السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 26 فبراير 2015

كشكول ٧٧٩: الدرس الثاني في شرح معارج القبول


الدرس الثاني في شرح معارج القبول:
25 / ربيع الثاني / 1436 هـ.


تخريج الحديث ١٠



تخريج الحديث (10 - 10)

صنف العلماء كتباً تعين وتساعد في التخريج، خاصة التي حظيت بمحققين مهرة، فإنهم يقومون بخدمتها فيعزون كل حديث إلى موضعه مع بيان مرتبته، فيكون في هذا عون كبير للمخرج.
مثل مسند أحمد بتحقيق دار الرسالة، لمجموعة من المحققين، بإشراف الأرنؤوط. وللأرنؤوط تحقيق سنن ابن ماجة، وسنن أبي داود.
جامع الأصول لابن الأثير تحقيق عبدالقادر الأرنؤوط.
ومن الكتب المعينة في ذلك:
- نصب الراية للزيلعي.
- التلخيص الحبير لابن حجر.
- إرواء الغليل للألباني.
- صحيح السنن وضعيف السنن الأربعة للألباني، -رحم الله الجميع-.

وعموماً برامج الحديث الحاسوبية تساعدك كثيراً في الوقوف على كل هذه الكتب، أعني بالخصوص برنامج المكتبة الشاملة.

تخريج الحديث ٩



تخريج الحديث (10 - 9)

الأصل أن يستقل المخرج في الحكم على الحديث، لكن إذا تعذر عليه لسبب من الأسباب، فلينقل حكم معتبر في الحديث ويعزو إليه، فيقول: الحديث صححه فلان، أو ضعفه فلان، أو قال فيه فلان. ويعزو إلى موضع كلامه من كتبه.

تخريج الحديث ٨



تخريج الحديث (10 - 8)

بيان مرتبة الحديث تقوم على أمرين:
أحدهما: المعرفة بحال الرواة جرحًا وتعديلاً.
ثانيهما: المعرفة بأوصاف الأحاديث بحسب علم الحديث.
فبالأول تعرف حال رواة السند.
وبالثاني تعرف كيف تصفه الوصف المطابق له.

تخريج الحديث ٧



تخريج الحديث (10 - 7)

عزو الحديث إلى مواضعه من الكتب المسندة يراعى فيه تقديم العزو إلى الكتب المشهورة المعروفة على غيرها، وإلا فإنه يقال لمن عزى الحديث إلى كتاب بعيد وترك عزوه إلى لكتب الستة أو أحدها بأنه أبعد النجعة.
وعادة أهل العلم لا يتوسعون في التخريج إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، إلا لفائدة.
ومن المتقرر عندهم أن الحديث المتواتر لا يحتاج إلى عزو وتخريج، إنما فقط ينقل كلام من نص على تواتره أو يعزى إليه.
- والعزو تارة يكون بذكر اسم الكتاب، والباب، ورقم الحديث، وهذه أتم طرق العزو، فتقول: أخرجه البخاري في كتاب الطهارة، باب الوضوء مرة مرة، الحديث رقم: (333) مثلاً. 
ودونها في التمام أن تقتصر على رقم الحديث فتقول: أخرجه البخاري تحت رقم: (333). ودونها في التمام أن تقول: أخرجه البخاري. فقط، ولا تذكر رقم الحديث، ولا الكتاب، ولا الباب، واليوم لا يعذر الباحث بهذه الطريقة بسبب تيسر الكتب وتعدد الطبعات. 
- وتارة يكون العزو بذكر رقم الجزء والصفحة، وذلك في المسانيد، فإن كان الكتاب مرقمًا تزيد ذكر رقم الحديث، فتذكر الجزء، والصفحة، ورقم الحديث، وبعضهم يقتصر على ذكر رقم الحديث إذا كان الكتاب مرقماً. والعزو بمجرد قولك أخرجه أحمد في المسند بدون ذكر شيء من الجزء أو الصفحة أو رقم الحديث فيه قصور اليوم.

تخريج الحديث ٦



تخريج الحديث (10 - 6)

كل طريق من طرق العزو السابقة سواء باعتبار المتن أو السند، فيها نوع قصور يكمل باستعمال طريقة أخرى، واليوم بفضل الله تعالى ورحمته برامج الحاسب الآلي تغني عن استعمال هذه الطرق مباشرة مع الكتب، فتستطيع في برنامج مثل (موسوعة الحديث) (صخر/حرف)، أو برنامج المكتبة الشاملة، أن تخرج الحديث بجميع الطرق السابقة بأيسر سبيل وبأخف مؤونة.
ولذلك عليك أن تتعلم كيف تبحث عن الحديث باعتماد هذه البرامج. فتبحث عن الحديث بكل الطرق السابقة داخل البرنامج بيسر وسهولة.

تخريج الحديث ٥



تخريج الحديث (10 - 5)

والعزو باعتبار المتن يشمل:
- عزوه باعتبار طرف الحديث (أوله) بالرجوع إلى الكتب المصنفة على أساس أطراف الأحاديث، أو بالرجوع إلى الكشافات المرتبة على هذا الأساس.
- عزوه باعتبار لفظة في الحديث، وذلك بالرجوع إلى المعجم المفهرس للحديث النبوي، وما صنف على شاكلته.
- عزوه باعتبار موضوع الحديث، بالرجوع إلى الكتب المرتبة على أساس الموضوعات كمثل كتب السنن، والجوامع، والمصنفات.

تخريج الحديث ٤



تخريج الحديث (10 - 4)

والعزو باعتبار السند يشمل:
- عزوه باعتبار اسم الصحابي بالرجوع إلى الكتب المرتبة على أساس أسماء الصحابة وهي المسانيد وبعض المعاجم.
- عزوه باعتبار اسم راو في السند، وهذا ينفع فيها الرجوع إلى الكشافات المصنوعة لأسماء الرجال في الأسانيد في نهاية بعض الكتب، إذ لا توجد في كل الكتب.
- عزوه باعتبار وصف يتعلق بالسند، كأن يكون الحديث مرسلاً، أو فيه راو وضاع، أو فيه علة، فيرجع في كل وصف إلى الكتب المصنفة فيه.

تخريج الحديث ٣


تخريج الحديث (10 - 3)

عزو الحديث إلى موضعه يقوم على أساسين:
الأول: عزو الحديث باعتبار سنده.

الثاني: عزو الحديث باعتبار متنه.

تخريج الحديث ٢



تخريج الحديث (10 - 2)

إبراز الحديث من الكتب المسندة، يعني الكتب التي يورد فيها المحدث الحديث بإسناده، ومعنى ذلك أن عزو الحديث إلى الكتب التي لا تورده بالسند ليس من التخريج؛
فلا يصح أن تقول: أخرجه النووي في رياض الصالحين.
ولايصح أن تقول: أخرجه ابن حجر في بلوغ المرام.
وكذا: أخرجه ابن حجر في التلخيص الحبير.
وكذا: أخرجه في مجمع الزوائد.
وكذا: أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة.
وكذا: أخرجه الألباني في إرواء الغليل.
وكذا لا يصح عزوه إلى الكتب التي يقوم أصحابها بنقل الإسناد، فإن هذا ليس من الكتب المسندة؛ لأن صاحبها لا يسوق الحديث بإسناده إلى الرسول، إنما ينقل سند الحديث عند من أخرجه.

تخريج الحديث ١



تخريج الحديث (10 - 1)

تخريج الحديث اليوم يقوم على ركيزيتين:
الأولى: عزو الحديث إلى موضعه في الكتب المسندة.
الثانية: بيان مرتبته من القبول والرد.

سؤال وجواب ١١٦: خروج الشابات إلى ما يزعمون أنه جهاد وهجرة



سؤال: 
«سائلة من هولندا تقول: ظهر مؤخرًا بين أوساط الشباب مسألة الدعوة إلى الخروج إلى سوريا للجهاد. فمن ضمن الخارجين شابات في عمر خمس عشر، ست عشر، سبعة عشر سنة. ويخرجن سرًا دون علم الآباء. فإن حصل السؤال لم يخرج هؤلاء الصغار إلى سوريا، يقولون: هي هجرة واجبة، ويدعون أنهم استحوذوا على منطقة حلب، ويقيمون بها شرع الله، فما نصيحتكم لهؤلاء فيما يزعمون؟».

الجواب:
نصيحتي اتجاه هذا الذي يزعمون؛
- أن يتقوا الله سبحانه و تعالى.
- وأن يرجعوا إلى أهل العلم في هذا الباب؛ لأن أهل العلم بينوا: أن لا جهاد شرعي قائم في سوريا، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين أن الجهاد الشرعي لابد فيه من عدة شروط منها:
الشرط الأول: أن يكون مع الإمام. قال -صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه مسلم في صحيحه: «الإمام جنة يتقى به، يقاتل من ورائه». فهؤلاء الذين يخرجون إلى سوريا للقتال لا يخرجون بإذن الإمام، وينشقون عن جماعة المسلمين، ويحدثون بخروجهم هذا العديد من المشاكل التي تجر على الإسلام وعلى المسلمين المشاكل؛ فخروج من ذكر في السؤال مخالف لهذا الشرط.
الشرط الثاني من شروط الجهاد الشرعي: أن يكون تحت راية ظاهرة لإعلاء كلمة الله؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الصحيح: «من قاتل تحت راية عمية فقتل مات ميتة جاهلية». ومعلوم أن الجهاد في سوريا ليس فيه راية ظاهرة لإعلاء كلمة الله، هناك نصارى يقاتلون، هناك علمانيون يقاتلون، هناك قوميون يقاتلون، وهناك من يدعي الإسلام من التكفيريين يقاتلون، وهناك أصحاب أفكار وضلالات يقاتلون. فهؤلاء كلهم القتال تحت رايتهم ليس بقتال تحت راية ظاهرة لإعلاء كلمة الله. ولو قال أحد هؤلاء: نحن نقاتل لإعلاء كلمة الله! فالجواب: إعلاء كلمة الله بالصفة الشرعية لابد أن يكون من وراء إمام شرعي، وأنتم ليس لكم إمام شرعي تقاتلون من ورائه. فإن قالوا: نحن عندنا أمير أمرناه على الجماعة فهو إمامنا الشرعي! فيقال: أنتم تغالطون؛ إذ لا يقال عن هذا الأمير الذي تؤمرونه أنه هو الإمام الشرعي الذي انضوت تحته جماعة المسلمين، لمجرد أنكم أمرتوه عليكم، الأمير والإمام هو أمير جماعة المسلمين، وهو المراد في الأحاديث.
الشرط الثالث: أن يتم إعداد العدة للجهاد؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}. (الأنفال: 60). فأي إعداد شرعي، وأي إعداد للقتال أعده هؤلاء الذين يذهبون للقتال في تلك الأماكن؟! لا يعرفون حمل السلاح. ولا يعرفون الخطط القتالية. ولا يعرفون ما يتعلق بأمور الجهاد والضرب في الأرض. ولا يعرفون طبيعة الأرض التي يريدون القتال فيها. كل هذا الأمر لا يعرفونه. فأي إعداد ذهبوا به للقتال في تلك الأماكن؟! لا شك بأنهم بمخالفتهم لهذه الشروط قد عملوا عملاً لم يأت به شرع الله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». فعملهم هذا مردود عليهم. ولا ينفعهم أن يقولوا: إن نيتنا هي القتال في سبيل الله، وإعلاء كلمة الله؛ لأن النية الصالحة إذا لم تكن مقترنة بعمل موافق لشرع الله لا تنفع صاحبها، فإن العمل لا يقبل حتى يكون خالصًا لله ويكون متابعًا لشرع الله الذي جاء به رسوله -صلى الله عليه و سلم-، ولذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
الشرط الرابع: أن الرسول -صلى الله عليه و سلم- كان يرد الصغار عن القتال من الرجال؛ لأنهم لم يبلغوا السن، كما رد عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- لما أراد أن يقاتل في أحد، ورد غيره من شباب الصحابة لما أرادوا أن يقاتلوا وهم ذكور، فما بالك بالصغيرات من النساء. لا شك أن الحكم في حقهن أوكد؛ لأنه لا ينبغي لهن أن يخرجن للقتال أصلاً، إذ لا جهاد على النساء، إنما جهادهن الحج.
ثم ما ذكر في السؤال من أنهم يقولون: إننا نخرج للقتال؛ لأن هذا من باب الهجرة، والهجرة علينا واجبة.
أقول: الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام تدور بين الوجوب والاستحباب؛ 
فهي واجبة على من قدر عليها، وخشي إن بقي في بلاد الكفر على دينه، ولم يستطع أن يظهر دينه. 
وهي مستحبة في حق من قدر على إظهار دينه، ولا يخشى الفتنة على نفسه في البقاء في بلاد الكفر. وفي هذه الحالة نقول له: أنت يستحب لك أن تهاجر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. 
وفي الحالة الأولى نقول: يجب عليك الهجرة من هذه البلد التي لا تستطيع إظهار الدين فيها، ولا تأمن على نفسك وعلى دينك الوقوع في الفتنة؛ لأنك تقدر على الخروج والهجرة منها. 
والهجرة انتقال من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.
والسؤال: هل الوضع الآن في سوريا يجعلها بلاد إسلام؟ الواضح والمؤكد أن الدولة هناك تتبنى المذهب النصيري أو تتبنى المذهب الجعفري، وهي بالتالي تتبنى مذاهب حكم عليها أهل العلم بأنها مذاهب كفرية، وهي تحارب الإسلام وتحارب المسلمين. ولعلكم تسمعون عن الفظائع الكثيرة التي تلحق الإسلام والمسلمين في تلك البلاد. فكيف يكون الذهاب إليها للقتال هو من باب تحقيق الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام؟! بل واليوم داعش دولة الفتنة والضلالة والعداء والتوحش، لاشك أن هذا أمر غريب. يثير العجب. ولا حول ولا قوة إلا بالله. إنا لله وإنا إليه راجعون.
فالواجب على هؤلاء الفتيات، والشباب، وغيرهم:
- أن لا يفعلوا مثل هذه الأمور. 
- وأن ينتبهوا إلى أن لا يضيع عمرهم عليهم هدر، وأن تضيع حياتهم عليهم هدر، ويقعوا في معصية ومخالفة الشرع في صورة أنهم يريدون أن يفعلوا الطاعة، وأن يوافقوا الشرع؛ فإن هذا من خدع الشيطان، وخدع أهل الضلال. 

نسأل الله أن يحمينا وإياكم من كل سوء. والله أعلم. وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

علمني ديني ١٩٠: أن لا جهاد على النساء، وأن من شرط وجوب الجهاد الذكورة


علمني ديني:

أن لا جهاد على النساء، وأن من شرط وجوب الجهاد الذكورة.
أخرج ابن ماجه بسند صحيح (2901) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟». قَالَ: «نَعَمْ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ».

تطبيق أصولي ٦: في التعارض والترجيح



تطبيق أصولي (في التعارض والترجيح):

أخرج البخاري تحت رقم: (2883) عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَنَسْقِي القَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الجَرْحَى وَالقَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ».
ظاهر هذا الحديث يخالف ما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط تحت رقم: (4443) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ، عَنْ أُمِّ كَبْشَةَ، امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ جَيْشِ كَذَا وَكَذَا». قَالَ: «لَا» قَالَتْ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي لَا أُرِيدُ الْقِتَالَ، إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ الْجَرِيحَ وَالْمَرِيضَ». قَالَ: «لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُنَّةً، يُقَالُ: خَرَجَتْ فُلَانَةُ، لَأَذِنْتُ لَكِ».
قال الطبراني: «لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أُمِّ كَبْشَةَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ».
والحديث صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت رقم: (2740).

ولدفع التعارض يمكن أن يقال:
- حديث البخاري أرجح من حديث الطبراني في المعجم الأوسط. ولكن ذلك متعقب، بأنه لا يصار إلى الترجيح مع إمكان الجمع والتوفيق بين الحديثين.
- وقد قيل: حديث الربيع بنت معوّذ -رضي الله عنها- منسوخ، فقد كان في أحد، وحديث كبشة كان في خيبر أو في الفتح، فهو ناسخ. ولكن ذلك متعقب بأنه مصير إلى النسخ مع إمكان الجمع والتوفيق.
- والجمع والتوفيق ممكن بين الحديثين. قال الألباني في تخريجه للحديث المذكور رقم: (2840)، بعد ذكر القول بالنسخ في (سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها: (6/ 549).): «ولكن لا ضرورة -عندي- لادعاء نسخ هذه الأحاديث ونحوها، وإنما تحمل على الضرورة أو الحاجة لقلة الرجال، وانشغالهم بمباشرة القتال.
وأما تدريبهن على أساليب القتال وإنزالهن إلى المعركة يقاتلن مع الرجال كما تفعل بعض الدول الإسلامية اليوم، فهو بدعة عصرية، وقرمطة شيوعية، ومخالفة صريحة لما كان عليه سلفنا الصالح، وتكليف للنساء بما لم يخلقن له، وتعريض لهن لما لا يليق بهن إذا ما وقعن في الأسر بيد العدو. والله المستعان»اهـ.

كشكول ٧٧٨: أخي من ليبيا، وفي كل مكان...


أخي من ليبيا، وفي كل مكان:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنت تقف على شفير هاوية، تلتطم تحتها رغبات ونزعات وأهواء وفتن.
يريدون أن يعموا عليك الطريق؛ فتزل قدمك، فتسقط فيها!
أنت مسلم.
أنت عربي.
أنت تنسب إلى أمة الإسلام قبل أن تنسب إلى جماعة أو حزب أو اتجاه.
قبيلتك وبلدك تفتخران بالإسلام، وبالدين... فلا تضيعه!
دينك يحتم عليك أن تحقق التوحيد لله وحده، فلا تشرك به شيئاً في عبادتك، وفي عملك.
سلم قلبك كله لله... وعقلك كله لله... وروحك كلها لله... وعملك كله في طاعة الله... فلا تشرك في شيء من ذلك مع الله غيره!
وإن الله يأمرك أن لا تغتر بالدنيا وزخرفها، ولا مناصبها، ولا مراتبها، ويخبرك أن الدنيا فانية زائلة؛ فاعمل لدار الآخرة.
إن خسرت شيئاً في الدنيا فلا تخسر الآخرة.
إن تنازلت عن شيء في الدنيا لله... فاعلم أن الله سيعوضك إياه.
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس.
أيها المسلم الليبي:
إن الله حرم على المسلمين إراقة الدماء... بل هو من أعظم الذنوب بعد الشرك بالله والقول على الله بدون علم ... بل هو ورطة من الورطات لا مخرج منها... بل إن زوال الدنيا أهون عند الله من إراقة دم محرم بغير وجه حق!
يا مسلم ارحم نفسك... لا تقتل، ولا تشارك في القتل.
يا مسلم إنهم يختصمون على الدنيا... على المناصب، والسلطان... لا تشاركهم وأعمل لدار أعدها الله للمتقين... أتركهم ودنياهم... واعمل لآخرتك.
يا مسلم... الزم جماعة المسلمين... والسمع والطاعة لولي أمرك... 
فإن لم تعرف للمسلمين في جهتك جماعة ولا إمام؛ اعتزل الفرق، ولا تشارك في شيء ولو أن تعض على أصل شجرة.
يا مسلم... أنت جوهرة هذه الدنيا بتوحيدك ودينك وعبادتك... فلا ترم نفسك هدراً.
يا مسلم... إذا سألت فأسأل الله.
وإذا استعنت فاستعن بالله.
احفظ الله يحفظك.
تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة. 
واعلم أن الخلق كلهم إنسهم وجنهم لو اجتمعوا على قلب رجل واحد على أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلا بما كتبه الله عليك.
ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ما ضروك بشيء إلا كتبه الله عليك.
رفعت الأقلام وجفت الصحف.
- فتوجه لله بالدعاء،
- واسأله أن يرفع الغمة، ويكشف المحنة.
- تب إلى الله، وأصلح ما بينك وبين الله، وأبشر؛ فإن العاقبة للمتقين وعلى الباغي تدور الدوائر!
يا مسلم ابشر بوعد الله إن اتقيته.
{وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}. (النور: 55).
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. (الأعراف: 96).
رعاني الله وإياك بتوفيقه ومغفرته وعفوه وهداه.

والله المستعان، وعليه التكلان، وإليه المرجع والمصير. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سؤال وجواب ١١٥: أنا طالب مستجد في الجامعة بماذا تنصحني؟


سؤال :
«أنا طالب مستجد في الجامعة، بماذا تنصحني؟».

الجواب:

سؤال وجواب ١١٤: هل أي إمام أخذ بقول من الأقوال وجب علينا الاقتداء به؟



سؤال:
«هل لو صليت مع رجل من أهل الاجتهاد لا يجوز لك مخالفته في أي صورة من صورة الصلاة التي هي محل خلاف، وإذا صليت مع إمام آخر ليس من أهل الاجتهاد هنا تطبق أنت ما تعتقد سنيته في الصلاة، كالنزول على اليدين في السجود، والنهوض بهما، وكجلسة الاستراحة، وكإسبال اليدين بعد الرفع من الركوع.
سؤالي هو: هل أي إمام أخذ بقول من الأقوال وجب علينا الاقتداء به؟».

الجواب:
الذي عندي أن على المسلم العمل بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي استبانت له أنها سنة، ولا يخالفها إذا صلى خلف إمام مجتهد يخالفها.
وليس من معاني (إنما جعل الإمام ليؤتم به) أن تخالف السنة وتوافقه، إنما معنى الحديث متابعة الإمام كما فسره الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كبر فكبروا...»، فلا تسبقه، إنما تتابعه.
ولم يترك ابن مسعود القصر لما صلى وراء الإمام ويتابعه على الإتمام في السفر؛ لأن ذلك جائز يسوغ ومن السنة،
ألا ترى أن عائشة كانت تتم في السفر، فليس فيه دليل على أن الإنسان يترك السنة لمتابعة الإمام المجتهد. والله أعلم.

سؤال وجواب ١١٣: أخت سلفية ترغب في الزواج من أخ سلفي بعينه، لكن والدها يرفضه؛ لأنه ليس من منطقتهم



سؤال: 
«أخت سلفية ترغب في الزواج من أخ سلفي بعينه، لكن والدها يرفضه؛ لأنه ليس من منطقتهم، واشترط أن تسكن في نفس المنطقة كي يزوجها، مع العلم أن هذا الوالد لا يمانع أن يزوجها من أخ سلفي. شرطه الوحيد أن يكون من نفس المنطقة. السؤال: هل هذا الشرط جائز؟
وهل هو كاف لاستبدال هذا الأب بولي آخر في عقد النكاح؟ خاصة وأن الأخ السلفي الذي تريده لا يريد الإقامة في منطقتهم، وأخبرها أن تبحث عن ولي آخر.
وأرجو أن تنصحها نصيحة جامعة، ووفقك لما يحب ويرضى».

الجواب:
لا يجوز لأحد أن يتقدم على وليها المسلم الذي هو في حالتها والدها.
و عليها أن تعلم أن والدها وأهلها إنما يريدون مصلحتها.
وهل هناك من هو أعز منها عند والديها؟!
ولتتيقن هذه الأخت أن البركة والخير والبر في حياتها في رضى والديها، بما لا يخالف شرع الله.
وهي تترك رغبتها لرغبة والدها فإن ذلك خير لها في الدنيا والآخرة.
وشرط والدها لا أشك أنه يحقق لها مصلحة من حيث لا تشعر هي، ووالدها أدرى بذلك منها.
فنصيحتي:
- أن لا تخالف والدها،
- وأن تسأل الله أن يعينها على بره وطاعته، ومن ذلك الرضا بشرطه هذا؛ لأنه أدرى بمصلحتها، والله يوفقها، ويبارك فيها ولها وعليها.

كشكول ٧٧٧: يشرع في الوضوء غسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاثاً



يشرع في الوضوء غسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاثاً.

الإمام الترمذي -رحمه الله-، بوب في كتابه الجامع في أبواب الطهارة، بَابٌ فِيمَنْ يَتَوَضَّأُ بَعْضَ وُضُوئِهِ مَرَّتَيْنِ، وَبَعْضَهُ ثَلَاثًا، 
قال الترمذي -رحمه الله-: «حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: 
«أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ».».
قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
وَقَدْ ذُكِرَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوَضَّأَ بَعْضَ وُضُوئِهِ مَرَّةً، وَبَعْضَهُ ثَلَاثًا. وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَرَوْا بَأْسًا أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بَعْضَ وُضُوئِهِ ثَلَاثًا، وَبَعْضَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّةً»اهـ.

قال وقلت ٧٢: القسم الثاني من محاورة مع طالب حق



القسم الثاني من محاورة مع طالب حق.

قال لي: «العهد والميثاق بالدخول في ميثاق الأمم المتحدة باطل؛ لأنه صلح يعطل الجهاد ويبطله».

فقلت له:
أولاً: الذي قرره الفقهاء -رحمهم الله- في الصلح من جهة المدة أنه على ثلاث أحوال:
الحال الأولى: الصلح المقيد المحدد بزمان، كما حصل مع الرسول لما صالح كفار قريش لمدة عشر سنوات.
الحال الثانية: الصلح المطلق، الذي لا يحدد فيه زمان، لكنه ليس على التأبيد، مثل ما حصل من الرسول لما صالح اليهود في خيبر، على أن نقرهم فيها على ما نشاء. وهو ما جاء عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: «أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتْ الْأَرْضُ حِينَ ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتْ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: «نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا». فَقَرُّوا بِهَا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ». (أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله، حديث رقم: (2338).
الحال الثالثة: الصلح المؤبد، الذي ينص فيه على أن الصلح على التأبيد. والصلح في الحال الثالث باطل لا يجوز؛ لأن الأصل: أن على المسلمين جهاد الدعوة والطلب في حال قوتهم وقدرتهم، فلا يصالح الكافر في ذلك الحال، إنما يدعى للإسلام فإن امتنع فعليه الجزية، فإن امتنع قوتل.
قال ابن تيمية (ت728هـ) -رحمه الله- (الاختيارات الفقهية ص: 315): «ويجوز عقدها (أي الهدنة) مطلقاً ومؤقتاً. والمؤقت لازم من الطرفين يجب الوفاء به، مالم ينقضه العدو، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة في أظهر قولي العلماء. وأمّا المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة»اهـ.
ثانياً: الصلح الحاصل في هيئة الأمم المتحدة صلح مطلق، لم يحدد فيه زمن، فهو صلح جائز، يعقده ولي أمر المسلمين بحسب ما يترجح لديه من المصلحة.
قال عبد العزيز بن عبدالله بن باز (ت1420هـ) -رحمه الله تعالى- (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (8/212-213)): «تجوز الهدنة مع الأعداء مطلقة ومؤقتة إذا رأى ولي الأمر المصلحة في ذلك؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. (الأنفال: 61)، ولأن النبي فعلهما جميعاً، كما صالح أهل مكة على ترك الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض، وصالح كثيراً من قبائل العرب صلحاً مطلقاً، فلما فتح الله عليه مكة نبذ إليهم عهودهم، وأجّل من لا عهد له أربعة أشهر، كما في قول الله سبحانه: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}. (التوبة: 1-2)، وبعث المنادين بذلك عام تسع من الهجرة بعد الفتح مع الصديق لما حج؛ ولأن الحاجة والمصلحة الإسلامية تدعو إلى الهدنة المطلقة، ثم قطعها عند زوال الحاجة، كما فعل ذلك النبي، وقد بسط العلامة ابن القيم -رحمه الله- القول في ذلك في كتابه (أحكام أهل الذمة)، واختار ذلك شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من أهل العلم، والله ولي التوفيق»اهـ.
وبهذا تعلم صحة عقد الصلح المنعقد مع هيئة الأمم المتحدة، والله أمرنا بالوفاء بالعقود وحفظها. والله أعلم.

قال لي: «طيب الآن كل يوم بنكتشف خططاً ومؤمرات ضد البلاد المسلمة من أمريكا وأوروبا وروسيا وما خبر داعش عنك ببعيد!».

قلت: هذه حكم فيها الله -تبارك وتعالى-: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}. (الأنفال: 58). فبينت هذه الآية أموراً:
الأمر الأول: أن العهد والميثاق قائم لا ينتقض بمجرد حصول ما يخاف منهم من الخيانة.
الأمر الثاني: أن الدولة المسلمة إذا بينها وبين دولة أو دول كافرة عهد وميثاق، وخافت منهم خيانة وشعرت بتحركات لهم، ليس لها أن تنقض العهد من جهتها بدون إعلام وإشعار للدول أو الدولة المعاهدة لها، بل عليها أن تطرح ميثاقهم وتعلمهم بذلك علمًا يستوي فيه الجميع بمعرفة ما حصل.
وبالرجوع إلى النصوص الأخرى فإنه في حال كون الدولة المسلمة لا يمكنها أن تنبذ العهد والميثاق؛ لضعفها وعدم قدرتها على المواجهة؛ فليس لها إلا الصبر حتى يحدث الله أمراً.
والله أعلم وأحكم.

قال وقلت ٧١: القسم الأول من محاورة مع طالب حق



القسم الأول من محاورة مع طالب حق.

قال لي: «هذه الدول الكافرة أمريكا وأوروبا ألا يجوز أن نضرب مصالحهم؟».

فقلت له: هذه دول بيننا وبينهم عهد وميثاق، لا يجوز أن نضيع العهد والميثاق، بل الواجب أن نحفظ هذا العهد ونوفي بالعقود، ألا ترى أن الله -تبارك وتعالى- أمرنا بالوفاء بها حتى لو شعرنا أنه صدر منهم خيانة فإننا مطالبون بأن ننبذ إليهم عهدهم بوضوح، كما قال -تبارك وتعالى-: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِينَ}. (الأنفال: 58).

فقال لي: «ألا يلغى هذا العهد ويبطل بسبب قتلهم للمسلمين في أفغانستان والعراق وغيرها من البلاد، كيف يكون هذا العهد قائماً؟».

فقلت له: أمرنا الله بحفظ العهد والميثاق حتى إن حصل منهم اعتداء على المسلمين المستضعفين في ديارهم، ومن باب أولى في غيرها، اسمع قول الله -تبارك وتعالى-: والله -عز وجل- يقول: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (الأنفال: من الآية: 72). ووجه دلالة الآية: أن الآية نصت على أنهم يعتدون على المستضعفين، وهم يطالبوننا بالنصر، فأمرنا بنصرهم إلا على قوم بيننا وبينهم ميثاق. فهذا يدل أن عهدهم لا ينقض بمجرد ذلك. وهذا المعنى الذي قررته في الآية طبقه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فعلياً لمّا دخل في صلح الحديبية مع المشركين، فإنه لم ينصر المؤمنين المستضعفين في مكة، ولم ينصر أبا سهيل وقد جاء في قيوده، ولم ينصر أبا بصير، حفظاً للعهد والصلح بينه وبين المشركين. والذي يملك إبرام نقض العهد والميثاق هو الذي يملك نقضه، فالمرجع في ذلك إلى ولي الأمر في كل جهة. وعليه فإننا اليوم في عهد وميثاق مع هذه الدول، لا يجوز أن يصدر منا ما يخالف هذه العهود والمواثيق، وأن نلتزم بما صالح عليه ولاة أمرنا، فهم أدرى بصالحنا وبحالنا.

فقال لي: «تقصد الميثاق من خلال عضوية هيئة الأمم المتحدة؟».

فقلت له: نعم، أقصد ذلك.

فقال لي: «هذا صلح باطل؛ لأن ميثاق هيئة الأمم المتحدة يشتمل على أمور مخالفة للشرع».

فقلت له: الدول وافقت على ما يحقق مصالحها ولا يخالفها، وكثير من الدول لم تلتزم بما يخالف مصالحها في هذا الميثاق، وأنت تسمع سنوياً قائمة للدول المخالفة للميثاق، والدخول في صلح يحقق مصالح للدولة المسلمة ويدفع عنها شرور مصلحة لولي الأمر أن يراعيها، ألا ترى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دخل في حلف الفضول، الذي عقده أهل الجاهلية، وما فيه من المباديء الصالحة الموافقة للشرع هو ما أراده الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع كون هؤلاء كفار مشركين، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «لو دعيت إليه اليوم لأجبت».

سؤال وجواب ١١٢: وقفت على قاعدة (يمنع شرعًا ارتكاب مفسدة معلومة لمصلحة موهومة) فهل يمكن توضيح هذه القاعدة؟


سؤال:
«وقفت على قاعدة (يمنع شرعًا ارتكاب مفسدة معلومة لمصلحة موهومة) فهل يمكن توضيح هذه القاعدة؟».

الجواب:
المقصود بالمصلحة الموهومة أي التي يظن حصولها، وهي غير موجودة، ولا تحصل بيقين أو غلبة ظن.
كمن يقول: أنا أترك هجر أصحاب البدع بل أصاحبهم وأخالطهم؛ خشية أن يقعوا في الكفر. أو خشية أن أشوه صورة الإسلام. فهذا يمنع شرعًا من ارتكاب مفسدة معلومة وهي مصاحبة ومخالطة أهل البدع لهذه المصلحة التي يتوهمها وهي منعهم من الوقوع في الكفر.

وقس على هذا في أمور أخرى كمن يعمل في جدار بيته نقباً؛ يقول خشية أن يضيع مفتاح البيت ولا يجد سبيلاً للدخول إليه. فهذا ارتكب مفسدة معلومة وهي إفساد جدار بيته؛ لمصلحة موهومة أنه لو ضاع مفتاح بيته دخل من النقب الذي في الجدار. والله أعلم.