خبر
الكتاب: (53).
كتب الأربعينيات من أنواع الكتب
الحديثية التي اهتم بها العلماء.
عقد ابن الصلاح رحمه الله صاحب كتاب (معرفة
أنواع علم الحديث) الشهير بـ (مقدمة ابن الصلاح) مجلسا في الأحاديث الكلية . فجاء
النووي رحمه الله وزاد عليها وكمل الأربعين التي عرفت بالأربعين النووية.
وشرحها جماعة من العلماء.
وجاء ابن رجب ووجد من استدرك حديثين على
الأربعين، فزاد عليها عشرة أحاديث وشرحها بشرح ماتع نفيس فريد كثير الفوائد وسماه
جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم.
قال ابن رجب في مقدمة جامع العلوم
والحكم : "وأملى الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح مجلسا سماه "
الأحاديث الكلية " جمع فيه الأحاديث الجوامع التي يقال : إن مدار الدين عليها
، وما كان في معناها من الكلمات الجامعة الوجيزة ، فاشتمل مجلسه هذا على ستة
وعشرين حديثا([1]). ثم إن الفقيه
الإمام الزاهد القدوة أبا زكريا يحيى النووي رحمة الله عليه أخذ هذه الأحاديث التي
أملاها ابن الصلاح ، وزاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثا ، وسمى كتابه بـ "الأربعين"
، واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها ، وكثر حفظها ، ونفع الله بها ببركة نية جامعها
، وحسن قصده رحمه الله . وقد تكرر سؤال جماعة من طلبة العلم والدين لتعليق شرح
لهذه الأحاديث المشار إليها ، فاستخرت الله سبحانه وتعالى في جمع كتاب يتضمن شرح
ما ييسره الله تعالى من معانيها ، وتقييد ما يفتح به سبحانه من تبيين قواعدها
ومبانيها ، وإياه أسأل العون على ما قصدت ، والتوفيق لصلاح النية والقصد فيما أردت
، وأعول في أمري كله عليه ، وأبرأ من
الحول والقوة إلا إليه . وقد كان بعض من شرح هذه الأربعين قد تعقب على جامعها رحمه
الله تركه لحديث ... : "ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما أبقت الفرائض ، فلأولى
رجل ذكر قال : لأنه الجامع لقواعد الفرائض التي هي نصف العلم ، فكان ينبغي ذكره في
هذه الأحاديث الجامعة ، كما ذكر حديث :"البينة على المدعي ، واليمين على من
أنكر"؛ لجمعه لأحكام القضاء .
فرأيت أنا أن أضم هذا الحديث إلى أحاديث
الأربعين التي جمعها الشيخ رحمه الله ، وأن أضم إلى ذلك كله أحاديث أخر من جوامع
الكلم الجامعة لأنواع العلوم والحكم ، حتى تكمل عدة الأحاديث كلها خمسين
حديثا"انتهى.
وكنت قد ذكرت غير ذلك فنبهني بعض الأخوة
في التعليق جزاه الله خيرا وبارك فيه فعدلته ونقلت كلام ابن رجب رحمه الله.
([1])
قال النووي رحمه الله في بستان العارفين (ص: 16- 26): "قال الشيخ أبو عمرو
رحمه الله بعد أن حكى أقوال الأئمة في تعيين الأحاديث التي عليها مدار الإسلام
واختلافهم في أعيانهم وعددها فبلغت ستة وعشرين حديثا؛ أحدها : حديث: "إنما
الأعمال بالنيات". الثاني : عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فَهُوردٌّ ".
هذا حديث متفق على صحته رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وفي رواية لمسلم:"من
عمل عملاً ليس عليه أمرنا"، ومعنى "رد" : مردود كالخلق بمعنى
المخلوق. الثالث : عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الحَلالَ بيِّنٌ والحرامَ بيِّنٌ، وبَينَهُما
مُشتَبَهاتٌ لا يَعلمهُنَّ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فمَن اتَّقَى الشُّبُهاتِ
استَبرَأ لِدينهِ يوشِكُ أن يَرتعَ فيهِ ألاَ وإنَّ لِكلِّ مَلكٍ حِمًى، ألاَ
وإنَّ حِمى اللهِ محَارمُه، ألاَ وإنَّ في الجسدِ مُضغةً إذَا صلَحت صلَحَ الجسَدُ
كلُّه، وإذا فسدَت فسَدَ الجسَدُ كلُّه ألاَ وهيَ القَلبُ". هذا حديث متفق
على صحته، رويناه في صحيحيهما. "يوشك" بضم الياء وكسر الشين المعجمة أي
يسرع. الرابع : عن عبد الله بن مسعود رضي
الله تعالى عنه: قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الصدوق:
"إنَّ أحَدكم يُجمعُ خَلقِه في بطنِ أمِّه أربعينَ يوماً نُطفةً ثمَّ يكونُ
عَلقةً مِثلَ ذلكَ، ثمَّ يكونُ مِن ذاكَ مُضغَةً مثلَ ذلكَ، ثمّ يُرسَلُ المَلَكُ
فيَنفُخُ فيهِ الرُّوحَ ويُؤمرُ بأربعِ كلِماتٍ بكَتبِ رزقهِ وأجَلهِ وَعملهِ،
وَشقيٌّ أو سعيدٌ، فوالذي لا إلهَ غيرُهُ إنَّ أحَدكم لِيَعملُ بعَملِ أهلِ الجنَّةِ
حتَّى ما يكونُ بينَه وبينَها إلاّ ذراعٌ فيَسبقُ علَيهِ الكتابُ فيَعمَلُ بعَمَلِ
أهلِ النَّارِ فيَدخلُها وإنَّ أحَدكم ليَعملُ بعَملِ أهلِ النَّارِ حتَّى ما
يكونُ بَينَهَ وبينَها إلاَّ ذَراعٌ فيَسبقُ عليهِ الِكتابُ فيَعملُ بعَمَلِ أهلِ
الجنَّةِ فيَدخُلها" رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما قوله: "بكتب"
بالباء الموحدة الجارة. الخامس : عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال حفظت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دَع ما يَريبُك إلى ما لاَ يريبُك"،
حديث صحيح رواه أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي، قال أبو عيسى الترمذي
حديث صحيح. وقوله: "يريبك" بفتح أوله وضمه لغتان الفتح أشهر. السادس :
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ومن حسنِ إسلامِ المرءِ تركهُ ما لا يعنيهِ"، حديث حسن رواه الترمذي
وابن ماجة. السابع : عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم: "لا يؤمنُ أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه"، متفق على صحته.
الثامن : عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيُّها النَّاسُ إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبَلُ إلا طيِّباً، وإنَّ الله تعالى
أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ به المرسلين، فقال تعالى: ﴿يا أيُّها الرُّسُلُ كلُوا من
الطيِّباتِ﴾ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب
ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك رواه مسلم في
صحيحه. التاسع : حديث : "لا ضرر ولا ضرار"، رواه مالك مرسلا ورواه
الدارقطني وجماعة من وجوه متصلا وهو حديث حسن. العاشر : عن تميم الدارمي رضي الله
تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال:
لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم. الحادي عشر : عن أبي هريرة
رضي الله تعالى عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما نهيتكم عنه
فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة
مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم"، تفق على صحته. الثاني عشر : عن سهل بن سعد
رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول
الله دُلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال: ازهد في الدنيا يحبك
الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس" ، حديث حسن رواه ابن ماجة. الثالث عشر
: عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث
الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة". متفق على صحته.
الرابع عشر : عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم
إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى"، متفق على صحته. الخامس عشر : عن
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني
الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" ، متفق على صحته. السادس عشر : عن ابن عباس
رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعطي الناس
بدعواهم لا ادعى رجال أموال قوم ودماءهم لكن البينة على المدعي واليمين على من
أنكر" ، حديث بهذا اللفظ وبعضه في الصحيحين. السابع عشر : عن وابصة بن معبد
رضي الله تعالى عنه : أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "جئت
تسأل عن البر والاثم قال: قلت: نعم قال: استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس
واطمأن إليه القلب والاثم ما حاك في النفس وتردد في النفس وإن أفتاك الناس
وأفتوك". وفي رواية: "وإن أفتاك المفتون". حديث حسن رواه أحمد بن
حنبل والدارمي وغيرهما. وفي صحيح مسلم من رواية النواس بن سمعان رضي الله تعالى
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك
وكرهت أن يطلع عليه الناس". الثامن عشر : عن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الاحسان على كل شيء فإذا
قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح
ذبيحته" ، رواه مسلم. و"القتلة" و"الذبحة" بكسر
أولهما. التاسع عشر : عن أبي هريرة رضي
الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"، متفق على صحته. العشرون : عن أبي هريرة رضي
الله تعالى عنه: "أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: لا تغضب
فردد مرارا قال: لا تغضب"، رواه البخاري في صحيحه. الحادي والعشرون: عن أبي ثعلبة رضي الله تعالى
عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى فرض فرائض فلا
تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة لكم
فلا تبحثوا عنها"، رواه الدارقطني بإسناد حسن. الثاني والعشرون : عن أبي ذر
ومعاذ رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتق الله
حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"، رواه الترمذي
وقال: حديث حسن. وفي بعض نسخه المعتمدة: حديث حسن صحيح. الثالث والعشرون : عن معاذ
رضي الله تعالى عنه قال: "قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة
ويباعدني من النار قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه
تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم
قال ألا أدلك على أبواب الخير. الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء
النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون
ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك
ذلك كله قلت: بلى يا رسول الله قال: فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا فقلت: يا نبي الله
وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال: ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو
على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" ، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
"ذروة السنام" : أعلاه وهي بضم الذال وكسرها. الرابع والعشرون : عن
العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب
وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال: أوصيكم بتقوى
الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا
فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم
ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"، رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن
صحيح. الخامس والعشرون : عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "كنت خلف
النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات. احفظ الله يحفظك
احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم بأن
الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن
اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت
الصحف"، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي: "احفظ
الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن
ليصيبك وما أصابك لم يكن يخطئك"، وفي
آخره: "واعلم أن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا".
السادس والعشرون : حديث ابن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما في
الايمان بالقدر وبيان الايمان والاسلام والاحسان وبيان علامات القيامة. فهذه
الأحاديث التي ذكرها الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى. ومما في معناها :
أحدها وهو: السابع والعشرون : عن سفيان بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال:
"قلت يا رسول الله قل لي في الاسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك. قال: قل
آمنت بالله ثم استقم"، رواه مسلم. الثامن والعشرون : عن أبي مسعود البدري
عقبة بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا لم تستح
فاصنع ما شئت". رواه البخاري في صحيحه. التاسع والعشرون : عن جابر رضي الله
تعالى عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذا صليت الصلوات
الخمس المكتوبات وصمت رمضان وحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا أدخل
الجنة؟ قال: نعم". رواه مسلم."اهـ