[وَنِصْفُ الْفَقِيهِ يَهْدِمُ الدِّينَ] ([1]).
قال ابن عثيمين -رحمه الله-:
«ينبغي لطالب العلم أن لا يستعجل فيه،
كذلك التدريس، والفتوى، والحرص على الظهور قبل الضبط.
وكنا نرى من بعض الأقران والزملاء من يحرص على أن يفتي بمجرد ما يقرأ مسألة؛ ليبرز، فكان بعض مشايخنا -رحمة الله عليهم- يقول له: لا تستعجل، واترك الفتوى في زمانك لمن هو أهل لها، فحريٌ بك -إن شاء الله- إن وضع الله لك قبولاً في الفتوى أن يرجع الناس إليك، وأن لا يزاحمك الغير، كما لم تزاحم من هو أهلٌ للفتوى وأحق بها منك، انتظر وأتقن واضبط، ثم بعد ذلك تفرَّغ للتدريس والتعليم.
وهذا مما أحببت أن أنبه إليه ،...،
فبعض طلاب العلم -أصلحهم الله- بمجرد ما يقرأ كتاب الطهارة، أو كتاب الصلاة، أخرج المذكرة، وعلَّق عليها، وأضاف ونقَّح، وزاد!
فهذا كله من الآفات التي ينبغي لطالب العلم أن يتجنبها، وأن يحفظ حقوق أهل العلم،
لا يختص هذا بعالم، إنما يشمل كل أهل العلم المتقدمين والمتأخرين.
وينبغي للإنسان أن يكون حريصاً على إرادة وجه الله؛
لأن العلم فيه فتنة. والشيطان حريص.
ومما ذكره العلماء: أن الدِّين يُفسِده نصف فقيه، وعابد جاهل؛
فنصف العالم عنده علم، لكنه لم يكتمل علمه، فيُلفِّق، فهو ما بين الهلاك والنجاة،
فتارةً يأخذ قولاً صحيحاً فيُعجب الناس من صحته وصوابه، ثم يوردهم المهالك،
فإذا قال لهم أحد: إنه أخطأ في هذه المسألة، قالوا: لا، قد أصاب في غيرها؛ فهو من أهل العلم.
ولذلك ينبغي لطالب العلم أن لا يستعجل، ونصف العالم ونصف الفقيه يقع في أثناء الطلب،
ولذلك كان من الحِكم المشهورة:
(أول العلم طفرةٌ وهزة، وآخره خشية وانكسار).
أول العلم فيه غرور، فإذا ثبَّت الله قدم صاحبه، ومشى فيه حتى أتمَّه، وحرص على أنه لا يخرج، ولا يكتب، ولا يتصدَّر للناس إلا على أرضٍ ثابتة، وبيِّنة من ربه»اهـ([2]).
([1]) بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية/ الشاملة (4/272).
([2]) الشرح الممتع شرح زاد المستنقع (9/25).