سؤال:
شخص عالم في النحو والبلاغة، هل نقول عنه: عالم في النحو، بدون ذكر أنه مبتدع؟
الجواب:
العلماء رحمهم الله الذين يتبعون المنهج السلفي يحذرون دائما طالب العلم من أن يتلقى العلم عن صاحب بدعة، لأنهم يخشون أن يبلغ به الإعجاب إلى الحد الذي يحمله إلى متابعته ومسايرته في بدعته.
ألا ترون مع نبوغ الزمخشري (محمود بن عمر الزمخشري ، المتوفى سنة 538 هجري صاحب كتاب الكشاف عن حقائق أقاويل التفسير(1) )؛ يحذر العلماء من تفسيره ، رغم نبوغ في البلاغة ، فهو نابغة في البلاغة ! ،
وكل من كتب في بلاغة القرآن يدور على كتابه ، مع ذلك أهل العلم يحذرون من الرجوع إلى كتابه ؛
لأنه صاحب بدعة ،
ولأنه يعادي أهل السنة والجماعة ويصرح بذلك ،
ويدس اعتزالياته في كتابه في التفسير ،
ولم يغرهم كونه عالم في البلاغة ، ضليع في النحو ، لم يلتفتوا إلى ذلك ، وإنما حذروا من علمه ، وقالوا: يمكن لطالب العلم السلفي أن يستغني عن كتابه بالرجوع إلى كتب آخرى تغطي هذا الجانب ، ولا يرجع الى كتاب الكشاف ، فإن كتاب المحرر الوجيز لابن عطية (2) يغني إن شاء الله في المسائل البلاغية عن الزمخشري ، وبدعته أخف بكثير ، بل هو أقرب إلى السنة من الزمخشري ومن معه على هذه الفرقة .
فنحن نسلك مسلك هؤلاء العلماء ، ونقول : لا ينبغي لطالب العلم أن يدرس البلاغة ، أو النحو ، أو غيرها من علوم الآلة على رجل صاحب بدعة ،
لأننا نخشى أن يؤثر ببدعته عليه ،
ونخشى من حضوره عنده أن يكثر سواده،
ونخشى أن يفهم العامي إذا رآه يحضر في درسه أن يظن في هذا الرجل العلم فيأخذ عنه، وليس فقط علم البلاغة ، و النحو ، إنما سائر العلوم.
فمن أجل هذه المفاسد كلها نقول :
لا ينبغي لطالب العلم أن يطلب العلم إلا عمن عرف بأنه سلفي لا يخالف العقيدة، أو على الأقل مستور الحال ، فيتعلم عنه هذه العلوم، بشرط أن يأمن على نفسه .
و هذا الكلام أثره يظهر في مسائل العلم نفسه ، هنالك مسائل علمية بلاغية ، وهنالك مسائل علمية نحوية إن لم يكن الإنسان على عقيدة صحيحة سيكون تأصيل هذه المسائل على ما يؤيد بدعة أصحاب هذه الأقوال ولذلك في مسائل البلاغة مثلا :
تأتي بعض الأبواب مثل : باب المبالغة ، صفة المبالغة فيطلقون في حق الله عز وجل ، في صفاته أنها صفة مبالغة ، يقولون في حق الله عز وجل أن هذه صفة مبالغة ، وهذا لا يليق إطلاقه في حق الله سبحانه وتعالى .
ويأتي آخر ويقول : هذا من باب المجاز ، وليس من باب الحقيقة ، فيتسبب باب المجاز يقول كل هذه الصفات المذكور في القرآن إنما هي مجازية في حق الله سبحانه وتعالى؛ لأن الذي درسه البلاغة ما علمه أن السلف لا يقولون بتقسيم الكلام الى حقيقة ومجاز .
أو يقول هذا من باب الاستعارة، أو من باب التشبيه، ويدخل عليه من هذا الباب فيؤول الصفات، لأن متلقي هذا العلم عن رجل غير سني .
تأتي في النحو هنالك مدرسة من النحاة تتبنى أقوالا فيه مبنية على العقيدة التي هم عليها ، فتجد أقوال عند بعض النحاة مبنية على مثل هذه المسائل العقدية، ينقلها إلى الطالب ، والطالب لا يتبصر، فيتورط الطالب في تبني مسائل مخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة ، بسبب تلقيه عن هذا الشيخ الذي لا يقرر العقيدة على طريقة أهل السنة والجماعة .
لذلك لا يسوغ أن تقول هذا عالم في البلاغة ، أو عالم في النحو ، ولا تذكر
بدعته ، تقول هو صاحب بدعة ، معتزلي ، أشعري ، ... ، بحسب الحال الذي يكون عليه من باب النصيحة.
فرغها من لقاء مساء الخميس 3 /6 /1438هـ، وعلق عليها، الأخ إكليل الجبل جزاه الله خيرا.
_____________________________
( 1 ) الزمخشري : هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي ، المتوفي سنة 538 هجري ، صاحب كتاب " تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ، وعيون الأقاويل في وجوه التأويل " ، انظر سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله
(2) ابن عطية : أبو محمد عبد الحق ابن الحافظ أبي بكر غالب بن عطية المحاربي الغرناطي ، صاحب كتاب "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " ، انظر سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله تعالى>