لا يكون الكلام كلاماً والقول قولاً إلا بحركة الشفتين.
وهل يشترط أن يسمع نفسه؟
ذكر أن اختيار ابن تيمية -رحمه الله- أنه لا يشترط اسماع نفسه.
وبحثت عن ذلك في كتبه في مظانه فلم أجد كلامه.
ثم اعثرني الله بفضله على كلام لابن القيم -رحمه الله- يذكر عن شيخه ابن تيمية كلامه في ذلك في مسألة الاستثناء في اليمين، فالحمد لله على توفيقه:
قال في إعلام الموقعين عن رب العالمين (4/ 197):
«إذَا اُسْتُحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ، فَأَحَبَّ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْنَثَ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِقَوْلِ «إنْ شَاءَ اللَّهُ».
وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَهَا نَفْسَهُ؟
فَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ،
وَقَالَ شَيْخُنَا: «هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ مَتَى حَرَّكَ لِسَانَهُ بِذَلِكَ كَانَ
مُتَكَلِّمًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، وَهَكَذَا حُكْمُ الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ».
قُلْت: وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُطْبِقُ شَفَتَيْهِ وَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ بِلَا إلَهَ إلَّا
اللَّهُ ذَاكِرًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ لِلشَّفَتَيْنِ فِي
حُرُوفِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، بَلْ كُلُّهَا حَلْقِيَّةٌ لِسَانِيَّةٌ؛ فَيُمْكِنُ الذَّاكِرُ أَنْ
يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِهَا وَلَا يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ النَّاسِ، وَلَا تَرَاهُ
الْعَيْنُ يَتَكَلَّمُ، وَهَكَذَا التَّكَلُّمُ يَقُولُ: «إنْ شَاءَ اللَّهُ» يُمْكِنُ مَعَ
إطْبَاقِ الْفَمِ؛ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ وَلَا يَرَاهُ، وَإِنْ أَطْبَقَ أَسْنَانَهُ وَفَتَحَ
شَفَتَيْهِ أَدْنَى شَيْءٍ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ بِجُمْلَتِهِ»اهـ.