كنا نجلس في حلقة الشيخ عبدالله بن حميد في صحن المطاف على الحصوة أمام الكعبة، وكان يبدأ جلساته بشرح حديث أو آية، ثم يبدأ بعد ذلك بالإجابة عن الأسئلة.
وأذكر أنه بدأ مرة في شرح حديث جبريل الطويل، واستمر يفتتح جلساته بإتمام شرح هذا الحديث عدة أيام، حتى أتمّه.
الشيخ عبدالله بن حميد، هو والد الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، ووالد الدكتور الأصولي أحمد بن عبدالله بن حميد، ووالد الأستاذ إبراهيم بن عبدالله بن حميد. وله غيرهم.
كان الشيخ يتمتع بأمور قل أن تراها في غيره؛
- منها ذاكرة حاضرة واعية، ومن أقرب ذلك أنه كان يقرأ عليه سؤال السائل، فيبدأ الجواب بقوله: أنت تسأل عن... ويعيد صياغة السؤال بعبارات جميلة، وصياغة صحيحة، ثم يجيب عليه!
وهذا يدل على ذاكرة الشيخ؛ لأن السؤال أحيانًا يطول.
ويدل على دقة الشيخ في الفتوى، ففتواه على هذه الصيغة للسؤال التي ذكرها، وهذا أضبط وأدق.
- ومنها حضور المرح والفكاهة في جلسته، بل عادة يتكلم بأسلوب يشوبه المرح، خاصة حينما يرد على المخالفين، أو يبين لهم ضعف استدلالهم!
- ومنها ألمعية الشيخ، وحسن استنباطه، وأذكر من ذلك أنه لما قرر مرة أن (حلي النساء) لا زكاة فيه، قال ما معناه: واستدل القائلون بوجوب الزكاة بحديث المسكتين وذكره، ثم عقب عليه بما معناه: أنه لا دلالة فيه على وجوب الزكاة؛ لأن المسكتين لا تبلغان النصاب، ولأنه لم يحل عليهما الحول، فدل ذلك أن المأمور به هنا ليس من باب الزكاة المفروضة ذات النصب والمقادير والحول.
- ومنها أن كان بارعاً في استعمال الألفاظ والعبارات، تستسيغ أذنك ما ينطق به، على وقع لا تمله الأذن.
وكانت صبغته العامة فقهية.
-رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته-.
يتبع... اللحيدان... وابن باز... وابن عثيمين...