بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 3- 3
نقلت كلاما في المقال السابق لبعضهم يدفع أن يكون وجه تحدي العرب بالقرآن العظيم هو ما فيه من بلاغة النظم، بدعوى أنه لم تأت إشارات إليه في كلام الصحابة رضي الله عنهم.
وذكرت أنه يحتاج إلى أن يتعقب، فأقول مستعينا بالله:
هذا الطرح فيه نظر من عدة جهات؛
الجهة الأولى : أن القراءات الشاذة لا يجزم بأنها من الأحرف السبعة كما لا يجزم بأنها ليست منه. إنما نجزم بأن هذا الذي بين أيدينا هو القرآن.
وطريقة الباحث في المقال اعتبار أن القراءات الشاذة هي من الأحرف السبعة، وأنها قرآن، وهذا لا يتفق مع عدم الجزم بكونها منها أو أو لا.
والبلاغيون الذين تكلمون عن وجه تحدي العرب بالقرآن الكريم، كان كلامهم في ما هو متفق على أنه القرآن العظيم؛ فالاعتراض عليهم لا يسلم.
الجهة الثانية : الآثار التي أشار إليها في آخر المقال لم يورد ما يدل على ثبوتها.
الجهة الثالثة : هذه الآثار وما في معناها يعتمد عليها من يقول أن رخصة الأحرف السبعة كانت في تجويز قراءة القرآن بالمعنى وأنها كانت في أول الأمر.
وهذا وإن قال به بعض كبار أهل العلم من الحنفية إلا أنه قول لا يتفق مع توقيف القراءات وأنها كلها من عند الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هكذا أنزل) (كلاكما محسن).
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن الأحرف السبعة كلها تنزيلية من عند الله، لا ترجع إلى رواية بالمعنى!
وأهل العلم يقررون بلاغة النظم القرآني فما ثبت أنه قرآن ففيه بلاغة النظم.
الجهة الرابعة : الباحث في المقال نفى أن يكون وجه البلاغة في نظم القرآن ثم سكت عن ذكر ما هو عنده البديل لوجه التحدي.
الجهة الخامسة : الباحث في المقال ذكر أن الله تعالى تحدى العرب في القرآن دون أن يذكر ملابسات القضية ... ولم يشر إلى ما ورد من ملاحظة العرب لأسلوب القرآن ونظمه الم يقل الوليد بن المغيرة : (أن له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أسفله لمغدق وان أعلاه لمثمر وماهو بقول كاهن ولا شاعر...).
وما ورد عن الصحابة في ملاحظة دلالة اللفظ والتركيب في الآية يدل على ملاحظتهم ذلك
في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (8/ 643)
أخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قَالَ {هم عَن صلَاتهم ساهون} وَلم يقل فِي صلَاتهم.
وهل استنباطات السلف من القرآن إلا ثمرة من ثمرات ملاحظة بلاغة النظم القرآني.
والله الموفق.