السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 20 يونيو 2015

سؤال وجواب ٢٢٢: ورثنا مالاً عن أبينا، ولكن زوجي عليه دين لوالدي...



سؤال:
«ورثنا مالاً عن أبينا، ولكن زوجي عليه دين لوالدي، وجاء هذا الدين من تجارة صيدليه التي كانا قد اشتركا فيه مناصفة، والذي كان يدير الصيدلية هو زوجي؛ لأنه دكتور، وكانوا يتعاملون بالثقة، والحمدلله.
وبالنسبه لجني الأرباح كان كل مرة يأخذ واحد منهم، وشاء الله وحصلت مشكلة مع آخرين على مكان الصيدلية (قصة طويلة) المهم خسرت الصيدلية؛ بسبب قفلها، وفي تلك المدة (قبيل قفل الصيدلية) كان زوجي قد أخذ مبلغ من المال، ووالدي لم يأخذ، وقد سجل زوجي هذا المال، وأبلغ به والدي -رحمه الله-، وكان زوجي لديه أمل أن يعاود فتح الصيدلية ويأخذ والدي مبلغ كالذي أخذه زوجي، ولكن للأسف لم يعاود فتحها... فهل المبلغ الذي أخذه زوجي هو دين بالكامل عليه أم بالمناصفة، بما أن الصيدلية قد توقفت، وهم كانوا يعتمدون على استمرار العمل، وكل مرة أحدهم يأخذ الأرباح.
وسؤالي الثاني: هل يحق لأخوتي حجز ماورثته من مال عن أبي إلى حين سداد زوجي لدينه، -وأنا بحاجه لهذا المال؛ لرغبتي في الحج، ومساعدة ابنتي بالخارج-؟».

الجواب:
المبلغ الذي أخذه زوجك هو من أرباح الصيدلية كما يظهر من السؤال؛ فله فيه حق النصف، ولشريكه والدك النصف، والله أعلم.
ولا يحق لإخوانك أن يحرمونك من الميراث؛ بسبب مشكلة لهم زوجك، والمفترض أن يعاملونك بمفردك، بدون أن يكون في الموضوع زوجك.
والله الموفق.

سؤال وجواب ٢٢١: شابان تحابا في الله، إلا أن أحدهما يحب الآخر حبًا عظيمًا... هل يعد هذا من التعلق بغير الله؟


سؤال:
«شابان تحابا في الله، إلا أن أحدهما يحب الآخر حبًا عظيمًا؛ لما رأى فيه من خصال الخير، كحفظه لكتاب الله، واستقامته على السنة، وغيرها من الخصال الحميدة، حتى أنه أصبح لا يحب فراقه، وإذا فارقه يصاب بوحشة شديدة وحزن، وأحيانا يبكي لفراقه.
هل يأثم شيخنا على مثل هذا الحب؟ وهل يعد هذا من التعلق بغير الله؟».

الجواب:
- إذا كان يتق الله ولا يخش تطور الأمور؛ فلا شيء عليه في ذلك.
- أمّا إذا كان يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، وتطور الحال إلى حال سوء؛ فليبتعد عنه، وليصبر على ذلك؛ فإن هذا من الصبر عن ما يؤدي إلى المعصية. والله يعينه.
ولابن القيم كتاباً مفرداً في عشق أصحاب الصور الحسنة، مفيد جداً فليقرأه الأخ المشار إليه، وهو الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ويعرف بكتاب الداء والدواء. وفق الله الجميع لطاعته.

سؤال وجواب ٢٢٠: الصيام والصلاة في القطب الشمالي



سؤال:
«صديق أخي يقيم في بلد في القطب الشمالي حيث عندهم الشمس لا تغيب إلا بعد الثانية عشرة ليلاً، وبعد لحظات تشرق. ولا يعرف متى يصوم ومتى يفطر. وكذا صلاة الليل لا يعرف كيف يصليها. وقد أرسل رسالة للمجلس العلمي، ولكن لم يجيبوه .أفيدونا مأجورين. وبارك الله فيكم».

الجواب:
الأصل أن المكان الذي تشرق فيه الشمس وتغرب، أن يصوم إذا طلع الفجر، ويفطر إذا غربت.
لكن ما ذكره السائل لا يمكن أن يطبق فيه هذا؛ لأن المدة لحظات كما ذكر في السؤال، ولذلك عليه -والله أعلم- أن يرجع إلى أقرب البلاد إليه يظهر فيها ليل ونهار ويصوم ويفطر معهم تقديراً، والله الموفق.

سؤال وجواب ٢١٩: وقوفك في المطبخ، والطبيخ لأهلك، وقيامك بذلك مما تؤجرين عليه -إن شاء الله تعالى-



سؤال:
«أنا أدخل المطبخ قرب العصر حتى المغرب أعد الطعام لأهلي. وعيلتنا متكونة من ثلاث عائلات. ولا أصنف الأصناف الكثيرة، فقط ما نسد به حاجتنا، ومحتسبه ذلك عند الله؛ فهل وقتي هذا كله مضيعة للوقت؟ أم نؤجر عليه؟ جزاكم الله خيرًا، وزادكم علما».

الجواب:
وقوفك في المطبخ، والطبيخ لأهلك، وقيامك بذلك مما تؤجرين عليه -إن شاء الله تعالى-؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «كل معروف صدقة»، وعملك هذا من المعروف.
- وهذا من مسؤوليتك إذا كنت أم.
- ومن البر إذا كنت تفعلينه مساعدة لأمك أو لأهلها.
- ومن صلة الرحم إذا تفعلينه لأقاربك من جهة أمك أو أبيك.
- ومن الإحسان في العشرة مع الزوج إذا تفعلينه مع أهل الزوج.
أسأل الله أن يجزل لك الأجر والمثوبة.

سؤال وجواب ٢١٨: ليس على المدرس إثم أو قصور إذا وكل بعض الطلاب يسمع لبعض



سؤال:
«أنا أدرس الصيفية والطلاب عددهم قريب الثلاثين؛ فأعطي بعض الطالبات أن تملي على الطالبات، أو من نعرفها حافظة نقول لها: أكتبي بنفسك؛ لأن وقتي ساعتين ونصف، فلا أستطيع أن أعطيهم حقهم في الإملاء عليهم يسمعون وأعطيهم سور أخرى. هل علي أثم في ذلك؟ وهل قصرت في الأمانة؟ أفتوني مأجورين».

الجواب:
ليس على المدرس إثم أو قصور إذا وكل بعض الطلاب يسمع لبعض، أو يملي على بعض، بشرط أن يكون الطلاب الذين وكلهم بالعمل يضبطون ولا يعبثون، والله المستعان.

سؤال وجواب ٢١٧: الأصل أن الدم الذي يرخيه الرحم هو دم حيض



سؤال:
«تقول ذهبت إلى طبيب للعلاج؛ من أجل الحمل.
قبل ذهابها كانت تأتيها العادة بانتظام لمدة ستة أيام.
وصف لها الطبيب دواء لما تناولته؛ جاءتها العادة واستمرت لمدة تسعة أيام، بعد ستة عشر يوماً من انقطاعها، رأت لمدة ثلاث أيام قطرات دم خلال هذه الأيام الثلاث، وهي تريد أن تعرف هل هذا الدم من العادة أم دم استحاضة؟ 
وهل صومها صحيح وتصوم حتى وإن رأت هذه القطرات من الدم؟».

الجواب:
الأصل أن الدم الذي يرخيه الرحم هو دم حيض.
إلا إذا:
-كانت المرأة مميزة لدم الحيض بلونه أو بريحه؛ فإنها ترجع إلى تمييزها.
- أو كانت لها عادة منتظمة؛ فإنها ترجع إلى عادتها.
وحيث أن السائلة عادتها غير منتظمة، وقد أخذت دواء لتنظيم العادة؛ فإن البقاء على هذا الأصل هو الواجب، حتى يتبين خلافه.
وعليه؛ فهذا دم حيض يمنعها من الصلاة والصيام، ويمنع زوجها من إتيانها.
والله أعلم.

كشكول ٩٩٠: سنة مهجورة بعد تلاوة القرآن



جاءني عبر الواتساب:

سنة مهجورة بعد تلاوة القرآن:
- سنة يغفل عنها كثير من الناس بعد تلاوة القرآن:
يُسْتَحَبُّ بعد الانتهاء من تلاوة القرآن أن يُقال:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أشهد أن لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».
- والدليل على ذلك:
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ:
«مَا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-
مَجْلِسًا قَطُّ، 
وَلاَ تَلاَ قُرْآناً، وَلاَ صَلَّى صَلاَةً ًَ
إِلاَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ، قَالَتْ:
فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ مَا تَجْلِسُ مَجْلِساً، وَلاَ تَتْلُو قُرْآنًا، وَلاَ تُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ خَتَمْتَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ».
قَالَ «نَعَمْ، مَنْ قَالَ خَيْراً خُتِمَ لَهُ طَابَعٌ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرِ، وَمَنْ قَالَ شَرّاً كُنَّ لَهُ كَفَّارَةً
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أشهد أن لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».
ولقد بَوَّب الإمامُ النسائي على هذا الحديث بقوله: «ما تُختم به تلاوة القرآن».
إسناده صحيح: أخرجه النسائي في (السنن الكبرى). وقال الحافظ ابن حجر في (النكت): (733/2): «إسناده صحيح».
وقال الشيخ الألباني في (الصحيحة): (495/7): «هذا إسنادٌ صحيحٌ أيضاً على شرط مسلم».
وقال الشيخ مُقْبِل الوادعي في (الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين): (128/2) : «هذا حديثٌ صحيح».
---------------------------------------------
- والناس اليوم تركوا هذه السنة؛ فقالوا بعد قراءة القرآن يقال:
صدق الله العظيم! وهذا غير صحيح.
قول (صدق الله العظيم) بعد الانتهاء من قراءة القرآن بدعة؛ لأنه لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا الخلفاء الراشدون، ولا سائر الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا أئمة السلف -رحمهم الله-، مع كثرة قراءتهم للقرآن، وعنايتهم ومعرفتهم بشأنه؛ فكان قول ذلك والتزامه عقب القراءة بدعة محدثة.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». (رواه البخاري ومسلم).
 وقال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». (رواه مسلم).
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
(اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء).
منقول*

كشكول ٩٨٩: الأفضل في كل وقت ما يناسبه من العبادة



قاعدة:
الأفضل في كل وقت ما يناسبه من العبادة؛
وعليه فإن الأفضل في رمضان:
- القيام،
- وقراءة القرآن،
- مع فرض الصيام...
جاءني على ماسنجر الفيس:

وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في (مدارج السالكين): (1/106- 111) ما ملخصه:
أهل مقام (إياك نعبد) لهم في أفضل العبادة، وأنفعها، وأحقها بالإيثار والتخصيص، أربع طرق، فهم في ذلك أربعة أصناف:
- الصنف الأول: عندهم أنفع العبادات وأفضلها: أشقها على النفوس وأصعبها.
- الصنف الثاني: قالوا: أفضل العبادات: التجرد والزهد في الدنيا.
- الصنف الثالث: رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها: ما كان فيه نفع متعد، فرأوه أفضل من ذي النفع القاصر، فرأوا خدمة الفقراء، والاشتغال بمصالح الناس، وقضاء حوائجهم، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل.
- الصنف الرابع: قالوا: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته،
فأفضل العبادات في وقت الجهاد: الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار، بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض كما في حالة الأمن.
والأفضل في وقت حضور الضيف -مثلاً- :القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب. وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل.
والأفضل في أوقات السحر: الاشتغال بالصلاة، والقرآن، والدعاء، والذكر، والاستغفار.
والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل: الإقبال على تعليمه، والاشتغال به.
والأفضل في أوقات الأذان: ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن.
والأفضل في أوقات الصلوات الخمس: الجد، والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى الجامع، وإن بعد كان أفضل.
والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه أو البدن أو المال: الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك.
والأفضل في وقت قراءة القرآن: جمعية القلب، والهمة على تدبره، وتفهمه، حتى كأن الله تعالى يخاطبك به...
والأفضل في وقت الوقوف بعرفة: الاجتهاد في التضرع، والدعاء، والذكر، دون الصوم المضعف عن ذلك.
والأفضل في أيام عشر ذي الحجة: الإكثار من التعبد، لا سيما التكبير، والتهليل، والتحميد؛ فهو أفضل من الجهاد غير المتعين.
والأفضل في العشر الأخير من رمضان: لزوم المسجد فيه، والخلوة، والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس، والاشتغال بهم، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم وإقرائهم القرآن عند كثير من العلماء.
والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم، أو موته: عيادته، وحضور جنازته، وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك.
والأفضل في وقت نزول النوازل، وأذية الناس لك: أداء واجب الصبر، مع خلطتك بهم، دون الهرب منهم؛ فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه.
والأفضل خلطتهم في الخير فهي خير من اعتزالهم فيه، واعتزالهم في الشر فهو أفضل من خلطتهم فيه. فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله؛ فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم.
فالأفضل في كل وقت وحال: إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت، ووظيفته، ومقتضاه.
وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق، والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد، فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته؛ فهو يعبد الله على وجه واحد.
وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تعبده عليها؛ فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها، واشتغل بها، حتى تلوح له منزلة أخرى...»اهـ. إلى آخر ما قال -رحمه الله-.

خطر في بالي ٥٥: لما رأيت شدة إقبال الناس على صلاة التراويح في المساجد وازدحامها بهم



خطر في بالي:
لما رأيت شدة إقبال الناس على صلاة التراويح في المساجد، وازدحامها بهم، ما جاء في موطأ مالك في كتاب الاعتكاف بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: «وَحَدَّثَنِي زِيَادٌ، عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا»اهـ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ ابن عبدالبر -رحمه الله- (الاستذكار 3/ 417): «مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ رَأْيًا وَلَا يُؤْخَذُ إِلَّا تَوْقِيفًا، وَمَرَاسِيلُ سَعِيدٍ أَصَحُّ الْمَرَاسِيلِ. وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى شُهُودِ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ، وَبَيَانُ فَضِيلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ». اهـ.
مع ما أخرجه الترمذي تحت رقم: (3513) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟». قَالَ: «قُولِي: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي». قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»اهـ، وصححه الألباني.
نعم كان في العشر الأواخر من رمضان يجتهد، ويشد المئزر، أخرج مسلم تحت رقم: (2214) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ شَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ».
والله الموفق.

كشكول ٩٨٨: ما يقوله المسلم عند إفطاره



جاءني على الواتساب:
انتبه:
ما يقوله المسلم عند إفطاره:
«اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت».
(حديث ضعيف، ضعفه الإمام الألباني -رحمه الله- في ضعيف أبي داود: (2358).).
فلا يُقال عند الإفطار على سبيل السنة.
والسنة أن يقول:
«ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبُت الأجرُ -إن شاء الله-». (حديث حسن، حسّنه الإمام الألباني في إرواء الغليل).

فائدة هامة:
يعتقد كثير من الناس أن دعوة الصائم مستجابة عند فطره معتمدين على حديث ضعيف وهو: «لكل صائم عند فطره دعوة مستجابة».
(ضعفه الإمام المحدث الألباني في السلسلة الضعيفة: (4325).).
والصواب أن الصائم يدعو في أي وقت وهو صائم، ودعوته لا ترد؛ بدليل:
قوله -عليه الصلاة والسلام-:
«ثلاث دعوات لا تُرد:
دعوة الوالد،
ودعوة الصائم،
ودعوة المسافر».
(صححه الامام الألباني في السلسلة الصحيحة: (1797).).

خطر في بالي ٥٤: التنبيه على المراد بالفقه في الدين



خطر في بالي:
التنبيه على أنه ليس المراد بالفقه في الدين في حديث معاوية -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا؛ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». (أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، حديث رقم: (71)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب: فضلُ الرمي والحث عليه، وذمُ من عَلِمه ثم نسيه، حديث رقم: (1037).).
وما في معناه؛ كثرة العلم بالمسائل، أو المذاهب الفقهية،

إنما المراد بالفقه في الدين:
تحصيل وصف التقوى، والتعظيم لشرع الله، بحيث إنه من حين ما يعلم أن هذا حكم الله وشرعه امتثل، لا يقدم عليه شيئا. ولذلك كان العلم الخشية.
فقد يكون الفقيه في الدين الذي أراد الله به خيراً شخصاً من طلبة العلم المبتدئين، بل قد يكون من العوام، لكنه معظم لشرع الله، يتقي الله، ويبادر إلى العمل بالشرع، خشية لله وخوفا منه.
وقد يكون الرجل مشهوراً بالعلم والفقه، وهو ليس بفقيه في الدين.
وعلى هذا المعنى تنبه الآثار الواردة من السلف.
كما سُئل سعدُ بنُ إبراهيم عن أفقه أهل المدينة؟ قال: «أتقاهم».
وسأل فرقدٌ السبخيُّ الحسنَ البصريَّ عن شيء؟ فأجابه، فقال: «إن الفقهاء يخالفونك!». فقال الحسنُ: «ثكلتك أُمُّك فريقد! وهل رأيت بعينيك فقيهًا؟! إنما الفقيه الزاهدُ في الدنيا، الراغبُ في الآخرة، البصيرُ بدينه، المداومُ علىٰ عبادة ربِّه، الذي لا يهمز مَنْ فوقه، ولا يسخر بمَن دونه، ولا يبتغي علىٰ علم علَّمه الله تعالىٰ أجرًا».
وقال بعضُ السلف: «إن الفقيه من لم يقنِّط الناس من -رحمة الله-، ولم يؤمِّنْهم مكرَ الله، ولم يدَعِ القرآن رغبةً عنه إلىٰ ما سواه».
وقال ابنُ مسعود -رضي الله عنه-: «كفىٰ بخشية الله علمًا، وبالاغترار بالله جهلًا».
انظر: (مفتاح دار السعادة: (1/89).).
والحاصل:
أن السلف لم يكونوا يُطلقون اسم الفقه إلا علىٰ العلم الذي يصحبه العمل.

سؤال وجواب ٢١٦: تنزل علي كدرة وصفرة قبل نزول دم الحيض؛ فهل أعتبر نفسي معها حائضًا؟



سؤال:
«تنزل علي كدرة وصفرة قبل نزول دم الحيض؛ فهل أعتبر نفسي معها حائضًا؟».

الجواب:
الكدرة والصفرة قبل نزول دم الحيض لا عبرة بها، تنقض الوضوء، وليست بحيض.
وإنما تأخذين حكم الحيض إذا نزل الدم.
فالكدرة والصفرة في أيام الطهر من الطهر.
والكدرة والصفرة في أيام الحيض من الحيض.
نعم إذا صاحب نزول الكدرة والصفرة قريبًا من الحيض آلام الطمث؛ فإن حكمها حكم الحيض، والله أعلم.
مثل نزول شيء من السوائل من النفساء مصحوبة بآلام الطلق؛ فإن تأخذ حكم النفساء ولو لم تر الدم.
والله الموفق.

كشكول ٩٨٧: أوصيكم بجوامع الدعاء... وأكلفوا من العمل ما تطيقون...



أيها الإخوة...
أوصيكم بجوامع الدعاء؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يحب جوامع الدعاء.
ومن أجمع الدعاء أن تقول:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، 
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
وصل اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ولمّا علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحسن بن علي -رضي الله عنه- دعاء القنوت لم يزد على: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ».
فالزموا السنة تفلحوا.
أما التطويل والسجع في الدعاء، كسجع الكهان، وجعل الدعاء كأنه نشرة أخبار؛ فهذا ليس من السنة.
وأكلفوا من العمل ما تطيقون، قوموا الليل، وصلوا التراويح في المساجد، واعلموا أن القضية ليست بعدد الركعات، القضية بـ:
- حضور القلب،
- والإخلاص،
- ومتابعة السنة!
فقد يصلي الرجل ركعتين متقبلتين، خير ممن يصلي عشر ركعات بلا حضور قلب، أو متابعة للسنة.
واحذروا انتقاص المسلمين؛ فإن من أبواب الشيطان أن يداخل المسلم عزة الطاعة والعمل الصالح، فيرى نفسه على إخوانه ممن لم يفعل مثله؛ فيؤول عليه ذلك بالخسران!
وفقنا الله لطاعته، وتقبل الله منا ومنك الصالحات!

سؤال وجواب ٢١٥: ما عدة المرأة المطلقة؟ وماذا عليها أن تصنع في عدتها؟



سؤال:
«ما عدة المرأة المطلقة؟
وماذا عليها أن تصنع في عدتها؟».

جواب:
المرأة المطلقة؛ 
- أمّا تطلق طلقة رجعية، وهي المطلقة طلقة أو طلقتان.
- وأمّا تطلق طلقة مبتوتة، وهي المطلقة في الطلقة الثالثة.

- والمرأة المطلقة طلقة رجعية، في حكم الزوجة طوال فترة العدة،
لا تخرج من بيت زوجها،
ولها عليه السكنى،
والنفقة،
وتتزين له،
وتتعرض له؛ لعل الله يحدث بعد ذلك أن يصلح بينهما ويراجعها.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}. (الطَّلاق: 1).
- والمرأة المبتوتة
لا نفقة لها،
ولا سكنى،
وتخرج إلى بيت أهلها تقضي عدتها،
ولا يملك زوجها رجعتها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره.
قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. (البقرة: 230).
وعدة المطلقة التي تحيض ثلاثة قروء، قال تعالى: {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. (البقرة: 228).
واللاتي يئسن من المحيض، واللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة أشهر.
وأولات الأحمال عدتهن أن يضعن حملهن. قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}. (الطَّلاق: 4).
وليعلم أن المرأة في عدة الطلاق الرجعية، ليست في حداد، كالمرأة المتوفى عنها زوجها، بل تتزين وتتعرض لزوجها، ولها أن تخرج من بيتها، ولكن الأمور كما في حكم الزوجية، ما كان بإذنه يكون بإذنه، وما كن معتاداً بغير أذن منه، أو يسمح فيه، فإنه يكون كذلك، خلالها.
وبمجرد انقضاء عدة الرجعية بدون أن يراجعها زوجها؛ فإنه لا يملك رجعتها، وعليه أن يتقدم إليها، ويخطبها بعقد ومهر جديدين.
والله الموفق.

كشكول ٩٨٦: القيام بأكثر من ثلاث عشرة ركعة




القيام بأكثر من ثلاث عشرة ركعة.

مَالِك، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: «كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَمَضَانَ؟». قَالَتْ: «مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا، فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟» قَالَ: «تَنَامُ عَيْنِي وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي».». (أخرجه الشيخان).
وعند مسلم (73) من طريق يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-». فَقَالَتْ: «كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ».
وعند مسلم أيضا (767) من طريق سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ، افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ».
وبناء على هذه الروايات فإن صلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الليل خمس عشرة ركعة.
ولا مخالفة بين هذه الأحاديث؛ لأن الظاهر أن مراد عائشة -رضي الله عنها- بيان صفة صلاته من الليل، لا حصرها في عدد معين.
ولذلك جاء عن السلف ألوان في صلاة الليل؛ فمنهم من كان يصلي من الليل بعشرين ركعة ويوتر بثلاث، ومنهم من يزيد عن ذلك.
ففي مختصر قيام الليل: «زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يُصَلِّي بِنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَنْصَرِفُ وَعَلَيْهِ لَيْلٌ». قَالَ الْأَعْمَشُ: «كَانَ يُصَلِّي عِشْرِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ».
وَقَالَ عَطَاءٌ: «أَدْرَكْتُهُمْ يُصَلُّونَ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً، وَالْوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ».
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ عَنْ شُتَيْرٍ: «وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْدُودِينَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ».
مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: «إِنَّ مُعَاذًا أَبَا حَلِيمَةَ الْقَارِئَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً».
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةَ قَالَ: «أَدْرَكْتُ النَّاسَ قَبْلَ الْحَرَّةِ يَقُومُونَ بِإِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً يُوتِرُونَ مِنْهَا بِخَمْسٍ». قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: فَقُلْتُ: «لَا يُسَلِّمُونَ بَيْنَهُنَّ؟». فَقَالَ: «بَلْ يُسَلِّمُونَ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ وَيُوتِرُونَ بِوَاحِدَةٍ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا».
عَمْرُو بِنُ مُهَاجِرٍ: إِنَّ عَمْرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ «كَانَتْ تَقُومُ الْعَامَّةُ بِحَضْرَتِهِ فِي رَمَضَانَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ تَسْلِيمَةً وَهُوَ فِي قُبَّتِهِ لَا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ».
دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ الْمَدِينَةَ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُصَلُّونَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ».
نَافِعٌ: «لَمْ أُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يُصَلُّونَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ».
وَرْقَاءُ بْنُ إِيَاسٍ: «كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بِنَا فِي رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ إِلَى عِشْرِينَ لَيْلَةً سِتَّ تَرْوِيحَاتٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ زَادَ تَرْوِيحَةً»اهـ.
وعلى هذا أئمة الدّين؛
وفي كتاب (مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر: ص: (222):
«ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- يَذْكُرُ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ: أَنْتَقِصُ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهُ: «قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ». قَالَ: «نَعَمْ، وَقَدْ قَامَ النَّاسُ هَذَا الْقِيَامَ قَدِيمًا». قِيلَ لَهُ: «فَكَمِ الْقِيَامُ؟». فَقَالَ: «تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ».
ابْنُ أَيْمَنَ: قَالَ مَالِكٌ: «أَسْتَحِبُّ أَنْ يَقُومَ النَّاسُ فِي رَمَضَانَ بِثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ ثُمَّ يُوتِرُ بِهِمْ بِوَاحِدَةٍ، وَهَذَا الْعَمَلُ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْحَرَّةِ مُنْذُ بِضْعٍ وَمِائَةِ سَنَةٍ إِلَى الْيَوْمِ».
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: «كَمْ مِنْ رَكْعَةٍ تُصَلِّي فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ؟». فَقَالَ: «قَدْ قِيلَ فِيهِ أَلْوَانٌ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ، إِنَّمَا هُوَ تَطَوَّعٌ». قَالَ إِسْحَاقُ: «نَخْتَارُ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً وَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ أَخَفَّ».
الزَّعْفَرَانِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: «رَأَيْتُ النَّاسَ يَقُومُونَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً». قَالَ: «وَأَحَبُّ إِلَيَّ عِشْرُونَ». قَالَ: «وَكَذَلِكَ يَقُومُونَ بِمَكَّةَ». قَالَ: «وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ضِيقٌ وَلَا حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ؛ لَأَنَّهُ نَافِلَةٌ، فَإِنْ أَطَالُوا الْقِيَامَ وَأَقَلُّوا السُّجُودَ فَحَسَنٌ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَإِنْ أَكْثَرُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَحَسَنٌ»اهـ.
ووجه ذلك:
أن فعل السلف من الصحابة بالزيادة على ثلاث عشرة ركعة؛ لا يكون إلا بسنة.
ومعلوم أن السنة قول أو فعل أو تقرير.
وغاية ما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- من قولها: «ما زاد في رمضان ولا في غير رمضان»، أن تحكي صفة فعله، وما فعله الصحابة -رضوان الله عليهم- فهو سنة ضمنية علمها الصحابة من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهذا الذي حكته عائشة -رضي الله عنها- سنة فعلية، وهذا الذي عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- سنة تقريرية، علموها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
فكل ذلك سنة؛
فمن قام بعشرين وأوتر بواحدة.
ومن قام بعشرين وأوتر بثلاث.
ومن قام بأربعين وأوتر بواحدة.
ومن قام بست وثلاثين وأوتر بثلاث.
ومن قام بست وثلاثين وأوتر بواحدة.
ومن قام بأقل أو أكثر؛ كل ذلك سنة، لا ينسب فاعله إلى مخالفة أو بدعة.

يوضح ذلك -إن شاء الله-، أن تعلم أن السنة:
- تأتي صريحة في نسبتها إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- وتأتي ضمنية غير صريحة؛ فتأتي عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، ولها حكم الرفع.
وقد اتفقوا على جواز الزيادة على ما نقل عن عائشة -رضي الله عنها-؛ فدل ذلك أنه مبني على سنة وتوقيف، فهي سنة ضمنية. والله الموفق.

سؤال وجواب ٢١٤: إذا جامع أهله أكثر من مرة في رمضان



سؤال:
«إذا جامع أهله أكثر من مرة في رمضان، هل يقضي عن كل يوم كفارة مستقلة؟ أو عن كل جماع في حالة تكرر في اليوم الواحد؟ أم يكتفي بكفارة واحدة؟».

الجواب:
من جامع أهله في يوم من رمضان؛ لزمه أن يقضي ذلك اليوم.
ولو كرر جماعه في ذلك اليوم لا يلزمه غير كفارة واحدة المشار إليها؛ لأنه بعد جماعه الأول أفطر.
فما يفعله من جماع بعد ذلك في نفس اليوم لا تأثير له.
ومن تكرر جماعة في أكثر من يوم من رمضان؛ فإنه
- يلزمه عن كل يوم كفارة،
- مع قضاء صيام الأيام التي أفطرها.
والزوجة:
- عليها كذلك الكفارة،
- إلا إذا كانت مكرهة؛ فعليها القضاء فقط، ويتكلف الزوج بالكفارة.
والله الموفق.

كشكول ٩٨٥: رسالة الشيخ عبد العزيز بن باز إلى الشيخ أحمد شاكر -رحمهما الله-



جاءني عبر الواتساب:

أدب الإمام ابن باز مع العلماء يظهر في الرسالة التالية التي كتبها -يرحمه الله- إلى العالم المصري في الحديث خادم السنة أحمد شاكر -يرحمه الله- صاحب الصورة أعلاه:
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ في الله والمحبوب فيه الشيخ الفاضل العلامة أحمد شاكر زاده الله من العلم والإيمان، ومنحني وإياه الفهم الصحيح في السنة والقرآن، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو على جميع نعمه، وأسأله -تعالى- أن يوزعني وإياكم شكرها، وأن يمن علينا جميعاً بالفقه في دينه، والثبات عليه والبصيرة في أحكامه، وحسن الدعوة إليه، وأن يعيذنا جميعاً من مضلات الفتن، ونزغات الشيطان، إنه سميع قريب.
أخي لقد كنت منذ أمد طويل مشتاقاً إلى مكاتبة فضيلتكم؛ للتعارف، والتذاكر، والسلام عليكم، والاستفسار عن صحتكم، ومن لديكم من الأولاد، والإخوان في الله، وإبداء ما أُكنه لفضيلتكم من المحبة في الله.
ولكن لم يقدر ذلك إلا هذا الوقت؛ لقلة الفراغ، وتزاحم الأشغال المتعلقة بالقضاء والتعليم، أحسن الله لي ولكم العاقبة، آمين.
وإني لأدعو الله كثيراً لفضيلتكم على ما من به عليكم من خدمة السنة، ونفع المسلمين؛ بإبراز المسند العظيم بهذا الوضع الجليل الجامع بين فائدتين عظيمتين:
إحداهما: إبقاء المسند على حاله،
والثانية: بيان حال أسانيده، والتنبيه على ما هناك من غريب، أو خطأ، أو اختلاف نسخ، مع ما انظم إلى ذلك من الأحاديث، وفهرستها بفهرس نافع وافٍ بالمطلوب مريح للطلاب.
فجزاكم الله عما فعلتم خيراً، وضاعف لكم الأجر، وزادكم من العلم والبصيرة، وختم لي ولكم ولسائر المسلمين بالخاتمة الحسنة؛ إنه ولي التوفيق.
ثم أشعر فضيلتكم أني لما قرأت كلمة الحق المنشورة في مجلة الهدى الصادرة في ربيع أول سنة 71؛ وجدت فيها مواضع لم تظهر لي حجة ما اعتمده فضيلتكم فيها، وأحببت مذاكرتكم في ذلك؛ ليظهر الصواب للجميع؛ أداءاً لواجب التناصح، والإخوة الإيمانية، جعلني الله وإياكم من الذين يهدون بالحق وبه يعملون.
 وهذا بيان المواضع:
الأول: قلتم في صفحة 13 يجب على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يحاربهم وأن يقتلهم حيثما وجدوا مدنيين كانوا أو عسكريين... الخ.
أقول هذا التعميم والإطلاق فيه نظر؛ لأنه يشمل المسلمين الموجودين في مصر وغيرهم.
والصواب: أن يستثنى من ذلك من كان من المسلمين رعية لدولة أخرى من الدول المنتسبة للإسلام التي بينها وبين الانجليز مهادنة؛ لأن محاربة الإنجليز لمصر لاتوجب انتقاض الهدنة التي بينها وبين دولة أخرى من الدول الإسلامية، ولا يجوز لأي مسلم من رعية الدولة المهادنة محاربة الإنجليز؛ لعدوانهم على مصر وعدم جلائهم عنها.
والدليل على ذلك قوله -سبحانه- في حق المسلمين الذين لم يهاجروا: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} ومن السنة قصة أبي جندل وأبي بصير لما هربا من قريش وقت الهدنة، والقصة لا تخفى على فضيلتكم. انتهى. المصدر: (الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء، ص: (593-595).).