المراد بالعلم في نصوص الكتاب والسنة
قال الشاطبي رحمه الله في (الموافقات 1/ 89): "الْعِلْمُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا -أَعْنِي الذي مدح الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أَهْلَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ- هُوَ الْعِلْمُ الْبَاعِثُ عَلَى الْعَمَلِ، الَّذِي لَا يُخلي صَاحِبَهُ جَارِيًا مَعَ هَوَاهُ كَيْفَمَا كَانَ، بَلْ هُوَ الْمُقَيِّدُ لِصَاحِبِهِ بِمُقْتَضَاهُ، الْحَامِلُ لَهُ عَلَى قَوَانِينِهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا"اهـ.
والمراد بالعمل الطاعة لله سبحانه وتعالى، بفعل مأمور به، أو ترك منهي عنه.
فإن قيل : ما محل علوم الدنيا من هندسة وطب وفيرزيا وكيمياء وجولوجيا وفلك وغيرها؟
فالجواب :
هذه العلوم تدخل في قوله تعالى: [وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ] (الأنفال:60).
وتحت قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والمعنى : أن على المسلمين أن يحققوا الاكتفاء الذاتي في كل ما يحتاجونه من علوم الدنيا، لكي لا يكونون في حاجة إلى الكفار، ولا يكونون تحتهم.
وعلى المسلمين أن يحققوا ما يحتاجونه مما يدفع عنهم الضرر، من هذه العلوم.
وعليه فإن طلب هذه العلوم فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، حتى يحققوا الاكتفاء الذاتي.
تنبيه :
لم يكن علماء المسلمين ممن يشتغل بهذه العلوم يهمل طلب العلوم الشرعية، فمنهم من برع في هذه العلوم الدنيوية ونبغ فيها، وتجد له مشاركات في علوم الشريعة، وبعضهم له فيها مؤلفات، مثل ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية.
والله الموفق.