المرجعية العلمية 1 - 2
هل لدينا في الإسلام مرجعية دينية؟
تتردد كثيراً في الأيام الأخيرة هذه التسمية: (المرجع العلمي) و (المرجعيات العلمية)، و (المرجعية العلمية)، وذلك في الكلام عن الشيعة!
مما جعل بعضهم يظن أن استعمال ذلك عند أهل السنة هو من بدع الشيعة!
والحقيقة : أن المرجعية العلمية من الأمور المقررة عند أهل العلم وغيرهم!
فمن ذلك أنهم يقررون الرجوع في كل فن إلى أهله.
كما أن الرجوع في كل صناعة إلى أهلها.
والمتخصص في فن أدرى به من غيره.
ويقولون: صاحب الدار أدرى بما فيه.
بل وذموا من يتكلم في غير فنه، فقال قائلهم: إذا تكلم الرجل في غير فنه أتى بالعجائب!
والعادة والعرف مرجع المسائل التي علقها الشرع بهما، فالعادة محكمة.
وفي المتكلمين في الرجال مرجعيات علمية: فأعلم الناس بحال الراوي أهل بلده، وكلامهم فيه مقدم على كلام غيرهم.
وعبدالرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي المصري (ت347هـ) قيل عنه: "إليه المرجع في المصريين".
ونصوا في معاني الوحيين : أن المرجع إلى أقاويل العلماء( ).
والسنة العملية هي المرجع في تفسير السنة القولية المختلف في فهمها.
وقال النووي رحمه الله: "ابن المنذر هو المرجوع إليه في نقل المذاهب باتفاق الفرق"اهـ( ).
والمرجع في تمييز المنقولات، ومعرفة الصحيح والضعيف هم أهل الحديث.
قال ابن تيمية رحمه الله: "المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب؛ والمرجع في التمييز بين هذا و هذا إلى أهل علم الحديث؛
كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب.
ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة.
وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك؛
فلكل علم رجال يعرفون به"اهـ( ).
وهذا ما كان يفعله سلفنا الصالح!
فقد نقل عن عمر بن الخطاب ، أنه كان يجمع للأمر إذا نزل أهل بدر. "إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر"( ).
وكان لكل ولي أمر من المسلمين من هم أهل الحل والعقد، والشورى!
والله عز وجل أمر من لا يعلم بالرجوع إلى من يعلم؛
فقال تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل:43). (الأنبياء:7).
فالعالم بالذكر يعني بالقرآن العظيم والسنة النبوية، هو مرجع الذي لا يعلم.
والحقيقة : أن المرجعية العلمية من الأمور المقررة عند أهل العلم وغيرهم!
فمن ذلك أنهم يقررون الرجوع في كل فن إلى أهله.
كما أن الرجوع في كل صناعة إلى أهلها.
والمتخصص في فن أدرى به من غيره.
ويقولون: صاحب الدار أدرى بما فيه.
بل وذموا من يتكلم في غير فنه، فقال قائلهم: إذا تكلم الرجل في غير فنه أتى بالعجائب!
والعادة والعرف مرجع المسائل التي علقها الشرع بهما، فالعادة محكمة.
وفي المتكلمين في الرجال مرجعيات علمية: فأعلم الناس بحال الراوي أهل بلده، وكلامهم فيه مقدم على كلام غيرهم.
وعبدالرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي المصري (ت347هـ) قيل عنه: "إليه المرجع في المصريين".
ونصوا في معاني الوحيين : أن المرجع إلى أقاويل العلماء( ).
والسنة العملية هي المرجع في تفسير السنة القولية المختلف في فهمها.
وقال النووي رحمه الله: "ابن المنذر هو المرجوع إليه في نقل المذاهب باتفاق الفرق"اهـ( ).
والمرجع في تمييز المنقولات، ومعرفة الصحيح والضعيف هم أهل الحديث.
قال ابن تيمية رحمه الله: "المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب؛ والمرجع في التمييز بين هذا و هذا إلى أهل علم الحديث؛
كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحو غير العرب.
ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة.
وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك؛
فلكل علم رجال يعرفون به"اهـ( ).
وهذا ما كان يفعله سلفنا الصالح!
فقد نقل عن عمر بن الخطاب ، أنه كان يجمع للأمر إذا نزل أهل بدر. "إن أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر"( ).
وكان لكل ولي أمر من المسلمين من هم أهل الحل والعقد، والشورى!
والله عز وجل أمر من لا يعلم بالرجوع إلى من يعلم؛
فقال تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل:43). (الأنبياء:7).
فالعالم بالذكر يعني بالقرآن العظيم والسنة النبوية، هو مرجع الذي لا يعلم.
المرجعية العلمية 2 - 2
وعند نزول النوازل وحدوث الحوادث العامة فإن المرجعية للمسلمين في كل جهة، هم ولاة أمرهم من الأمراء والعلماء، فلا يصدرون إلا عنهم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ (النساء:83).
ويلحظ في هذه الآية الأمور التالية:
1 ) أنها لم تأمر بالرجوع إلى العلماء ابتداء، بل أمرت بالرجوع إلى ولاة الأمر. ومعنى ذلك أنه لا يحق لأي عالم أو مشتغل بالعلوم الشرعية أو متخرج من الكليات الشرعية أن يتكلم في النوازل العامة، بل حقه أن يحيل إلى ولاة الأمر، ولا يخفى مدى الحكمة والمصلحة المتحققة في ذلك، ومدى الفساد والفوضى لو ترك الأمر لكل من يظن في نفسه العلم أن يتكلم في هذه النوازل!
2 ) أنها قسمت ولاة الأمر إلى قسمين:
ولاة أمر لا يوصفون بكونهم من أهل الاستنباط. وهم الأمراء.
وولاة أمر يوصفون بأنهم من أهل الاستنباط، وهم العلماء المختصون بولاة الأمر، ويمثلهم في وقتنا هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، وعلى رأسهم سماحة المفتي حفظهم الله جميعاً.
أمّا من عداهم من العلماء، والدكاترة، والأساتذة الشرعيين، فهم - إن شاء الله - من أهل العلم، ولكنهم ليسوا من ولاة الأمر الذين يستنبطونه؛ فلا يحق لهم الكلام في النوازل العامة.
فإذا أشاعوا الكلام فيها ببيانات أو فتاوى، ولم يصدروا عن ولاة أمرهم فقد شابهوا الذين ذمهم الله في الآية السابقة!
3 ) أن في هذه الآية بيان أن ولاة الأمر هم الأمراء، والعلماء الذين يوصفون بأنهم ولاة أمر، لخصوصيتهم بولي الأمر.
4 ) وأن هذا الانضباط بهذه المرجعية، هو من فضل الله علينا، وأن مخالفتها اتباع للشيطان.
وللمرجعية ضوابط مهمة؛
منها: أنها لا تعني العصمة، إنما تعني تقديم قوله والرجوع إليه على غيره.
ومنها : أن الأصل موافقة الدليل فلا يؤخذ بقوله إن خالف الدليل.
ومنها : أن المرجعية العلمية تتنوع، وتتعدد، بحسب التخصصات، والأمور المنوطة بها، وأخطرها وأهمها ما يتعلق بشأن النوازل العامة.
ومنها : أنها لا تتخذ ذريعة للطعن في بعضهم بعضاً، فلا يطعن أهل تخصص في غيرهم، ممن ليس على تخصصهم!
ومنها : أن المرجعية إنما تتحدد بالجدارة والأهلية العلمية لا بالوصاية وبالوراثة والنسب.
وهذه الأمور تحدد قضية المرجعية العلمية وتميزها عند أهل السنة والجماعة.
1 ) أنها لم تأمر بالرجوع إلى العلماء ابتداء، بل أمرت بالرجوع إلى ولاة الأمر. ومعنى ذلك أنه لا يحق لأي عالم أو مشتغل بالعلوم الشرعية أو متخرج من الكليات الشرعية أن يتكلم في النوازل العامة، بل حقه أن يحيل إلى ولاة الأمر، ولا يخفى مدى الحكمة والمصلحة المتحققة في ذلك، ومدى الفساد والفوضى لو ترك الأمر لكل من يظن في نفسه العلم أن يتكلم في هذه النوازل!
2 ) أنها قسمت ولاة الأمر إلى قسمين:
ولاة أمر لا يوصفون بكونهم من أهل الاستنباط. وهم الأمراء.
وولاة أمر يوصفون بأنهم من أهل الاستنباط، وهم العلماء المختصون بولاة الأمر، ويمثلهم في وقتنا هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للإفتاء، وعلى رأسهم سماحة المفتي حفظهم الله جميعاً.
أمّا من عداهم من العلماء، والدكاترة، والأساتذة الشرعيين، فهم - إن شاء الله - من أهل العلم، ولكنهم ليسوا من ولاة الأمر الذين يستنبطونه؛ فلا يحق لهم الكلام في النوازل العامة.
فإذا أشاعوا الكلام فيها ببيانات أو فتاوى، ولم يصدروا عن ولاة أمرهم فقد شابهوا الذين ذمهم الله في الآية السابقة!
3 ) أن في هذه الآية بيان أن ولاة الأمر هم الأمراء، والعلماء الذين يوصفون بأنهم ولاة أمر، لخصوصيتهم بولي الأمر.
4 ) وأن هذا الانضباط بهذه المرجعية، هو من فضل الله علينا، وأن مخالفتها اتباع للشيطان.
وللمرجعية ضوابط مهمة؛
منها: أنها لا تعني العصمة، إنما تعني تقديم قوله والرجوع إليه على غيره.
ومنها : أن الأصل موافقة الدليل فلا يؤخذ بقوله إن خالف الدليل.
ومنها : أن المرجعية العلمية تتنوع، وتتعدد، بحسب التخصصات، والأمور المنوطة بها، وأخطرها وأهمها ما يتعلق بشأن النوازل العامة.
ومنها : أنها لا تتخذ ذريعة للطعن في بعضهم بعضاً، فلا يطعن أهل تخصص في غيرهم، ممن ليس على تخصصهم!
ومنها : أن المرجعية إنما تتحدد بالجدارة والأهلية العلمية لا بالوصاية وبالوراثة والنسب.
وهذه الأمور تحدد قضية المرجعية العلمية وتميزها عند أهل السنة والجماعة.