خطر في بالي التنبيه على أمر ، وهو أنه لا يظن بأحد من أهل العلم تعمد رد الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعض الناس يستسهل أن يقول: الأحناف يردون الأحاديث الصحيحة.
أو يقول: المالكية يردون الأحاديث الصحيحة.
أو يقول : الفقهاء يردون الأحاديث الصحيحة.
هذه عبارات لا يليق إطلاقها في حق أهل العلم؛ نبه على ذلك ابن تيمية رحمه الله في أوّل كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص: 8 – 9)، فقال: "وَلِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ -الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الأمة قبُولًا عَامًّا- يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَّتِهِ؛ دَقِيقٍ وَلَا جَلِيلٍ. فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينِيًّا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ, إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ قَوْلٌ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ, فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عُذْرٍ فِي تَرْكِهِ"اهـ
والذي دعاني إلى هذا التنبيه أني رأيت بعض طلبة العلم يهجم على العلماء فيصفهم برد الحديث، فيقول مثلاً: مالك يرد حديث الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، أو يقول: الأحناف يردون حديث الآحاد إذا خالف القياس.
وهذه في الحقيقة عبارة توهم خلاف المقصود، وتخالف الواقع؛
فإن المقصود منها أن لدى هؤلاء الأئمة شروطا في قبول الحديث، تخالف غيرهم، لا يثبت عندهم الحديث بدونها، والواقع أنهم يردون الخبر لأنه غير ثابت عندهم بناء على ما أدّاهم إليه اجتهادهم من أنه يشترط في قبول الخبر هذا الشرط أو ذاك.
ولذلك ذكر ابن تيمية في كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص: 22) من أسباب مخالفة الإمام للحديث: "السَّبَبُ الرَّابِعُ: اشْتِرَاطُهُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْحَافِظِ شُرُوطًا يُخَالِفُهُ فِيهَا غَيْرُهُ. مِثْلَ اشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ عَرْضَ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ فَقِيهًا إذَا خَالَفَ قِيَاسَ الْأُصُولِ, وَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ انْتِشَارَ الْحَدِيثِ وَظُهُورَهُ إذَا كَانَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى, إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَوَاضِعِهِ"اهـ
وبناء عليه فالإمام لا يرد الحديث إنما يرد خبراً لا يثبت بسبب عدم تحقق شرط القبول فيه عنده!
ولذلك ينبغي أن ينتبه للعبارة ومقصودها، فلا يقال الحنفية: يردون الحديث إذا خالف القياس، إنما يقال: الحنفية يشترطون في قبول الخبر أن لا يخالف القياس.
ولا يقال : المالكية يردون الحديث إذا خالف عمل أهل المدينة، إنما يقال: المالكية يشترطون في قبول الخبر أن لا يخالف عمل أهل المدينة.
وهكذا .... ؛ لأن في نسبة الأئمة والعلماء إلى رد الأحاديث ، ما يخالف واقعهم، وما يخالف ما يجب أن يعتقده المسلم في حقهم، إذ كيف يصح أن يعتقد أن أحد أولئك الأعلام من منهجه رد الأحاديث وهي صحيحة عنده ثابتة لمخالفتها القياس مثلاً أو عمل أهل المدينة؟!
والله الموفق.
والذي دعاني إلى هذا التنبيه أني رأيت بعض طلبة العلم يهجم على العلماء فيصفهم برد الحديث، فيقول مثلاً: مالك يرد حديث الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، أو يقول: الأحناف يردون حديث الآحاد إذا خالف القياس.
وهذه في الحقيقة عبارة توهم خلاف المقصود، وتخالف الواقع؛
فإن المقصود منها أن لدى هؤلاء الأئمة شروطا في قبول الحديث، تخالف غيرهم، لا يثبت عندهم الحديث بدونها، والواقع أنهم يردون الخبر لأنه غير ثابت عندهم بناء على ما أدّاهم إليه اجتهادهم من أنه يشترط في قبول الخبر هذا الشرط أو ذاك.
ولذلك ذكر ابن تيمية في كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص: 22) من أسباب مخالفة الإمام للحديث: "السَّبَبُ الرَّابِعُ: اشْتِرَاطُهُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْحَافِظِ شُرُوطًا يُخَالِفُهُ فِيهَا غَيْرُهُ. مِثْلَ اشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ عَرْضَ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ فَقِيهًا إذَا خَالَفَ قِيَاسَ الْأُصُولِ, وَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ انْتِشَارَ الْحَدِيثِ وَظُهُورَهُ إذَا كَانَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى, إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَوَاضِعِهِ"اهـ
وبناء عليه فالإمام لا يرد الحديث إنما يرد خبراً لا يثبت بسبب عدم تحقق شرط القبول فيه عنده!
ولذلك ينبغي أن ينتبه للعبارة ومقصودها، فلا يقال الحنفية: يردون الحديث إذا خالف القياس، إنما يقال: الحنفية يشترطون في قبول الخبر أن لا يخالف القياس.
ولا يقال : المالكية يردون الحديث إذا خالف عمل أهل المدينة، إنما يقال: المالكية يشترطون في قبول الخبر أن لا يخالف عمل أهل المدينة.
وهكذا .... ؛ لأن في نسبة الأئمة والعلماء إلى رد الأحاديث ، ما يخالف واقعهم، وما يخالف ما يجب أن يعتقده المسلم في حقهم، إذ كيف يصح أن يعتقد أن أحد أولئك الأعلام من منهجه رد الأحاديث وهي صحيحة عنده ثابتة لمخالفتها القياس مثلاً أو عمل أهل المدينة؟!
والله الموفق.