، أن الله ينبئه بالوحي في بعض شأنه الخاص إذا تعلق به حكم.

استنباطات ٤٣: في قوله -تبارك وتعالى-: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ...}


في قوله -تبارك وتعالى-: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}. (التحريم: 3)،
- فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يستقص ذكر جميع ما أطلعه الله عليه مما نبأت به، وكذا الكريم لا يستقصي.
- وفيه أن إفشاء سر الزوج خطير عند الله.
- وفيه أن طلب مرضاة الزوجة لا ينقص من قدر الرجل.
- وأن تخصيص بعض الأزواج بسر لا يخالف العدل بينهن.
- وأن البيت الذي فيه الزوجة يحل للزوج فيه ما يريد وإن كانت لا ترضاه هي.

استنباطات ٤٢: في قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}


في قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}. (التحريم: 2)،
- فيه أن التحريم لما أحله الله يمين له أن يرجع ويكفرها، فقد جاء أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حرم على نفسه (مارية) مولاته -رضي الله عنها-، فنزل قوله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}. ومارية ليست زوجته إنما ملك يمينه.
- وفيه أن المسلم إذا حلف يميناً ثم رأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير ويكفر يمينه.
- وفيه أن الرجل إذا حرم زوجه على نفسه ولم ينو طلاقاً ولا ظهاراً أنها يمين يكفرها؛ لأن زوجه مما أحل الله له.

استنباطات ٤١: في قوله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ...}


في قوله -تبارك وتعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}. (التحريم: 1-2).
- أنه لا ينبغي للمسلم أن يحرم شيئاً أحله الله طلباً لمرضاة أحد.
- وأن عليه أن يكفر عن يمينه، ويتراجع عما حرمه على نفسه.
- وأن طلب مرضاة الأزواج بغير ذلك مما لا يخالف الشرع؛ لا حرج فيه.
- وختم الآية الأولى التي فيها بيان أنه لا يبتغي مرضاة أزواجه بتحريم ما أحل الله له بـ {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} مشعر بتأنيس الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إذ عاتبه.
- وختم الآية الثانية بـ {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ليذكر بأن ما شرعه الله لا يدخله خلل وقصور، وهو المناسب لصلاح الحال، فالله عليم لا يخفى عليه شيء من أمر الخلق وحالهم، والله حكيم يشرع لهم ما يناسبهم، ويصلح حالهم.
- وفيها عتب الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيما اجتهد فيه يظنه يحل له.
- وأن الوحي من الله -جل وعلا- يبين ما اجتهد فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإن كان فيه ما يحتاج إلى بيان وضحه.

استنباطات ٤٠: في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»



في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». أن على المسلم لزوم الصمت فلا يتكلم إلا بما هو خير. أما كلامه بما هو شر فلا يجوز. وكذا كلامه بما هو خليط خير وشر لا ينبغي له؛ لأنه ليس خيراً محضاً. وكذا لا يتكلم بكلام لا خير فيه و لا شر.
فأحوال الكلام أربع:
الحال الأولى: أن يتكلم بما خير.
الحال الثانية: أن يتكلم بما هو شر.
الحال الثالثة: أن يتكلم بما هو خير وشر.
الحال الرابعة: أن يتكلم بما هو ليس بخير و لا شر.
فالمؤمن بالله واليوم الآخر مأمور بالصمت إلا في الحال الأولى فقط، أن يقل خيراً وإن لا فليصمت.
والحكمة: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
والصمت حكمة قليل فاعلة.
والصمت يرفع قدر الإنسان.
والكلام شهوة فالصبر عليه والاحتساب في ذلك سبب في نيل الفضل والمغفرة.
والصبر حبس النفس على الطاعة.
والاحتساب رجاء الثواب عند الله.
وفقنا الله وإياكم لمرضاته.

سؤال وجواب ١٢٣: ما وجه كون الجارح ناقل عن الأصل؟



سؤال عن قولي في كتاب التخريج ودراسة الأسانيد عند القاعدة التاسعة والثلاثون في معرض كلامكم عن: «إذا اجتمع في الراوي جرح مفسر وتعديل، أقوال العلماﺀ في ذلك»
> قلتم عند التُّعُقِّب على القول الثالث: «خاصة وأن الجرح ناقل عن الأصل، وأن الناقل مقدَّم». ص: ١٦٧.
فما وجه كون الجارح ناقل عن الأصل؟

والجواب:
لعل سبب سؤالك -بارك الله فيك- ناتج عن مسألة هل الأصل في المسلم العدالة أو عدم العدالة أو التوقف حتى يتبين حاله، وهذه المسألة تجد بحثها -بارك الله فيك- في رسالة قديمة لي بعنوان: (العدالة الدينية في الرواية الحديثية).
وعموماً فإن المسلم الذي يتصدر لرواية الحديث.
وأخذ عنه الناس؛
فهذا ظاهر حاله العدالة الدينية، وهي الأصل، وظاهر حاله في التصدر للرواية أنه ضابط في الجملة،
فمجيء الجرح سواء في العدالة الدينية أو الضبط يعتبر ناقل عن هذا الأصل، إضافة إلى أن مع الجارح زيادة علم، فيقدم قوله على المعدل. والله الموفق.

سؤال وجواب ١٢٢: الذهاب إلى الحمامات



سؤال:
«زوجتي تذهب إلى الحمام في وقت الشتاء فقط، ولكنني منعتها من ذلك رغم أنها تعلم أن الحمام حرام، ولكنها أصرت على الذهاب إليه؛ لأنها لا تقدر أن تغتسل في حمام البيت؛ لأنه بارد. فهل يجوز لها أن تذهب إلى الحمام مع العلم أنها تقضي فيه ثلاث ساعات على الأقل؟»

الجواب:
الذي يظهر أن المقصود من نهي النساء من الذهاب إلى الحمامات أنهن:
- قد يتعرضن للتكشف على عوراتهن،
- ولا يؤمن عليهن من الوقوع في حرام.
فيمنعن من ذلك؛ لغلبة هذا على من يدخله من النساء،
وقد جاء في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: «الحَمَّامُ حَرَامٌ على نِساءِ أمَّتِي». أخرجه الحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

وعن جابر -رضي الله عنه- مرفوعاً: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَدْخُلِ الحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الخَمْرُ». (أخرجه الترمذي والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الجامع).
- فإذا أمنت المرأة كشف العورة،
- وأمنت أن يطلع على عورتها أحد،
- واحتاجت للذهاب إلى الحمام، جاز لها الذهاب، مع الكراهة، وإلا إذا لم تأمن الوقوع في الحرام من كشف عورة أو النظر إلى ما لا يحل فإنه يحرم عليها.
وعن ابن عباس مرفوعاً: «إتَّقُوا بَيْتاً يُقَالُ لَهُ الحَمَّامُ فَمَنْ دَخَلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ». (أخرجه الطبراني والحاكم والبييهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع).
قال في فيض القدير (1/ 140): «وقد اختلف السلف والخلف في حكم دخول الحمام على أقوال كثيرة، والأصح أنه مباح للرجال بشرط الستر والغض، مكروه للنساء إلا لحاجة»اهـ.
والله أعلم.

استنباطات ٣٩: مناسبة ختم سورة الطلاق بقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ...}



مناسبة ختم سورة الطلاق بقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} (الطلاق:12). هذه الآية صرحت بأن الأراضين سبع مثل السموات. لمّا قدّم الله -تبارك وتعالى- ما يتعلق بأحكام الطلاق والنفقة على الولد وهو في بطن أمه، ثم لما يولد ويحتاج إلى الرضاعة، وبيّن عدد الطلاق قبل ذلك، وعقب مؤكدًا خطورة الإعراض عن شرع الله وأمره، في الأسرة التي منها تتكون القرية، فذكر حال القرى التي لم تؤمن بأمر ربها، وكان عاقبة أمرها خسرا، وقابل بين حال ومآل أهل الطاعة وأهل المعصية، ناسب أن يختم السورة ببيان تدبير الله للكون جميعه، بكل تفاصيله، وأن أوامر الله الكونية تتنزل منه سبحانه وتعالى، فهو سبحانه الذي يدبر أمر الخلق في سمواته السبع والأراضين السبع، فما بالك بتدبير أمر الأسرة في ارتباطها بعقدة النكاح، وفي انفصالها بحل رباط عقدة النكاح! فإنه سبحانه قد أحاط بكل شيء علماً.

استنباطات ٣٨: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا}


في قوله -تبارك وتعالى-: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10)} (الطلاق: 8-10)،
- مناسبتها لما تقدمها من أحكام الطلاق والنفقة، أن التزامكم بامتثال أوامر الله، سيسعدكم ويرفع عنكم العسر، ويصلح لكم الحال، فلا تستهينوا بذلك، وتعرضوا عما جاءكم.
- وفيه أن الإعراض عن شرع الله من العتو والكبر، فقد ضمن الفعل (عتت) معنى فعل (أعرضت) ودل عليه بحرف التعدية (عن)، فإنه يناسب (أعرضت) الذي ضمن في فعل (عتت).
- وفي ذكر القرية عقب حال المرأة مع زوجها، أن صلاح الأسرة، صلاح القرية، فإن القرية تتكون من أسر، فحذر من اختلال وضع الأسرة والظلم فيها؛ فإن ذلك سيؤدي إلى الظلم والإعراض على مستوى القرية، فيجر لها العذاب.

استنباطات ٣٧: في قوله -تبارك وتعالى-: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}



في قوله -تبارك وتعالى-: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}. (الطلاق: 7)، فيه أن العسر لا يدوم، فسيعقبه يسر، ولن يغلب عسر يسرين، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.

كشكول ٨٠٤: المراد بالأراضين السبع


سألت العلامة الألباني -رحمه الله- في آخر زيارة له إلى السعودية وكانت سنة 1410هـ، واتصلت فيها به بالهاتف؛ فقد كان نازلاً في جدة، عن المراد بالأراضين السبع؟
فقال -رحمه الله-: أن المراد سبع طبقات من الأرض، طبقة فوق طبقة. وكأنه أشار -رحمه الله- إلى حديث البخاري تحت رقم: (2453) ومسلم تحت رقم: (1612)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، فَقَالَتْ: «يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ».
والآية الوحيدة في القرآن العظيم التي ذكرت ذلك آخر آية في سورة الطلاق، قال الله -تبارك وتعالى-: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا(12)}.
وبالله التوفيق.

كشكول ٨٠٣: التفويض في معاني الأسماء والصفات ليس مذهباً للسلف



التفويض في معاني الأسماء والصفات ليس مذهباً للسلف.

منهج السلف في الأسماء والصفات الإلهية: إثبات معانيها كما دلت عليها لغة العرب. وترك الخوض في كيفياتها، على حد تلك الكلمة المروية عن أم سلمة -رضي الله عنها-، وعن ربيعة الرأي شيخ مالك، وعن مالك -رحمهم الله أجمعين-، حيث قال لمّا سئل عن الاستواء، فقال: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة». فيثبت معنى الصفة ولا يفوض فيه، وإنما يفوض في الكيفية.
وبعض الناس ينسب التفويض في المعنى وفي الكيف إلى مذهب السلف، وهذا غير صحيح، وممن أفرد هذه المسألة قديماً بالبحث الأستاذ الذكتور: رضا معطي نعسان -سلمه الله-، في رسالة بعنوان علاقة التفويض والإثبات في صفات رب العالمين. والله الموفق.

كشكول ٨٠٢: الآيات الدالة على عذاب القبر



الآيات الدالة على عذاب القبر:
ذكر الشيخ ابن سعدي -رحمه الله- في تفسيره تيسير الكريم الرحمن، عند قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}. (طه: 124)، الآيات الدالة على عذاب القبر، وهي:
الأولى: قوله -تبارك وتعالى-: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}. أي: فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابًا. وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه، وهذه إحدى الآيات الدالة على عذاب القبر.
والثانية: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} الآية. 
والثالثة: قوله: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ}.
والرابعة: قوله عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} الآية»اهـ.

استنباطات ٣٦: في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي...»



في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». فيه أن العبد إذا ترجى الخير وتفاءل وتأمله وأحسن ظنه بالله حصل له ما يظنه بالله، وتفاءل به، فالظن الحسن مجلبة لكل حسن ولكل خير -باذن الله-.

استنباطات ٣٥: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ»


في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ».
- أن المؤمن مبتلى بحسب إيمانه. وليس معنى البلاء وعظمه أن يكون دائماً في الضراء فقد يكون البلاء بالسراء.
- وأن الابتلاء ليس دليلاً على تقصير العبد، بل قد يكون سبب البلاء من إيمانه.
- وأن الرضا بقضاء الله وقدره يعقب لصاحبه ما يرضيه في الدنيا والآخرة.
- وأن التسخط وعدم الرضا بقضاء الله وقدره مجلبة للسوء على العبد.

استنباطات ٣٤: في قوله -تبارك وتعالى-: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}



في قوله -تبارك وتعالى-: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}. (الطلاق: 6)، فيه تقرير الرجوع إلى العرف في حل ما يحصل من مشكلات بين المطلقة وزوجها، وذلك فيما لا يخالف شرع الله، فتقدر النفقة على الأولاد، والأجرة في الرضاع، والنفقة على المطلقة الحامل بحسب العرف. وأنه لا يضر إرضاع الولد من غير أمه.

استنباطات ٣٣: {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}



في قوله -تبارك وتعالى-: {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}. (الطلاق: 6)، فيه أن النفقة على الأولاد واجبة. وأن رضاع الأم لولدها، وحملها به، تستحق به المزيد من النفقة والرعاية والاهتمام، فإن الله ذكر هذا في جانب المطلقات ففي غير المطلقة من باب أولى! فإذا حملت الزوجة وأنجبت وأرضعت تستحق المزيد من النفقة عليها رعاية لحالها وشأنها.