لفت نظري:
قول بعضهم: «إنما أمرنا بإطالة اللحى مخالفة لليهود وللمجوس، وهؤلاء هم اليوم يطيلونها».
وهذا الكلام فيه نظر؛
أولاً: لأن المطالبة بمخالفة المجوس وأهل الكتاب في الأمر بإطالة اللحية، لم يأت في كل الأحاديث، مما يدل على أن الحكم غير معلل بهذه المخالفة، إذ لو قلنا بذلك لكان معنى هذا نسبة التقصير في رواية الحديث إلى من روى الحديث بالمعنى ولم ينقل قضية المخالفة. أو يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة، إذ كيف يكون الحديث معللاً بطلب المخالفة ويأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإعفاء اللحية في أحاديث ولا يشير إلى هذه العلة؟!
ثانياً: أن إطالة المجوس وأهل الكتاب للحية على خلاف ما يطلب منا الشرع في إطالتها، ومن نظر إلى اليهود علم حقيقة الفرق بين الأمرين.
ثالثاً: جاء في أحاديث عد إعفاء اللحية من سنن الفطرة، وهذا يقتضي المطالبة بإطالة اللحية على الصفة المشروعة مطلقاً.
وليعلم المسلم أنه مطالب بتعظيم الأمر والنهي وذلك بأن لا يعرض الأمر والنهي لثلاثة أمور:
الأول: لترخص جاف.
الثاني: تشديد غال.
الثالث: علة توهن الإنقياد.
وقد أطال ابن القيم -رحمه الله- في شرح هذه الأمور الثلاثة التي ينبغي لمن يريد تعظيم الأمر والنهي أن يراعيها، وذلك في كتابه الوابل الصيب، ومدارج السالكين، وغيرهما من كتبه، والله الموفق.