معنى قولهم: «إذا صح الحديث فهو مذهبي».
يظن بعض طلبة العلم أن مجرد صحة الحديث كافية لأن يقول به، بل كافية لأن ينسب معناه إلى الأئمة، على أساس أن كل واحد منهم صح عنه أنه قال: «إذا صح الحديث فهو مذهبي». أو بمعناها.
والحقيقة أن ذلك ليس على إطلاقه بل هو مقيد بقيود، نبّه عليها في محلها، ولتعرف هذه القيود أقول:
الاستدلال بالآية أو الحديث لابد فيه من تحقق الأمور التالية:
- ثبوت الدليل . أما الآية فهي ثابتة، ويبقى النظر في ثبوت الحديث.
- صحة دلالته على الأمر المقصود.
- سلامته من المعرض. يعني أن لا يوجد دليل آخر يعارض دلالته.
- أن لا يكون منسوخاً.
فإذا تحققت هذه الأمور صح الاستدلال به.
ومما يدخل في هذه الأمور أن يكون مما جرى عمل السلف عليه، فلا يكون مما نص على ترك العمل به.
نعم إذا
- توفرت الأمور السابقة،
- ولم تجدهم نصوا على ترك العمل به،
- ولم تجد من عمل به من السلف،
- ولم تجد عملهم على خلافة، فذلك لا يمنع من العمل به، والحال كذلك.
- توفرت الأمور السابقة،
- ولم تجدهم نصوا على ترك العمل به،
- ولم تجد من عمل به من السلف،
- ولم تجد عملهم على خلافة، فذلك لا يمنع من العمل به، والحال كذلك.
فإذا انتبهت لهذا علمت أن القضية في العمل بما صح من الحديث ليست على إطلاقها إنما مقيدة بهذه القيود.
ومن أجل ذلك ألف تقي الدين علي بن عبدالكافي السبكي رسالته: «معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي». وهي مطبوعة ضمن الرسائل المنيرية، ولها طبعة مفردة محققة.
وفي سير أعلام النبلاء (16/406)
كان شيخ الشافعية بالعراق، أبو القاسم، عبد العزيز الداركي ربما يختار في الفتوى، فيقال له في ذلك، فيقول: ويحكم! حدث فلان عن فلان، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا وكذا، والأخذ بالحديث أولى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة.
قال الذهبي معلقًا:
قلت: هذا جيد، لكن بشرط؛
- أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام من نظراء هذين الإمامين مثل مالك، أو سفيان، أو الاوزاعي.
- وبأن يكون الحديث ثابتًا سالمًا من علة.
- وبأن لا يكون حجة أبي حنيفة والشافعي حديثًا صحيحًا معارضًا للآخر.
أما من أخذ بحديث صحيح وقد تنكبه سائر أئمة الاجتهاد، فلا؛
كخبر: «فإن شرب في الرابعة فاقتلوه»، وكحديث «لعن الله السارق، يسرق البيضة، فتقطع يده».