في مجلس الشريف نواف آل غالب سلمه الله (33)
ذكر كلام الشيخ ابن باز رحمه الله في النهي عن الكلام في الناس بغير وجه حق؛ وامره بالعدل والرفق.
فقال ابوعمر احمد بن خليفة آل ظاعن المهيري حفظه الله :
رحم الشيخ ابن باز رحمة واسعة.
الشيخ قصد العلماء الربانيين بكلامه ولكن أهل الأهواء حملوا كلام الشيخ على غير محمله
وطاروا بكلام الشيخ رحمه الله حتى لايتعرض مشايخهم للجرح.
فقال الشريف نواف حفظه الله :
أهل الأهواء دائمآ يحملون الكلام على غير محمله وماهو في صالحهم ينزلونه على واقعهم وأنفسهم وماهو في غير صالحهم ينزلونه على مخالفيهم وإذا كان كلام رب العالمين وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يحرفونها لتوافق هواهم فما بالك بكلام غيرهم من العلماء الناصحين وكلام الشيخ عبدالعزيز بن باز منهج يقتدى به لو طبقه طلبة العلم لوجدوا فيه الخير والصلاح لنجاح دعوتهم واستجابة المخالف فليس القصد التشهير والتشفي وإنما النصح والإرشاد بالطرق الشرعية الصحيحة لإعادة المخالف لجادة الصواب ولا يتصور أن الشيخ ينهى عن الرد على المخالف بالطرق المشروعة فالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله رد على كثير من أهل البدع والمخالفين وممن ينتسب للصحوة بعيدآ عن الأمور التي حذر منها في رسالته أعلاه
قلت : يشير الى رسالة ابن باز رحمه الله والتي نصها
نصيحة الشيخ العلامة ابن باز - رحمه الله -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين أما بعد:
فإن الله عز وجل يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الظلم والبغي والعدوان، وقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بما بعث به الرسل جميعاً من الدعوة إلى التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، وأمره بإقامة القسط ونهاه عن ضد ذلك من عبادة غير الله ، والتفرق والتشتت والاعتداء على حقوق العباد.
وقد شاع في هذا العصر أن كثيرا من المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الخير يَقَعون في أعراض كثير من إخوانهم الدعاة المشهورين ويتكلمون في أعراض طلبة العلم والدعاة والمحاضرين، يفعلون ذلك سراً في مجالسهم ، وربما سجلوه في أشرطة تنشر على الناس ، وقد يفعلونه علانية في محاضرات عامة في المساجد وهذا المسلك مخالف لما أمر الله به رسوله من جهات عديدة منها:
أولاً: أنه تَعَدٍّ على حقوق الناس من المسلمين ، بل خاصة الناس من طلبة العلموالدعاة الذين بذلوا وسعهم في توعية الناس وإرشادهم وتصحيـح عقائدهم ومناهجهم ، واجتهدوا في تنظيم الدروس والمحاضرات، وتأليف الكتب النافعة.
ثانياً: أنه تفريق لوحدة المسلمين وتمزيق لِصَفِّهم، وهم أحوج ما يكونون إلى الوحدة والبعد عن الشتات والفرقة وكثرة القيل والقال فيما بينهم، خاصة وأن الدعاة الذين نيل منهم هم من أهل السنة والجماعة المعروفين بمحاربة البدع والخرافات والوقوف في وجه الداعين إليها، وكشف خططهم وألاعيبهم، ولا نرى مصلحة في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين من أهل الكفر والنفاق أو من أهل البدع والضلال.
ثالثاً: أن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين والمستغربين وغيرهم من الملاحدة الذين اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة ، والكذب عليهم والتـحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه، وليس من حق الأخوة الإسلامية أن يعين هؤلاء المتعجلون أعداءهم على إخوانهممن طلبة العلم والدعاة وغيرهم.
رابعاً: إن في ذلك إفساداً لقلوب العامة والخاصة ونشراً وترويـجاً للأكاذيب والإشاعات الباطلة وسبباً في كثرة الغيبة والنميمة وفتـح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس الذين يدأبون على بث الشبه وإثارة الفتن ويـحرصون على إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا.
خامساً: أن كثيراً من الكلام الذي قيل لا حقيقة له وإنما هو من التوهمات التي زينها الشيطان لأصحابها وأغراهم بها وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً...} (الحجرات:12).
والمؤمن ينبغي أن يَـحمِل كلام أخيه المسلم على أحسن المحامل وقد قال بعض السلف: (لا تَظُنَنَّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً).
سادساً: وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإن صاحبه لا يؤاخذ به ولا يثرب عليه إذا كان أهلاً للاجتهاد فإذا خالفه غيره في ذلك كان الأجدر أن يـجادله بالتي هي أحسن حرصاً على الوصول إلى الحق من أقرب طريق، ودفعاً لوساوس الشيطان وتـحريشه بين المؤمنين، فإن لم يتيسر ذلك ورأى أحد أنه لابد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة وألطف إشارة، ودون تهجم أو تجريـح أو شطط في القول قد يدعو إلى رَدِّ الحق أو الإعراض عنه، ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا".
فالذي أنصح به هؤلاء الأخوة الذين وقعوا في أعراض الدعاة ونالوا منهم أن يتوبوا إلى الله تعالى مما كتبته أيديهم، أو تلفظت به ألسنتهم مما كان سبباً في إفساد قلوب بعض الشباب وشحنهم بالأحقاد والضغائن، وشغلهم عن طلب العلم النافع، وعن الدعوة إلى الله بالقيل والقال، والكلام عن فلان وفلان، والبحث عما يعتبرونه أخطاء للآخرين وتصيدها وتكلف ذلك.
كما أنصحهم أن يَكُفّوا عما فعلوه بكتابة أو غيرها مما يبرؤون فيه أنفسهم من مثل هذا الفعل ويزيلون ما علق بأذهان من يستمع إليه من قولهم ، وأن يقبلوا على الأعمال المثمرة التي تقرب إلى الله وتكون نافعة للعباد وأن يـحذروا من التعجل في إطلاق التكفير أو التفسيق أو التبديع لغيرهم بغير بينة ولا برهان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا » متفق على صحته ([1]).
ومن المشروع لدعاة الحق وطلبة العلم إذا أشكل عليهم أمر من كلام أهل العلم أو غيرهم أن يرجعوا إلى العلماء المعتبرين ويسألوهم عنه، ليبينوا لهم جلية الأمر ويوقفوهم على حقيقته ويزيلوا ما في أنفسهم من التردد والشبهة عملا بقول الله عز وجل في سورة النساء: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً} (النساء:83).
والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، ويـجمع قلوبهم وأعمالهم على التقوى وأن يوفق جميع علماء المسلمين وجميع دعاة الحق لكل ما يرضيه وينفع عباده ، ويـجمع كلمتهم على الهدى ويعيذهم من أسباب الفرقةوالاختلاف وينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لإدارةالبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
المرجع : مجموع الفتاوى والمقالات المتنوعة ( 7 / 316 – 319).
ملحوظة هذه الجلسة كانت في الواتساب ... والتعليقات بالنص بتعديل طفيف جدا . في ليلة الثلاثاء 2 اغسطس 2016 م 28 شوال 1437 الهجرية .