خبر
الكتاب : (77)
كتب دفنها أصحابها.
وقفت في تراجم جملة من رجال الحديث أنهم
دفنوا كتبهم، طلبا للإخلاص، وصلاح القلب..
والمراد بكتبهم هنا: أصول سماعاتهم من
المشايخ!
قال ابن الجوزي رحمه الله: "وفي الناس من غلب عليه قصر الأمل، وذكر
الآخرة، حتى دفن كتب العلم! وهذا الفعل عندي من أعظم الخطإ وإن كان منقولًا عن
جماعة من الكبار! ولقد ذكرت هذا لبعض مشايخنا؟ فقال: أخطئوا كلهم، وقد تأولت
لبعضهم بأنه كان فيها أحاديث عن قوم ضعفاء، ولم يميزوها، كما روي عن سفيان في دفن
كتبه، أو كان فيها شيء من الرأي، فلم يحبوا أن يؤخذ عنهم، فكان من جنس تحريق عثمان
بن عفان رضي الله عنه للمصاحف، لئلا يؤخذ بشيء مما فيها من المجمع على غيره. وهذا
التأويل يصح في حق علمائهم.
فأما غسل أحمد بن أبي الحواري كتبه وابن
أسباط، فتفريط محض. فالحذر الحذر من فعل يمنع منه الشرع، أو من ارتكاب ما يظن
عزيمة، وهو خطيئة، أو من إظهار ما لا يقوى عليه المظهر فيرجع القهقري. و
"عليكم من العمل بما تطيقون"، كما قال صلى الله عليه وسلم"اهـ([1]).
ومن هؤلاء الذين دفنوا كتبهم :
= الْحسن بن رودبار كوفى ثِقَة، دفن كتبه وَقَالَ: لَا يصلح
قلبِي على الحَدِيث([2]).
= مطلب بن زِيَاد الْكُوفِي ثِقَة
وَهُوَ فَوق وَكِيع فِي السن صَاحب سنة وَخير دفن كتبه تحول من الْكُوفَة إِلَى
قَرْيَة تقال سحلبون بَين أنطاكية وحلب فآواه أَبُو أُسَامَة إِلَى قريته دفن كتبه
وَقَالَ: لَا يصلح قلبِي عَلَيْهَا ([3]).
= يوسف بن أسباط روى عن عائذ بن شريح
والثوري روى عنه أبو الاحوص والمسيب بن واضح سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول: كان
رجلا عابدا، دفن كتبه، وهو يغلط كثيرا، وهو رجل صالح، لا يحتج بحديثه([4]).
وقال العجلي رحمه الله: "كوفى ثِقَة صَاحب سنة وَخير دفن كتبه
تحول إِلَى قَرْيَة يُقَال لَهَا سيلحين بَين أنطاكية وحلب وآواه أَبُو أُسَامَة
إِلَى قريته وَهُوَ فِي سنّ وَكِيع دفن كتبه وَقَالَ لَا يصلح قلبِي عَلَيْهَا"اهـ([5]).
= قال الدوري: "سَمِعت يحيى يَقُول: كَانَ عَليّ بن مسْهر ثبتا قَالَ يحيى:
قَالَ عبد الله بن نمير: كَانَ يجئني على بن مسْهر فيسألني كَيفَ حَدِيث كَذَا؟
قَالَ يحيى: قَالَ بن نمير: كَانَ على بن مسْهر قد دفن كتبه قَالَ يحيى: وَكَانَ
عَليّ بن مسْهر أثبت من بن نمير"([6]).
= [عطاء بن مسلم الخفاف كوفي الأصل حلبي
الدار، روى عن الأعمش والمسيب بن رافع وأسلم المنقري والثوري روى عنه أبو توبة
الربيع ابن نافع وأبو النضر القراديسى الدمشقي وعبيد بن جناد وهشام بن عمار وأبو
جعفر الجمال سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: كان شيخا صالحا يشبه بيوسف بن أسباط
وكان [دفن]([7] كتبه وليس بقوى فلا
يثبت حديثه]([8]).
= وقال علي ابن الْمَدِينِيِّ: "كَانَ ضَيْغَمٌ قَدْ دَفَنَ كُتُبَهُ،
وَكَانَ يَنَامُ ثُلُثَ اللَّيْلِ، وَيَتَعَبَّدُ ثُلُثَيْهِ"([9]).
= [مؤمل بن إسماعيل القرشى العدوى: أبو عبد الرحمن
البصرى، نزل مكة، مولى آل عمر بن الخطاب، وقيل: مولى بنى بكر بن عبد مناة بن
كنانة. روى عن إبراهيم ابن يزيد الخوزى،
والحمادين، وسفيانين، وشعبة، وفضيل بن عياض، وآخرين. روى عنه أحمد بن حنبل، وإسحاق
بن راهويه، وعلى بن المدينى، وبندار، ومحمد بن العلاء، ومحمد بن المثنى، وأبو يوسف
يعقوب بن إسحاق الحيرى، وأبو بكرة بكار القاضى، وآخرون. وعن يحيى: ثقة. وقال أبو
حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ. وقال البخارى: مُنكر الحديث. وذكره ابن
حبان في الثقات. وقال غيره: دفن كتبه، فكان يحدث من حفظه فكثر خطؤه. قال البخارى:
مات سنة خمس أو ست ومائتين فى رمضان. استشهد به البخارى. وروى له أبو داود فى
القدر، والباقون سوى مسلم، وروى له أبو جعفر الطحاوى]([10]).
= [مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ
مَعْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُعْرَفُ بِعَرُوسِ الزُّهَّادِ
سَكَنَ هُوَ وَأَخَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ مَحِلّةَ
جُورْجِيرٍ وَتُوُفِّيَ بِالْمَصِّيصَةِ وَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ مَخْلَدِ بْنِ
الْحُسَيْنِ لَهُ الْمَنَاقِبُ الْمَشْهُورَةُ وَالْفَضَائِلُ الْمَذْكُورَةُ
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَلَمْ يُكْمِلْ أَرْبَعِينَ
سَنَةً رَوَى عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَالْأَعْمَشِ وَالثَّوْرِيِّ وَحَمَّادِ
بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَصَالِحٍ الْمُرِّيِّ وَعُمَرَ بْنِ صُبْحٍ
دَفَنَ كُتَبَهُ وَكَانَ يَقُولُ: هَبْ أَنَّكَ قَاضٍ فَكَانَ مَاذَا هَبْ أَنَّكَ
مُفْتٍ فَكَانَ مَاذَا هَبْ أَنَّكَ مُحَدِّثٌ فَكَانَ مَاذَا وَأَقْبَلَ عَلَى
التَّوَحُّدِ وَالتَّعَبُّدِ وَآثَرَ الْخُمُولَ وَاتِّبَاعَ مَنْهَجِ الرَّسُولِ
وَابْتَغَى الدُّنُوَّ وَالْوُصُولَ]([11]).
= [محمد بن عوف الحمصي: كان سلم بن
ميمون الخواص دفن كتبه وكان يحدث من حفظه فيغلط]([12]).
= بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء
أبو نصر المروزي، ثم البغداي المَشْهُوْرُ: بِالحَافِي ابْنُ عَمِّ المُحَدِّثِ
عَلِيِّ بنِ خَشْرَمٍ. قال الذهبي رحمه الله: "وكان عديم النّظير زُهْدًا وورعًا وصلاحًا. كثير الحديث إلّا
أنّه كان يكره الرواية، ويخاف من شهوة النَّفس في ذلك، حَتّى أنّه دفن
كُتُبه"اهـ([13]).
= [الحسن بن ثابت التغلبي، كنيته أبو
علي الأحول الكوفي.
وقال يحيى بن معين وأحمد بن صالح: ثقة. ولما
ذكره ابن خلفون في «جملة الثقات» قال: قال أبو الفتح الأزدي يتكلمون فيه. قال ابن
خلفون: كان الحسن رجلا صالحا دفن كتبه، وقال: لا يصلح قلبي على التحديث، وكان ثقة
قاله غير واحد]([14]).