علمني ديني:
أن أتجنب في أساليب الدعوة قول: (هلك الناس)، سواء تحزنًا على الناس، أو انتقاصًا.
هذا ما يدل عليه مطلق الحديث:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «إِذَا سَمِعْتَ». وَقَالَ مُوسَى: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ». (أخرجه مسلم).
ومعنى الحديث:
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ مَالِكٌ: «إِذَا قَالَ ذَلِكَ تَحَزُّنًا لِمَا يَرَى فِي النَّاسِ يَعْنِي فِي أَمْرِ دِينِهِمْ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ عُجْبًا بِنَفْسِهِ، وَتَصَاغُرًا لِلنَّاسِ فَهُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ».».
قال النووي في شرح مسلم: (16/175 - 176): «واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس، واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح إحوالهم؛ لأنه لا يعلم سر الله في خلقه.
قالوا فأما من قال ذلك تحزنًا لما يرى في نفسه، وفي الناس من النقص في أمر الدين، فلا بأس عليه، كما قال لا أعرف من أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنهم يصلون جميعًا، هكذا فسره الإمام مالك، وتابعه الناس عليه. وقال الخطابي: «معناه لا يزال الرجل يعيب الناس، وتذكر مساويهم، ويقول فسد الناس، وهلكوا، ونحو ذلك. فإذا فعل ذلك، فهو أهلكهم، أي أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم، والوقيعة فيهم. وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه، ورؤيته أنه خير منهم، والله أعلم»اهـ كلام النووي.
أقول: من لاحظ معنى العجب، ورؤية الإنسان نفسه خير من أصحاب المعاصي، فإنه يؤثر السلام ولا شك، ولا يقول ذلك مطلقاً. فلا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يتآلى عليه، ولا يجر على نفسه طرقاً يدخل منه إليه العجب، والإزدراء للمسلمين.