السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 14 يناير 2015

مسائل في الاختلاف ٥: المسألة الخامسة


5 - 10 المسألة الخامسة:

أن الـــــواجب على المسلم أن يحفظ حق أخيه المسلم، وأن يعينــــه على طاعة الله، وأن يعظم حرمة أخيه المسلم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال فيما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ «رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا -عِبَادَ اللَّهِ- إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا. وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. 
بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».». (أخرجه البخاري في كتاب الأدب، بياب يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن، حديث رقم: (6066)، مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم وخذله، رقم: (2564)، واللفظ له).
وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِه». (أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، حديث رقم: (6027)، ومسلم في كتاب البر والصلة والأدب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، حديث رقم: (2585)).
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». (أخرجه البخاري في كتاب الأدب، رحمة الناس والبهائم، حديث رقم: (6011)، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، (2586)، واللفظ له).
بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عــن كل سبب يحدث الخلاف، فقال -عليه الصلاة والسلام-، فيما جاء عَنْ الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا، وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ». (أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه، حديث رقم: (5144)، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش، حديث رقم: (2563). واللفظ للبخاري.).
فالأصل أن يحفظ المسلــــم حــــق أخيـــه المسلم، وأن لا يتعدى عليه، وأن يتجنب ما يحدث التباغض، وما يحدث التناحر، وأن يعظم حرمة المسلم؛ فكُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ.
عــــرض المسلــــم حــــرام لا يجـوز لك أن تنتهكه، وأن تتكلم فيه إلا بدليل صحيح معتبر، وإلا وقعت في الحرام.
ولذلك قال ابــن دقيق العيـــــــد في كتابه (الاقتراح، ص:61) لما تكلم عن مسائل الجرح والتعديل: «أَعْرَاض الْمُسلمين حُفْرَة من حفر النَّار، وقف على شفيرها طَائِفَتَانِ من النَّاس المحدثون والحكام»اهـ.
يعني أن هذا البــــاب باب خطير؛ لأنــــك تنتهك فيه حرمة أخيك المسلم؛ فتقع في عرضه من غير وجه حق؛ فيؤدي بك ذلك إلى النار، إلا أن يشـــاء الله -سبحانه وتعالى-، فلابد من تعظيم حرمة المسلم، وبالتالي لا تجعل أي قضية تحصل بينك وبينه سببـــًا في الوقوع فيه؛ لأنك إنما تراعي حظ نفسك.
فإن قيل : متى يجوز الكلام في المسلم؟
والجواب: 
لك أن تتكلم فيه إذا كان في القضيـــة دليل صحيح يلزم المصير إليه عندها إذا خالف بعد قيام الحجة وبعد وضوح المحجة لك أن تتكلم فيه وتحكم عليه بما يناسبه. أو كنت ناصحاً أو متظلماً. قال ابن تيمية -رحمه الله-: «يُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ (يعني: الغيبة) مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛
وَهُوَ مَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ وَالْعَدْلِ.
وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ.
وَنَصِيحَةِ الْمُسْلِمِينَ»اهـ(ثم شرح ذلك فانظره في منهاج السنة النبوية (5/ 145- 147).).

إذا الكـــــلام في الناس قضية خطيرة، وعرض المسلم محفوظ ما يجوز لأحد أن يتكلم فيه إلا بعلم.