السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

كشكول ٩٢: جمال المرأة المطلوب كيف يكون؟



من شرح الدرر بعد تفريغه وتنقيحه:

جمال المرأة المطلوب كيف يكون؟

ليس معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه البخاري تحت رقم: (5090)، ومسلم تحت رقم: (1466) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ»؛ أن جمال المرأة وحسنها غير مطلوب، وأن المطلوب فقط الدين؛ 

كيف يكون هذا المقصود؛ والنكاح إنما يطلب به كف البصر وحفظ الفرج، فإذا أخذ امرأة غير جميلة تناسبه في حسنها؛ فإنها قد لا تكفه ولا تعفه؟!

فالجمال في المرأة مطلوب؛ ويؤيده قوله -صلى الله عليه وسلم-، فيما أخرجه أحمد تحت رقم: (9587 الرسالة)، والنسائي: (3231) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟». قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا، وَلَا فِي مَالِهِ»؛ فإن سرور الرجل بالنظر إلى المرأة يكون أول ما يكون بجمال وجهها، وجمال هيئتها وحسنها، فهذا دليل في عمومه على طلب ذات الجمال. فـ[يَخْتَارُ الْجَمِيلَةَ؛ لِأَنَّهَا أَسْكَنُ لِنَفْسِهِ، وَأَغَضُّ لِبَصَرِهِ، وَأَكْمَلُ لِمَوَدَّتِهِ، وَلِذَلِكَ شُرِعَ النَّظَرُ قَبْلَ النِّكَاحِ]. (المغني:  7/109).

وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: «إذَا خَطَبَ رَجُلٌ امْرَأَةً سَأَلَ عن جَمَالِهَا أَوَّلًا، فَإِنْ حُمِدَ سَأَلَ عن دِينِهَا، فَإِنْ حُمِدَ تَزَوَّجَ، وَإِنْ لم يُحْمَدْ يَكُونُ رَدُّهُ لِأَجْلِ الدِّينِ. وَلَا يَسْأَلُ أَوَّلًا عن الدِّينِ، فَإِنْ حُمِدَ سَأَلَ عن الْجَمَالِ، فَإِنْ لم يُحْمَدْ رَدَّهَا؛ فَيَكُونُ رَدُّهُ لِلْجَمَالِ لَا لِلدِّينِ». (الإنصاف للمرداوي: (  8/ 19).
والشباب اليوم يعكسها يسأل أول شيء عن الدين فإذا قالوا: «ذات دين، تصلي، وتصوم، وكذا، وكذا...»، سأل عن جمالها، قالوا: «والله نص نص»؛ تركها؛ فصار قبوله ورده للمرأة ليس من أجل الدين، بل من أجل الجمال! وهذا خطأ.
والإمام أحمد -رحمه الله- يعلم الناس تطبيق الحديث؛ أسال عن الجمال أولاً؛ فإن الجمال مطلوب!
فإن أعجبك جمالها، أسال عن دينها، فإن أعجبك دينها أخذتها، وإن لم يعجبك دينها لم تقبلها، فتكون قد قبلتها من أجل الدين، ورددتها من أجل الدين.
وهذا يدل من الإمام احمد أن الجمال شيء مطلوب.
والفطرة تريده.

وأنبه التنبيهات التالية: 

التنبيه الأول:
أن الجمال الزائد قد يكون معيقًا للفتى عن عبادته، وعن عمله، وعن حياته؛ فيشغله، وهذا هو محمل ما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه أمر أحد ولده أن يطلق زوجة، مع أن ولده كان يحب زوجه.
[أخرج أحمد في (المسند) تحت رقم: (4711)، وأبوداود تحت رقم: (5138) والترمذي تحت رقم: (1226)، والنسائي في (الكبرى) تحت رقم: (5631)، وابن ماجه تحت رقم: (2088)، وابن حبان (الإحسان: 426، 427). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وقال الأرنؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود: «إسناده قوي» اهـ، وقال الألباني: «صحيح» اهـ.]. عن حمزةَ بن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال: كانت تحتي امرأةٌ، وكنتُ أحبُّها، وكان عُمرُ يكرهُها، فقال لي: «طلِّقْها»، فأبَيتُ، فأتى عُمَرُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «طلِّقْها».
مما يفيد: أنه ليس المطلوب بالجمال أن تختار الجميلة التي تلهي، فتبالغ في طلب الجمال. 

التنبيه الثاني: 
الذين جربوا وعرفوا جمال النساء وحالهن يقولون: «بالعشرة، وحسن المعاملة كل شيء يتغير»، كيف؟ يقول: «أنا تزوجت امرأة ذات جمال شديد، لكن لما عاشرتها، ورأيتها مغرورة، ومتكبرة، ولا تحسن عمل البيت، ولا تحسن التعامل معي، ولا أسمع منها من الكلام ما يعجبني؛ صرت أكرهها، صرت لما أراها بجمالها أكرهها». يقول: ما شعرت بلذة الزواج، وبلذة السعادة الزوجية، وبلذة أني زوج، وهذه زوجة، إلا لما طلقتها، وتزوجت امرأة ثانية أقل جمالاً منها، بل تكاد تكون في المستوى العادي، شعرت بالراحة والسكون الذي ذكره القرآن في العلاقة بين الرجل وزوجته؛ فالجمال الحقيقي هو جمال المعاملة، جمال الأخلاق، جمال حسن التبعل بين المرأة وبين زوجها.
فالمرأة بحسن خلقها، وحسن تبعلها، وقيامها بشأن زوجها: طعامه، ولبسه، وولده، وبيته، حري أنه إذا نظر إليها سرته.
ما يصنع الرجل بجمال يشعر معه بالقهر؟!
ماذا تصنع بجمال امرأة ما ترتاح في حياتك معها، لا في طعام، ولا لبس، ولا في تربية ولد، ولا في معاملة؟!
الجمال الحقيقي الذي ينبغي للإنسان أن يبحث عنه هو جمال الأخلاق، والدين، مع المستوى المقبول من الجمال.
واعلم يا أخي أن جمال الوجه بضاعة زائلة، وأن جمال الروح والخلق هو البضاعة القائمة والمستمرة معك في حياتك الزوجية، فلا تلبث السنين والأيام أن تضع بصمتها على جمال وجهها.

التنبيه الثالث: 
أن المبالغة في طلب الجمال والصورة خلاف مقصود الشرع، حتى إن بعض الشباب تأثرًا في هذا العصر الذي كثرت فيه القنوات التي تعرض الفتيات ذوات الصور المليحة، يضع في نفسه صورة من هذه الصور، ويبحث عنها، يريد امرأة مثلها؛ هذا خطأ. 
ما ينبغي للشاب أن يطلب امرأة مليحة بهذه الوصف.
اطلب جميلة، ليست ذميمة، ولا قبيحة، لا عوراء، ولا شوهاء الخ، فليس مقصود العلماء عندما يذكرون الجمال أن يطلب المرء ذلك الجمال الذي يشغل، أو ذاك الجمال الذي يفتن، ويشغل صاحبه عن أمور دينه وحياته.
فإن الشرع بين أن من مقصود الزواج: حصول المودة، والرحمة، والسكن {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. (الرُّوم: 21)، وذلك لا يحصل بمجرد جمال الوجه والصورة. نعم صغر السن والبكارة مرغب فيها، لكن إذا اقتضت المصلحة خلاف ذلك فاتبعها، ويدل على ذلك حديث جابر -رضي الله عنه-. أخرج البخاري تحت رقم: (5367)، ومسلم تحت رقم: (715) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَقِيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ تَزَوَّجْتَ؟». قُلْتُ: «نَعَمْ»، قَالَ: «بِكْرٌ، أَمْ ثَيِّبٌ؟» قُلْتُ: «ثَيِّبٌ»، قَالَ: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا؟». قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنَّ»، قَالَ: «فَذَاكَ إِذَنْ، إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».».
فالمقصود بالجمال: الجمال العادي، أي بمعنى أن المرأة لا يكون فيها عيوب خلقية. والمرأة الجميلة في جسدها أو في صورتها بسوء معاملتها تنفر الرجل منها.

والجمال الباقي هو جمال الأخلاق، وحسن التعامل. والله الموفق.

علمني ديني ٥٢: أن العمر، والوقت محسوب علي؛ فلا ينبغي أن أضيعه فيما لا ينفعني في الآخرة



علمني ديني:

أن العمر، والوقت محسوب علي؛ فلا ينبغي أن أضيعه فيما لا ينفعني في الآخرة. 


وأن أسهل ما أعمله لاكتساب الوقت: أن أحرك لساني بذكر الله، فلا يزال لسانك رطباً بذكر الله.

قال وقلت ٢٩: خاطرة ففكرة فإرادة فعمل (سلوك)


قال: «ما أمراض القلوب؟».

قلت: مرض القلب: هو تغيره عن ما فطره الله عليه من الخير وحبه وطلبه.

وبداية المرض، وسببه الأول: الخواطر الواردة عليه.

فإن الخاطرة من أهم ما يصنع شخصية الإنسان؛

لأن الخاطرة تكون الفكرة.

والفكرة تكون الإرادة.

وبالإرادة -بعد إرادة الله- يكون العمل الذي يشكل السلوك، الذي هو من معالم الشخصية الإنسانية. 

ومراقبة الخواطر، بعد مراقبة الله، من أهم ما يقوم به العبد؛ لسلامة قلبه.
فإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.

[وَمن الْمَعْلُوم أَن إصْلَاح الخواطر أسهل من إصْلَاح الأفكار.

وَإِصْلَاح الأفكار أسهل من إصْلَاح الإرادات.

وَإِصْلَاح الإرادات أسهل من تدارك فَسَاد الْعَمَل.

وتداركه أسهل من قطع العوائد.

فأنفع الدَّوَاء أَن تشغل نَفسك بالفكر فِيمَا يَعْنِيك دون مَالا يَعْنِيك؛ فالفكر فِيمَا لَا يَعْنِي بَاب كل شَرّ.

وَمن فكّر فِيمَا لَا يعنيه:
- فَاتَهُ مَا يعنيه،
- واشتغل عَن أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهُ بِمَا لَا مَنْفَعَة لَهُ فِيهِ،
فالفكر، والخواطر، والإرادة، والهمة أَحَق شَيْء بإصلاحه من نَفسك، فَإِن هَذِه خاصتك وحقيقتك الَّتِي تبتعد بهَا أَو تقرب من إلهك ومعبودك، الَّذِي لَا سَعَادَة لَك إِلَّا فِي قربه وَرضَاهُ عَنْك،  وكل الشَّقَاء فِي بعْدك عَنهُ، وَسخطه عَلَيْك.

وَمن كَانَ فِي خواطره ومجالات فكره دنيئًا خسيسًا، لم يكن فِي سَائِر أمره إِلَّا كَذَلِك.

وَإِيَّاك أَن تمكّن الشَّيْطَان من بَيت أفكارك وإرادتك؛ فَإِنَّهُ يُفْسِدهَا عَلَيْك فَسَادًا يصعب تَدَارُكه، ويلقي إِلَيْك أَنْوَاع الوساوس والأفكار المضرّة، ويحول بَيْنك وَبَين الْفِكر فِيمَا ينفعك. وَأَنت الَّذِي أعنته على نَفسك بتمكينه من قَلْبك وخواطرك فملكها عَلَيْك. فمثالك مَعَه مِثَال صَاحب رَحا يطحن فِيهَا جيّد الْحُبُوب، فَأَتَاهُ شخص مَعَه حمل تُرَاب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه فِي طاحونته، فَإِن طرده وَلم يُمكنهُ من إِلْقَاء مَا مَعَه فِي الطاحون اسْتمرّ على طحن مَا يَنْفَعهُ، وَإِن مكنه فِي إِلْقَاء ذَلِك فِي الطاحون أفسد مَا فِيهَا من الْحبّ وَخرج الطحين كُله فَاسِدًا.
وَالَّذِي يلقيه الشَّيْطَان فِي النَّفس لَا يخرج عَن الْفِكر فِيمَا كَانَ وَدخل الْوُجُود لَو كَانَ على خلاف وَذَلِكَ وَفِيمَا لم يكن لَو كَانَ كَيفَ كَانَ يكون، أَو فِيمَا يملك الْفِكر فِيهِ من أَنْوَاع الْفَوَاحِش وَالْحرَام، أَو فِي خيالات وهمية لا حقيقة لَهَا، وَإِمَّا فِي بَاطِل، أَو فِيمَا لَا سَبِيل إِلَى إِدْرَاكه من أَنْوَاع مَا طوى عَنهُ علمه، فيلقيه فِي تِلْكَ الخواطر الَّتِي لَا يبلغ مِنْهَا غَايَة، وَلَا يقف مِنْهَا على نِهَايَة، فَيجْعَل ذَلِك مجَال فكره ومسرح وهمه.

وجماع إصْلَاح ذَلِك:
- أَن تشغل فكرك فِي بَاب الْعُلُوم والتصورات بِمَعْرِفَة مَا يلزمك التَّوْحِيد وحقوقه،
- وَفِي الْمَوْت وَمَا بعده إِلَى الدُّخُول إِلَى الْجنَّة وَالنَّار،
- وَفِي آفَات الْأَعْمَال وطرق التَّحَرُّز مِنْهَا،
- وَفِي بَاب الإرادات والعزوم أَن تشغل نَفسك بِإِرَادَة مَا ينفعك إِرَادَته، وَطرح إِرَادَة مَا يَضرك إِرَادَته.
وَعند العارفين: أَن تمني الْخِيَانَة، وإشغال الْفِكر وَالْقلب بهَا، أضرّ على الْقلب من نفس الْخِيَانَة، وَلَا سِيمَا إِذا فرغ قلبه مِنْهَا بعد مباشرتها، فَإِن تمنيها يشغل الْقلب بهَا، ويملؤه مِنْهَا، ويجعلها همه وَمرَاده.
... 

وَبِالْجُمْلَةِ فالقلب لَا يَخْلُو من الْفِكر؛
إما فِي وَاجِب آخرته ومصالحها.
وَإِمَّا فِي مصَالح دُنْيَاهُ ومعاشه.
وَإِمَّا فِي الوساوس والأماني الْبَاطِلَة، والمقدرات الْمَفْرُوضَة.

وَقد تقدم أَن النَّفس مثلهَا كَمثل رَحا تَدور بِمَا يلقى فِيهَا، فَإِن ألقيت فِيهَا حبا دارت بِهِ، وَإِن ألقيت فِيهَا زجاجا وحصا وبعرا دارت بِهِ، وَالله سُبْحَانَهُ هُوَ قيم تِلْكَ الرحا ومالكها ومصرّفها، وَقد أَقَامَ لَهَا ملكًا يلقِي فِيهَا مَا ينفعها فتدور بِهِ، شَيْطَانا يلقِي فِيهَا مَا يَضرهَا فتدور بِهِ؛

فالملك يلم بهَا مرّة.

والشيطان يلم بهَا مرّة.

فالحب الَّذِي يلَقِيه الْملك: إيعاد بِالْخَيرِ، وتصديق بالوعد.

وَالْحب الَّذِي يلقيه الشَّيْطَان: إيعاد بِالشَّرِّ، وَتَكْذيب بالوعد.

والطحين على قدر الْحبّ.

وَصَاحب الْحبّ المضر، لَا يتَمَكَّن من إلقائه، إِلَّا إِذا وجد الرَّحَى فارغة من الْحبّ النافع. وقيمها قد أهملها، وَأعْرض عَنْهَا، فَحِينَئِذٍ يُبَادر إِلَى إِلْقَاء مَا مَعَه فِيهَا.

وَبِالْجُمْلَةِ: فقيم الرحا إِذا تخلى عَنْهَا، وَعَن إصلاحها، وإلقاء الْحبّ النافع فِيهَا وجد الْعَدو السَّبِيل إِلَى إفسادها وإرادتها بِمَا مَعَه.

وأصل صَلَاح هَذِه الرَّحَى بالاشتغال بِمَا يَعْنِيك.

وفسادها كُله فِي الِاشْتِغَال بِمَا لَا يَعْنِيك.


وَمَا أحسن مَا قَالَ بعض الْعُقَلَاء: «لما وجدت أَنْوَاع الذَّخَائِر مَنْصُوبَة غَرضًا للمتألف، وَرَأَيْت الزَّوَال حَاكما عَلَيْهَا مدْركا لَهَا، انصرفت عَن جَمِيعهَا إِلَى مَا لَا يُنَازع فِيهِ الحجا أَنه أَنْفَع الذَّخَائِر، وَأفضل المكاسب، وأربح المتاجر، وَالله الْمُسْتَعَان».]. (الفوائد لابن القيم، ص: 175-177).