السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

كشكول ١٠٢٥: مصاحبة بعض أهل البدع بما ليس له منه بد


تذكرت وسائل يسألني عن مصاحبة بعض أهل البدع ، بما ليس له منه بد، أن من أحوال هذه الدنيا على الناس ما صوره الشاعر بقوله :
ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى #عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ

بِقَلْبِي وإنْ لم أرْوَ منها مَلالَةٌ #وبي عن غَوانيها وإن وَصَلتْ صَدُّ

قال وقلت ٩٤: النساء من أهل النار يوم القيامة؟



قالت : النساء من أهل النار يوم القيامة؟
قلت: ورد في الحديث عند البخاري تحت رقم (304)، ومسلم تحت رقم (79، 80) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ! فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ!، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا".
وهذا الحديث من نصوص الوعيد، والقاعدة في نصوص الوعيد أن هذا عذابهن إذا أراد الله أن يعذبهن، وإلا فهن في مشيئة الله إن شاء غفر لهن، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ (النساء:48). ومقصود الحديث: تنبيه النساء على ترك هذه الأمور التي تكثر فيهن إلا من رحم الله منهن.
وحثهن على الصدقة والبذل والعطاء، من مالهن لأن الصدقة تطفئ الخطيئة أخرج الترمذي (2804)، وابن ماجه (3973) 
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، في سياق طويل محل الشاهد منه قَالَ: قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ النَّارَ الْمَاءُ".

والله الموفق.

تطبيق أصولي ٨: صيام القضاء وست من شوال



تطبيق أصولي فقهي :

أخرج مسلم في صحيحه تحت رقم (1164) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ".
وفي الحديث التطبيقات التالية:
- دلالة الظاهر؛ فإن الظاهر من الحديث اشتراط أن يصوم المسلم رمضان، وأن يتبعه ستا من شوال، لينال الأجر المذكور: "كان كصيام الدهر". فلا يشرع في صيام الأيام الستة من شوال إلا بعد قضاء ما أفطره من رمضان حتى يصدق عليه أنه صام رمضان. ومن باب الخروج عن دلالة الظاهر وإلغاء دلالة أسلوب الشرط في الحديث، قول من قال: لا يشترط أن يقدم القضاء لما أفطره من رمضان، فلو صام ستا من شوال، ثم بعد ذلك قضى رمضان حصل الأجر، وحمل الحديث على معنى : من صام أغلب رمضان وأفطر أياماً بعذر فإنه يصدق عليه أنه صام رمضان. والقرينة التي جعلته يخرج عن الظاهر : ما ورد أن عائشة رضي الله عنها ما كانت تقضي رمضان إلا في شعبان، وكانت تصوم الست من شوال. وهذا متعقب: بأنه يحتاج إلى دليل يثبت أن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قد كانت تصوم ستا من شوال قبل قضائها رمضان! بل في كونها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان دليل أنها ما كانت تصوم النوافل، وإلا كان الحري بها المبادرة إلى قضاء الواجب، وعليه فالبقاء على الظاهر هو الأصل.
- دلالة العموم في قوله صلى الله عليه وسلم : "من صام رمضان"، فإنه يشمل كل مسلم مكلف يصح صومه، ذكراً كان أو أنثى، حراً أو مملوكاً، مقيماً أو مسافراً.
- دلالة مفهوم المخالفة، في قوله: "من شوال"، فإن مفهوم المخالفة أن صيام ستا من غير شوال لا يحصل هذا الأجر هذا عند الجمهور. واعتبر المالكية إلغاء مفهوم المخالفة هنا، لأن ذكره لشوال من أجل أن الصوم فيه أسهل على المسلم إذ اعتاده لقربه من رمضان، وإلا فيجوز له تأخيره إلى سائر أيام الفطر في غير شوال، و لو أخره إلى عشر من ذي الحجة لكان أفضل، فذكر شوال من باب تعيين الفطر ابتداء لصيام الستة.
- دلالة حروف المعاني في قوله صلى الله عليه وسلم: "من شوال"، فإنها على تقرير الجمهور تكون (من) للتبعيض، فلابد من أن تكون الأيام الستة من شوال، وعلى تقرير المالكية تكون (من) للابتداء، أي يصوم ستا ابتداء من شوال.
- سد الذرائع، فقد كَرِهَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ – صيام ستا في شوال لِمُقْتَدًى بِهِ، وَلِمَنْ خَافَ عَلَيْهِ اعْتِقَادَ وُجُوبِهَا إنْ صَامَهَا مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا أَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا. (مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 414)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي 1/ 517)، وذلك سداً للذريعة. قال القرافي في الفروق (2/ 191): "وَسَدُّ هَذِهِ الذَّرَائِعِ مُتَعَيَّنٌ فِي الدِّينِ وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شَدِيدَ الْمُبَالَغَةِ فِيهَا"اهـ وعند الجمهور أن عدم صوم يوم العيد يكفي في سد ذريعة اعتقاد أنها من رمضان، وأن حكمها حكمه، بل ورد عن السلف أنهم ماكانوا يستحبون صيامها من اليوم الثاني من شوال ويرون تأخيرها عن أوله، وهذا كاف في سد ذريعة اعتقاد أنها من رمضان. 
والله الموفق.