السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 17 يونيو 2015

كشكول ٩٨٤: ما لهذا شرع صوم رمضان!



ما لهذا شرع صوم رمضان!
شرع الله صوم رمضان؛ ليكون سبيلاً يحقق به المسلم وصف التقوى!
قال الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}. (البقرة: 183).
فالله شرع الصوم؛ ليحقق المسلم في نفسه وصف التقوى.
وهذا التركيب: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}؛ جاء في خمسة مواضع أخرى، كلها تتعلق بـ:
- تحقيق التقوى في العبادة لله،
- ولزوم الصراط المستقيم،
- واتباع أمر الله -جل وعلا-؛ 
فجاء في قوله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (البقرة: 21). وهذه فيها أمر بالعبادة، فتقوى الله من مقاصد العبادة.
وفي قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (البقرة: 63)، وهذا فيها الأمر بأخذ ما آتاهم الله إياه من التشريع، ومقصوده التقوى.
ومثلها في قوله تعالى: {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (الأعراف: 171).
وفي قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (البقرة:179). فشرع الله القصاص، ومن مقاصده تحقيق التقوى.
وفي قوله تعالى: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. (الأنعام: 153). فلزوم الصراط واتباعه من مقاصده تحقيق التقوى.
فتحقيق التقوى من مقاصد مشروعية الصوم، ويلحظ أن هذا التركيب خص به الصوم من بين جميع العبادات، وذلك -والله أعلم- لخصوصية الصوم في أن المسلم يترك طعامه، وشرابه، وشهوته؛ من أجل الله تعالى تعبداً وتقرباً، ولذلك اختصه الله تعالى بأن المجازاة عليه ليست بميزان المجازاة المعروف: الحسنة بمثلها، وبعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف. بل قال : «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
تقوى الله التي شرع من أجلها الصوم تعني:
- الخوف من الجليل،
- والعمل بالنزيل،
- والرضى بالقليل،
- والاستعداد للرحيل.
وتعنى : ترك الذنوب، كما قيل:
خل الذنوب صغيرهــا وكبيرهــا فهو التقوى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة ... إن الجبال من الحصى
فتجعل بينك وبين عذاب الله وقاية؛ باتباع أوامره، واجتناب نواهيه.
فشهر رمضان موسم تقوى وعبادة وطاعة؛ 
ليس موسم تمثيليات دراميه أو فكاهية.
أو سهرات فنية أو غنائية.
أو ليالي سمر وسواليف.
رمضان موسم تزود بالطاعات، لا بالمأكولات والحلويات والعصيرات.
يقول تبارك وتعالى: {تَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}. (البقرة: 197).
لهذا شرع رمضان، فلا تفوت يا مسلم الفرصة!
لا يفوتك الفوت، ويأتيك الموت، ويضيع عليك الوقت، فتأتي عند الملك خالي الوفاض، لا حسنات ولا طاعات، يوم لا ينفع مال ولا بنين إلا من أتى الله بقلب سليم.
فالله الله، لا تضيع شهر رمضان!
لم يذكر في القرآن شهر باسمه إلا رمضان.
لم تخصص ليلة من شهر بفضل إلا رمضان.
لم تشرع عبادة في شهر إلا رمضان.
لم ينزل القرآن ابتداء على الرسول إلا في رمضان.
لم يراجع جبريل الرسول -صلى الله عليه وسلم- القرآن إلا في رمضان.
لم تحصل معركة بدر إلا في رمضان .
لم تفتح مكة إلا في رمضان.

كشكول ٩٨٣: رمضان شهر القربات لا القنوات


جاءني على الواتساب:
للذين يتابعون القنوات:
رَمَضَان شَهرُ القُرُبَاتِ لا القَنَوَات!
حديثٌ عظيــم:
عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ -رَضِيَ الله عَنْه-ُ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ.
قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ،
ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ».
فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ؛ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ؛
فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟».
فَقَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ!».
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟».
قَالُوا : «بَلَى».
قَال: «وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ؛ فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَة؟».
قَالُوا: «بَلَى».
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ!».
وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة): (6 / 176).

أين أنت من هذا الحديث يا من تشاهد القنوات والبرامج والمسلسلات!
تذكر : قد يكون هذا آخر رمضان في حياتك، وآخر فرصة لك في هذه الحياة الدنيا؛ فلا تضيع على نفسك فضلاً كبيراً وحسنات كثيرة في رمضان.*