السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 19 يناير 2015

كشكول ٥٨٤: أعجبني أبا موسى في تعليقه... فلا أقل من أن أشاركه فيه... لله دره


أعجبني أبا موسى في تعليقه... فلا أقل من أن أشاركه فيه... لله دره.

أبو موسى أحمد الغرايبة
#تعليق_على_تعليق!
كتب شيخنا الفاضل محمد بن عمر بازمول -حفظه الله، وأحسن إليه، وأجزل له المثوبة- منشورًا حول الناس، وأنهم كالكتب، فأحببت أن أعلق على كل فقرة من منشوره بتعليق خفيف؛ لعله يكون فيه فائدة، وأسأل الله التوفيق والسداد.

كتب شيخنا: «الناس مثل الكتب...».
قلت: نعم! فمنهم العظيم، ومنهم الوضيع، ومنهم الحكيم، ومنهم التافه، وهكذا دواليك!

كتب شيخنا: «فبعض الكتب تقرأها، وتفهمها، فتفيد وتستفيد، والحمد لله».
قلت: نعم! فهذا الصنف من الناس واضح لا يتلوَّن ولا يُراوغ مع صديقه ومع عدوِّه، ينتهج الوضوح، والبساطة والصدق في كل مناحي حياته؛ لذا ينتفع الناس بهذا النوع أيَّما انتفاع، حتى أنَّك ما تلقاه إلا وأفدت منه فائدة، من دعاء، أو علم، أو طرفة، أو نصيحة!

كتب شيخنا: «وبعض الكتب تقرأها ولا تفهم».
قلت: نعم! فهذا الصنف من الناس غامض لا يكاد يبين، ولا يستطيع المرء مهما صوَّب النَّظر فيه وصعَّده أن يقف له على حال، أو يفهم كُنهه وماهيَّته! فهو غامض، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء!

كتب شيخنا: «وبعض الكتب تقرأها، فلا تصل المعلومة صحيحة؛ فتخطيء في فهمها».
قلت: لأن هذا الصنف عييٌّ لا يُفصح؛ إما لغلبة الجهل عليه، أو لأنه غير مدرك لما يقول، أو لأنه غير مُحرر لما يطرح، فلا تقف معه على حال واحدة، فمذموم وممدوح، ومستأنس به ومملول منه!

كتب شيخنا: «وبعض الكتب مظهرها جميل، ومخبرها هزيل».
قلت: يا لله ما أكثر هذا الصنف من الناس، وهو على حد قول المثل: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه»؛ لأنك إن رأيته رأيت مظهرًا لا جوهر له، أنيق، وسيم، صبيح الوجه، إلا أنه بعد الفحص: تافه الفكر، خاوٍ من الفهم والحكمة، وضيع الخُلق، سفيه الحلم! -أعاذنا الله وإياكم- من هذا الصنف.

كتب شيخنا: «وبعض الكتب ضخمة، ونفعها يسير».
قلت: كرجل عاش دهرًا لم يُفد معه من الحياة خبرة ولا فهمًا ثاقبًا بحيث يكثر نفعه، إلا أنك لا تُعدم مع هذا الصنف أن يكون -مع ما قضاه من عمر في دنياه- قد حفظ فائدة، أو جرَّب تجربة، أو حصَّل حكمة، ينتفع منها مُعاشره أو مُجالسه، ولكن على نُدرة تجعلك تستغني بغيره عنه!

كتب شيخنا: «وبعض الكتب قديمة في مظهرها، جديدة ورائعة في مخبرها...».
قلت: وهذا الصنف من الناس عكس السابق؛ فهو كبير في السن، واسع التجربة والاطلاع، لا يكاد يتكلم إلا عن ضوء تجربته العريضة، حتى أنك ترى في ما يطرحه حكمة بالغة، ورأيًا صائبًا، لا مندوحة لك عن الأخذ به، ولا يجعلك تركن إلى غيره، فهو كتبرٍ علاهُ غبار العمر، فما أن تجلوه حتى يُخبر عن معدنه البرَّاق!

كتب شيخنا: «ولذلك بعض الأدباء يعبر عن ما يحصل من سوء فهم لتصرفات بعضهم بقوله: قرأه خطأ! أو لم يحسن قراءته!».
قلت: كل إنسان بحسبه في هذه المسألة، فكلما ازداد الإنسان معرفة بطباع الناس، وأحوالهم، وتقلباتهم، وخبرهم، وعرف أدواءهم، ومكامن الخلل في أخلاقهم؛ كان فهمه وحُكمه عليهم بحسب ما عنده من معرفة في هذا الباب.
ولعل هذا العلم هو ما يسمى عند العرب بالفراسة، وهو الاستدلال على بواطن الأمور بالنظر إلى ظاهره وصفاته؛ مما يعطي فكرة تكون في الغالب صحيحة وفي مكانها!

نسأل الله أن يجعلنا ممن يكون الخير مزروعًا فيهم باطنًا وظاهرًا، وأن يطهر قلوبنا من النفاق، وسيئ الأخلاق، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.
وكتب:
أبو موسى أحمد بن عيَّاش الغرايبة.
-غفر الله له، ولوالديه، ولمشايخه- 
آمين.
28 ربيع أول 1436 هـ.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

والحمد لله رب العالمين.