الرد على شبهة:
إنكار فريضة الجهاد لعدم حاجة الله إلى من يدافع عنه.
أقول هذه الشبهة باطلة لعدة أمور:
الأمر الأول : أن الجهاد ليس دفاعاً عن الله تعالى، وإنما دفعاً عن المسلمين أذى وعداء الكفار الذين يمنعونهم عن الدعوة إلى الله تعالى، ولذلك في جهاد الطلب أول ما نبدأ بدعوة الكفار إلى الإسلام فإن هم أجابوا الحمد لله، فإن أبوا وكانوا أهل كتاب دعوناهم إلى الجزية، فإن أجابوا الحمد لله وإلا قاتلناهم. فالقتال من أجل رفضهم للدعوة، وإلا فإن الله غني عن الخلق كلهم أولهم وآخرهم، {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ}. (الذاريات:56 - 58).
الأمر الثاني : أن الذي فرض علينا الجهاد هو الله يتعبدنا بذلك. قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. (التوبة: 29).
الأمر الثالث : أن الجهاد عقوبة وعذاب في الدنيا للكافرين المعادين للدعوة، قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}. (التوبة: 14).
الأمر الرابع : أن ترك الأمة للجهاد من علامات ضعفها وتسلط الأعداء عليها. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا، لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ». ( أخرجه أحمد في المسند (الرسالة8/ 440، تحت رقم: 4825، 9/ 51، تحت رقم: 5007، 9/ 395، تحت رقم: 5562)، وأبو داود في كتاب البيع، بابٌ في النهي عن العينة، حديث رقم: (3462)، وأبو يعلى في المسند (10/ 29، تحت رقم: 5659)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 316). والحديث ضعفه محققو المسند، وأشار إلى حسنه محقق مسند أبي يعلى، وصححه الألباني لمجموع طرقه؛ فقد أورده في السلسلة الصحيحة حديث رقم: (11). وللحديث شاهد عن ابن مسعود مرفوعًا: «لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا». أخرجه أحمد (الرسالة 6/ 54، تحت رقم: 3579)، والترمذي والحاكم، وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة تحت رقم: (13).) . ووجود الجهاد من علامات قوتها وتمكينها.
الأمر الخامس : أن من أنواع الجهاد جهاد الدفع، وهو ظاهر في المعاني السابقة، والحمد لله.