السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

شبهة والرد عليها ١٥: حكم النفير العام


شبهة:
«قال ابن كثير: «أمر الله تعالى بالنفير العام مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام غزوة تبوك؛ لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب»
وقد بوب البخاري؛ «باب وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية»، وأورد هذه الآية، وكان النفير العام؛ بسبب أنه ترامى إلى أسماع المسلمين أن الروم يستعدون على تخوم الجزيرة لغزو المدينة، فكيف إذا دخل الكفار بلد المسلمين، أفلا يكون النفير أولى؟
قال أبو طلحة -رضي الله عنه- في معنى قوله تعالى: {خفافاً وثقالاً}: «كهولاً وشباباً ما سمع الله عذر أحد». وقال الحسن البصري: «في العسر واليسر». 
وقال الزهري: «خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه، فقيل له: إنك عليل! فقال: «استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب، كثرت السواد وحفظت المتاع».».

وللرد على هذه الشبهة:
هذه الآية تبين حكم النفير العام، يعني إذا استنفر الإمام الناس، وليست عامة في كل حال؛ لأن عمومها في كل حال يخالف قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (التوبة:  ٩١). وهذا المعنى العام فيها منسوخ، فقد ذكر ابن الجوزي في (زاد المسير في علم التفسير) (٢٦٣/٢): «قال السّدّيّ: «نسخت بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى}» اهـ.

وقوله: «فكيف إذا دخل الكفار بلد المسلمين، أفلا يكون النفير أولى؟»
أقول: هذا إذا استنفر الإمام، أمّا إذا لم يستنفر فلا يلزم، بل الواجب عدم الخروج عن السمع والطاعة له، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولذلك أورد البخاري تحت الترجمة المشار إليها «باب وجوب النفير وما يجب من الجهاد والنية»، حديث تحت رقم (٢٦١٣) عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا».

قال في (فتح الباري) لابن حجر (٤٣٢/٨): «وَإِذَا أَمَرَكُمْ الْإِمَام بِالْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَاد وَنَحْوه مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة فَاخْرُجُوا إِلَيْهِ» اهـ.