السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 5 مارس 2015

سؤال وجواب ١١٩: ما محل ما نسمعه من أهل العلم من أن تقسيم الأخبار إلى آحاد ومتواتر لم يكن من علوم السلف



سؤال:
«ما محل ما نسمعه من أهل العلم من أن تقسيم الأخبار إلى آحاد ومتواتر لم يكن من علوم السلف، وأنه مما دخل إلى الثقافة الإسلامية تأثراً لمناهج المدرسة العقلية اليونانية؟».

الجواب: 
لم ينكر العلماء -رحمهم الله- إن تقسيم الأخبار من جهة نقلها إلى آحاد ومتواتر وغير ذلك أمر واقعي، ولم ينكروا تفاوت الأخبار في إفادتها للعلم فإنها قضية بدهية.
إنما أنكروا الأمور التالية:
1- أنكروا حصر إفادة العلم على المتواتر، وذلك أن أتباع المدرسة العقلية الذين ساروا على خطى المدرسة اليونانية حصروا إفادة العلم على المتواتر، فعندهم أن خبر الآحاد يفيد الظن مطلقاً، والمتواتر يفيد العلم مطلقاً. أمّا جمهور أهل العلم من أهل المذاهب الأربعة فقالوا: العلم قد يستفاد من المتواتر، وقد يستفاد من قرائن أخرى، منها ما يرجع إلى صفات النافلين، ومنها ما يرجع إلى أمور أخرى كإخراج صاحبا الصحيح له أو أحدهما، أو تلقي الأمة له بالقبول ونحو ذلك. 
2- أنكروا إطلاق القول في أن الآحاد يفيد الظن ولا يفيد العلم، فقالوا: قد يقترن بخبر الآحاد ما يجعله يفيد العلم. بل قال أهل الحديث: إذا ثبت الخبر عن رسول الله أفاد العلم وأوجب العمل.
3- أنكروا تقسيم أبواب الشرع إلى العقيدة والأحكام، فجعل أتباع المدرسة العقلية أبواب العقيدة لا تثبت إلا بيقين، وبما أن الأخبار لا يفيد منها العلم إلا المتواتر، فلا تثبت أمور العقيدة إلا بالمتواتر، أما حديث الآحاد فهو يفيد الظن مطلقاً، على أي حال أو صفة، فلا محل له في أبواب العقيدة، إنما محله في الشرائع والأحكام. هذا التقسيم أنكره أهل السنة والجماعة، فقالوا تقسيم الأخبار إلى متواتر يفيد العلم وآحاد يفيد الظن، والبناء على هذا أن العقيدة لا تثبت إلا بالمتواتر، فالآحاد لا محل له في العقائد، هذا أمر مردود عند السلف وأتباعهم؛ لأن إفادة العلم ليست محصورة في المتواتر، ولأن هذا التقسيم لأبواب الشريعة حادث لم يأت من سلف الأمة.
هذا هو محل إنكار العلماء لقضية تقسيم الأخبار إلى آحاد ومتواتر.
فمن رتب على القسمة حصر إفادة العلم على التواتر، وأن الآحاد ظني مطلقاً على أي حال، وأن أبواب الدين ما تعلق منها بالأحكام يقبل فيه الآحاد، وما تعلق منها بالعقيدة لا يقبل فيها إلا المتواتر؛ من رتب على القسمة هذه الأمور فقد أخذ بقول المعتزلة المتأثرين بعلم اليونان، والله المستعان.

سؤال وجواب ١١٨: أين أجد توثيق قول مالك المذكور؟



قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 87): «وأصل مالك أن شهرة الحديث بالمدينة تغني عن صحة سنده»اهـ.
وقال المحقق ابن الهمام الحنفي في شرح فتح القدير (3/ 493): «قال مالك: شهرة الحديث بالمدينة تغني عن صحة سنده»اهـ.
وقد وقع السؤال عن: «أين أجد توثيق قول مالك المذكور؟».

والجواب:
وجدت قول مالك المذكور بمعناه في رسالته التي أرسلها لليث بن سعد ونقلها القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك وتقريب المسالك (1/ 41- 44)، ونصها:
«من مالك بن أنس إلى الليث بن سعد.
سلام عليكم، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: 
عصمنا الله وإياك بطاعته في السر والعلانية، وعافانا وإياك من كل مكروه.
اعلم -رحمك الله- أنه بلغني أنك تفتي الناس بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندنا وببلدنا الذي نحن فيه.
وأنت في إمامتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك، واعتمادهم على ما جاءهم منك، حقيق بأن تخاف على نفسك وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه، فإن الله تعالى يقول في كتابه: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار}، الآية.
وقال تعالى: {فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}، الآية.
فإنما الناس تبع لأهل المدينة، إليها كانت الهجرة، وبها نزل القرآن، وأحل الحلال وحرم الحرام؛ إذ رسول الله بين أظهرهم يحضرون الوحي والتنزيل، ويأمرهم فيطيعونه، ويسن لهم فيتبعونه، حتى توفاه الله، واختار له ما عنده -صلوات الله عليه ورحمته وبركاته-.
ثم قام من بعده أتبع الناس له من أمته ممن ولي الأمر من بعده فما نزل بهم مما علموا أنفذوه، وما لم يكن عندهم فيه علم سألوا عنه، ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا في ذلك في اجتهادهم وحداثة عهدهم، وإن خالفهم مخالف أو قال امرؤ غيره أقوى منه وأولى ترك قوله وعمل بغيره.
ثم كان التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل ويتبعون تلك السنن، فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهراً معمولاً به لم أر لأحد خلافه للذي في أيديهم من تلك الوراثة التي لا يجوز لأحد انتحالها ولا ادعاؤها، ولو ذهب أهل الأمصار يقولون هذا العمل ببلدنا وهذا الذي مضى عليه من مضى منا، لم يكونوا من ذلك على ثقة، ولم يكن لهم من ذلك الذي جاز لهم.
فانظر -رحمك الله- فيما كتبت إليك فيه لنفسك، واعلم أني أرجو أن لا يكون دعائي إلى ما كتبت به إليك إلا النصيحة لله تعالى وحده، والنظر لك والظن بك، فانزل كتابي منك منزلته، فإنك إن فعلت تعلم أني لم آلك نصحاً.
وفقنا الله وإياك لطاعته وطاعة رسوله في كل أمر وعلى كل حال.
والسلام عليك ورحمة الله، وكتب يوم الأحد لتسع مضين من صفر».
وكان من جواب الليث عن هذه الرسالة: 
«وإنه بلغك عني أني أفتي بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندكم، وأنه يحق علي الخوف على نفسي؛ لاعتماد من قبلي فيما أفتيهم به، وأن الناس تبع لأهل المدينة التي إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن، وقد أصبت بالذي كتبت من ذلك إن شاء الله، ووقع مني بالموقع الذي لا أكره ولا أشد تفضيلاً مني لعلم أهل المدينة الذين مضوا ولا آخذ بفتواهم مني والحمد لله، وأما ما ذكرت من مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة ونزول القرآن عليه بين ظهراني أصحابه وما علمهم الله منه، وإن الناس صاروا تبعاً لهم فكما ذكرت».
قال القاضي عياض: «أنا اختصرت هذا وأتيت منها بموضع الحاجة، وبالله التوفيق»اهـ.

وموضع الشاهد هو قول مالك -يرحمه الله-: «فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهراً معمولاً به لم أر لأحد خلافه للذي في أيديهم من تلك الوراثة التي لا يجوز لأحد انتحالها ولا ادعاؤها»اهـ.

كشكول ٧٩٣: لا يصح قول من قال: إن مالكًا خالف حديث: «البيعان بالخيار» تبعاً لعمل أهل المدينة



لا يصح قول من قال: إن مالكًا خالف حديث: «البيعان بالخيار» تبعاً لعمل أهل المدينة؛ فلا إجماع لأهل المدينة على مخالفة هذا الحديث!

قال ابن عبدالبر -رحمه الله- في الاستذكار (6/ 476-477): «وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمَالِكِيِّينَ فِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي (الْمُوَطَّأِ) بِأَكْثَرِ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا».
قَالَ مَالِكٌ: «وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ وَلَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِيهِ».
فَقَالَ بَعْضُهُمْ دَفَعَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَعْنَى الْخِلَافِ بِهِ، فَلَمَّا لم ير أحد يَعْمَلُ بِهِ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَإِجْمَاعُهُمْ عِنْدَهُ حُجَّةٌ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «إِذَا رَأَيْتَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى شَيْءٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ الْحَقُّ».
قَالَ: «وَإِجْمَاعُهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ،
فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهَا مَوْجُودٌ بِهَا».
قَالَ: «وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَلَيْسَ لِهَذَا عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ، أَيْ لَيْسَ لِلْخِيَارِ عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ عِنْدَهُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا حَدَّهُ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ، بَلْ هُوَ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْمَبِيعِ فَمَرَّةً يَكُونُ ثَلَاثَةً، وَمَرَّةً أَقَلَّ، وَمَرَّةً أَكْثَرَ وَلَيْسَ الْخِيَارُ فِي الْعَقَارِ كَهُوَ فِي الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: «لَا يَصِحُّ دَعْوَى إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهَا بِالْمَدِينَةِ مَعْلُومٌ
وَأَيُّ إِجْمَاعٍ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ فِيهَا مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وبن شهاب وبن أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرُهُمْ وَهَلْ جَاءَ فِيهَا مَنْصُوصًا الْخِلَافُ إِلَّا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَرَبِيعَةَ وَمَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا أَيْضًا عَنْ ربيعة فيما ذكر بعض الشافعيين.

وقال بن أَبِي ذِئْبٍ وَهُوَ مِنْ جِلَّةِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْبَيِّعَيْنِ لَيْسَا بِالْخِيَارِ حَتَّى يَفْتَرِقَا اسْتُتِيبَ وَجَاءَ بِقَوْلٍ فِيهِ خُشُونَةٌ تَرَكْتُ ذِكْرَهُ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ».

كشكول ٧٩٢: من هم أهل الرأي؟


من هم أهل الرأي؟
قال شاه ولي الله في حجة الله البالغة (1/ 273): «أَنِّي وجدت أَن بَعضهم يزْعم أَن هُنَالك فرْقَتَيْن لَا ثَالِث لَهما، أهل الظَّاهِر، وَأهل الرَّأْي.
وَأَن كل من قَاس، واستنبط فَهُوَ من أهل الرَّأْي؛
كلا وَالله، بل لَيْسَ المُرَاد بِالرَّأْيِ نفس الْفَهم وَالْعقل، فَإِن ذَلِك لَا يَنْفَكّ من أحد من الْعلمَاء، وَلَا الرَّأْي الَّذِي لَا يعْتَمد على سنة أصلاً، فانه لَا يَنْتَحِلهُ مُسلم أَلْبَتَّة، وَلَا الْقُدْرَة على الاستنباط وَالْقِيَاس، فان أَحْمد وَإِسْحَق بل الشَّافِعِي أَيْضًا لَيْسُوا من أهل الرَّأْي بالِاتِّفَاقِ، وهم يستنبطون ويقيسون.
بل المُرَاد من أهل الرَّأْي قوم توجهوا بعد الْمسَائِل الْمجمع عَلَيْهَا بَين الْمُسلمين، أَو بَين جمهورهم إِلَى التَّخْرِيج على أصل رجل من الْمُتَقَدِّمين، فَكَانَ أَكثر أَمرهم حمل النظير على النظير، وَالرَّدّ إِلَى أصل من الْأُصُول دون تتبع الْأَحَادِيث والْآثَار.
والظاهري من لَا يَقول بِالْقِيَاسِ، وَلَا بآثار الصاحبة وَالتَّابِعِينَ كدواد وَابْن حزم.

وَبَينهمَا الْمُحَقِّقُونَ من أهل السّنة كأحمد وَإِسْحَاق»اهـ.

كشكول ٧٩١: الدرس الرابع من شرح معارج القبول


الدرس الرابع من شرح معارج القبول للشيخ محمد بن عمر بازمول -حفظه الله-.
8 / جماد الأولى / 1436هـ



تطبيق حديثي ٣


تطبيق حديثي (3)

مثال للضعيف:
قال الدارقطني -رحمه الله- في سننه (2/ 120، تحت رقم: 1247): 
«حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَسَّانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا قِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ». هَذَا مُرْسَلٌ».
تراجم رجال السند:
• محمد بن مَخْلَد بن حفص، أبو عبد الله الدُّوريُّ العَطَّار. المتوفى: 331 هـ، سُئل عنه الدارقطني فقال: «ثقة مأمون».
• محمد بن إسماعيل بن البختري الحساني، أبو عبد الله الواسطي الضرير (نزيل بغداد، وقيل: سكن سامراء)، توفي سنة 258 هـ، قال الذهبي: «ثقة». رتبته عند ابن حجر: «صدوق».
• علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، أبو الحسن القرشي التيمي مولاهم، توفي سنة 201 هـ، قال الذهبي: «ضعفوه». قال ابن حجر: «صدوق يخطىء ويصر، ورمى بالتشيع».
• محمد بن سالم الهمداني، أبو سهل الكوفي، قال الذهبي: «قال أبو حاتم: شبه متروك». وقال النسائي: «لا يكتب حديثه». قال ابن حجر: «ضعيف».
• عامر بن شراحيل، وقيل ابن عبد الله بن شراحيل، وقيل ابن شراحيل بن عبد، الشعبي، أبو عمرو الكوفي، من الوسطي من التابعين، توفي بعد 100 هـ، قال الذهبي: «أحد الأعلام». قال ابن حجر: «ثقة مشهور فقيه فاضل».
تحقيق الاتصال:
لم يتحقق شرط الاتصال، فالحديث يرويه تابعي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو مرسل، والإرسال من الانقطاع.
مرتبة الحديث:
لم يتحقق في بعض رجال السند شرط العدالة والضبط. مع كونه مرسلا؛

فالحديث: إسناد ضعيف مرسل.

تطبيق حديثي ٢


تطبيق حديثي (2):

مثال للحديث الحسن:
قال الدارقطني -رحمه الله- في سننه (1/ 70، تحت رقم: 121): «حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، نا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ». إِسْنَادٌ حَسَنٌ»اهـ.
تراجم رجال السند:
• أبو بكر النيسابوري من شيوخ الدارقطني ثقة.
• محمد بن عقيل بن خويلد بن معاوية الخزاعي، أبو عبد الله النيسابوري (كان من أعيان علماء نيسابور)، توفي سنة 257هـ، قال الذهبي: «وثقه النسائي»، قال ابن حجر: «صدوق حدث من حفظه بأحاديث فأخطأ في بعضها».
• حفص بن عبدالله، هو حفص بن عبد الله بن راشد السلمي، أبو عمرو، ويقال أبو سهل، النيسابوري (قاضيها، والد أحمد بن حفص)، توفي سنة 209 هـ، قال الذهبي: «صدوق»، وقال ابن حجر: «صدوق».
• إبراهيم بن طهمان. ثقة.
• أيوب السختياني ثقة.
• نافع مولى ابن عمر. ثقة.
التحقق من الاتصال:
اتصل السند بصيغة التحديث. 
والعنعنة الموجودة فيه بين ثقات ثبت لقاؤهم لبعضهم بعضاً، ولا يعرفون بالتدليس؛ فهي محمولة على السماع.
انتفاء الشذوذ والعلة:
سبيله النظر في طرق وأسانيد الحديث، وأحاديث الباب.
مرتبة الحديث:

الحكم على السند بمجرده أنه إسناد حسن.

تطبيق حديثي ١



تطبيق حديثي (1):

مثال للصحيح:
قال الدارقطني في سننه (2/ 151، تحت رقم: 1309): 
«حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ.
ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ.
ثنا إِسْمَاعِيلُ.
عَنْ أَيُّوبَ.
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ.
قَالَ: جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ مَسْجِدَنَا فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَأُصَلِّي وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي». قَالَ: «فَقَعَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ».
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ»اهـ.
حال الرواة: 
• عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، هو ابن أبي داود، وهو ثقة. قال في لسان الميزان (4/ 490): «الحافظ الثقة صاحب التصانيف. وثقه الدارقطني فقال: «ثقة إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث». وذكره ابن عَدِي فقال: «لولا ما شرطنا وإلا لما ذكرته» إلى أن قال: «وهو معروف بالطلب، وعامة ما كتب مع أبيه هو مقبول عند أصحاب الحديث».
• زياد بن أيوب هو زياد بن أيوب بن زياد الطوسي البغدادي، أبو هاشم، يلقب دلويه (ولقبه أحمد: شعبة الصغير)، توفي 252 هـ. قال ابن حجر: «ثقة حافظ».
• إِسْمَاعِيلُ هو «ابن علية مولى بنى أسد وهو إسماعيل بن إبراهيم بن سهم وعلية أمه كان مولده سنة عشر ومائة ومات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائة. قال الذهبي: «إمام حجة». قال ابن حجر: «ثقة حافظ».
• أيوب هو ابن أبي تميمة: كيسان السختياني، أبو بكر البصري، مولى عنزة، ويقال مولى جهينة، توفي 131 هـ، قال الذهبي: «الإمام»، قال شعبة: «ما رأيت مثله، كان سيد الفقهاء». قال ابن حجر: «ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد».
• أبو قلابة، هو عبد الله بن زيد بن عمرو، ويقال ابن عامر بن ناتل بن مالك، الجرمي، أبو قلابة البصري، توفي سنة 104 هـ وقيل بعدها بـ الشام، قال الذهبي: «من أئمة التابعين». وقال ابن حجر: «ثقة فاضل كثير الإرسال». قال العجلى: «فيه نصب يسير». 
تحقق الاتصال:
اتصل السند بصيغة صريحة في السماع، وهي التحديث. (حدثنا)
والعنعنة بين أسماعيل وأيوب وبين أيوب وأبي قلابة لا تضر؛ لأنها بين ثقات لا يعرفون بالتدليس، فهي محمولة على السماع.
وإرسال أبي قلابة لا يؤثر؛ لأن في الرواية ما يدل على سماعه عن مالك بن الحويرث، فهو يقول: «جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ مَسْجِدَنَا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُصَلِّي ...»، فأمن من إرساله، بل قال في جامع التحصيل في أحكام المراسيل (ص: 211)، في ترجمة أبي قلابة: «روايته عن مالك بن الحويرث وأنس بن مالك وثابت بن الضحاك متصلة وهي في الكتب الستة والله أعلم»اهـ.
فتحقق في الإسناد:
- اتصال السند.
- عدالة الرواة.
- ضبط الرواة.
وبقي انتفاء الشذوذ والعلة، وهذا طريقه مراجعة الأسانيد والطرق الأخرى للحديث، والنظر في أحاديث الباب، إذا لم يكن هذا الحديث يخالفها. 
وعليه فالحكم هو أنه إسناد صحيح؛ كما قال الدارقطني -رحمه الله-!
ويمكن أن يكون الحكم: حديث صحيح؛ وأن هذا مراد الدارقطني حيث لم يتبين له وجود شذوذ أو علة، ويكون قوله : «إسناد صحيح»، بمعنى: «حديث صحيح»، كما هي طريقة أئمة الشأن، والله أعلم.