أمة أمية
أخرج البخاري تحت رقم (1913)، ومسلم تحت رقم (1080)، عن ابْنَ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ.
ليس معنى الحديث الرضا والتشجيع للأمية والجهل بالعلوم الكونية التطبيقية، بل المراد منه أن تشريعات الإسلام تراعي حال الأمي من الناس، بحيث يسهل تطبيقها والعمل بها للأمي من الناس، فلا فلسفات و لا تعقيدات و لا أرقام و لا حسابات.
أمة أمية لا تحتاج إلى حسابات فلكية، أو طرق فكرية معقدة لتطبيق الشريعة؛
فالصلاة مواقيتها تعرف بحركة الشمس والقمر؛
الفجر إذا تبين الخيط الأبيض من الأسود.
الظهر إذا زالت الشمس على قبة السماء.
العصر من مصير ظل كل شيء مثله.
المغرب من غروب الشمس وسقوط حاجبها العلوي.
العشاء من غياب الشفق الأحمر.
ويبدأ الصوم من دخول وقت الفجر، وينتهي بالغروب (غروب الشمس).
والشهر يدخل برؤية الهلال، ويخرج به. (فإن غم عليكم لغيم أو قتر فاقدروا الشهر ثلاثين يوماً).
وعدة الطلاق بالحيضات أو بالأطهار بحسب الخلاف في ذلك.
والزكاة ربع العشر من الذهب والفضة والتجارات، والعشر فيما سقي بماء السماء، ونصف العشر فيما
سقي بالسواني.
إلى غير ذلك من الأحكام .
لا تجد في الشريعة ما يصعب تعلمه على الأمي الذي لا يقرأ أو يكتب.
وهذا الوصف في الشريعة هو في حقيقته من وسائل الترجيح التي يلجأ إليها المتفقه بين الأقوال التي يعتمد أحدها على تكليف بأمور زائدة تصعب على الأمي من الناس.
الحاصل :
أن تعلم الأمور الكونية والعلوم التطبيقية التي يحتاجها المجتمع المسلم، لا يزهد فيه الإسلام؛
بل يرغب الإسلام في أن يحقق المجتمع المسلم الاكتفاء الذاتي، بحيث لا يحتاج لغيره، ويحقق الإعداد المطلوب لنشر الدين، ودفع اعتداء المعتدين، فلا يعود المسلمون بحاجة إلى ما عند غيرهم.