خلفيات علمية (22)
كانوا يراعون عند الكتابة في فن من الفنون أن لا يخلطوه بغيره، حتى إن الرافعي وهو أعلم من النووي بالحديث لما ألف في الفقه لم يورد الكلام على الحديث مع علمه به.
ولما صنف النووي شرح المهذب، وخلط الحديث بالفقه، وجمع بين العلوم، سمى كتابه (المجموع) . ولما أفرد كتاباً في الفقه لم يخلطه بغيره كما تراه في روضة الطالبين!
وفي هذا السياق ما ذكره الحافظ العراقي (ت806هـ) في خطبة تخريجه الكبير لـ (الإحياء): «عادة المتقدمين السكوت عما أوردوا من الأحاديث في تصانيفهم، وعدم بيان من خرّجه، وبيان الصحيح من الضعيف، إلا نادراً، وإن كانوا من أئمة الحديث حتى جاء النووي فبين.
ومقصد الأولين أن لا يغفل الناس النظر في كل علم في مظنته، ولهذا مشى الرافعي على طريقة الفقهاء، مع كونه أعلم بالحديث من النووي»اهـ. (بواسطة فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (1/21).).
قال السيوطي (ت911هـ) -رحمه الله-: «قد كان الرافعي من كبار أئمة الحديث وحفاظه، وأخبرني من أثق به: أن الحافظ ابن حجر قال: «الناس يظنون أن النووي أعلم بالحديث من الرافعي، وليس كذلك، بل الرافعي أفقه في الحديث من النووي، ومن طالع أماليه وتاريخه وشرح المسند له تبين له ذلك. والأمر كما قال»اهـ(تحفة الأبرار بنكت الأذكار للسيوطي ص: 43، تحقيق محي الدين مستو، مكتبة دار التراث، المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1407هـ.).