السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

سؤال وجواب ٣١: هل يجوز تسجيل المكالمة بغير إذن من العالم؟


سؤال: «هل يجوز تسجيل المكالمة بغير إذن من العالم؟».

الجواب: 

الذي يظهر لي -والله أعلم- أنَ هذا الأمر من الأُمور الهامة التي ينبغي أن تراعى.

لماذا؟ لأن العالم أحياناً يتبسط في الجواب مع السائل؛ لغرض إعلامه، وتفهيمه، أو يتبسط معه في الجواب؛ لأُمور يراها، ولا يريد أن يُنشر هذا!
فما ينبغي أن يتعدى على حقهِ في ذلك.

يدل على ذلك:

أن أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ليست كلها مما يُحدث به الناس، كما قال عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً». (أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه).

وأخرج البخاري في (كتاب العلم) تعليقاً في بَابُ: مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا، عن عَلِي- رضي الله عنه- قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟!».

وأخرج البخاري تحت رقم: (١٢٠) ١٢٠ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ».

فإذا كانت أحاديثَ الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز التحديث بها كلها للناس، فكيف َكلام العلماء؟!

فقد يكون العالم يرى أن هذا الجواب الذي يجيب به جواب خاص، لا ينبغي أن يُنشر ويتداوله عامة الناس؛ لما يخشى فيهِ من أمور هوَ يراها.
فإذا كان الحال كذلك مع أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فمن باب أولى أن يكون الحال كذلك مع فتاوى العلماء وكلامهم عند الاتصال بهم؛

فلا يجوز أن يسجل كلام العالم بغير إذنه.
ولا يوزع و يُنشر بغير إذنه واستئذانهِ. 
ولذلك مما ينبغي؛ أن يُستأذن العالم في التسجيل قبل أن يُنشر عنه هذا التسجيل. 

وتعلم -بارك الله فيك- أن فتاوى العلماء لها أحوال. ولها أُمور تُراعى؛ فالعالم يلاحظ في الفتوى ما لا يلاحظه غيره. وحين ما تنشر أنت فتواه بدون استئذانه لن تلاحظ هذا الأمر. 

وعليه فما يفعله بعض الشباب من:
- تسجيل مكالمات العلماء بغير إذنهم.
- وتوزيعها بغير إذنهم.
- وتداولها فيما بينهم بغير إذنهم.
مما لا يجوز ومما لا يحسن. والله أعلم. 

وكذا نفس الحال تسجيل المناصحات، والمناقشات بغير إذن؛ أحياناً العالم أو طالب العلم يتكلم في المناقشة على سبيل البحث لا على سبيل التقرير. فقد يسمعه السامع ولا يحسن أن يفهم أن هذا قاله الباحث، أو الطالب مباحثةً، ولم يقله تقريراً. فما يحسن أن يسجل مثل هذه المجالس بغير الإذن، وبغير الاتفاق. والله أعلم.
مكالمة من مكة ــ في – ٣/شعبان/١٤٣٤هـ.

وقد راجعت الجواب، وحررته بعد تفريغ المكالمة.


في مكة ٥/محرم/١٤٣٦هـ.

كشكول ٧٩: أوصيكم بالصبر


أوصيكم بالصبر... الصبر... الصبر.

وتوجهوا إلى الله بالدعاء.

لا تجزعن إذا نابتك نائبة ... ولا تضيقن من خطب إذا نابا

ما يغلق الله بابًا دون قارعة ... إلا ويفتح بالتيسير أبوابا

سؤال وجواب ٣٠: ما حكم من يقوم باختراق المنتديات في الإنترنت، وأجهزة الكمبيوتر، والاطلاع على محتوياتها، ونشرها على الملأ بحجة...؟


سؤال: «ما حكم من يقوم باختراق المنتديات في الإنترنت، وأجهزة الكمبيوتر، والاطلاع على محتوياتها، ونشرها على الملأ؛ بحجة أنه يبحث عن دليل للدفاع عن نفسه؟ وما نصيحتكم لمن يقوم بهذا العمل؟».

الجواب: 

حكم ذلك مما يظهر لي -والله أعلم- أنه حرام؛

لأنه من باب التعدي على حقوق الآخرين، 

وإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول فيما أخرجه البخاري: «من تسمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنه الآنك يوم القيامة». يعني: الرصاص المذاب، فما بالك بمن يخترق أجهزة، أو مواقع أناس يكرهون أن يخترقها أو يتعدى عليها، ويطلع على خصوصياتهم؟ فإذا كان مجرد التسمع يعرض الشخص لأن يصب في أذنه الآنك يوم القيامة. 

كلمة على الهامش: حديث «من تسمع إلى قينة صب في أذنه الآنك يوم القيامة.»، هذا حديث ضعيف جدًا أو ضعيف. لكن حديث: «من تسمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة.»، هذا حديث أخرجه البخاري. 

أقول: فإذا كان هذا حكمه في هذا التصرف! فما بالك بمن يدخل جهاز الناس، يخترق الجهاز، يخترق الموقع، يخترق كذا، ويتعدى على أمورهم وعلى شؤونهم وهم له كارهون؟!

لا شك أنه معرض إلى هذه العقوبة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه».

والعرض يشمل: الأهل، والزوجة، وموضع العورة منه، كل ما يكون محلًا للذم أو العيب فيه، وخصوصيات الإنسان كذلك هي من عورته التي لا يريد أن يطلع عليها وله في ذلك الخيار، فالتعدي عليهم بالاختراق على هذه الصورة فيما يظهر لي -والله أعلم- بحسب دلالات الأدلة التي ذكرتها أنه حرام لا يجوز، والله أعلم.

لسماع المادة الصوتية: (حكم من يقوم باختراق المنتديات في الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر) الثلاثاء الموافق: ٢/ جمادى الأولى/ ١٤٣٢ للهجرة النبوية الشريفة. 

من محاضرة (العلم بالتعلم) ٢٤/ ربيع الثاني/ ١٤٣٢ للهجرة النبوية الشريفة.

سؤال وجواب ٢٩: هل الولاء والبراء أصل من أصول السلفية؟ وهل يخرج الرجل من أهل السنة بترك هذا الأصل؟


سؤال: «هل الولاء والبراء أصل من أصول السلفية؟ وهل يخرج الرجل من أهل السنة بترك هذا الأصل؟ -جزاكم الله خيرًا-».

الجواب:

من عقيدة أهل السنة والجماعة: الولاء والبراء، 

وهو على نوعين: 

النوع الأول: الولاء والبراء مع المسلمين. 

والنوع الثاني: الولاء والبراء مع الكافرين.

بالنسبة للنوع الأول: وهو الولاء والبراء مع المسلمين، فالمسلم يوالي كل مسلم يطيع الله، ويتبرأ من معصية الله، فيبغض المسلم إذا كان على معصية، ويحبه لإسلامه وطاعته. فهذا الولاء الذي يكون مع المسلم، إذ يجتمع في قلب المسلم لأخيه المسلم ولاء بمعنى: المحبة والنصرة من أجل الإسلام والطاعة، وبغض وكره للمعصية والمخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى، فنحن نحب المسلم الطائع لطاعته، ونبغض المسلم العاصي لمعصيته، ونقول: قد يجتمع في المسلم لأخيه المسلم، محبة من جهة وبغض من جهة، فهذا النوع الأول الذي يكون بين المسلم والمسلم. 

النوع الثاني: الولاء والبراء مع الكافر: وهذا على درجتين: 

الدرجة الأولى: مخرجة من الملة، وهي أن يوالي الإنسان الكافر، يعني يحبه وينصره من أجل دينه وعقيدته، فهو يحب دين الكافر وعقيدة المشركين، ويحب نصرة الكافر وعقيدة الكافر، وهذه الدرجة من الولاء مع الكفار مخرجة من الدين. والأصل أن ينعقد قلب المسلم على بغض الكفار والبراءة منهم. 

الدرجة الثانية من الولاء والبراء مع الكفار: أن ينعقد قلب المسلم على بغض الكافر وعلى البراءة منهم، ولكن قد يحب الكافر لأمر من أمور الدنيا، أو يتعامل معه بمعاملة في الظاهر، كالمسلم يحب زوجته النصرانية أو اليهودية؛ لأنها زوجته، أو المسلم يحب تاجرًا كافرًا من أجل صدقه وحسن بضاعته، وحسن بيعه وأمانته ونحو ذلك، أو يبيع ويشتري مع الكافر، فهذا النوع من الولاء لا يخرج من الملة، وهو يدور على الأحكام الشرعية الخمسة، 

- تارة يكون واجبا، 

- تارة يكون مستحبا، 

- تارة يكون مباحا، 

- تارة يكون محرما، 

- تارة يكون مكروها؛ 

يكون واجبًا: كالبر بالوالدين، أو كالبر بـالكافر من أجل تحقيق أمر فيه مصلحة عامة للمسلمين لا سبيل لها إلا ذلك، وكنصرة الزوجة الكتابية ممن يريدها بشر من الفساق والسفهاء. 

ويكون مستحبًا: بأن يوالي الإنسان الكافر الولاء الظاهر، مع انعقاد القلب على بغض الكافر وكره ما عليه دينه واعتقاده؛ رغبة في دعوته كما قال تعالى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}. (القصص: من الآية: ٥٦)، وكان الرسول يحب أن يسلم عمه أبوطالب. 

وقد يكون حرامًا: كالتشبه بالكفار في ما هو من خصائصهم من أمر العادات، مع انعقاد القلب على بغضهم وكرههم. 

وقد يكون مكروهًا: كأن تستعمل العامل الكافر مع وجود مسلم يغني عنه. 

وقد يكون مباحًا: في التعامل معه في الأمور الظاهرة، كالبيع والشراء، وقد مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي. 

أقول: هذا الولاء، وهذه أنواعه، وهذه أحكامه، وهذه درجاته، 

والولاء من عقيدة المسلمين، ومنصوص عليه في كتب المسلمين، 

بل هو حقيقة الإسلام، 

فالإسلام: وهو:
- الاستسلام له بِالتَّوْحِيدِ،
- وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ،
- وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وأهله.
هذه هي عقيدة الإسلام، فلا يكون المرء مسلمًا إلا بذلك. وعليه؛


فإن تحقيق معنى الولاء والبراء على الترتيب السابق مع المسلم ومع الكافر على الصورة السابقة، من أصول السلفية. وبالله التوفيق.
(المصدر: (شريط أصول وقواعد في المنهج).).

علمني ديني ٤١: أن الشيطان يريد ليحزن المؤمن ويخوفه



علمني ديني:

أن الشيطان يريد ليحزن المؤمن ويخوفه؛ 

قال تبارك وتعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}. (البقرة: ٢٦٨).

قال ابن كثير (تفسيره/ سلامة (١/ ٧٠٠): «وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} أَيْ: يُخَوِّفُكُمُ الْفَقْرَ؛ لِتُمْسِكُوا مَا بِأَيْدِيكُمْ فَلَا تُنْفِقُوهُ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ، {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} أَيْ: مَعَ نَهْيِهِ إِيَّاكُمْ عَنِ الْإِنْفَاقِ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ، يَأْمُرُكُمْ بِالْمَعَاصِي وَالْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ وَمُخَالَفَةِ الخَلاق، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ} أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَا أَمَرَكُمُ الشَّيْطَانُ بِالْفَحْشَاءِ، {وَفَضْلا} أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَا خَوَّفَكُمُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْفَقْرِ {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}» اهـ.

وقال تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}. (المائدة: ١٧٥).

وجاء في الحديث عند ابن ماجه (٣٩٠٧)، قال أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: 
مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ابْنَ آدَمَ.
وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ.
وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ».
قَالَ: «قُلْتُ لَهُ: «أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟». قَالَ: «أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-».». (وصححه الألباني والأرنؤوط).
فيحزن المؤمن في رؤياه، ويجعله لا يرضى بالقضاء والقدر.
ولا يصبر على ما أصابه.
ويحزن.

والحزن والتخويف من لمات الشيطان في قلب ابن آدم يدعوه إلى الشر.