كيف يؤصل طالب العلم نفسه؟
2 - طالب العلم معرض في طريقه للمكاره والغواية؛
أ/ المكاره!
لما كان العلم طريقاً يلتمس به سالكه الجنة.
ولما كانت الجنة محفوفة بالمكاره.
فإن طريق العلم محفوف بالمكاره.
والمكاره الأمور التي تخالف شهوات الإنسان، فهو طريق يشق على سالكه من هذا الوجه، وبالمقابل فإن النار حفت بالشهوات!
وهذا أول أمر يتعرض له طالب العلم؛
يتعرض لأمور تشق على نفسه ؛
كالاستيقاظ والمتابعة وترك راحة الجسد، فإن العلم لا ينال براحة الجسد.
وتحمل مشقة الرحلة لطلب العلم إذا احتاج إلى ذلك وتمكن منه.
وتحمل مشقة الفهم لما قد يعسر فهمه عليه.
وصرف المال في شراء الكتب، وصنع المكتبة العلمية التي يحتاجها.
والأخذ عن من هو دونه في السيادة، ولذلك في الأثر : "تعلموا قبل أن تسودوا".
إلى غير ذلك من المشاق .
ب/ الغواية .
تعهد الشيطان أعوذ بالله منه، بغواية بني آدم عن الصراط المستقيم؛
قال تبارك وتعالى: [قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ] {الأعراف:16}
وقال تعالى: [قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ] {الحجر:39}
والعلم الشرعي هو طريق اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {الأنعام:153} .
فبما أن طريق العلم الشرعي اتباع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الصراط المستقيم.
وبما أن الشيطان تعهد ليقعدن لهم على الصراط المستقيم
فإذا طالب العلم معرض لغواية الشيطان له لقطع طريقه على الصراط المستقيم، فلا يمكنه الوصول إلى الجنة.
وطرق غواية الشيطان لطالب العلم عجيبة!
فإنه يعلم أن طالب العلم لا ينفع معه فتح باب الشهوات، فلا يستطيع بإذن الله إغوائه بالنساء أو بالمأكولات أو بالمال أو بغيرها، فيفتح له أبواباً من الخير ليوقعه في باب من الشر!
جاء في بدائع الفوائد (2/ 485): "أن الشيطان يأمر بسبعين بابا من أبواب الخير إما ليتوصل بها إلى باب واحد من الشر وإما ليفوت بها خيرا أعظم من تلك السبعين بابا وأجل وأفضل!"اهـ
فإذا انشغل طالب العلم عمره كله في علوم الآلة دون علم الغاية فقد غوى!
إذا انشغل طالب العلم بتحصيل المستحبات وترك الواجبات فقد غوى!
إذا اشتغل طالب العلم بتحصيل الأقوال الشاذة والمخالفة وغرائب العلم دون ما عليه العامة وأهل العلم فقد غوى!
إذا انشغل طالب العلم بالتنقل من علم إلى علم دون أن يتم العلم فقد غوى!
إذا اعتد طالب العلم بنفسه ورأى نفسه على أهل العلم الذين هم فوقه فقد غوى!
إذا صار هم طالب العلم الاشتغال بباب من العلم لا يعود بالنفع عليه في طريق توصله إلى الجنة، فقد غوى!
وهكذا تتعدد أسباب الغواية!