(2 - 5) الخطوة الثانية:
أن ننظر في المسألــــــــة التـــــي وقع فيها الشخص، هل هي من المسائل الاجتهادية؟ أو هي من المسائل التي ظهر فيها الدليل الـــذي يلزم المصير إليه؟
وهذا يحتاج إلى طالب علم أو عالم نرفع إليه قضية الأخ هذه فنقول له: فــــلان أخطأ يــــــا شيخ، كيـف نعامله، وكيف الموقف فيه؟
لأنه قد يكون ما وقع فيه هذا الأخ من باب المسائـل الاجتهادية، وليس من المسائل التي يلزم المصير فيها إلى ما دل عليــــه الـــدليل.
وتعاملنا معه إذا خالف في مسألة اجتهادية، ليس مثل تعاملنا مع مخالفته إذا كان خالفنا في مسألة ظهر فيها الدليل الذي يلزم المصير إليه.
فقد يكون مثلاً يخالفنـــا في وضع اليدين على الصدر بعد الركوع، هو يضعها ونحن لا نضعهـا، أو نحن نضعها وهو لا يضعها. فهذه مسألة اجتهادية.
وقد يكون الخلاف في مسألة إزرة الــمـؤمن إلى أنصاف الساقين، فجعل ثوبه إلى نصف الساقين، ونحن نرى أن إزرة المؤمن كما قــــال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيـــْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ». فهو يخالفنا، فنحن نلبس إلى الكعبين، وهو يلبس إلى أنصاف الساقين.
وقد تكون المسألة في لبس العمامة، ونحن لا نرى لبس العمامة، نرى لبس الخمـــار الـــذي نحن نسميه الغترة والشماغ، ونحو ذلك من المسائل التي تتحمل تعدد وجهات النظر، وليس فيهـــا مـــن الأدلة ما يلزم المصير إليه، أو ما يعين القول فيها بقول واحد.
وقد يكون يرى أن تارك الصلاة كافر مطلقًا، ونحن نرى أن تـــارك الصـــــلاة إذا كان كسلاً وتهاونًا لا يكفر، وإذا تركها إنكارًا وجحودًا فإنه كافــــر؛ فنفصـــــل كطريقة الجمهور.
فلا ينبغي أن يكون هناك نزاع، في هذه مسائل الخلاف فيها معتبر، وبعضها يسوغ من نفس الدليل.
وهذه الخطوة تحتاج إلى أفق واسع ومعرفة بالخلاف.
وقد قيل: كلما زاد علم الرجل بالخلاف اتسع صـدره، وكلما نقص علم الرجل بالخلاف ضاق صدره.