من مشايخي الذين درست عليهم القرآن في المرحلة الجامعية فضيلة الشيخ محمد نبهان المصري رحمه الله .
كان يتميز على غيره من المدرسين للقرآن بعدة ميزات؛
الميزة الأولى : إذا قرأ الطالب عليه لا يكثر من مقاطعته في اللحن الخفي، إنما يركز معه على ضبط القراءة بعدم وقوع خلل في اللحن الجلي. ويؤجل ضبط القراءة من اللحن الخفي حتى يضبط الطالب الحفظ.
وهذه الميزة لديه تريح الطالب ، الذي يريد أن يضبط الحفظ، فإن الشيخ لما يقاطعه من أجل قضايا دقيقة في التجويد من اللحن الخفي لا يكاد يضبط حفظه جيداً.
الميزة الثانية : ما كان رحمه الله يسب أحداً من الطلاب ، مهما كان مستواه من الضبط حفظاً أو تجويداً، إنما كان يعلم برفق وبتؤدة وسكينة جزاه الله خيراً.
الميزة الثالثة : أنه كان دمثاً هينا ليناً في تعامله ، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. ولذلك ترى بيته لا يخلو من طالب يريد أن يضبط عليه القراءة والحفظ.
أذكر مرة أني سألته في زيارة لي ببيته رحمه الله وكان كفيف البصر ، قلت له: هل تعاقب أولادك؟
قال: نعم، وقد اضربهم إذا لزم الأمر!
فقلت له: كيف تضربهم.
قال : بعصاي هذه، أو باللي (وهو أنبوب بلاستيكي لين).
فقلت مستعجبا: كيف؟
قال: أنادي الولد الذي أريد عقابه، فيحضر لعندي، بخضوع، واضربه، ويذهب.
فاستعجبت غاية العجب من هذا ، رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
وأذكر مرة لما كنت رئيساً مكلفا لقسم القراءات، كان هو من أعضاء هيئة التدريس في القسم، وحصل أننا اجتمعنا في القسم مع الأعضاء لأمر طرأ وحضر وقت صلاة المغرب أو العشاء، فقدمناه يصلي بنا، فقرأ رحمه الله قراءة جمع فيها بين أكثر من قراءة.
وهذه مسألة تسمى التلفيق بين القراءات، واختلف فيها، والراجح جوازها بشرطين :
الشرط الأول : أن لا يؤدي التلفيق إلى خلل في الرواية.
الشرط الثاني : أن لا يترتب عليه خلل في المعنى .
والله الموفق.