تتمات على مواضيع (سنن مهجورة):
التتمة الأولى: أنه ليس كل حديث يصح سنده هو سنة؛ لأن في الأحاديث:
- ما هو عام مخصوص،
- وما هو مطلق مقيد،
- وما هو متشابه غير محكم،
ورب حديث صح سنده وله علة وهي ترك السلف العمل به. فلابد أن تتأكد من أن ما صح لديك سنده، مما جرى عليه عمل السلف، وتراجع كلام العلماء في فقهه ومعناه.
التتمة الثانية: أن من السنن ما لا يأتي في حديث مرفوع صحيح السند، فقد تكون:
- سنة واردة عن الصحابة،
- أو مما نص العلماء عليه،
- ومما جرى أهل السنة على النص أنه سنة. وهذه التتمة فيها الحث على النظر في كتب السنة المصنفة من الأئمة، وكتب الآثار الواردة عن السلف؛ فإنها تشتمل على جملة من السنن لم ترد في كتب الحديث المرفوع المسند.
التتمة الثالثة: إذا ثبت كون القضية سنة متبعة، وثبت هجر الناس لها، فعندها يقال: هذه سنة مهجورة، من أحياها له أجرها وأجر من عمل بها حتى تقوم الساعة، لا ينقص من أجورهم شيئاً.
أخرج مسلم تحت رقم: (1017): عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: «فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (النساء: 1) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1). وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ} (الحشر: 18): تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ -حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».». قَالَ: «فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ». قَالَ: «ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ». والله الموفق.