السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 12 يونيو 2017

بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 3- 3


بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 3- 3
نقلت كلاما في المقال السابق لبعضهم يدفع أن يكون وجه تحدي العرب بالقرآن العظيم هو ما فيه من بلاغة النظم، بدعوى أنه لم تأت إشارات إليه في كلام الصحابة رضي الله عنهم.
وذكرت أنه يحتاج إلى أن يتعقب، فأقول مستعينا بالله:
هذا الطرح فيه نظر من عدة جهات؛
الجهة الأولى : أن القراءات الشاذة لا يجزم بأنها من الأحرف السبعة كما لا يجزم بأنها ليست منه. إنما نجزم بأن هذا الذي بين أيدينا هو القرآن.
وطريقة الباحث في المقال اعتبار أن القراءات الشاذة هي من الأحرف السبعة، وأنها قرآن، وهذا لا يتفق مع عدم الجزم بكونها منها أو أو لا.
والبلاغيون الذين تكلمون عن وجه تحدي العرب بالقرآن الكريم، كان كلامهم في ما هو متفق على أنه القرآن العظيم؛ فالاعتراض عليهم لا يسلم.
الجهة الثانية : الآثار التي أشار إليها في آخر المقال لم يورد ما يدل على ثبوتها.
الجهة الثالثة : هذه الآثار وما في معناها يعتمد عليها من يقول أن رخصة الأحرف السبعة كانت في تجويز قراءة القرآن بالمعنى وأنها كانت في أول الأمر.
وهذا وإن قال به بعض كبار أهل العلم من الحنفية إلا أنه قول لا يتفق مع توقيف القراءات وأنها كلها من عند الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هكذا أنزل) (كلاكما محسن).
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن الأحرف السبعة كلها تنزيلية من عند الله، لا ترجع إلى رواية بالمعنى!
وأهل العلم يقررون بلاغة النظم القرآني فما ثبت أنه قرآن ففيه بلاغة النظم.
الجهة الرابعة : الباحث في المقال نفى أن يكون وجه البلاغة في نظم القرآن ثم سكت عن ذكر ما هو عنده البديل لوجه التحدي.
الجهة الخامسة : الباحث في المقال ذكر أن الله تعالى تحدى العرب في القرآن دون أن يذكر ملابسات القضية ... ولم يشر إلى ما ورد من ملاحظة العرب لأسلوب القرآن ونظمه الم يقل الوليد بن المغيرة : (أن له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أسفله لمغدق وان أعلاه لمثمر وماهو بقول كاهن ولا شاعر...).
وما ورد عن الصحابة في ملاحظة دلالة اللفظ والتركيب في الآية يدل على ملاحظتهم ذلك
في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (8/ 643)
أخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قَالَ {هم عَن صلَاتهم ساهون} وَلم يقل فِي صلَاتهم.
وهل استنباطات السلف من القرآن إلا ثمرة من ثمرات ملاحظة بلاغة النظم القرآني.

والله الموفق.

بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 2 - 3


بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 2 - 3
سقت تحت هذا العنوان كلام الخطابي رحمه الله، وهو من أئمة الحديث والفقه، واللغة، في تقرير ذلك.
وقد رأيت مقالاً، يذكر فيه صاحبه أن الالتفات إلى قضية بلاغة النظم لم تأت في كلام الصحابة. 
وأن جعلها محل تحدي العرب أن يأتوا بمثل القرآن، أو بعشر سور منه، أو بسورة منه، لم يأت ما يدل عليه في كلامهم.
ويلاحظ صاحب المقال أن الذين تكلموا عن بلاغة النظم لم يذكروا توجيه كلامهم مع القراءات الشاذة التي تخالف في رسمها رسم المصحف، وقد جاء في لفظ بعض ألفاظ الآيات غير اللفظ الذي في المصحف، وأن هذا يقتضي إعادة النظر في اعتبار وجه بلاغة النظم في القرآن محل التحدي .
فهو يقول (المقال في جريدة الرياض – السعودية الصادر يوم الخميس 12جمادى الأولى 1438 هـ - 9 فبراير 2017م ) : " لم تُطرح قضية القراءات القرآنية الشاذة في كتب البلاغيين، ومنهم الباقلاني في "إعجاز القرآن" والجرجاني في "دلائل الإعجاز"، ولم يبحث هذان الشيخان فيها وفي أثر الروايات عن الصحابة والتابعين على فكرة الإعجاز البياني التي تبنّياها، وسعيا جاهدين إلى نشرها والدفاع عنها، والذي أذهب إليه أن هذه القراءات القرآنية الكثيرة تُظهر لنا بوضوح أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا ينظروا إلى القرآن نظرة البلاغيين أصحاب التحدي البياني؛ فهم لو صدروا عن هذه الرؤية، وآمنوا بذلكم التفسير للتحدي؛ لما كان لهم قراءات مروية خلاف الرسم القرآني؛ ولما امتلأت كتب التفسير بقراءاتهم التي تخالفه؛ لأن القراءة بخلاف الرسم، ووضع كلمات مكان أخرى، صورة جليّة على أن الإعجاز عندهم لم يكن بيانيا، وما كان على حدّ قول الجرجاني: "فلم يجدوا في الجميع كلمة ينبو بها مكانها، ولفظة يُنكر شأنها، أو يُرى أن غيرها أصلح هناك أو أشبه، أو أحرى وأخلق، بل وجدوا اتساقا بهر العقول، وأعجز الجمهور..." (الجرجاني، دلائل الإعجاز، 39)، ولو كان الصحابة يؤمنون بقول الجرجاني: "أو يُرى أن غيرها أصلح هناك أو أشبه، أو أحرى وأخلق" لما رُويت عنهم الروايات التي تُخالف الرسم، وتضع كلمة مكان أخرى، ولما وجدناهم يُسوّغون، كما سنشاهد بعد قليل، مخالفة الرسم، ووضع كلمة مكان أختها، محتجين أن القرآن الكريم أُنزل على سبعة أحرف، ولما وجدنا اللغويين، ومنهم ابن جني، يذهب مذهبهم، ويأخذ بنظرتهم تلك، ويُقدّم لنا تفسيرا لما رُوي عنهم في ذلك.
أمامي شاهدان من قراءات الصحابة، ومرجعهما معا "المحتسب" لابن جني، أولهما قوله: "وقرأ أنس فيما رواه عنه أبان: (وحططنا عنك وزرك)، قال: قلت: يا أبا حمزة (ووضعنا)، قال: وضعنا وحللنا وحططنا عنك وزرك سواء، إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على سبعة أحرف..".
وثانيهما قوله: "عن أنس أنه قرأ: (وأصوب قيلا)، فقيل له: يا أبا حمزة: إنما هي: (وأقوم قيلا)، فقال: إن أقوم وأصوب وأهيأ واحد. قال أبو الفتح: هذا يُؤنس بأن القوم كانوا يعتبرون المعاني، ويخلدون إليها، فإذا حصّلوها وحصّنوها سامحوا أنفسهم في العبارات عنها".
لا تجتمع هذه الصورة التي يأخذها القراء من هاتين الحكايتين مع ما يقوله البلاغيون في الإعجاز البياني، ولو كانت رؤية البلاغيين حقا لا رجعة فيه؛ ما رأينا كتب التفسير ممتلئة بمثل هذه القراءات، وما وجدنا من الصحابة مَنْ لا يرى بأسا بتغيير الكلمة، ما دامت تُؤدي في ظنه المعنى المراد، وما كنا عثرنا على اللغويين، من أمثال ابن جني، الذين يُسوّغون ذا التغيير، ولا يرون فيه كبير خطأ في حق كتاب الله تعالى"اهـ.
وهذا الطرح فيه نظر من عدة جهات ، أبينها في المقال التالي إن شاء الله.

بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 1-3


بلاغة النظم في القرآن العظيم، هي وجه التحدي به 1-3
قال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى: 388هـ) رحمه الله، في كتابه بيان إعجاز القرآن (ص: 27-29):
"القرآن إنما صار معجزًا لأَنه جاءَ بأَفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنًا أصح المعاني؛
من توحيد له عزت قدرته , وتنزيه له فى صفاته , ودعاء إلى طاعته .
وبيان بمنهاج عبادته؛ من تحليل وتحريم , وحضر وإباحة .
ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر .
وإرشاد إلى محاسن الأخلاق , وزجر عن مساوئها .
واضعًا كل شيءٍ منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه .
ولا يرى في صورة العقل أمر أليق منه .
مودعًا أخبار القرون الماضية .
وما نزل من مَثُلات الله بمن عصى وعاند منهم .
منبئًا عن الكوائن المستقبلة في الأَعصار الباقية من الزمان .
جامعًا في ذلك بين الحجة والمحتج له .
والدليل والمدلول عليه ؛
ليكون ذلك أوكد للزوم مادعا إليه , وإنباء عن وجوب ما أمر به , ونهى عنه.
ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور ، والجمع بين شتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قُوى البشر , ولا تبلغه قدَرهم , فانقطع الخلق دونه , وعجزوا عن معارضته بمثله أو مناقضته فى شكله.
ثم صار المعاندون له ممن كفر به وأنكره يقولون مرة: إنه شعر لما رأوه كلامًا منظومًا ,
ومرة : سحر إذ رأوه معجوزًا عنه , غير مقدور عليه .
وقد كانوا يجدون له وقعًا في القلوب وقرعًا فى النفوس يُريبهم ويحيرهم؛ فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعًا من الاعتراف. ولذلك قال قائلهم: إن له حلاوة وإن عليه طلاوة.
وكانوا مرة لجهلهم وحيرتهم يقولون: {أساطير الأولين اكْتَتَبها فَهى تُمْلَى عليه بُكرةً وأصِيلاَ} مع علمهم أن صاحبه أميُّ وليس بحضرته من يملي أو يكتب .
في نحو ذلك من الأمور التي جماعها الجهل والعجز .
وقد حكى الله جل وعز عن بعض مردتهم وشياطينهم - ويقال هو الوليد بن المغيرة المخزومي - أنه لما طال فكره في أمر القرآن , وكثر ضجره منه , وضرب له الأخماس من رأيه فى الأسداس , لم يقدر على أكثر من قوله: {إن هذا إلَّا قولُ البَشَرْ} عنادًا للحق وجهلًا به , وذهابًا عن الحجة وانقطاعًا دونها , وقد وصف ذلك من حاله وشدة حيرته فقال سبحانه: {إنه فكَّرَ وقدَّر , فقُتل كيف قدَّرَ , ثم قُتِل كيف قَدَّر. ثم نَظَر. ثم عَبَس وبسَر. ثم أدبر واسْتكبَر. فقال إن هذا إلا سحر يُؤْثَر. إنْ هذا إلَّا قولُ البشَر}.
وكيفما كانت الحال ودارت القصة , فقد حصل باعترافهم قولاً , وانقطاعهم عن معارضته فعلًا أنه معجز , وفي ذلك قيام الحجة وثبوت المعجزة , والحمدلله.
ثم اعلم أن عمود هذه البلاغة التي تجمع لها هذه الصفات هو :
وضع كل نوع من الألفاظ التي تشتمل عليها فصول الكلام موضعه الأخص الأشكل به , الذي إذا أُبدل مكانه غيره جاء منه؛
إما تبدل المعنى الذي يكون منه فساد الكلام .
وإما ذهاب الرونق الذى يكون معه سقوط البلاغة"اهـ

هذا كلام الخطابي المتوفي (388هـ) رحمه الله، وفيه تقرير نظرية بلاغة نظم القرآن العظيم، التي بسطها وشرحها الجرجاني (ت471هـ) رحمه الله، في كتابه (دلائل الإعجاز).

كشكول ١٥٣٥: فوائد في الأنساب


كنا البارحة مساء الأربعاء 11/ 5/ 1438هـ بالشرائع في مجلس من مجالس الأشراف، وكان يتحدث فضيلة الشيخ النسابة إبراهيم الأمير حفظه الله، وكانت في المجلس أسئلة في الأنساب ، وذكرعدة فوائد اسجل بعضها هنا :
الفائدة الأولى : الشهرة والاستفاضة الصحيحة من أهم طرق ثبوت النسب.
الفائدة الثانية : القول بأن اليمن اصل العرب فيه نظر، نعم توجد قبائل عربية أصولها يمنية، لكن هناك قبائل عربية كبيرة أصولها غير اليمن، فكل القبائل العدنانية ترجع إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وليست من اليمن.
الفائدة الثالثة : قحطان اختلف فيه هل هو من ولد إسماعيل، أو لا؟ ورجح الشيخ إبراهيم الأمير أن قحطان من ولد إسماعيل، قلت مؤيداً له: يدل عليه حديث البخاري تحت رقم (
2899 )- عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ» قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ؟»، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ»
قلت : وأسلم من قحطان. فقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بني إسماعيل" يدل على أن قحطان من ولد إسماعيل، وهذا في حق من صح أنه قحطاني صليبة.
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري (6/537) أن : "هذا هو الذي يترجح في نقدي وذلك أن عدد الآباء بين المشهورين من الصحابة وغيرهم وبين قحطان متقارب من عدد الآباء بين المشهورين من الصحابة وغيرهم وبين عدنان"اهـ.
الفائدة الرابعة : ذكر قصة تفيد أن هناك من يضع الأنساب ، مثل ما يضع الوضاعون الأحاديث، فاقترحت عليه أن يفرد ذلك ببحث بعنوان (الوضاعون للأنساب).
الفائدة الخامسة : أن عناية أهل الحديث بالأنساب ، وقواعدهم خير معين لتحرير علم النسب.

والله الموفق.

كشكول ١٥٣٤: احفظ الله يحفظك


"احفظ الله يحفظك"
من معاني هذه الكلمة أن المسلم يرجو ما عند الله ، ويحفظ حق الله، في عمله، فلا يعمله فقط رجاء ما فيه من مصلحة دنيوية.
وهذا في كل الطاعات لا بد أن تحفظ الله حتى وإن كان للطاعة أثر ترجوه؛
فلا يجوز أن تصوم فقط من أجل الرجيم، إنما احفظ الله وصم لأجل الله، واجعل الأثر الدنيوي مؤخراً ليس هو القصد الأصلي والأساس.
اذكر الله واستغفره، واجعل رجاء نزول المطر وزيادة المال وكثرة الولد أمرا آخراً، ليس هو قصدك الأول.
{ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 52]
تصدق الصدقة لله، واجعل قصد طلب مداواة المريض بها ثانياً وتالياً .
فالناس في فعل الطاعات على أحوال:
الحال الأول : من يفعل الطاعة و لا هم له و لا قصد له إلا الله تعالى وطلب رضاه في الدنيا والآخرة . فهذا هو الكمال في فعل الطاعة.
الحال الثاني : من يفعل الطاعة وقصده الأول ومطلبه الله تعالى، مع ملاحظته للمصلحة الدنيوية في ذلك، و هذا لا حرج فيه، وأجره وثوابه ليس كالأول .
الحال الثالثة : من يفعل الطاعة و لا هم له إلا المصلحة الدنيوية فهذا ضرب من الشرك، وعمله لا أجر له فيه و لا ثواب.

فاحفظ الله يحفظك!

كشكول ١٥٣٣: كانت أمي إذا قدمت إلينا إحسانًا تقول لنا: مع الله!


كانت أمي إذا قدمت إلينا إحسانا تقول لنا: مع الله!
فكنا في صغرنا نسمع هذه الكلمة منها ونضحك ببلاهة لأنا لم نكن نعرف معناها.
فلما كبرنا فهمنا عمق هذه الكلمة؛ فهي تقول: أنا أفعل هذا لا أرجو منكم إحسانا ولا انتظر منكم خيراً فأنا أتوقع منكم غير ذلك، ولكني أعمله مع الله راجية فضله هو سبحانه.
لما كبرنا تعلمنا أن هذا المعنى من المعاني الأصيلة التي يقررها الدّين؛
فالمسلم يعمل طلباً لما عند الله وللفوز برضاه سبحانه.
قال تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)} [الإنسان: 9 - 12].
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ. احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ. إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ. وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ".
وفي لفظ عند أحمد: "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَوْ يَا غُلَيِّمُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ؟! فَقُلْتُ: بَلَى!
فَقَالَ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ؛ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا،
وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" .
وأول قضية نلمحها في هذا الحديث أن على المسلم أن يربط أمره كله بالله؛
فمثلا قوله: "احفظ الله يحفظك" ليس المراد منه حفظ العببادات والطاعات فقط، بل حتى المعاملات الظاهرة مع الخلق، احفظ الله في إحسانك وفي برك وفيما تقدمه من الخير ، رجاء للأجر من الله لا من عند الخلق، فتعاملنا ينبغي أن نحفظ الله فيه من كل جهة، وبهذا نكون مع الله.
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الذاريات: 50].

وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: (من أرضى الله بسخط الناس، كفاه الله الناس، ومن أسخط الله برضى الناس، وكله الله إلى الناس) أخرجه عبد بن حميد، البيهقي في الزهد، وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم (2311).

كشكول ١٥٣٢: أنت من أي جامعة؟!



جاءني على الواتس آب من فضيلة الشيخ الترباني حفظه الله.
 📝 أنت من أي جامعة ؟!  📝
الْحمد للهِ رَبِّ العالمين وَ الصّلاةُ وَآلسَّلامُ على رَسول الله وعلى آلهِ وصَحبهِ أجْمَعين وَبَعْدُ :
مَرَّةٌ قَالَ لي الأديب " ناصر الدين الأسد - رحمه الله - (1) " : { أتمَنَّى أن أُدَّرِسَ في المَساجِد والبِيوت وأُعطي الدُّروس اللَّغويَة فِيها كَعادَةُ العُلماء ، لَّيسَ في الجَامِعات والكُّليات ... } .
قُلتُ : لأنَّ هذهِ الدُّروس يَجتَمِعُ لَها طُلابُ العِلم وَيَنتَشِرَ خَيرُها ، أمَّا الجَّامِعات فَيَشهَدُوها من لا يَهمهُ العِلم ، وإنَّما يَهمهُ الشَّهادة فَقط للعَمل ( ! ) ..
ولِهذا أذكُّرُ قَولَ المؤرخ { العِمراني} حينَ سئُل : ( هَل تَخَرَجتَ مِن جَّامِعة ؟!! ) .. فَرَدَ عليهِ المؤرخ العِمراني قَائِلاً : ( أنا خِريجُ جامِع ؛ وليسَ الذَّكَر كالأُنثى ) ..
 🖊وَكَتبه وأملاه :
أحمد بن سُليمان بن صَبَّاح أبو بكرة التُرباني
---------------------

1- الأديب ناصر الدين الأسد - رحمه الله - حقق ( تاريخ نجد ) بطلب من المحدث أحمد شاكر - رحمه الله - وقد جالسته أكثر من مرة وذلك بسبب نقاشي معه في مسألة ( الخمار ) حيث كان - رحمه الله - يفسر الخمار بأنه ما غطى النحر لا الرأس ، فرددت عليه برسالة في بيان أن ( الخمار ) هو ما غطى الرأس لا النحر ، وجمعت أقوال السلف في ذلك ومما ينقض كلامه كله حديث بلال - رضي الله عنه - بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - " كان يمسح على الخمار " .

كشكول ١٥٣١: موضوعات المعارك العلمية التي خاضها علماء السلفية خلال الأربعين سنة الماضية


اذكر لكم رصداً لموضوعات المعارك العلمية التي خاضها علماء السلفية خلال الأربعين سنة الماضية :
= قبل أربعين سنة تقريباً ارتفع صوت الصوفية في مسألة المولد، والغلو في حق النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صنف الشيخ ابن منيع حفظه الله مصنفاً قوياً في الرد عليهم .
= قبل ثلاثين سنة تقريباً، ارتفع صوت بعضهم في تقرير مذهب الأشاعرة، وأن الأشاعرة من أهل السنة، فتصدى للرد عليهم الشيخ ابن باز رحمه الله، والفوزان حفظه الله.
= قبل خمس وعشرين سنة تقريباً ارتفع صوت التكفيرين بمسائل التكفير بالولاء، وبالدخول في معاهدة الأمم المتحدة. فتصدى العلماء الكبار للرد عليهم بفتاوى متنوعة جمعت جزاهم الله خيراً
= قبل عشرين سنة تقريباً ارتفع صوت الذين نادوا بالخروج على ولاة الأمر، بحجة مسألة وجوب جهاد الدفع. فتصدى العلماء وطلاب العلم للبيان والرد والحمد لله.
= قبل خمس عشرة سنة تقريبا ، ارتفع صوت الليبراليين وأعوانهم وأتباعهم. فرد عليهم أهل العلم وفضحوا مخططاتهم.
= قبل عشر سنوات تقريباً، ارتفع صوت الشيعة وبدأوا هجوماً قوياً لنشر التشيع. فأبطل الله ما لديهم وكشف عوارهم وفضحهم على الملأ.
= واليوم المعركة هي حصيلة كل هذه الاتجاهات ، فهناك معركة مع الشيعة والصوفية والليبرالية، والتكفريين ودعاة الخروج على ولي الأمر.
ويلاحظ أن هناك فئة من الناس وضعت يدها مع جميع هؤلاء ضد السلفيين !

و لا حول و لا قوة إلا بالله.

كشكول ١٥٣٠: من أجمل عبارات ابن تيمية -رحمه الله- في بيان مكانة الصحابة وفضلهم في الأمة


جاءني على الواتس آب وجزى الله مرسلها خيرا
# فائدة 
من أجمل عبارات ابن تيمية -رحمه الله- في بيان مكانة "الصحابة" وفضلهم في الأمة قوله :
(وكل أحد يعلم أن عقول الصحابة والتابعين وتابعيهم أكمل عقول الناس، واعتبر ذلك بأتباعهم، فإن كنت تشك في ذكاء مثل مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر بن الهذيل، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي عبيد، وإبراهيم الحربي، وعبد الملك بن حبيب الأندلسي، و البخاري، و مسلم، وأبي داود، وعثمان بن سعيد الدارمي، بل: ومثل أبي العباس بن سريج، وأبي جعفر الطحاوي، وأبي القاسم الخرقي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وغيرهم من امثالهم، فإن شككت في ذلك: فأنت مفرط في الجهل أو مكابر؛ فانظر خضوع هؤلاء للصحابة، وتعظيمهم لعقلهم وعلمهم، حتى انه لا يجترئ الواحد منهم أن يخالف الواحد من الصحابة، إلا أن يكون قد خالفه صاحب آخر، وقد قال الشافعي في الرسالة "أنهم فوقنا في كل عقل وعلم وفضل ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا") 
[كتاب درء تعارض العقل والنقل : ج ٥ ص٧٢]

اللهم ارض عن صحابة سيدنا محمد ﷺ أجمعين

كشكول ١٥٢٩: من نفيس كلام الشافعي -رحمه الله- عن الاختلاف المحمود والاختلاف المذموم


من نفيس كلام الشافعي رحمه الله في كتاب (الرسالة)، عن الاختلاف المحمود والاختلاف المذموم؛ أذكرني به الأخ معاش عبدالقادر جزاه الله خيراً
قال الشافعي في الرسالة (1/ 560 - 571): "قال: فإني أجد أهل العلم قديماً وحديثاً مختلفين في بعض أمورهم، فهل يسعهم ذلك؟
قال: فقلت له: الاختلاف من وجهين: 
أحدهما: محرم. ولا أقول ذلك في الآخر.
قال: فما الاختلاف المحرم؟
قلت: كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصاً بيناً: لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
وما كان من ذلك يحتمل التأويل، ويُدرك قياساً، فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، وإن خالفه فيه غيره: لم أقل أنه يُضَيَّق عليه ضِيقَ الخلاق في المنصوص.
قال: فهل في هذا حجة تُبَين فرقك بين الاختلافين؟
قلت: قال الله في ذم التفرق: ﴿وما تَفَرَّق الذين أوتوا الكتابَ إلا من بعد ما جاءتهم البينةُ﴾ (البينة: 4).
وقال جل ثناؤه: ﴿ولا تكونوا كالذين تَفَرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات﴾ (آل عمران: 105)؛ فَذَمَّ الاختلاف فيما جاءتهم به البينات.
فأما ما كُلِّفوا فيه الاجتهاد، فقد مَثَّلته لك بالقبلة والشهادة وغيرها.
قال: فَمَثِّل لي بعض ما افترق عليه من رُوي قوله من السلف، مما لله فيه نصُّ حكم يحتمل التأويل، فهل يوجد على الصواب فيه دلالة؟
قلت: قَلَّ ما اختلفوا فيه إلا وجدنا فيه عندنا دِلالة من كتاب الله أو سنة رسوله، أو قياساً عليهما، أو على واحد منهما.
قال: فاذكر منه شيئاً؟
فقلت له: قال الله: ﴿والمطلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بأنفسِهِنَّ ثلاثةَ قُرُوْء﴾ (البقرة 228)؛ فقالت عائشة: "الأقراء الأطهار"، وقال بمثل معنى قولها زيدُ بن ثابت، وابن عمر، وغيرهما.
وقال نفر من أصحاب النبي: " الأقراء الحيض"، فلا يُحِلُّوا المطلقةَ حتى تغتسل من الحيضة الثالثة.
قال: فإلى أي شيء ترى ذهب هؤلاء وهؤلاء؟
قلت: تجُمع الأقراء أنها أوقات، والأوقاتُ في هذا علامات تمرُّ على المطلقات، تحُبس بها عن النكاح حتى تستكملها.
وذهب من قال" الأقراء الحيض" - فيما نُرى والله أعلم - إلى أن قال: إن المواقيت أقلُّ الأسماء، لأنها أوقات، والأوقات أقل مما بينها، كما حُدُوُد الشيء أقلُّ مما بينها، والحيضُ أقل من الطُّهر، فهو في اللغة أَولى للعِدَّة أن يكون وقتاً، كما يكونُ الهلال وقتاً فاصلاً بين الشهرين.
ولعله ذهب إلى أن النبي أمر في سَبيْ أوطاسٍ أن يُسْتَبْرَينَ قبل أن يُوطَينَ بحيضة، فذهب إلى أن العِدة استبراء، وأن الاستبراء حيضٌ، وأنه فرَقَ بين استبراء الأمة والحرة، وأن الحرة تُستبرأ بثلاث حِيَض كواملَ، تخرج منها إلى الطُّهر كما تُستبرأ الأمة بحيضة كاملة، تخرج منها إلى الطُّهر.
فقال: هذا مذهب، فكيف اخترتَ غيره، والآية محتملة للمعنيين عندك؟
قال: فقلت له: إن الوقت برؤية الأهِلَّة إنما هو علامة جعلها الله للشهور، والهلالُ غير الليل والنهار، وإنما هو جِماع لثلاثين، وتسعٍ وعشرين، كما يكون الهلال الثلاثون والعشرون جماعاً يُستأنف بعده العدد، وليس له معنى هنا، وأن القُرْء وإن كان وقتاً فهو من عدد الليل والنهار، والحيضُ والطهر في الليل والنهار من العدة، وكذلك شُبِّه الوقت بالحدود، وقد تكون داخلة فيما حُدَّت به، وخارجةً منه غيرَ بائن منها، فهو وقت معنى.
قال: وما المعنى؟
قلت: الحيض هو أن يُرخِيَ الرَّحمُ الدمَ حتى يظهر، والطُّهر أن يَقْري الرَّحِمُ الدمَ فلا يظهرُ، ويكون الطهر والقَرْي الحبس لا الإرسال، فالطهر - إذ كان يكون وقتاً - أولى في اللسان بمعنى القُرء، لأنه حبْس الدم.
وأمر رسول الله عمرَ حين طلَّق عبدُ الله بن عمر امرأته حائضاً أن يأمره برَجعتها وحَبسِها حتى تطهر، ثم يطلِّقُها طاهراً من غير جماع، وقال رسول الله: " فتلك العِدَّةُ التي أمر الله أن يُطلَّق لها النساءُ" .
يعني قول الله - والله أعلم - ﴿إذا طلَّقتُمُ النساءَ فطلِّقوهنَّ لِعِدَِّتهِنَّ﴾ (الطلاق 1)، فأخبر رسول الله أن العدةَ الطهرُ دون الحيض.
وقال الله: ﴿ثلاثة قروء﴾ وكان على المُطَلَّقة أن تأتي بثلاثة قروء، فكان الثالثُ لو أبطأ عن وقته زماناً لم َتحِلَّ حتى يكون، أو تُويَسَ من المحيض، أو ُيخافَ ذلك عليها، فتَعْتَدَّ بالشهور، لم يكن للغُسل معنى، لأن الغسل رابعٌ غيرُ ثلاثة، ويلزم مَن قال: "الغسل عليها" أن يقول: لو أقامت سنةً وأكثر لا تغتسل لم تحِلَّ!!
فكان قول من قال" الأقراء الأطهار " أشبهَ بمعنى كتاب الله، واللسانُ واضح على هذه المعاني، والله أعلم.
فأما أمر النبي أن يُستبرأ السَّبْي بحيضة فبالظاهر، لأن الطهر إذا كان متقدِّماً للحيضة ثم حاضت الأمة حيضة كاملة صحيحة بَرِئَت من الحَبَلِ في الطهر، وقد ترى الدمَ فلا يكون صحيحاً، إنما يصح حيضةً بأن تُكمل الحيضة فبأي شيء من الطهر كان قبل حيضة كاملة فهو براءة من الحَبَل في الظاهر.

والمعتدة تَعْتدُّ بمعنيين: استبراءٌٍ، ومعنى غيرُِ استبراءٍ مع استبراء، فقد جاءت بحيضتين وطُهرين وطهرٍ ثالث، فلو أريد بها الاستبراء كانت قد جاءت بالاستبراء مرتين، ولكنه أريد بها مع الاستبراء التَعَبُّد"اهـ.

كشكول ١٥٢٨: الخطأ يرد و لا يقبل، على أي أحد ومن أي أحد!


الخطأ يرد و لا يقبل، على أي أحد ومن أي أحد!
لكن لا ينبغي أن يعامل العالم من أهل السنة إذا أخطأ كما يعامل صاحب الهوى والبدعة إذا أخطأ ؛
والرفق مطلوب والحكمة مطلوبة في التعامل مع كل أحد، وفي حق العالم إذا أخطأ أوكد.
وبعض الناس هداهم الله يشنعون على عالم كبير من أهل السنة بسبب أنه وقف على خطأ له في مسألة خبرية علمية أو عملية، و كأن الشيخ السني عنده رأسا من رؤوس البدعة، بل لعله إذا رد على صاحب بدعة هدأ وترفق واستعمل الحكمة؛
وهذا عكس لما ينبغي أن يكون، فالرفق والحكمة مطلوبان مع الكل، وفي حق الرجل السني أوكد!
هذه واحدة.
وأخرى قد يقع طالب العلم في خطأ فيشابه قول وطريقة جماعة من الجماعات وفرقة من الفرق، فلا ينبغي أن يوصف القائل بأنه من تلك الجماعة أو من تلك الفرقة، إنما يقتصر على وصف القول الذي قاله دون أن يصف العالم فلا ينسبه إلى تلك الفرقة أو الجماعة.
هذه ثانية.
وأمر آخر، الشدة والتعنت وعدم الرفق تجعل من يحب هذا العالم ويرى أنه من أهل السنة يدافع عنه حمية لما يظن فيه من خير، فيتصدى الذين يردون خطأ العالم لهؤلاء الطلاب بالرد والتشنيع والتشغيب؛
فتتشعب الأمور بطريقة غير محمودة، وخلاف ما ينبغي أن يكون عليه حال طلاب العلم أهل الحديث، وسبب هذا كله استمعال الشدة وترك الرفق والحكمة في الرد وبيان محل الخطأ.

وهذه الثالثة ، وأقف عندها، نفعنا الله بما علمنا وألهمنا رشدنا ورزقنا التوفيق والسداد.

خطر في بالي ٨٠: وأنا أشاهد بعضهم وهو يتكلم جازمًا بقوله في مسألة اجتهاد دقيقة



خطر في بالي وأنا أشاهد بعضهم وهو يتكلم جازمًا بقوله في مسألة اجتهاد دقيقة ؛ أن هذا الأسلوب في الكلام بالحزم والتأكيد في مسألة اجتهاد دقيقة ناتج عن قصور في العلم؛
وذلك أن من كثر علمه واطلاعه على اختلاف العلماء واستدلالهم في المسألة تزاحمت عنده الأقوال في الترجيح؛ وبالتالي تأتي عبارته بتردد وعدم جزم لا لقصور علمه ولكن لسعة علمه بأدلة الأقوال في المسألة وتزاحمها عند النظر للترجيح بينها.
ولكثرة ما لدى العالم من برد العلم وثلجه لا يضره أن يتردد في الترجيح وان يتوهم السامع ضعفه العلمي لا يضره ذلك فهذا دين.
ولقلة ما لدى الآخر من تحقيق العلم فهو يجزم بما يراه ولا يتردد بل يؤكد، بل يتكلم وكأن الحق والصواب مائة بالمائة معه.
وقد نقلت كلمة منسوبة إلى الشافعي وهي حق وان لم اتأكد من صحة نسبتها انه يقول في المسائل الاجتهادية التي لا دليل فيها يلزم المصير اليه: 
قولي وترجيحي في المسألة حق يحتمل الخطأ.

وقول مخالفي خطأ يحتمل الصواب !

ليس من منهج السلف ٨٣: كتم السنة من أجل أن بعض أهل البدع ينتحلها


ليس من منهج السلف كتم السنة من أجل أن بعض أهل البدع ينتحلها؛ وهذا أمر شاهدته مراراً من بعض إخواننا ؛
أذكر بعض الأخوة من آل البيت، وهو لا يظهر ذلك ويكتمه، فسألته لم تصنع هذا؟ قال: من أجل الصوفية وما أحدثوه في هذا الباب!
وأذكر أن بعض شيوخي كانت لديه أسانيد وإجازات وما كان يظهر ذلك، فكلمته في ذلك: فاعتذر أنها شعار الصوفية، فكلمته في ذلك، وبعد مدة أظهر والحمد لله إجازاته أسانيده، وأجازني من ضمن من أجازهم حفظه الله.
ولما تكلمت عن المناشط الدعوية المسابقات ونحوها، كلمني بعضهم عن أن هذا من طريقة بعض الجماعات الحزبية، فقلت: نحن أولى بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم منهم.

فلا تتركوا سنن المصطفى من أجل أهل البدع!.

كشكول ١٥٢٧: رفع إشكال بين حديثين


رفع إشكال بين حديثين :
جاء في حديث الصادق المصدوق : «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَيَكُونَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهَ إِلَيْهَ الْمَلَكَ»، فذكر مائةً وعشرين ليلة.
وجاء في حديث حذيفة بن أسيد –رضي الله عنه- أنّ رسول الله ﷺ قال:
«يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَيَقُولُ:
يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فَيُكْتَبَانِ،
فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ فَيُكْتَبَانِ،
وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ،
ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فَلَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ» أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب: كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ، حديث رقم (2644).
فدلَّ ذلك (أعني حديث حذيفة بن أسيد) على أنه بعد الأربعين الأولى يكون فيه حياة.
وأشكل هذا مع حديث الصادق المصدوق، الذي فيه أن نفخ الروح بعد الأربعين الثالثة.
وقد فتح الله بمعنى أقرره يزيل الإشكال إن شاء الله؛
وذلك أن الحياة نوعان، حياة نامية، مثل التي تكون في النبات، وحياة متحرة مثل حياة الإنسان والحيوان،
فالحياة التي يكون عليها خلق الإنسان من الأربعين الأولى هي الحياة النامية التي يتكون فيها مثل ما ينبت النبات،
والحياة التي يكون عليها بعد الأربعين الثالثة هي الحياة المتحركة، بنفخ الروح. وقد جاء إشارة إلى هذا في ذكر البعث،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين أربعون قال: أربعون يوما؟ قال: أبيت، قال: أربعون شهرا؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة" أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا} (النبأ: 18) زمرا، حديث رقم (4935)، و مسلم في الفتن وأشراط الساعة باب ما بين النفختين رقم (2955)..
ومحل الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: " فينبتون كما ينبت البقل"،
مع قول الله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ (الأنبياء: 104)،
فهذا يفيد أن في مراحل خلق الإنسان مرحلة تكون له فيه حياة نامية، مثل نمو النبات، فهذه هي التي جاء ذكرها في حديث حذيفة بن أسيد، أما الحياة المتحركة بنفخ الروح فتكون بعد الأربعين الثالثة وهي التي جاء ذكرها في حديث الصادق المصدوق.
وعليه فنفخ الروح في الحياة المتحركة بعد الأربعين الثالثة، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه،

وهو لا ينافي الحياة النامية التي يكون عليها بعد الأربعين الأولى، واتيان الملك وسؤاله الله عن تلك الأسئلة، وهي المذكورة في حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه. والله الموفق.

كشكول ١٥٢٦: باب ما جاء في قول الرجل لزوجته: إني أحبك


باب ما جاء في قول الرجل لزوجته: إني أحبك
قال ابن معين رحمه الله (تاريخ ابن معين - رواية ابن محرز (2/ 63): 
حدثنا ابو نعيم قال حدثنا عيسى بن الضحاك الكندى عن الأعمش عن ابراهيم قال: "كانوا يقولون قول الرجل لإمرأته: إنى احبك طرف من السحر".
الشرح :
قوله: "كانوا يقولون"، يظهر أن مراده الصحابة رضوان الله عليهم. وذكر أنه يريد بها أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وعلى هذا فلابد أن يكون لها أصل عن الصحابة.
وقوله : "طرف من السحر"، أي جانب من السحر. وسميت هذه بالسحر، لأن السحر لغة ما خفي ولطف سببه.
والمراد أن لها تأثيراً خفياً عجيباً على المرأة في تعاملها مع زوجها.
وفيه حث الزوج أن يقولها أحيانا لزوجته لإصلاح ما بينهما.
وفيه أن قولها ليس مما ينقص من مروءة الرجل.
وفيه ما كان عليه الصحابة والتابعون من العناية بأمر الزوجة واستصلاحها لزوجها.
وفيه أن الوصية بها وبما يشبهها مما يرغب في تعلمه وتعليمه.
وفيه أن حب الرجل لزوجته وحب الزوجة لزوجها مما ينبغي الاعتناء به، ويعين على تحمل أعباء الحياة ومشاكلها.

وبالله التوفيق.

كشكول ١٥٢٥: أهل البدع شر من أهل المعاصي


قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/ 253): "إنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الشَّهْوَانِيَّةِ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛
فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَنَهَى عَنْ قِتَالِ أَئِمَّةِ الظُّلْمِ.
وَقَالَ فِي الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ ": لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، وَقَالَ فِي ذِي الخويصرة : يَخْرُجُ مِنْ ضئضئ هَذَا أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ - وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ الْإِسْلَامِ - كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . ...
ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي ذُنُوبُهُمْ فِعْلُ بَعْضِ مَا نُهُوا عَنْهُ : مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ . وَأَهْلُ الْبِدَعِ ذُنُوبُهُمْ تَرْكُ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَجَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ ؛
فَإِنَّ الْخَوَارِجَ أَصْلُ بِدْعَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ طَاعَةَ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعَهُ فِيمَا خَالَفَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُمْ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ . 
وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ لَا يَرَوْنَ عَدَالَةَ الصَّحَابَةِ وَمَحَبَّتَهُمْ وَالِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ . 
وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ لَا يُؤْمِنُونَ بِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى الْقَدِيمِ وَمَشِيئَتِهِ الشَّامِلَةِ وَقُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ . 
وَكَذَلِكَ الْجَبْرِيَّةُ لَا تُثْبِتُ قُدْرَةَ الْعَبْدِ وَمَشِيئَتَهُ وَقَدْ يَدْفَعُونَ الْأَمْرَ بِالْقَدَرِ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ . 
وَكَذَلِكَ مُقْتَصِدَةُ الْمُرْجِئَةِ مَعَ أَنَّ بِدْعَتَهُمْ مِنْ بِدَعِ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ فِيهَا كُفْرٌ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَمَنْ أَدْخَلَهُمْ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْبِدَعِ الَّتِي حَكَى فِيهَا التَّكْفِيرَ وَنَصَرَهُ فَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ إدْخَالَ الْأَعْمَالِ أَوْ الْأَقْوَالِ فِي الْإِيمَانِ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ ، وَأَمَّا غَالِيَةُ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالْعِقَابِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ النُّصُوصَ خَوَّفَتْ بِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ فَهَذَا الْقَوْلُ عَظِيمٌ وَهُوَ تَرْكُ وَاجِبٍ 
وَكَذَلِكَ الوعيدية لَا يَرَوْنَ اعْتِقَادَ خُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ النَّارِ وَلَا قَبُولَ الشَّفَاعَةِ فِيهِمْ وَهَذَا تَرْكُ وَاجِبٍ . فَإِنْ قِيلَ : قَدْ يَضُمُّونَ إلَى ذَلِكَ اعْتِقَادًا مُحَرَّمًا : مِنْ تَكْفِيرٍ وَتَفْسِيقٍ وَتَخْلِيدٍ . قِيلَ : هُمْ فِي ذَلِكَ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْكُفَّارِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فَنَفْسُ تَرْكِ الْإِيمَانِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ ضَلَالَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ اعْتِقَادٌ وُجُودِيٌّ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ أَصْلٌ مِنْ السُّنَّةِ لَمَا وَقَعُوا فِي الْبِدْعَةِ "اهـ.

كشكول ١٥٢٤: المسألة الخلافية الاجتهادية


المسألة الخلافية الاجتهادية التي ليس فيها دليل يلزم المصير إليه، وتتنازعها وتتجاذبها وجهات النظر، لا يحسن بطالب العلم إذا تعقب أو خالف أن يأتي بعبارات جازمة بخطأ المخالف، وبطلان قوله؛
فكم من قول كان يظن ضعفه تبينت قوته ، وصحته.
أذكر أن الأستاذ عبد الله حكمي أمين مكتبة ثانوية مكة، وهو من طلاب العلامة الشنقيطي صاحب أضواء البيان، سألته مرة: هل كان الشيخ الشنقيطي إذا سئل يجيب ويرجح كما في اضواء البيان عند المسائل الخلافية؟
فقال لي: الشيخ في آخر عمره، صار لا يرجح، إذا سئل يذكر المسألة والخلاف فيها، وقد يشير إلى الأدلة، و لا يرجح.
فقلت: في رأيكم لماذا كان الشيخ يصنع هذا؟
قال: كنا نرى أن الشيخ لما كبر سنه زاد علمه، فصار عند نظره في الأقوال يرى لكل قول أدلة قوية، تجعل الترجيح ليس بالأمر الهين.
أقول: والأمر والله كما قال!
فاحفظ لسانك عند كلامك في المسائل الخلافية الاجتهادية التي ليس فيها دليل يلزم المصير إليه.

وفقني الله وإياك لرضاه.

كشكول ١٥٢٣: الترجيح والاختيار



الترجيح والاختيار
الترجيح تارة يقتضي بطلان مقابله.
وتارة لا يقتضي بطلان مقابله.
وعبارة العالم ترشد إلى المراد في ذلك؛
فإذا قال العالم في المسألة الخلافية: والراجح كذا، أفاد أن القول المقابل عنده مرجوح، فهو ضعيف، مردود.
وإذا قال العالم : هذا القول هو الأرجح، أفاد أن القول المقابل عنده مقبول، و ليس بضعيف، لكنه يرى تقديم هذا على غيره.
فالمرتبة الثانية التي يعبر فيها العالم بالأرجح، أشبه بالاختيار.
والفرق بين مسائل الاختيار والترجيح بحسب الغالب؛
- أن مسائل الاختيار الاختلاف فيها من باب التنوع لا التضاد. بينما مسائل الترجيح الاختلاف فيها من باب الاجتهاد.
- أن الاختيار يجزم فيه بصحة كل قول، وإنما اختير أحدهما لأمر نسبي يرجع إلى العالم. بينما الترجيح لا يجزم فيه بصحة كل قول، إنما فقط يغلب على ظنه أن ما اختاره الأرجح، والآخر راجح عند غيره.
- وفي الغالب مسائل الاختيار ترجع إلى تنوع الوارد، بخلاف مسائل الترجيح.

والله اعلم.


ومثل الترجيح العبارة بالصحيح والأصح،
فإن مقابل الصحيح الضعيف.

ومقابل الأصح الصحيح.

لفت نظري ٨٥: أن بعض العوائل يعتمدون المكافأة المالية لكل عمل يعمله أولادهم


لفت نظري أن بعض العوائل يعتمدون المكافأة المالية لكل عمل يعمله أولادهم ؛ 
فينشأ الولد و لا يعرف عملا لوالديه يعمله على وجه البر والإحسان. 
لا مانع من مكافأة الولد أحيانا بمكافأة مالية لكن لا تجعلها هي الأصل. عودوهم أن يسمعوا الدعوة الصالحة .
علموهم أن نيل البر عند الله ثوابه واجره .
علموهم أن يعملوا الشيء لكم بدون مقابل ينتظرونه منكم سوى الدعوة الصالحة والأجر الجزيل عند الله . والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
تنبيه : 

المراد بالولد والأولاد : الأبناء والبنات . أعني الذكور والإناث. لا مجرد الذكور.

كشكول ١٥٢٢: الكتابة هاجس


الكتابة هاجس يملي عليك الكلمات ويرسم موضوعًا من تلك الغيمات.
يصنع من الطين أواني الخزف
ويبهرك بكل تلك التحف.
وتعلو قصور الكلمات وترتفع معك قامات ؛

فتلك كتابة.
للموضوع كلمة أن سكنت خاطرك ملكت فؤادك.
وعجبا للعرب فقد سموا القصيدة كلمة .
وسمو بيت الشعر كلمة. وفي الحديث : (أصدق كلمة قالها لبيد:
الا كل شيء ما خلا الله باطل).
والشهادة كلمة التوحيد.
وفي البدء كان الكلمة

دردشة ٣٩: المناشط الدعوية من مسابقات وألعاب


دردشة ...
المناشط الدعوية من مسابقات وألعاب ، الأصل فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل نحوا منها مع الصحابة؛
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدثوني ما هي» قال: فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله: فوقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله، قال: «هي النخلة» أخرجه الشيخان.
فهذا سؤال وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه.
عن عبد الله، قال «سابق النبي صلى الله عليه وسلم بين الخيل، فأرسلت التي ضمرت منها، وأمدها إلى الحفياء إلى ثنية الوداع، والتي لم تضمر أمدها ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق» وأن عبد الله كان فيمن سابق أخرجه البخاري.
فهذا الرسول صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل.
والقضية التي تحتاج إلى توضيح؛
هل في قيام طالب العلم بهذا الأمر (المناشط الدعوية) ما يؤثر على طلبه للعلم؟
والحقيقة ... أن هذه المناشط لها أثر إيجابي، فهي تستهدف في الغالب العوام، وطلبة العلم المبتدئين الذين هم بحاجة إلى استئلاف، بل قد يحتاجها طالب العلم لأنها نوع من الترويح عن النفس، والإنسان لا يستغني عن ذلك، بل يحتاجه أحياناً، وجاء في الأثر المروي: "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ، فإن القلوب إذا كلت عميت"، وهذا وإن لم يصح مرفوعاً، إلا أن معناه وارد في حديث عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ، قَالَ: - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّا أخرجه مسلم (2750).
والمسلم ينبغي أن يكون كيسا فطناً، فإنه إذا احتسب في قيامه بهذه المناشط أن ما يقوم به من أجل ترويح نفسه والآخرين، وفيه من تحقيق التقارب والمحبة والألفة الشيء الكثير، يكون له بذلك أجر عند الله. وعليه أن يراعي تحقق المصلحة ورجحانها فيما يختاره، عند تعارضه مع غيره من أمور طلب العلم.

والله المستعان