كيف يؤصل طالب العلم نفسه؟
4 - الصفة الأولى لتأصيل طالب العلم نفسه .
(الذين آمنوا) تحقيق الإيمان يكون بأصلين وهما:
الأصل الأول : تحقيق الإخلاص .
الأصل الثاني : تحقيق المتابعة.
وهما في شهادة التوحيد؛
أشهد أن لا إله إلا الله (هذا الإخلاص) .
وأشهد أن محمداً رسول الله (هذا المتابعة).
أمّا الإخلاص فإن طالب العلم لا بد له من أن يتابع نفسه في الإخلاص، و لا يقع في براثن سوء النية؛
فهو يحتاجه في أول الطلب .
ويحتاجه في أثنائه.
ويحتاجه في آخر حاله.
والمهم هنا أن تنتبه يا طالب العلم إلى أن الإخلاص شرط تتابعي ، تحتاج أن تتابع نفسك فيه كل وقت.
ولابد أن تنتبه إلى أن لا تترك طلب العلم بحجة أنك لم تحقق الإخلاص فيه؛ لأنك مطالب بأمرين :
- طلب العلم الشرعي .
- وتصحيح نيتك فيه لتحقق الإخلاص!
وعدم تصحيح النية لا يلزم منه ترك طلب العلم، إنما أطلب العلم، واستمر في محاولة تصحيح النية. وإلا تكون قد وقعت في غواية الشيطان لك بصرفك عن طلب العلم!
وقد سئل بعض السلف : أطلبت علمك لله؟ فقال: طلبنا العلم لغير الله فأبى العلم أن يكون إلا لله!
وآخر قال: لم أطلب العلم أول ما طلبته لله، وأبى العلم أن يكون إلا لله!
فاستمر في طلبك للعلم، وتابع تصحيح النية، و لا تترك الطلب!
قال تبارك وتعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة: 5).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى".
والله الموفق.
وأما المتابعة ، فالمقصود بها اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بما جاء به على الوجه الذي عمله به صلى الله عليه وسلم!
ولا تتحقق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بثلاثة أمور :
الأمر الأول : اتباع الدليل.
الأمر الثاني : الأخذ عن العلماء المعتبرين.
الأمر الثالث : الحذر من البدع وأهلها .
أما اتباع الدليل ؛ فإن الأدلة الشرعية المتفق عليهاا هي القرآن العظيم والسنة النبوية والإجماع الصحيح والقياس الصحيح.
وجاء عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : "العلم آية محكمة أو سنة متبعة، أو فريضة عادلة".
وتعبيره بـ (آية محكمة) ينبه به على أنه ليس كل من استدل بآية صح استدلاله حتى تكون الآية محكمة، فقد ذكر الله الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.
فالآيات المتشابهات لا دليل فيها عند الراسخين في العلم، لأن العمل إنما يكون بردها على الآيات المحكمات التي هي أم الكتاب!
وتعبيره بـ (سنة متبعة) فيه تنبيه إلى أن الأحاديث التي لم يجر عليها العمل فليست بسنة متبعة! ومن ذلك المنسوخ والعام المخصوص في محل التخصيص، والمطلق المقيد في محل التقييد، فإنه لا ينبغي العمل بالسنة المنسوخة، و لا بالسنة العامة في محل التخصيص، ولا في محل التقييد!
وطالب العلم عليه أن يتحرى العمل بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه ويسلم على الوجه الذي عمل به الرسول عليه الصلاة والسلام.
وبدون ذلك لا يحقق طالب العلم المتابعة ، في اتباع الدليل!
تحقيق الايمان
اما الرجوع الى اهل العلم المعتبرين فالمراد به الرجوع الى الصحابة ومن سار على نهجهم من بعدهم من ائمة السنة.
وهذا يدل عليه ما جاء في حديث الافتراق فان الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الفرقة الناجية والطائفة المنصورة بانها الجماعة وفي رواية بأنها التي على مثل ما هو عليه واصحابه.
وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا علبها بالنواجذ).
وجاء عن ابن مسعود اتبعوا ولا تبتدعوا ففد كفيتم.
وعليكم بالامر العتيق .
ولا يحقق المسلم المتابعة الا بلزوم ما كان عليه السلف الصالح وهذا هو سبيل المؤمنين.
اما الحذر من البدع واهلها .
فان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد).
فلا يحقق طالب العلم المتابعة الا بترك البدع واهلها والحذر منهم .
فبهذه الامور يحقق طالب العلم الاخلاص والمتابعة .
والله الموفق