سؤال: «كيف نوفق بين حديث: «من أراد أن ينصح لذي سلطان، فلا يبده علانية»، -أو كما قال رسول الله- وحديث: «خير الشهداء: حمزة، ورجل قام إلى ذي سلطان، فأمره، ونهاه؛ فقتله»، -أو كما قال رسول الله-؟».
الجواب: لا معارضة ولا اختلاف بين الحديثين؛ لأن حديث: «سيد الشهداء: حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره، ونهاه؛ فقتله»، فيه قوله: «إلى إمام جائر»، بمعنى أتاه في خاصة نفسه؛ فنصحه، كالحديث الأول، يفسره حديث: «أفضل الجهاد كلمة عدل (وفي رواية: حق) عند سلطان جائر»؛ فالمراد أنه أتاه في مجلسه، ونصحه في خاصة نفسه.
نكتة علمية:
جاء التعبير في الحديث بصيغة اسم الفاعل (جائر)؛ ليدل على أن وصف الجور: ثابت، مستقر، دائم، ملازم في هذا الإمام، وعليه: فإن هذا الوصف لا يصدق على من كان يجور أحياناً؛ لأنه لا يقال له جائر.
تنبيه:
الرواية التي ذكرتها مقيدة للحديث الذي أورده السائل، بأن يكون ذي السلطان موصوفاً بالجور، وعليه: فإنه يشترط لنيل هذه الدرجة العالية، الشروط التالية:
- أن يقوم له نصيحة؛ فيأمره، وينهاه.
- أن يأتيه في مجلسه، وينصحه في خاصة نفسه.
- أن يكون ذو السلطان موصوفًا بالجور.
- أن يقتل السلطان الجائر هذا الناصح.
مما تقدم تعلم خطأ ما يفعله بعض الناس من الإنكار العلني على المنابر، أو في الدروس، أو المحاضرات، أو الجلسات، فإن هذا ليس من طريقة أهل السنة في معاملة ولي الأمر، إذا أريد نصحه، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر. والله أعلم.