أثر تعدد طرق الحديث
تعدد طرق الحديث تارة يقوّي الحديث وتارة يضعفه؛
فإن الحديث الضعيف يسير الضعف إذا تعددت طرقه تقوى وترقى إلى الحسن لغيره.
والحديث الحسن لذاته إذا تعددت طرقه تقوى وترقى إلى الصحيح لغيره.
وقد تتعدد طرق الحديث فتنكشف بذلك علة في الحديث فيعود ضعيفاً بعد أن كان صحيحاً بحسب الظاهر. وهذا من أسباب تراجع يعض الأئمة عن أحكامهم بصحة الحديث، فإن الإمام يقف على طريق للحديث يكشف له علة في السند أو المتن، فيرجع عن حكمه بثبوت الحديث وقبوله، إلى تضعيف الحديث ورده.
والسؤال : هل تعدد الحديث الضعيف يقويه مطلقاً؟
وللجواب على ذلك أقول:
الحديث الضعيف على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى : الحديث الضعيف يسير الضعف.
الدرجة الثانية : الحديث الضعيف شديد الضعف.
الدرجة الثالثة : الحديث الموضوع.
وضابط الدرجة الأولى من الضعيف وهو يسير الضعف، بأنه كل حديث ضعيف ليس في سنده كذاب و لا متهم بالكذب و لا من ترك حديثه لسوء حفظه جدا، ولم يكن الحديث شاذا، و لا منكراً.
فهذه الدرجة هي درجة الحديث يسير الضعف، الذي يتقوى ويترقى بتعدد الطرق بمثلها إلى درجة الحسن لغيره.
وضابط الدرجة الثالثة : من في سنده كذاباً أو متهما بالكذب، أو كان الحديث خطأ بأن يكون شاذا أو منكراً.
وهذه الدرجة لا يتقوى الحديث فيها بتعدد الطرق بمثلها فإن الكذب يبقى كذباً، والخطأ يبقى خطأ، لا يتقوى و لا يتعضدد.
وضابط الدرجة الثانية ، من كان في سنده متروك لسوء حفظه.
وهذه الدرجة إذا تعددت بمثلها فإنها ترتقى من شديد الضعف إلى يسير الضعف، بشرط أن لا يكون هذا التعدد من باب الخطأ، و يأتي من غير وجه، بحيث يغلب على ظن المحدث عدم التواطؤ؛ فالتعدد هنا يفيد أن للحديث أصلاً لا أنه يتقوى ويترقى إلى حيز القبول والثبوت.
وهذا ما صرح به ابن حجر رحمه في كلامه على بعض الأحاديث كحديث الغرانيق وغيره.
وكثيراً من تعقبات السيوطي على ابن الجوزي في كتابه الموضوعات، والتي جمعها ابن عراق الكناني في كتابه (تنزيه الشريعة) ، هي من هذا القبيل.
والله الموفق.