علمني ديني:
أن أدعو الله تعالى، وأن ألح في الدعاء، وأن دعائي مستجاب؛ لأنه مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَّا كَانَ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ:
- إِمَّا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ.
- وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ.
- وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ،
مالم يتعجل الإجابة، أو يدعو بإثم، أو قطيعة رحم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي مَسْأَلَةٍ، إِلَّا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ».».
وفي رواية البيهقي: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِلَّهِ يَسْأَلُهُ مَسْأَلَةً إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا: إِمَّا عَجَّلَهَا لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا ادخَّرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَدَعَوْتُ فَلَا أَرَاهُ يُسْتَجَابُ».
وفي رواية للترمذي من طريق اللَّيْث هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ يَسْتَعْجِلْ».
قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟».
قَالَ: «يَقُولُ: دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لِي».
(أخرجه أحمد في المسند (الميمنية 2/448)، (الرسالة 15/ 487، تحت رقم: 9785)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب، ورقمه في طبعة بشار عواد (3604/3)، وليس له رقم في طبعة شاكر، زلم يحكم عليه بشيء الألباني، وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (تحت رقم: 711)، وأخرجه الحاكم (1/497)، من طريق وكيع، بهذا الإسناد، والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (2/376). والحديث قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ»اهـ، قلت: في سنده ليث بن أبي سليم، ضعيف. وفي سند أحمد عم عبيدالله بن عبدالرحمن بن موهب، لا يعرف. قال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»اهـ، قال المنذري (صحيح الترغيب والترهيب 2/128): «رواه أحمد بإسناد لا بأس به»اهـ، وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، وقال محققو المسند: «حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لجهالة عم عبيدالله بن عبدالرحمن»اهـ. والحديث صحيح لغيره إن شاء الله يشهد له حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وهو التالي .).
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ. وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ. وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا». قَالُوا: «إِذًا نُكْثِرُ». قَالَ: «اللهُ أَكْثَرُ».
وفي رواية ابن أبي شيبة: «... ... وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ عَنهُ من السُّوءَ بِمِثْلِهَا». قَالُوا: «إذًا نُكْثِرُ يَا نبي الله». قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ».
وفي رواية البخاري في الأدب المفرد: «... وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا».
(أخرجه أحمد في المسند (الرسالة 17/ 214، حديث رقم: (11133)، وابن أبي شيبة في المصنف (10/201)، والبخاري في الأدب المفرد (ص: 264، تحت رقم: 710)، والطبراني في المعجم الأوسط (4/336)، والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان (2/377 – 378). والحديث قال المنذري (صحيح الترغيب والترهيب 1/128): «رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة والحاكم وقال صحيح الإسناد»اهـ، صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، وقال محققو المسند: «إسناده جيد»اهـ).
وفيه أن كل من يدعو الله -سبحانه وتعالى- بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم فإن الله تعالى يستجيب له،
فالاستجابة متحققة،
وهي تكون بإحدى ثلاث؛
- إما أن تُعطى أيها السائل ما سألته في الدنيا،
- وإما أن يدخر لك في الآخرة،
- وإما أن يدفع الله -سبحانه وتعالى- ويكشف ويصرف من السوء مثلها؛
فالدعاء مستجاب،
أما قوله: «إِمَّا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ»، «إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ». «فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ فِي الدُّنْيَا»؛ فهذه الحال الأولى، أن يعطى ما سأل، ويعجل له في الدنيا.
أما قوله: «وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ» ، «وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ»، «وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ»، فهذه الحال الثانية، وادخارها له: أن يحفظها الله له، فيرفع بها درجته، ويعلي بها مكانته.
أما قوله: «وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ»، «وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا»، «وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا»، «وَإِمَّا أَنْ يَكْشِفَ عَنهُ من السُّوءَ بِمِثْلِهَا»، «وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا»، فهذه الحال الثالثة، والروايات تفسر بعضها، فالمراد أن الله تعالى يكفر من ذنوب صاحب الدعوة بقدر ما دعى.
وفي الحديث عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ».
(أخرجه الترمذي في أبواب القدر، بَابُ مَا جَاءَ لَا يَرُدُّ القَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، حديث رقم: (2139)، والطحاوي في مشكل الآثار (8/78، تحت رقم 3068). وقال الترمذي: «وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ»اهـ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، وأورده في السلسلة الصحيحة حديث رقم: (154). وقال محقق شرح مشكل الآثار: «حسن لغيره»اهـ).