خبر
الكتاب: (20).
لما انتهينا من رمي الجمرات في اليوم الثاني
عشر، وعجلنا قال الشيخ محمد ناصر العجمي حفظه الله: (اللهم لا تجعل عملنا وبالا
علينا).
ثم قال : هذه الدعوة ختم بها الترمذي
كتابه (العلل) الملحق بالسنن([1]).
وختم بها العراقي [مقدمته] في كتابه:
(التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح)([2]).
وختم بها ابن حجر مقدمته لكتابه (بلوغ
المرام من أدلة الأحكام)([3]).
قلت : ألاحظ أن عبارتهم جميعهم في العلم
أن لا يجعله الله وبالاً على صاحبه. والعلم يكون وبالاً على صاحبه: إذا لم يعمل
به، فإن الحجة قائمة عليه معه، وإذا استعمله في غير طلب الآخرة، أو رد به الحق.
وفي سنن الدارمي عَنْ أَيُّوبَ عَنْ
أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلاَنِىُّ : الْعُلَمَاءُ
ثَلاَثَةٌ ؛
فَرَجُلٌ عَاشَ فِى عِلْمِهِ وَعَاشَ
مَعَهُ النَّاسُ فِيهِ.
وَرَجُلٌ عَاشَ فِى عِلْمِهِ وَلَمْ
يَعِشْ مَعَهُ أَحَدٌ .
وَرَجُلٌ عَاشَ النَّاسُ فِى عِلْمِهِ
وَكَانَ وَبَالاً عَلَيْهِ"([4]). والله الموفق.
([1])
وعبارة الترمذي رحمه الله في آخر كتابه العلل مع شرح العلل (2/652): "قال أبو
عيسى: وقد وضعنا هذا الكتاب على الاختصار لما رجونا فيه من المنفعة، ونسأل الله ـ
عز وجل ـ النفع بما فيه وأن لا يجعله وبالاً علينا برحمته"اهـ. وبها ختم ابن رجب (شرح علل الترمذي 2/ 895)،
فقال: "وقد انتهى الكلام على كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي ـ رحمه الله
تعالى ورضي عنه ـ والله تعالى المسؤول أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وموجباً
للفوز برضوانه في جنات النعيم، وأن ينفع به صاحبه وكاتبه وقارئه، في الدنيا
والآخرة وأن يجعله سبباً لإحياء علوم السنن التي هي مهجورة دائرة، وان لا يجعل ما
علمنا وبالاً علينا، وأن لا يجعل سعينا ونصبنا في العلم يذهب ضلالاً، بمنه وكرمه،
إنه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، لا يرد سؤالاً ولا يخيب آمالاً"اهـ.