قال : حرر لي المراد بالتفسير بالمأثور، لأن صاحب كتاب التفسير والمفسرون الدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله، هو أول من أحدث هذه القسمة، وجاء بهذا الاصطلاح، لما ذكر أن التفسير بالمأثور هو تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة، وتفسير القرآن بقول الصحابي، وتفسير القرآن بما أجمع عليه التابعون، لما مثل لهذا التفسير بالمأثور، ذكر كتاب ابن جرير الطبري، وكتاب ابن كثير وكتاب ابن عطية، فكسف يستقيم ذلك؟!
قلت: التفسير بالمأثور، هو التفسير الذي لا يأت فيه المفسر بمعنى للآية برأيه مجرداً، إنما يتبع فيه ما جاء في القرآن أو السنة أو عن الصحابة رضي الله عنهم، أو ما أجمع عليه التابعون.
وتمثيل الشيخ الذهبي رحمه الله صحيح كما ذكرت، ليس مطابقاً لتعريفه للتفسير بالمأثور، إنما كان يصلح لهذا النوع كتب التفسير التي تذكر آثار الصحابة والأحاديث مجردة مثل كتاب التفسير للصنعاني، ومثل كتاب ابن أبي حاتم، ونحوها.
والذهبي نفسه اعتذر عن صنيعه بأنه إنما أورد هؤلاء في المأثور لغلبة التفسير بالمأثور في كتبهم لا لأنها مجردة للتفسير بالمأثور، ذكر هذا في كتابه ، حيث قال في كتابه التفسير والمفسرون (1/ 181 - 182): "ولا يفوتنا هنا أن ننبه إلى أن كتاب الدُرّ المنثور، هو الكتاب الوحيد الذى اقتصر على التفسير المأثور من بين هذه الكتب التي تكلمنا عنها، فلم يخلط بالروايات التي نقلها شيئاً من عمل الرأي كما فعل غيره. وإنما اعتبرنا كل هذه الكتب من كتب التفسير بالمأثور، نظراً لما امتازت به عمَّا عداها من الإكثار في النقل، والاعتماد على الرواية، وما كان وراء ذلك من محاولات تفسيرية أو استطردات إلى نواح تتصل بالتفسير، فذلك أمر يكاد يكون ثانوياً بالنسبة لما جاء فيها من روايات عن السَلَف في التفسير"اهـ.
والله الموفق.