#من_وحي_الأسئلة:
البلاء موكل بالمنطق.
روي مرفوعا ، أورده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة تحت رقم (3382)، قلت: لكن معناه ثابت، وقد ورد في الأثر.
وذكر الألباني أنه ورد بزيادة بسند فيه كذاب ، ولفظه: "البلاء موكل بالمنطق ، ما قال عبد لشيء : والله لا أفعله ؛ إلا ترك الشيطان كل شيء وولع به حتى يؤثمه" .
والذي يظهر أن المراد بهذه العبارة حفظ اللسان عن كل ما نهى الله عنه، فقد جاء في سنن الترمذي تحت رقم (2410) عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ، قَالَ: «قُلْ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ، فَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا»، وصححه الألباني.
ولابن أبي الدنيا كتاب في حفظ اللسان.
ومن ذلك أن لا يتكلم بما فيه سخرية أو استهزاء أو انتقاص أو عيارة أو اعتراض على قدر الله، أو سوء ظن بالله، أو أمن لمكر الله ؛
فالمؤمن عليه أن يكون حذراً يقظاً منتبهاً لمنطقه وما يصدر من لسانه ويجعل فكره وعقله ودينه قبل كلامه فلا يتكلم بما يندم عليه أو يؤاخذ به.
قال ابن القيم رحمه في تحفة المودود بأحكام المولود (ص: 123 - 124): "وَمن الْبلَاء الْحَاصِل بالْقَوْل قَول الشَّيْخ البائس الَّذِي عَاده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى عَلَيْهِ حمى فَقَالَ: لَا بَأْس طهُور إِن شَاءَ الله فَقَالَ: بل حمى تَفُور على شيخ كَبِير تزيره الْقُبُور فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَنعم إِذا".
وَقد رَأينَا من هَذَا عبرا فِينَا وَفِي غَيرنَا وَالَّذِي رَأَيْنَاهُ كقطرة فِي بَحر.
وَقد قَالَ المؤمل الشَّاعِر:
(شف المؤمل يَوْم النقلَة النّظر ... لَيْت المؤمل لم يخلق لَهُ الْبَصَر)
فَلم يلبث أَن عمي .
وَفِي جَامع ابْن وهب : أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِغُلَام فَقَالَ مَا سميتم هَذَا قَالُوا: السَّائِب فَقَالَ: لَا تسموه السَّائِب وَلَكِن عبد الله. قَالَ: فغلبوا على اسْمه فَلم يمت حَتَّى ذهب عقله.
فحفظ الْمنطق وتحيز الْأَسْمَاء من توفيق الله للْعَبد .
وَقد أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تمنى أَن يحسن أمْنِيته وَقَالَ: "إِن أحدكُم لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته"، أَي مَا يقدر لَهُ مِنْهَا وَتَكون أمْنِيته سَبَب حُصُول مَا تمنهاه أَو بعض.
ه وَقد بلغك أَو رَأَيْت أَخْبَار كثير من المتمنين أَصَابَتْهُم أمانيهم أَو بَعْضهَا وَكَانَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ يتَمَثَّل بِهَذَا الْبَيْت
(احذر لسَانك أَن يَقُول فتبتلى ... إِن الْبلَاء مُوكل بالْمَنْطق)"اهـ
أقول: الحديث الأول في كلام الشيخ أخرجه البخاري تحت رقم (3616 ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ: لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: قُلْتُ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ، أَوْ تَثُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَعَمْ إِذًا".
والحديث الثاني في الجامع لابن وهب (ص: 93) قال: "وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُتِيَ بِغُلَامٍ، فَقَالَ: «مَا سَمَّيْتُمْ هَذَا؟» قَالُوا: السَّائِبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَمُّوهُ السَّائِبَ، وَلَكِنْ عَبْدَ اللَّهِ» ، فَغَلَبُوا عَلَى اسْمِهِ السَّائِبَ، فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُهُ ".
وابن أبي حبيب هو يزيد من صغار التابعين. فالحديث مرسل، والمرسل من نوع الضعيف.
والحديث الثالث: عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَنْظُرَنَّ أَحَدُكُمْ مَا الَّذِي يَتَمَنَّى فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُكْتَبُ لَهُ مِنْ أُمْنِيَّتِهِ».
ضعف إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة تحت رقم (2255)، (4405)؛ وفيه نظر عندي!
تتمة : لذلك المشروع إذا رأى المسلم مبتلى أن يقول في نفسه : "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به و فضلني على كثير ممن خلق تفضيلا".
فإنه بإذن الله إذا قالها لم يصبه ذلك البلاء.
والله الموفق.