علمني ديني:
أن الفقر الحقيقي هو فقر القلب من الشعور بالافتقار إلى الله تعالى، وحاجته إليه.
عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: «قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى؟». قلت: «نعم يارسول الله». قال: «فترى قلة المال هو الفقر؟». قلت: «نعم يارسول الله». قال: «إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب».».
(أخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان2/461، حديث رقم: 685)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/327) وقال: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما أخرجاه من طريق الأعمش عن زيد بن وهب عن أبي ذر مختصراً»اهـ، وأخرجه الطبراني في الكبير (2/154، تحت رقم: 1643)، وقال في مجمع الزوائد (10/237): «رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه»اهـ. والحديث صححه محقق الإحسان على شرط مسلم، وصححه مجدي فتحي السيد في تحقيقه لكتاب (قمع الحرص بالزهد والقناعة) للقرطبي ص: 121).
وفقر القلب: خلوه من دوام الافتقار إلى الله في كل حال، وبعده عن مشاهدة فاقته التامة إلى الله تعالى من كل وجه (انظر مدراج السالكين (2/440)).
و[إنما يحصل غنى النفس بغنى القلب؛ بأن يفتقر إلى ربه في جميع أموره، فيتحقق أنه المعطي المانع؛ فيرضى بقضائه، ويشكره على نعمائه، ويفزع إليه في كشف ضرائه، فينشأ عن افتقار القلب لربه غنى نفسه عن غير ربه تعالى](من كلام ابن حجر -رحمه الله-، في فتح الباري (11/273). وانظر كلاماً للقرطبي في هذا المعنى فيه (11/272)، وقارن بـ قمع الحرص بالزهد والقناعة ص: 120).
وهذا المعنى يرجع إلى الفقر الذي ذكره الله -تبارك وتعالى- في قوله في (سورة فاطر: 15): {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله}، وهي مكية.