السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

سؤال وجواب ٢١: حكم صبغ خصلات من الشعر بالأشقر؟


سؤال:
«صبغ خصلات من الشعر تكون شقراء، هل فيه تشبه بالكافرات أو لا؟ علمًا بأنه قد شاع في وقتنا هذا».

جواب:
قضية هل فيه تشبه بالكافرات أو لا، هذه لا أدري عنها شيئاً، فارجعي إلى من له علم في ذلك، فإن ثبت أن هذه الطريقة من الصباغ لبعض خصلات شعر الرأس من خصائص فعل الكفار، فلا يجوز فعلها؛ لأنها من باب التشبه بهم، وإلا فإن ذلك يجوز إن لم يكن فيها مُثلة، أو تدليس، أو ضرر.


ملحوظة: سمعت أن صبغة تسمى بـ (الميج) تكوِّن طبقة عازلة على الشعر فلا يصل إليه الماء، فإذا ثبت ذلك، لم يجز استعمال هذه الصبغة التي تعزل الماء؛ لأنها تؤثر على صحة الطهارة، والله أعلم.

سؤال وجواب ٢٠: حكم التشقير


سؤال:
«ما رأي فضيلتكم في تشقير الحاجبين، بمعنى أن تحدد الحاجبين بالصبغة حتى تصير كأنها منمصة، حيث إنني سمعت أنها تحايل على محرم، فما رأي فضيلتكم -جزاك الله خيرًا-»

الجواب: 
لا يظهر أن التشقير بالصورة المذكورة في السؤال محرم، فلا حرج فيه ويمكن يستدل على جوازه بالأدلة التالية:
- أن الأصل الإباحة ولا يخرج عنها إلا بدليل.
- أن النساء كن يضعن الصبر والورس والزعفران يتشببن به؛ لأنه يلون الوجه ويشده، والتشقير هو صبغ لشعر الوجه، كالصبر والزعفران والورس.
- ولأن التشقير ليس من النمص أصلاً.


فيجوز للمرأة فعله، إلا إذا ثبت أن فيه ضرراً، أو تدليساً على الخاطب، فإنه لا يجوز، والله أعلم.

كشكول ٥٦: الألفاظ نوعان


مجموع الفتاوى (٥/ ٢٩٨-٢٩٩): «الألفاظ نوعان:
- لفظ ورد في الكتاب والسنة أو الإجماع، فهذا اللفظ يجب القول بموجبه سواء فهمنا معناه، أو لم نفهمه؛ لأن الرسول لا يقول إلا حقًا، والأمة لا تجتمع على ضلالة.

- والثاني: لفظ لم يرد به دليل شرعي، كهذه الألفاظ التي تنازع فيها أهل الكلام والفلسفة هذا يقول: «هو متحيز». وهذا يقول: «ليس بمتحيز». وهذا يقول: «هو في جهة». وهذا يقول: «ليس هو في جهة» وهذا يقول: «هو جسم أو جوهر». وهذا يقول: «ليس بجسم ولا جوهر»؛ فهذه الألفاظ ليس على أحد أن يقول فيها بنفي ولا إثبات حتى يستفسر المتكلم بذلك، فإن بين أنه اثبت حقًا أثبته، وإن أثبت باطلاً رده، وإن نفى باطلاً نفاه، وإن نفى حقًا لم ينفه» اهـ.

كشكول ٥٥: تقول لهم قال مالك بن أنس: لا أحسن!


في (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم (١٨/١)
حدثنا أحمد بن سنان، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: «كنا عند مالك بن أنس، فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله جئتك من مسيرة ستة أشهر، حملني أهل بلادي مسألة أسألك عنها.
قال: فسل، قال: فسأل الرجل عن أشياء. 
فقال: لا أحسن.
قال: فقطع بالرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء. 
قال: وأي شيء أقول لأهل بلادي إذا رجعت إليهم؟ 

قال: تقول لهم قال مالك بن أنس: لا أحسن».

كشكول ٥٤: وصف أئمة الحديث بالتشدد، والتساهل، والاعتدال، هو وصف نسبي


وصف أئمة الحديث بالتشدد، والتساهل، والاعتدال، هو وصف نسبي، ليس حكماً مطرداً لازماً في كل راو من الرواة؛
لأن الأصل أن الأئمة أهل معرفة واطلاع، كما يحرصون على أن لا يمشوا ويقبلوا حديث من لا تقبل روايته، حريصون على أن لا يردوا حديث من تقبل روايته.
ولأن عبارات الأئمة في الجرح والتعديل، ومناهجهم في ذلك، تحتاج إلى استقراء لكل إمام على حدة. ومما يعين في تعرف معاني عبارات الإمام عبارات معاصريه من الأئمة في حق راو بعينه.
ولأن الواقع مؤذن بالحاجة إلى معرفة اصطلاحات الأئمة وعباراتهم في الجرح والتعديل، وأنه ليس لذلك قانون مطرد على الكل، فالحكم على إمام بأنه متشدد حكماً عاماً مطلقاً مطرداً، لا يستقيم مع كل هذه الأمور.

فإن قيل: «إذا كان هذا هو الواقع، فما فائدة وصف الذهبي وابن حجر وغيرهم أئمة الجرح والتعديل بالتشدد والتسامح والاعتدال، وأن كل طبقة من طبقات الأئمة لا تخلو من متشدد ومتسامح ومعتدل؟»

فالجواب: فائدة ذلك تظهر بالنسبة إلى وجود الاختلاف والتعارض بين كلام أئمة الجرح والتعديل في راو بعينه!
ففي هذه الحال يصار إلى الترجيح بمعرفة أن هذا الإمام له في عبارته شدة، تعرف إذا قابلنا عبارته بعبارة غيره من أئمة الشأن الذين في طبقته أو حتى غيرهم!

وهذه الحال هي محل نسبية هذا الوصف، والله أعلم.

كشكول ٥٣: فضل الطواف بالبيت، ومسح الركنين اليمانيين



عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ: مَا لِيَ لَا أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إِلَّا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ مَسْحَهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا».

ورواه أحمد ولفظه: «عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ لِابْنِ عُمَرَ: مَا لِي لَا أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إِلَّا هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ اسْتِلَامَهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا». قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ طَافَ أُسْبُوعًا يُحْصِيهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ». قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَدَمًا، وَلَا وَضَعَهَا إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ». (أخرجه أحمد (٢/٣ الميمنية)، (٨/٣١، تحت رقم ٤٤٦٢)، والترمذي في أبواب الحج، بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ، حديث رقم (٩٥٩)، وابن خزيمة (٢١٨/٤، تحت رقم ٢٧٢٩)، وابن حبان (الإحسان ٩/ ١١، ٣٦٩٨)، والحاكم الحاكم (١/٤٨٩). والحديث حسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والألباني في صحيح سنن الترمذي باختصار السند، وحسنه محققو المسند.).

قال وقلت ٢١: «والله أعلم بمن يكلم في سبيله». ليس هذا لكل من ادعى أنه مجاهد!


قال: «قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده، لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم، والريح ريح المسك». (متفق عليه)».


قلت: هل انتبهت لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: «والله أعلم بمن يكلم في سبيله». فليس هذا لكل من ادعى أنه مجاهد! هديت.

قال وقلت ٢٠: الجهاد بالدعوة والحجة والبرهان من الجهاد الكبير


قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاتزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال». (رواه أبو داود وإسناد صحيح)».

قلت: أخرج البخاري تحت رقم (٣٦٤٠)، ومسلم (١٩٢١) عن المُغِيرَة بْن شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «لاَ يَزَالُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». 

ومعنى ذلك: أن الله جل وعلا يجعل أهل الحق والسنة ظاهرين في حال قوة المسلمين بالسيف والسنان، وفي حال ضعف المسلمين بالحجة والبرهان.

فهم ظاهرون على من يخالفهم في الحالين؛ إما بالسيف والسنان، وإما بالحجة والبرهان.

وليس معنى ذلك أنه لابد من ظهورهم بالسيف والجهاد بالقتال في كل وقت.

فإن قيل: جاء في الحديث النص على أنهم يقاتلون، فأخرج مسلم تحت رقم (١٥٦) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: «فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ».

فالجواب: إنما نص على القتال؛ لأنه أوضح صور الظهور، لا لأنه ظهورهم في كل وقت به، ولأن القتال قد يكون حقيقي بالسيف والسنان، وقد يكون معنويًا بالحجة والبرهان، 

وقد بوب البخاري -رحمه الله- في (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة) بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ يُقَاتِلُونَ»، فقال: «وَهُمْ أَهْلُ العِلْمِ».

وقال أحمد: «إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم».

وهذا يدل على أن السلف لم يفهموا من الحديث أن المراد أن ظهورهم بالجهاد القتالي في كل وقت، فإن الجهاد بالدعوة والحجة والبرهان من الجهاد الكبير. قال تبارك وتعالى: {فَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. (الفرقان: ٥٢).

ويدل على ذلك تأمل روايات الحديث فقد أخرج البخاري تحت رقم (٣١١٦)، ومسلم تحت رقم (١٠٣٧) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ هَانِئٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ».


وكذا في حديث المغيرة -رضي الله عنه-، وكذا في حديث ثوبان -رضي الله عنه- لم يذكر «يقاتلون» مما يدل على أنه ليس المراد أن ظهورهم دائماً بالقتال بالسيف والسنان، إنما هو من أوضح صور الظهور، والله الموفق.

قال وقلت ١٩: حقق وصف الجهاد، ليقال: هؤلاء مجاهدون بحق!


قال: ««الطعن بالمجاهدين من دلائل فسق الرجل». (ابن كثير)».

قلت: حقق وصف الجهاد، ليقال: هؤلاء مجاهدون بحق، عندها يتحقق كلام ابن كثير -رحمه الله-.

قال وقلت ١٨: ما هو سبب ما عليه حال المسلمين اليوم؟ وما هو العلاج؟


قال: «أتعرف لماذا نحن المسلمين الآن هكذا حالنا؟ بسبب بعدنا عن الله، وتركنا لأهم أمور ديننا، وهو: الجهاد؟».

قلت: لا، ليس الأمر ما قلت!

بل نحن والحمد لله نعرف الله، ونعرف رسولنا، وعلى بصيرة -إن شاء الله- من ديننا، ونعلم أن سبب هذا الضعف ما بينه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث وهو البعد عن الدين، والجهل به، فإذا أردنا العزة للإسلام والمسلمين فلابد من العودة إلى الدين، سبب ما نحن فيه الجهل بالدين، حتى يأتي أناس متحمسون جاهلون بالدين يقاتلون الناس ويسمون هذا القتال جهادًا، ويأتي من لا يعرف معاني الولاء والبراء والحكم بغير ما أنزل الله، فيتسلط على أهل الإسلام فيكفر المجتمعات والدول والحكام، و يستبيح الخروج عليهم، وتهراق دماء المسلمين بسبب فكره ونظرته التي يدعي أنها تمثل الإسلام.

اسمع هداك الله، أخرج أحمد في المسند أحمد (الميمنية ٢/ ٤٢، ٨٤)، (الرسالة ٩/ ٥١، ٣٩٦، تحت رقم ٥٠٠٧، ...٥٥٦٢)، وأبو داود في سننه في (كتاب البيوع)، باب في النهي عن العينة، حديث رقم (٣٤٦٢) عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم». (والحديث صححه محقق (جامع الأصول) (١١/ ٧٦٥)، وضعفه محققو المسند، من أجل أن في سنده شهر بن حوشب، وأبا جناب، لكن أورد له الألباني طريقين آخرين، انظر (سلسلة الأحاديث الصحيحة) تحت رقم (١١)، فيرتقي الحديث إلى درجة الصحيح لغيره). 
فأرشد إلى رفع الذل والهوان بالعودة إلى الدين.

ما هو الدين؟
في حديث جبريل الطويل الذي هو أم السنة، بعد أن ذكر أركان الإيمان، والإسلام، والإحسان قال: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم». (أخرجه البخاري في (كتاب الإيمان)، باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان والإسلام والإحسان، حديث رقم (٥٠)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، حديث رقم (٩، ١٠). كلاهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه مسلم في (كتاب الإيمان) باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، حديث رقم (٨)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه)!
فالرسول -عليه الصلاة والسلام- أخبر بأمر سيكون، وأخبر بالنتيجة، ودلّ وأرشد إلى سبيل الخلاص؛

فالداء وأعراضه هي:
- «إذا تبايعتم بالعينة» والعينة: نوع من أنواع البيوع، تباع فيها السلعة، ويبقى عينها عند بائعها، ويشتريها البائع ممن اشتراها منه، كأن يذهب إنسان إلى صاحب سيارات وهو محتاج فلوس فيقول لصاحب السيارات: «بعني هذه السيارة بالتقسيط بعشرين ألف». فيبيعه بعشرين ألف، وصاحب السيارة عارف أنه ما يريد السيارة يريد الفلوس، فيقول له: «أنا اشتري منك هذه السيارة نقداً بخمسة عشر ألفاً». فيصير في الحقيقة أنه أخذ خمسة عشر ألفاً حاله بعشرين ألف مؤجلة. ألم يحصل هذا؟! سمي عينة؛ لأن عين السلعة المباعة لم تنتقل من حرز مالكها.
والرسول -عليه الصلاة والسلام- عنون ببيع العينة من باب الإشارة إلى تفشي أنواع البيوع المحرمة؛ لأنه لا يوجد عندنا في المعاملات في البيع والشراء إلا بيع وربا، فعنوان البيوع المحرمة: الربا، ومنه: بيع العينة.

- «واتبعتم أذناب البقر» كانوا في السابق ولا يزال إلى الآن في بعض البلاد المحراث يجره بقر وثور، فيأتي المزارع يمشي خلف البقر، ويمسك المحراث، ويغرزه في الأرض حتى يقلبها، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- عبر عن الركون إلى الدنيا والأرض باتباع أذناب البقر، يعني: تصيروا أهل زرع، وأهل دنيا، وأهل مال؛ فتجلسوا في الأرض، وتتركوا الجهاد. 

- «وتركتم الجهاد»
فتضمن الحديث ثلاثة أعراض لحال المسلمين:
1ـ إذا تبايعتم بالعينة! قلنا: هذا عنوان البيوع المحرمة الربوية.
2ـ واتبعتم أذناب البقر! معناه: الركون إلى الدنيا.
3ـ وتركتم الجهاد.
والنتيجة لهذه الأمور: «سلط الله عليكم ذلاً».

والعلاج كيف يكون:
- «لا يرفعه عنكم حتى تعودوا إلى دينكم».
العودة إلى الدين سبب في رفع الذل عنا.
والدين هو ما جاء في حديث جبريل الطويل، (أم السنة). وهذه أهم ما في الدين، معرفة: أركان الإسلام، وأركان الإيمان، وركن الإحسان، والاستعداد لليوم الآخر وعلاماته.
والحال أن المسلمين في ضعف لا يقدرون عليه، ومعلوم أن القدرة مناط التكليف! بل ترك الجهاد عرض من الأعراض، إنما الداء هو: ترك الدين، والجهل به، والانغماس في الدنيا، والعلاج: بالعودة إلى الدين، وتحقيق الإسلام بأركانه، والإيمان بأركانه، والإحسان بركنه، والاستعداد لليوم الآخر وعلاماته. 

فليس السبيل هو رفع راية الجهاد، وليس هو أهم أمور ديننا!

قال وقلت ١٧: الإمام في الأحاديث هو الذي يجتمع عليه الناس، ويقيم فيهم شرع الله تعالى


قال: «إذا نظرت إلى الجماعات الإسلامية في الشام، لرأيت أن لكل جماعة إمام وهيئة شرعية، فهم يعني يقاتلون بإمام».

قلت: المراد بالإمام في الأحاديث هو الذي يجتمع عليه الناس، ويقيم فيهم شرع الله تعالى، وليس المراد أن يجتمع جماعة من الساعين في الأرض فيجعلون لهم أميراً، ويدّعون إقامة شرع الله، وإلا لماذا قاتل الصحابة الخوارج وقد كانت لهم جماعة ولهم طائفة ولهم أمير، لماذا لم يتركونهم على أنهم جماعة ذات شوكة ولها منعة؟! والدليل على أنها جماعة من الساعين في الأرض، قولك: (الجماعات الإسلامية لكل جماعة إمام وهيئة شرعية)، فهذا وصف عدم اجتماع الناس عليهم، فاتق الله وارجع إلى السنة تهتدي!

قال وقلت ١٦: لا محل للجهاد مع الضعف وعدم القدرة


قال: «الجهاد على كل مسلم في هذه الأرض، منذ أن سقطت الخلافة الإسلامية على زمن العثمانيين».

قلت: هذا كلام فيه نظر!
فإن الجهاد حتى ولو كان من باب الدفع، لا محل له مع الضعف وعدم القدرة. ألا ترى الكفار في العهد المكي وما الذي فعلوه بالكعبة وبالمسلمين؟! ومع ذلك لم يجب عليهم الجهاد؛ لأنه لا قدرة عندهم. وعلى كلامك ينبغي أن يكون الجهاد واجباً عليهم، وبالتالي الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين آثمون! فهل تقول بهذا؟!

وفي آخر الزمان لما يقتل عيسى -عليه الصلاة والسلام- الدجال، ويبقى عيسى -عليه الصلاة والسلام- ومن معه من المؤمنين، يخرج الله جل وعلا يأجوج ومأجوج، ويأمر عيسى أن يصعد بمن معه من المؤمنين جبل الطور؛ لأنه أخرج عباداً لا طاقة لعيسى -عليه الصلاة والسلام- ومن معه من المؤمنين بقتالهم؛ فهل عيسى -عليه الصلاة والسلام- ومن معه من المؤمنين آثمون لتركهم الجهاد والتصدي ليأجوج ومأجوج؟ علمًا بأن خروج يأجوج ومأجوج واكتساحهم أرض الشام هو مما ينطبق عليه صورة جهاد الدفع، ومع ذلك ينزل الوحي بعدم المواجهة وترك الجهاد! فما رأيك؟!

قال وقلت ١٥: كيف تسكتون عن هذا الحلف مع دول الكفر؟


قال: «كيف تسكتون عن هذا الحلف مع دول الكفر؟».

قلت: هذا الحلف مع دول الكفر لدفع ضرر من يشوه الإسلام، ويعتدي على الناس، ويذبحهم، ويروع الآمنين، ويستولي على ممتلكاتهم، ولا حرج في الحلف معهم في مثل ذلك؛ لأنه حلف في نصرة الحق، ودفع الظلم والعدوان من هؤلاء، وأخرج أبوداود (٧٦٧) بسند صحيح عن حسانَ بن عطيةَ قال: مَال مكحولٌ وابنُ أبيِ زكريا إلى خالد بن مَعْدَانَ، ومِلْتُ معهما، فحدَثنا، عن جُبَيرِ بن نُفير قال: قال جبيرٌ: انطَلِقْ بنا إلى ذي مِخبَرٍ -رجلِ من أصحابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-- فأتيناهُ، فسأله جبيرٌ عن الهُدنةِ، فقال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: «ستُصَالِحون الرومَ صُلْحاً آمِناً، وتَغزُون أنتم وهم عَدُوّاً من ورائِكم».

قال:
«كيف ترضون عن قتل طائرات الحلفاء للناس؟».

قلت:
سبحان الله! أولئك المتطرفون تسلطوا على المسلمين، وأهل العهد تقتيلاً وتذبيحاً، ويتبجحون بذلك في مقاطع فيديو يبثونها، فلم نسمع لك ولا لغيرك كلمة في إنكار ذلك، أو التوجع لما يحصل!

ثم بالخطأ يحصل سقوط بعض القذائف تتوجعون وتتباكون، فسبحان الله!