السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

السبت، 14 مايو 2016

كشكول ١٢٨٩: تفصيل الصوم في شهر شعبان والجمع بين الأحاديث



تفصيل الصوم في شهر شعبان والجمع بين الأحاديث

كتبها أخي خالد بادغيش، وراجعتها مع زيادات يسيرة في آخرها:

الناس في صوم شعبان على أقسام:
1- فمنهم: من لم تكن له عادة صوم قبل شعبان ولا يريد الصوم فيه؛ فهذا نرغبه في الصوم في شعبان ونحثه عليه؛ لفعل نبي الله -صلى الله عليه وسلم-. حتى إذا انتصف عليه شعبان فليتوقف عن الصوم فلا يصم للحديث الصحيح: «إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا». (صححه الألباني في المشكاة: 1974).
2- ومنهم: من كانت له عادة صوم قبل شعبان، كأن كان يصوم يومي الاثنين والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر، أو يصوم يومًا ويفطر يومًا، ودخل عليه شعبان فليستمر في صومه حتى لو دخل عليه النصف منه، وليواظب على عادته التي كان قد اعتادها.
3- ومنهم: من لم تكن له عادة صوم قبل شعبان، لكن لما انتصف شعبان بدأ في الصوم، فهذا ننصحه بترك الصيام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصوم بعد انتصاف الشهر، وهذا النهي للرجل الذي لم تكن له عادة صوم في غير هذا الشهر.
4- ومنهم: من لم تكن له عادة في الصوم؛ لكن لما بقي على نهاية شهر شعبان يوم أو يومان، صام هذا اليوم أو هذين اليومين من أجل أن يحتاط لرمضان؛ فهذا الأمر عده العلماء بدعة في الدين، والدليل على النهي عنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم يومًا فليصم ذلك اليوم». (متفق عليه).
5- صيام شعبان كله أو أغلبه مشروع، ثبت بفعله -صلى الله عليه وسلم-. كان يفعله -صلى الله عليه وسلم-. فإذا فعل المسلم ذلك لم ينه عنه، ولا يقال أنه بدعة.
وكذا صيام أغلبه، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعله أحيانًا.
فهذه عبادة تنوع، مرة يفعل هذا -صلى الله عليه وسلم- ومرة هذا.
6- ولو قيل محل البدعة: إذا كان لا يطيق صوم شعبان فصامه أو يتعبه ويضعفه إذا جاء رمضان فهو وجيه.
7- ومحل النهي ظاهر فيمن لم تكن له عادة؛ فإنه ينهى عن تكلف الصيام من منتصف شعبان، ويتأكد النهي في آخره.
والله أعلم.

كشكول ١٢٨٨: لا خيل عندك تهديها ولا مال


لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النّطق إن لم تسعد الحال

كشكول ١٢٨٧: الخروج من مكة للإتيان بالعمرة محل خلاف وأدلة كلا الجانبين مع الراجح من القولين



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الخروج من مكة للإتيان بالعمرة محل خلاف وأدلة كلا الجانبين مع الراجح من القولين 
للشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله
https://safeshare.tv/submit?url=https%3A%2F%2Fwww.youtube.com%2Fwatch%3Fv%3Dx4S3sYaZ7F0%26feature%3Dyoutu.be

كشكول ١٢٨٦: اسمها ثورة


اسمها ثورة ....
تريدون البناء بثورة كيف يصح ذلك؟
اسمعوا أحكي لكم قصة هذا الهلام الهائم على جه صفيح الثورة :
هؤلاء يعتقدون أن إدخال العالم في فوضى سيعجل بخروج منتظرهم.
وأولئك يعتقدون أن إدخال الشرق الأوسط بفوضى سيساعد على إعادة الترتيب والتقسيم وتوزيع الحصص.
التقت المصالح في هذه النقطة ... سيستفيد هؤلاء من هؤلاء، والعكس صحيح!
لا يريدون للأمور أن تهدأ !
يريدون أن يعيش الناس في حال من عدم الاستقرار حتى ينشغلوا ويبقى المارد في القمقم!
قرأت منذ أيام قصة ذلك المزارع الذي ركب القطار ومعه كيس ، لاحظ جاره بجانبه على الكرسي أنه كل عشر دقائق يحرك الكيس فتحدث حركة وفوضى في الكيس لفترة ثم تهدأ ، فيرجع المزارع إلى تحريك الكيس فترجع الفوضى ، واستمر على هذا الوضع ... فسأله جاره في المقعد مستغربا : ماذا في الكيس؟ فقال المزارع : هذه فئران إريد الذهاب بها وتوصيلها إلى المختبر في البلد، وأحرك الكيس كلما هدأت حتى تهجم الفئران على بعضها و لا تهدأ فتقرض الكيس وتخرج منه.
هم يتعاملون مع المنطقة بهذه الطريقة!
لا يريدونها أن تهدأ ... يريدون إنهاكها ...
تفكير مزارع بدائي ... لكنهم ينسون أن المزارع يتعامل مع فئران خطته قد تنجح معها، في مدة زمنية محدودة حتى وصوله إلى المختبر في البلد!
أمّا هم فيتعاملون مع بشر في مدة غير محدودة... في هؤلاء البشر أمة قدرها أن تقود الأرض إلى توحيد رب العباد ، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد!
نسوا هذا !

فلا تنسوه أنتم !

كشكول ١٢٨٥: لن نخدع


لن نخدع
منذ أن قالت كونديلزا رايز : نريد أن نقود المنطقة إلى فوضى خلاقة.
ومنذ صدور كتاب (التوحش) .
والخطوات والمواقف السياسية و اللاسياسية.
وخروج اسرى القاعدة من السجون .
ووجود داعش (لاحظ الجناس الناقص بين داعش والتوحش).
ومنذ تحركات الربيع العربي .
وتبختر الصفوية .
والرقص على صفيح الغليان .
وتحفز وتوثب الجماعات الإسلامية واللا إسلامية للوصول للكراسي.
.
.
.
.
كل ذلك لن يخدعنا بإذن الله !
.
.
.
.
.
كل شيء كان واضحاً ... والحمد لله... ومع هذا وقبل هذا وبعد هذا
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }الأنعام123
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }الأنفال30
ونذكر أنفسنا
بقوله تعالى : {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ }فاطر10،
وبقوله تعالى: 
{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ }النحل127

وسيأتي يوم يعلو الحق ويظهر العدل ؛ {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى }طه64

كشكول ١٢٨٤: اتفاق أهل الحديث حجة


اتفاق أهل الحديث حجة
جاء في المراسيل لابن أبي حاتم (ص: 192)
703 - قَالَ أَبِي : الزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ شَيْئًا؛ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْرِكْهُ قَدْ أَدْرَكَهُ وَأَدْرَكَ مَنْ هُوَ أَكْبَرَ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتْ لَهُ السَّمَاعُ مِنْهُ كَمَا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ قَدْ سَمِعَ مَمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ غَيْرَ أََنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى شَيءٍ يَكُونُ حُجَّةً"اهـ.
أقول : 
(فرع )
لا يعترض بنفيهم سماع الزهري من أبان، ونفي سماع حبيب من عروة ، لا يعترض بذلك على من ذهب من أهل الحديث إلى قبول العنعنة بمجرد إمكان اللقاء لأنهم إنما قبلوا العنعنة مع إمكان اللقاء بشروط :
الأول : أن يكون الراوي مقبولاً غير مجروح في ضبطه.
الثاني : أن لا يعرف بالتدليس.
الثالث : عدم المانع من التحديث، كأن يكون وقت لقائه بالشيخ قد امتنع الشيخ عن التحديث، أو نص أهل العلم صراحة بعدم سماعه منه، كما في قصة سماع الزهري من أبان، وسماع حبيب من عروة!

والله الموفق.

كشكول ١٢٨٣: من تكلم في الدين بغير علم فقد كذب وإن لم يتعمد الكذب


من تكلم في الدين بغير علم فقد كذب وإن لم يتعمد الكذب
قال ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى 10/ 449): "وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ كَانَ كَاذِبًا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ سبيعة الأسلمية وَقَدْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَكَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ قَلَائِلَ فَقَالَ لَهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بعكك : مَا أَنْتَ بِنَاكِحَةٍ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْكِ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ بَلْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي".
وَكَذَلِكَ لَمَّا قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ عَامِرًا قَتَلَ نَفْسَهُ وَحَبِطَ عَمَلُهُ فَقَالَ : " كَذَبَ مَنْ قَالَهَا ؛ إنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ " وَكَانَ قَائِلُ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْكَذِبَ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ أسيد بْنَ الحضير ؛ لَكِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ بِلَا عِلْمٍ كَذَّبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"اهـ .

كشكول ١٢٨٢: لتكون ناجحًا -بإذن الله-


لتكون ناجحًا -بإذن الله-؛
= اعرف الخطأ.
= اعترف به ولا تكابر او تراوغ.
= لا تكرر الخطأ مرتين. استفد من الخطأ بأن تعرفه وما تعود تقع فيه. فليس الفشل ان تخطيء ... ولكن الفشل ان تكرر الخطأ مرتين.

وفي الحديث الشريف : (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
= احمد الله ان هداك للحق ووفقك لقبوله وادعوه ان يعينك على العمل به.
= اعرف فضل من ارشدك اليه واشكره . فإنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس .

كشكول ١٢٨١: هم أصناف


هم أصناف ؛
منهم الذي يظهر بين الناس الولاء حبا ونصرا لجماعته. بوقاحة.
ومنهم الذي يكتم الولاء فلا يظهر شيئا لكن ان جاءت الريح مواتية يبتهج ويفرح ويدعم.
ومنهم الذي يوافقهم ولا يدري انه يوافقهم، يظن انه يخدم الاسلام والمسلمين.

ومنهم الذي ينفصل بشعوره عن الناس ويعيش معهم بجسده لمصالحه الدنيوية. ويدعم اي شيء ضد المجتمع .
ومنهم الذي ينفصل عن الناس جسدا وشعورا ويشهر سلاحه ضدهم لأنهم ليسوا على فكره وطريقته.
ولذلك هم اصل البلاء.
والجماعات التكفيرية والارهابية خرجت من تحت عباءتهم.
فاللهم اهدنا واياهم سبل الهدى . اللهم ارنا واياهم الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا واياهم الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبن وسلم .

كشكول ١٢٨٠: في فضل الصحابة -رضوان الله عليهم-



جاءني على الواتساب ...
من ابي رغد بن محمد حفظه الله.
[٩/٥ ١١:٣٧ م] بادغيش: قال شيخ الإسلام رحمه الله :
الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه رضي الله عنهم .
[ منهاج السنة : (٥/ ٢٦١) ]
[٩/٥ ١١:٣٧ م] بادغيش: قال ابن القيم عن الصحابة رضي الله عنهم :
فإنهم أفقه الأمة وأعلمهم بمقاصد الشرع وحِكَمه .
[ الطرق الحكمية : ( ٢ / ٥٣١ ) ]
[٩/٥ ١١:٣٧ م] بادغيش: قال شيخ الإسلام رحمه الله :
الصحابة رضي الله عنهم منشأ كل علم وصلاح وهدى ورحمة في الإسلام .

[ منهاج السنة : ( ٦ / ٣٦٨ )]

الأحد، 8 مايو 2016

سؤال وجواب ٣١٧: حكم إنشاء مجموعة في الواتساب بغرض التذكير بقراءة ورد يومي من القرآن حتى نتم ختمة



سؤال:
«إنشاء مجموعة في الواتساب بغرض التذكير بقراءة ورد يومي من القرآن حتى نتم ختمة، والتذكير بصيام كل اثنين وخميس وصيام الأيام البيض. ما حكمه؟».

الجواب:
التذكير مشروع من باب: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.
لكن المداومة عليه -بالصورة المذكورة في السؤال- لم ترد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن الصحابة، مع حرصهم على الخير وعلى الطاعات.
وسواء في ذلك عمل المجموعات للختمات أو التذكير بقراءة القرآن حتى تتم ختمة في رجب أو شعبان أو غيرهما من الشهور. وكذا التذكير بالأيام البيض أو بصيام الاثنين والخميس.
ولا خصوصية لرجب أو شعبان بقراءة قرآن أو تخصيصهما بصلاة. وكل الذي ورد: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم تطوعًا في شعبان، وورد نهي عن الصوم من منتصفه أو آخره لمن لم يعتد على ذلك.

ولزوم السنة عصمة للمسلم في سبيل الهداية والسلامة من سبل الغواية؛ فكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش. وكم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر.


وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ليس من السنة ٧: اعتقاد خصوصية لختمة القرآن في رجب أو شعبان



ليس من السُّنة:
اعتقاد خصوصية لختمة القرآن في رجب أو شعبان، وليس ذلك من فعل السلف.
ولم تثبت خصوصية في رجب أو شعبان بصلاة أو ختم قرآن.
وكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف.

كشكول ١٢٧٩: الحمدلله على نعمة الإسلام والسنة


جاءني على الواتساب

قال الذهبي رحمه الله في السير (22ـ368): 
((قال ابن هلال: جلست عنده ـ يعني: أبا الجناب أحمد بن عمر الخوارزمي ـ في الخلوة مراراً، وشاهدت أموراً عجيبة، وسمعت من يخاطبني بأشياء حسنة. 
فقال الذهبي معلقاً: قلت: لا وجود لمن خاطبك في خلوتك مع جوعك المفرط، بل هو سماع كلام في الدماغ الذي قد طاش وفاش وبقي قرعة كما يتم للمبرسم والمغمور بالحمى والجنون؛ فاجزم بهذا، واعبد الله بالسنن الثابتة تفلح)).

وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
((قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة، فسّـاق أهل السنــة أوليـاء الله ، وزهــاد أهل البدع أعداء الله)).اهـ 
طبقات الحنابلة (1/184) الفروع (2/149)

قلتُ : الحمدلله على نعمة الإسلام والسنة...


يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

كشكول ١٢٧٨: الانتقاء


الانتقاء
في تاريخ دمشق (52/ 15)
قال ابن أبي حاتم الرازي : سمعت أبي يقول: أكتب أحسن ما تسمع واحفظ أحسن ما تكتب وذاكر بأحسن ما تحفظ .
هذا الانتخاب أدب حياة.
وهو منهج تحديث وتصنيف ؛
يطلق المحدثون اسم (الانتقاء)، و (الانتخاب) ، على عملية اختيار المحدث للأحاديث، على أساس معيّن.
والأنواع الأساس في الانتقاء ثلاثة:
الأول : الانتقاء من أحاديث الشيوخ المباشرين.
الثاني : الانتقاء من أحاديث الرواة غير المباشرين.
الثالث : الانتقاء بحسب الاستدلال.
فتارة يختار المحدث من أحاديث شيخه ما لم يقع فيه الخطأ والوهم، أو ما هو أمن صح حديثه، كما يصنع البخاري رحمه الله مع شيوخه الذين تكلم فيهم، ففي مقدمة الفتح (ص: 388): "إسماعيل بن أبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ابن أخت مالك بن أنس احتج به الشيخان، إلا أنهما لم يكثرا من تخريج حديثه ولا أخرج له البخاري مما تفرد به سوى حديثين وأما مسلم فأخرج له أقل مما أخرج له البخاري، قلت (ابن حجر): وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح أن إسماعيل أخرج له أصوله وأذن له أن ينتقي منها وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به ويعرض عما سواه وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتب من أصوله وعلى هذا لا يحتج بشيء من حديثه غير ما في الصحيح من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره إلا أن شاركه فيه غيره فيعتبر فيه"اهـ. وفي مقدمة الفتح (ص: 442): "محمد بن يوسف الفريابي نزيل قيسارية من سواحل الشام من كبار شيوخ البخاري وثقه الجمهور وذكره ابن عدي في الكامل فقال: له إفراد وقال العجلي: ثقة وقد أخطأ في مائة وخمسين حديثا . وذكر له ابن معين حديثا أخطأ فيه فقال: هذا باطل قلت (ابن حجر): اعتمده البخاري لأنه انتقى أحاديثه وميزها وروى له الباقون بواسطة"اهـ وفي مقدمة الفتح (ص: 452) : "يحيى بن عبد الله بن بكير المصري وقد ينسب إلى جده لقيه البخاري وحدث أيضا عن رجل عنه وروى عن مالك في الموطأ وأكثر عن الليث قال ابن عدي: هو أثبت الناس فيه. وقال أبو حاتم: كان يفهم هذا الشأن يكتب حديثه . وقال مسلم: تكلم في سماعه عن مالك لأنه كان يعرض حديث. وضعفه النسائي مطلقا . وقال البخاري في تاريخه الصغير: ما روى يحيى بن بكير عن أهل الحجاز في التاريخ فإني أتقيه. قلت (ابن حجر): فهذا يدلك على أنه ينتقى حديث شيوخه ولهذا ما أخرج عنه عن مالك سوى خمسة أحاديث مشهورة متابعة، ومعظم ما أخرج عنه عن الليث وروى عنه بكر بن مضر ويعقوب بن عبد الرحمن والمغيرة بن عبد الرحمن أحاديث يسيرة وروى له مسلم وابن ماجة"اهـ
وقد يقع الانتقاء والانتخاب مع أحاديث الرواة غير المباشرين، المتكلم فيهم، كما يصنعه البخاري ومسلم، فإنهما لا يخرجان عن من فيه كلام، إلا ما يتحقق فيه ضبطه، كأن يكون ضابطاً لحديث أهل بلده، فيتجنبون الرواية عنه فيما رواه عن غيرهم، أو يكون حديثه عن شيخ معين له فيه كلام، فيتجنبون من حديثه ما يكون عن هذا الشيخ ونحو ذلك، أو أن يكون الراوي مختلطاً، فلا يروون من حديثه بعد الاختلاط، إنما يتحرون الرواية غ=عمن أخذ منه قبله، وهكذا... 
وتارة يكون الانتقاء على أساس الاستدلال، فأصحاب المصنفات الحديثية المبوبة ينتقون الأحاديث على أساس ما تدل عليه الترجمة، مما جرى عليه استدلال الفقهاء. 
قال الحاكم النيسابوري رحمه الله في كتابه المدخل إلى كتاب الإكليل ص30 - 31: "الفرق بين الأبواب والتراجم أن التراجم شرطها أن يقول المصنف: ذكر ما روي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يترجم على هذا المسند، فيقول ذكر ما روى قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فيلزمه أن يخرج كل ما روى قيس عن أبي بكر صحيحاً كان أو سقيماً، فأما مصنف الأبواب فإنه يقول: ذكر ما صح وثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أبواب الطهارة، أو الصلاة أو غير ذلك من العبادات"اهـ
وفي النكت على ابن الصلاح لابن حجر (1/ 446 - 447)، "أن ظاهر حال من يصنف على الأبواب أنه ادعى على أن الحكم فِي المسألة الَّتِي بوب عليها ما بوب به، فيحتاج إلَى مستدل لصحة دعواه، والاستدلال إنَّما ينبغي أن يكون بِما يصلح أن يحتج به (أو يستشهد به)، وأمَّا من يصنف على المسانيد فإن ظاهر قصده جَمع حديث كل صحابِي على حدة سواء أكان يصلح للاحتجاج به أم لا.
وهذا هو ظاهر من أصل الوضع بلا شك؛ لكن جَماعة من المصنفين فِي كل من الصنفين خالف أصل موضوعه فانْحط أو ارتفع؛ فإن بعض من صنف الأبواب قد أخرج فيها الأحاديث الضعيفة بل والباطلة إمَّا لذهول عن ضعفها، وإمَّا لقلة معرفة بالنقد"اهـ (وانظر: مقدمة تعجيل المنفعة (ص 3). 
وقد قال الحافظ ابن حجر -رحِمه الله- (النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 447 - 448): "وبعض من صنف على المسانيد انتقى أحاديث كل صحابِي فأخرج أصح ما وجد من حديثه، كما رُوِّينا عن إسحاق بن راهويه أنه انتقى فِي مسنده أصح ما وجده من حديث كل صحابِي إلا ألاَّ يجد ذلك المتن إلا من تلك الطريق، فإنه يُخرجه.
ونَحَا بقي بن مخلد فِي مسنده نَحو ذلك، وكذا صنع أبو بكر البزار قريبًا من ذلك.
وقد صرَّح ببعض ذلك فِي عدة مواضع من مسنده فيخرج الإسناد الذي فيه مقال ويذكر علته، ويعتذر عند تَخريْجه بأنه لَمْ يعرفه إلا من ذلك الوجه.
وأمَّا الإمام أحمد؛ فقد صنف أبو موسى المدينِي جزءًا كبيرًا ذكر فيه أدلة كثيرة تقتضي أن أحمد انتقى مسنده، وأنه كله صحيح عنده، وأن ما أخرجه فيه عن الضعفاء إنَّما هو فِي المتابعات؛ وإن كان أبو موسى قد ينازع فِي بعض ذلك، لكنه لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث وأتقن رجالاً من غيره وهذا يدل على أنه انتخبه.
ويؤيد هذا: ما يحكيه ابنه عنه أنه كان يضرب على بعض الأحاديث الَّتِي يستنكرها.
وروى أبو موسى فِي هذا الكتاب من طريق حنبل بن إسحاق قال: وجمعنا أحمد وابناه عبد الله وصالِح، وقال: انتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخَمسين ألفًا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه وإلا فليس بِحجة.
فهذا صريح فيما قلناه إنه انتقاه ولو وقعت فيه الأحاديث الضعيفة والمنكرة؛ فلا يَمنع ذلك صحة هذه الدعوى؛ لأن هذه أمور نسبية، بل هذا كاف فيما قلناه أنه لَمْ يكتف بِمطلق جَمع حديث كل صحابِي"اهـ
وليس معنى أنها منتقاة أن كل أحاديثها يحتج بها، إنما المراد أنه في الغالب أصح ما في الباب، بمعنى خير المروي فيه.

فهذا معنى الانتقاء وأنواعه، والله الموفق.

كشكول ١٢٧٧: هالني ما سمعته في مقطع يوتيوب لأحدهم يقول:...


هالني ما سمعته في مقطع يوتيوب لأحدهم ، يقول: الكلمات التي علمها الله لآدم فتاب إليه، المشار إليها في قوله تعالى: ﴿فتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (البقرة: 37) ، هي أنه قال: بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِلا تُبْتَ عَلَيَّ؛ فَتَابَ عَلَيْهِ".
وذكر أن ذلك مذكور في تفسير ابن كثير والألوسي والشوكاني وغيرها من التفاسير ، ولكن العصبية للمشايخ تمنع من أن يظهر ذلك القول!

أقول : هالني هذا ؛ فرأيت أن أنبه على ما فيه من الباطل والله المستعان؛ فأقول:
أولاً : راجعت كتب التفسير المذكورة وغيرها مما هو على طريقتها، فلم أجد أحداً ذكر ذلك.
ثانياً : راجعت كتب الحديث والآثار أبحث عن هذا الأثر، فوجدته مذكوراً في كتب الأحاديث المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم فقد ذكره ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات 2/ 3)، قال: "أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ وَأَنْبَأَنَا الْجَرِيرِيُّ أَنْبَأَنَا العشارى حَدثنَا الدَّارقطني حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الأَشْقَرُ حَدَّثَنَا عُمَرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " سَأَلْتُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ مِنْ رَبِّهِ فَتَابَ عَنْهُ، فَقَالَ: قَالَ: بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِلا تُبْتَ عَلَيَّ، فَتَابَ عَلَيْهِ ".
قَالَ الدَّارقطني: تفرد بِهِ عُمَرو بْن ثَابِت عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْمِقْدَام وَلم يروه عَنْهُ غير حُسَيْن الأَشْقَر. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَمْرٌو بْن ثَابِت غير ثِقَة وَلا مَأْمُونٍ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الموضوعات عَن الاثبات"اهـ.
وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (21/ 557): "وَقَال أبو حاتم : ضعيف الحديث، يكتب حديثه، كَانَ ردئ الرأي، شديد التشيع. وقَال البُخارِيُّ: ليس بالقوي عندهم. وَقَال أبو عُبَيد الآجري: سألت أَبَا داود عن عَمْرو بن ثابت ابن أَبي المقدام، فَقَالَ: رافضي خبيث"اهـ.
ثالثاً : وذكرت كتب التفسير عن السلف في تفسير هذه الكلمات ثلاثة أقوال ؛ أوضحها أن المراد به ما جاء في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾ ( الأعراف : 23).
ووجدت هذا الحديث مما استدل به الرافضي الذي رد عليه ابن تيمية في كتابه منهاج السنة النبوية (7/ 130 - 131).
أقول: فهذا جميعه يدل على أن القول الذي قاله هذا القائل ضرب من الباطل، العريق فيه، نسأل الله العفو والعافية.

السبت، 7 مايو 2016

كشكول ١٢٧٦: الهدف الاستراتيجي والخطة التكتيكية


الهدف الاستراتيجي هو المقصد والغاية التي يراد تحصيلها في المدى البعيد.
والخطة التكتيكية هي الخطة التي تسلك للوصول إلى الهدف الاستراتيجي ، وقد تبدو في ظاهرها غير مؤدية إليه.
خذ مثلاً ...
صلح الحديبية حركة تكتيكية للوصول إلى نشر الدين وفتح مكة.
الهدف الاستراتيجي هنا فتح مكة ونشر الدين.
الخطة التكتيكية الدخول مع الكفار في صلح الحديبية.
في ظاهره قد يبدو غير مؤد للهدف الاستراتيجي.
مثال آخر :
عندما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهذا هو الهدف الاستراتيجي في تلك المرحلة، سلك تكتيكا في ظاهره يخالف الغاية ... فسلك طريقاً إلى الجنوب والهدف في الشمال (المدينة في جهة شمال مكة، وغار ثور في جهة جنوب مكة) .
فجرى بالتكتيك إلى جهة الجنوب. لأغراض وأهداف ليس هذا محل بيانها. ففي ظاهره خلاف طريق الوجهة الهدف والغاية الوصول إلى المدبنة في الشمال!.

وهنا يأتي دور الثقة والإطمئنان إلى من يضع الخطط والتكتيكات للوصول إلى الأهداف الاستراتيجية ... وهو حمل ثقيل وعبء على ولاة أمر المسلمين نسأل الله أن يسددهم ويجمع كلمتهم وينصرهم بالحق وللحق وعلى الحق آمين يارب العالمين.

كشكول ١٢٧٥: البعد الاستراتيجي للأمة الإسلامية


البعد الاستراتيجي للأمة الإسلامية
ليست أمتنا لحظة عابرة في التاريخ كالأمم البائدة.
ليست أمتنا ومضة من وراء السديم تظهر وتختفي.
مهما تكالب الأعداء ، ومهما تعاون الخصوم على هذا الدين .
مهما كثرت فواجع الأمة وتعاورتها الفتن ؛
منذ طعنة أبي لؤلؤة المجوسي الفارسي لعمر بن الخطاب، وقتل عمر وفتح باب الفتنة إلى اليوم وقد جاء دور المجوس على يد الصفوييين الفارسيين ... في الفتن ...
منذ ذلك الوقت ، والأمة في هذه الفتن إلى اليوم، أقول : بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم البعد الاستراتيجي لهذا الحال، فهم أهل المشرق الذين منهم من قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذين منهم من تبع ابن سبأ اليهودي في التشيع الكفري الغالي وتستروا خلفه في إخفاء مجوسيتهم وتأليههم للبيت المجوسي الفارسي ووضعوا في الواجهة بيت آل الرسول صلى الله عليه وسلم .
ما هو البعد الاسترتيجي لأمة الإسلام؟
بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها:
أن المستقبل لهذا الدين.
وأنه سيبلغ ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز وبذل ذليل.
وأن الفتن من جهة المشرق (إيران ومن على سمتها) منهم الفتن وإليهم تعود.
وأن ظلام الفتن والفساد والظلم سيرتفع ويحل محله العدل.
وأن الدين سيملأ الأرض .
وأن الدجال سيهزم ويقتل.
وأن أتباعه سيقتلون حتى الحجر والشجر الذي يختفي خلفه يهودي يقول: يامسلم هذا يهودي تعال واقتله.
فصبراً يا أمة الإسلام ... صبراً ... أليس الصبح بقريب!
اللهم أبرم لهذه ألأمو أمررشد يعز فيه أهل طاعتك ويكف فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

اللهم أحفظ ولاة أمرنا أهل الإسلام وسددهم وخذ بأيديهم إلى الخير، وأنصرهم على من عاداهم، وأرزقهم بطانة صالحة تعينهم إذا ذكروك وتذكرهم إن نسوك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

خطر في بالي ٧٢: التنبيه على أمر يتعلق بالدراسات الحديثية


خطر في بالي:
التنبيه على أمر يتعلق بالدراسات الحديثية؛ وهو أن من يريد الكتابة في هذا العلم لا تخرج كتابته عن أربعة مجالات :
المجال الأول : الكتابة في علم الحديث (مصطلح الحديث) .
المجال الثاني : الكتابة في شرح الحديث.
المجال الثالث : الكتابة في التخريج.

المجال الرابع : الكتابة في رجال الحديث.
فمثلاً :
الكلام في علل الحديث لا يخرج عن التخريج والرجال .
الكلام في الجرح والتعديل لا يخرج عن رجال الحديث .
الكلام في الحديث الموضوعي وإفراد الأجزاء لا يخرج عن التخريج وشرح الحديث.
جمع الأحاديث والمرويات لا يخرج عن التخريج، وشرح الحديث.
والكلام عن المصنفات الحديثية وأنواعها ومناهجها يدخل في التخريج، لأن من مبادئه معرفة أنواع الكتب الحديثية ومناهجها ليسهل الاستفادة منها والتعامل معها.
كما نقول الكلام في أنواع علم الحديث لا يخرج عن السند والمتن؛
فهناك أنواع تتعلق بالسند.
وهناك أنواع تتعلق بالمتن.
وهناك أنواع تتعلق بالسند والمتن.
وهذا الحصر يساعد طالب علم الحديث على تصوره، والبناء على ما عنده.
واليوم من أهم الدراسات في العلوم؛ الدراسات التي يسميها بعض إخواننا بـ (الدراسات البينية)؛ لأنها تقع بين علمين، مثل أن تكتب في موضوع حديثي مراعياً قاعدة أصولية؛ كالكتابة :
في (مفهوم المخالفة في الحديث النبوي)،
أو تكتب في (العام وأنواعه في الحديث النبوي)،
أو (المطلق والمقيد في الحديث النبوي).
وهذه الدراسات البينية فيما يتعلق بأصول الفقه والحديث على الخصوص ليست بدعاً عند أهل الحديث؛
فقد اعتمدها ابن حبان أصلاً في ترتيب كتابه الصحيح الموسوم بـ(التقاسيم والأنواع)، فقسم الكتاب إلى خمسة أقسام أصلية:
[(القسم الأول من أقسام السنن وهو الأوامر)، ويدور على مائة نوع وعشرة أنواع يجب على كل منتحل لسنن أن يعرف فصولها وكل منسوب إلى العلم أن يقف على جوامعها.
(القسم الثاني من أقسام السنن وهو النواهي)، ويدور على مائة نوع وعشرة أنواع .
(القسم الثالث من أقسام السنن وهو إخبار المصطفى صلى الله عليه و سلم عما احتيج إلى معرفتها)وتدور على ثمانين نوعا.
(القسم الرابع من أقسام السنن وهو الإباحات التي أبيح ارتكابها)
وتدور على خمسين نوعا
(القسم الخامس من أقسام السنن وهو أفعال النبي صلى الله عليه و سلم التي انفرد بها) وتدور على خمسين نوعا] ما بين المعقوفتين من كلام ابن حبان بتصرف يسير، من مقدمته لصحيحه.
فابن حبان رحمه الله وضع كتابه وقسمه على أساس أصول الفقه. فالكتاب بكامله مبني على نظرة بين الحديث وأصول الفقه.
ومنهم من أفرد قسما، كالحكيم الترمذي أفرد أحاديث النهي الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، في كتابه (المنهيات).
و(الترغيب والترهيب) معنى وعظي، يتعلق بالرقائق، أقام عليه كتابه الحافظ قوام السنة أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني (535هـ) رحمه الله، ومن بعده الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت656هـ) رحمه الله.
وهذا يدل أن هذا النوع من الدراسات كان حاضراً في أذهان علماء الحديث، ولله الحمد والمنة.

الأربعاء، 4 مايو 2016

كشكول ١٢٧٤: يَحْيَى الْقَطَّانِ


قال ابن حجر رحمه الله (فتح الباري 1/ 309): "يَحْيَى الْقَطَّانِ ... لَا يَحْمِلُ مِنْ حَدِيثِ شُيُوخِهِ الْمُدَلِّسِينَ إِلَّا مَا كَانَ مَسْمُوعًا لَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ"اهـ

كشكول ١٢٧٣: أما ما يميز المسلم عن غيره فهو حسن أخلاقه ورقي تعامله


أما ما يميز المسلم عن غيره فهو حسن أخلاقه ورقي تعامله ... 
فالدين المعاملة .

وهذا حال كل مسلم وطالب العلم من باب اولى واوكد .

كشكول ١٢٧٢: ثَلاَثٌ يُؤَدَّيْنَ إلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ


قال ابن أبي شيبة في المصنف (12/298) : "حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : ثَلاَثٌ يُؤَدَّيْنَ إلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ :

الرَّحِمُ يُوصَلُ بَرَّةً كَانَتْ ، أَوْ فَاجِرَةً ,

 وَالأَمَانَةُ تُؤَدِّيهَا إلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ ,

 وَالْعَهْدُ يُوَفَّى بِهِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ."اهـ

والمقصود انه يلزمك صلة رحمك ولو كانت فاجرة.

ويلزمك أن تؤدي الأمانة إلى من ائتمنك ولو كان فاجراً.


ويلزمك الوفاء بالعهد ولو مع فاجر.

لفت نظري ٧٦: قول بعضهم: أن يوم عيد الأم هو تنظيم لأمر عادي لا حرج فيه!


لفت نظري قول بعضهم: أن يوم عيد الأم هو تنظيم لأمر عادي لا حرج فيه؛
وذلك ان بر الوالدين ليس امرا عاديا بل امر عبادي امرنا الله به وقرنه بتوحيده وعظمه واكده الرسول صلى الله عليه وسلم  وهو مطلوب من الولد لامه في كل وقت وفي كل حين؛
ترى هل ترضى الام بأن لا تكرم ولا يحسن اليها ولا تقدم اليها الهدايا الا في يوم واحد في السنة؟
هل ترضى ان لا يهتم بها ولدها ولا يراعي خاطرها الا في بوم واحد في السنة؟ 
ترى هل فات هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يشرعه لنا ويعلمنا اياه الذي ما ترك من خير الا وارشدنا له؟!
ان تخصيص يوما في السنة لامر من الامور التي تعبدنا به تترتب عليه من الاضرار والمخالفات الشيء الكثير ومخالفة الكفار وترك مشابهتهم مما اكد عليها الشرع.

أسأل الله ان يجعلنا هداة مهتدين .

خطر في بالي ٧١: أن المسلم اذا عمل بشرع الله لا يخاف من مكر الكافرين؛ فإن الله ناصره


خطر لي ... أن المسلم اذا عمل بشرع الله لا يخاف من مكر الكافرين فإن الله ناصره .
فإن الكفار يمكرون مكرا كبار ببلاد الاسلام وبالمسلمين . والله جل وعلا يقول : ((اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)

[سورة فاطر 43].

خطر في بالي ٧٠: أن لا يظن بأحد من أهل العلم تعمد رد الحديث الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-


خطر في بالي التنبيه على أمر ، وهو أنه لا يظن بأحد من أهل العلم تعمد رد الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعض الناس يستسهل أن يقول: الأحناف يردون الأحاديث الصحيحة.
أو يقول: المالكية يردون الأحاديث الصحيحة.
أو يقول : الفقهاء يردون الأحاديث الصحيحة.

هذه عبارات لا يليق إطلاقها في حق أهل العلم؛ نبه على ذلك ابن تيمية رحمه الله في أوّل كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص: 8 – 9)، فقال: "وَلِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ -الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الأمة قبُولًا عَامًّا- يَتَعَمَّدُ مُخَالَفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ سُنَّتِهِ؛ دَقِيقٍ وَلَا جَلِيلٍ. فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينِيًّا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ, إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ قَوْلٌ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِ, فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عُذْرٍ فِي تَرْكِهِ"اهـ
والذي دعاني إلى هذا التنبيه أني رأيت بعض طلبة العلم يهجم على العلماء فيصفهم برد الحديث، فيقول مثلاً: مالك يرد حديث الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، أو يقول: الأحناف يردون حديث الآحاد إذا خالف القياس.
وهذه في الحقيقة عبارة توهم خلاف المقصود، وتخالف الواقع؛
فإن المقصود منها أن لدى هؤلاء الأئمة شروطا في قبول الحديث، تخالف غيرهم، لا يثبت عندهم الحديث بدونها، والواقع أنهم يردون الخبر لأنه غير ثابت عندهم بناء على ما أدّاهم إليه اجتهادهم من أنه يشترط في قبول الخبر هذا الشرط أو ذاك.
ولذلك ذكر ابن تيمية في كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص: 22) من أسباب مخالفة الإمام للحديث: "السَّبَبُ الرَّابِعُ: اشْتِرَاطُهُ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ الْحَافِظِ شُرُوطًا يُخَالِفُهُ فِيهَا غَيْرُهُ. مِثْلَ اشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ عَرْضَ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ فَقِيهًا إذَا خَالَفَ قِيَاسَ الْأُصُولِ, وَاشْتِرَاطِ بَعْضِهِمْ انْتِشَارَ الْحَدِيثِ وَظُهُورَهُ إذَا كَانَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى, إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَوَاضِعِهِ"اهـ
وبناء عليه فالإمام لا يرد الحديث إنما يرد خبراً لا يثبت بسبب عدم تحقق شرط القبول فيه عنده!
ولذلك ينبغي أن ينتبه للعبارة ومقصودها، فلا يقال الحنفية: يردون الحديث إذا خالف القياس، إنما يقال: الحنفية يشترطون في قبول الخبر أن لا يخالف القياس.
ولا يقال : المالكية يردون الحديث إذا خالف عمل أهل المدينة، إنما يقال: المالكية يشترطون في قبول الخبر أن لا يخالف عمل أهل المدينة.
وهكذا .... ؛ لأن في نسبة الأئمة والعلماء إلى رد الأحاديث ، ما يخالف واقعهم، وما يخالف ما يجب أن يعتقده المسلم في حقهم، إذ كيف يصح أن يعتقد أن أحد أولئك الأعلام من منهجه رد الأحاديث وهي صحيحة عنده ثابتة لمخالفتها القياس مثلاً أو عمل أهل المدينة؟!
والله الموفق.

كشكول ١٢٧١: الغلو في القرائن في مسائل علم الحديث


الغلو في القرائن في مسائل علم الحديث
لفت نظري بعض الأخوة – وفقهم الله – يكثرون من الاعتماد على دعوى القرائن في مسائل علم الحديث، حتى صارت تذكر في كل مسألة على أساس أن القول الراجح دائما ما اعتمد فيه على القرائن.

وهذا الطرح فيه مشكلة فيما يظهر لي – والله اعلم – لأن في كل مسألة غالباً أقوال، ولكل قول دليل، وبهذه الطريقة التي يمشي عليها بعض الأخوة القول الراجح هو ما اعتمد على القرائن، فما يعود للمسألة أقوال أو قاعدة منتظمة يبنى عليها، وما يعود في العلم قواعد وأدلة، كل القضية قرائن، فتعود مسائل العلم بغير قاعدة أصلاً.
والأصل أن الدليل هو حجة القول التي تدل على صحته.
والقرائن ما يشير إلى المطلوب، و لا تستقل بالدلالة على صحته.
وللعلماء في كل مسألة أقوال ينبغي أن تعتمد، و لا تحدث فيها أقوال خارجة عن كلامهم، لأنها غالبا ستكون مبنية على سوء فهم للمسألة، كما جربت ذلك مراراً في حواراتي مع بعض الأخوة. والله الموفق.

كشكول ١٢٧٠: مراعاة مسلك العرب فيما تريده من صيغ كلامها وخطابها


مراعاة مسلك العرب فيما تريده من صيغ كلامها وخطابها
تورد كتب الأصول بابا فيه (دلالات الألفاظ).
ويوردون أصول الأدلة المتفق عليها: 
الكتاب 
والسنة 
والإجماع 
والقياس. 
ويوردون أدلة أخرى مختلف عليها عندهم وهي: 
قول الصحابي.
والاستصحاب.
والمصلحة المرسلة.
وشرع من قبلنا.
والاستحسان.
والأخذ بأقل ما قيل.
وعمل أهل المدينة.
وسد الذرائع.
والعرف.
ويلحظ الناظر في كلامهم في مسائل الأصول، أنهم يستدلون بدليل آخر خارج عن هذه الأدلة؛ 
فمثلاً يقررون أن الأمر على الفور ، بأن يقولوا من ضمن الأدلة في ذلك: أن السيد لو أمر عبده بأن يحضر كأس ماء ، ولم يأته به فوراً لاستحق اللوم والتأديب.
ويقررون نحو هذا الاستدلال في مسائل عديدة؛ و يرجع هذا الاستدلال إلى إعمال أحوال العرب في دلالات الصيغ؛ وهذا دليل خارج عن ما تقدّم إلا إذا قلنا ندخله في (العرف)، وفيه بعد من جهات منها أن هذا ليس هو المراد بالعرف عندهم، ومنها أن دليل العرف مختلف فيه عندهم فكيف يستعملونه في استدلالهم؟!
ومراعاة أحوال العرب في استعمالهم لصيغ الكلام من أمر ونهي ونحوه مما تتابع أهل الأصول على الاستدلال به، وهو يحتاج إلى وقفة معتبرة لإبرازه.
وقد لاحظت أن أئمة التفسير وأئمة الحديث يستعملونه في تفسير القرآن العظيم وشرح الحديث النبوي.
وهذا الأمر قاعدة الاستدلال والاستنباط وفهم الشريعة من مصدريها الأصليين: القرآن والسنة.
قال "الشافعي رحمه الله في الرسالة (ص51 – 53): "فإنما خاطب الله بكتابه العربَ بلسانها، على ما تَعْرِف مِن معانيها، وكان مما تعرف من معانيها: اتساعُ لسانها، وأنَّ فِطْرَتَه أنْ يخاطِبَ بالشيء منه عامًّا، ظاهِرًا، يُراد به العام، الظاهر، ويُسْتغنى بأوَّل هذا منه عن آخِرِه. وعاماً ظاهراً يراد به العام، ويَدْخُلُه الخاصُّ، فيُسْتَدلُّ على هذا ببَعْض ما خوطِبَ به فيه؛ وعاماً ظاهراً، يُراد به الخاص. وظاهراً يُعْرَف في سِياقه أنَّه يُراد به غيرُ ظاهره. فكلُّ هذا موجود عِلْمُه في أول الكلام، أوْ وَسَطِهِ، أو آخِرَه.
وتَبْتَدِئ الشيءَ من كلامها يُبَيِّنُ أوَّلُ لفظها فيه عن آخره. وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظِها منه عن أوَّلِهِ.
وتكلَّمُ بالشيء تُعَرِّفُه بالمعنى، دون الإيضاح باللفظ، كما تعرِّف الإشارةُ، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها، لانفراد أهل علمها به، دون أهل جَهَالتها.
وتسمِّي الشيءَ الواحد بالأسماء الكثيرة، وتُسمي بالاسم الواحد المعانيَ الكثيرة.
وكانت هذه الوجوه التي وصفْتُ اجتماعَها في معرفة أهل العلم منها به - وإن اختلفت أسباب معرفتها -: مَعْرِفةً واضحة عندها، ومستَنكَراً عند غيرها، ممن جَهِل هذا من لسانها، وبلسانها نزل الكتابُ، وجاءت السنة، فتكلَّف القولَ في علمِها تكلُّفَ ما يَجْهَلُ بعضَه.
ومن تكَلَّفَ ما جهِل، وما لم تُثْبِتْه معرفته: كانت موافقته للصواب - إنْ وافقه من حيث لا يعرفه - غيرَ مَحْمُودة، والله أعلم؛ وكان بِخَطَئِه غيرَ مَعذورٍ، وإذا ما نطق فيما لا يحيط علمه بالفرق بيْن الخطأ والصواب فيه"اهـ.
وأشار الشاطبي رحمه الله إلى ذلك ، مع ملاحظة أني لا أقصد (دلالات الألفاظ) إنما أقصد مراعاة عرف العرب وعاداتهم في استعمال اللغة وصيغها، ومقامات الدلالة في ذلك، التي يستعملها الأصوليون دليلاً في تقرير مسائلهم ؛
قال الشاطبي رحمه الله، في الموافقات (1/ 39): "إنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ لَيْسَ فيه من طرائق كلام الْعَجَمِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ.
وَأَنَّ الْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ، وَالسُّنَّةُ عَرَبِيَّةٌ, لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلَى أَلْفَاظٍ أَعْجَمِيَّةٍ فِي الْأَصْلِ أَوْ لَا يَشْتَمِلُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ فِي أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ وَأَسَالِيبِهِ عَرَبِيٌّ, بِحَيْثُ إِذَا حُقِّقَ هَذَا التَّحْقِيقَ سُلِكَ بِهِ فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُ وَالِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَسْلَكَ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي تَقْرِيرِ مَعَانِيهَا وَمَنَازِعِهَا فِي أنواع مخاطباتها خاصة؛ فإن كثيراً مِنَ النَّاسِ يَأْخُذُونَ أَدِلَّةَ الْقُرْآنِ بِحَسَبِ مَا يُعْطِيهِ الْعَقْلُ فِيهَا، لَا بِحَسَبِ مَا يُفهم مِنْ طَرِيقِ الْوَضْعِ، وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ كَبِيرٌ وَخُرُوجٌ عَنْ مَقْصُودِ الشَّارِعِ"اهـ
فلابد من مراعاة عَادَةِ الْعَرَبِ فِي مُخَاطَبَاتِهَا وَمَعْهُودِ كَلَامِهَا. الموافقات (5/ 418).
وهذا الوجه من الاستدلال يستحق أن يبرز ويعتنى به، ولابن جني في (الخصائص)وابن فارس في (الصاحبي) شأو كبير فيه!

والله الموفق.

كشكول ١٢٦٩: فهم القرآن


فهم القرآن
أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم، وبينه له، وأمره ببيانه.
قال تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (القيامة: 17 – 19).
وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (النحل: 44).
فكان هذا هو المصدر الأول لبيان معاني القرآن العظيم وفهمه.
وتلقى معاني القرآن عن رسول الله صحابته الكرام، الذين شاهدوا نزول الوحي، واحتفوا بقرائن النزول، ووقائعه وملابساته، مع كونه نزل بلغتهم التي بها يتكلمون، فصار الصحابة هم المصدر الثاني لبيان القرآن الكريم.
فلزم الأمة اتباع ما جاء به الرسول ، وفق البيان الذي علمه الرسول لصحابته الكرام، ونقلوه لمن بعدهم، فمن خرج عن هذا النهج، فقد خرج عن الصراط المستقيم. 
وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ (النساء: 115).
وترتب على هذا أمور ؛ 
منها أنه لا يجوز للمفسر بالرأي أن يأتي بمعنى يخالف مخالفة تضاد ما جاء عن رسول الله أو عن الصحابة .
وهذا أهم شروط قبول التفسير بالرأي ، وسائر الشروط تبع له.
فشرط موافقة السياق.
وشرط موافقة اللغة.
وشرط أن لا يأتي بمعنى يخرج عن الإسلام.
وشرط أن لا يؤيد أهل البدع.
كلها ترجع إلى شرط أن لا يخالف التفسير الوارد عن الرسول وعن الصحابة مخالفة تضاد!
فمن جاء بتفسير للقرآن يخالف ذلك فقد أحدث في تفسير القرآن حدثاً، هو بدعة ضلالة.
ومنها أن أعداء الدين صار همهم وتركيزهم إبطال الرجوع إلى تفسير السلف؛ فالقراءات المعاصرة للقرآن العظيم كلها تنتهي إلى هذه الغاية، وهي فصل تفسير القرآن العظيم عن المعاني التي بينها الرسول وقررها الصحابة رضوان الله عليهم!
ومنها أن التفسير اللغوي للقرآن العظيم لا يعتمد في بيان معاني القرآن ما لم يخرج عن مخالفة التفسير الوارد عن الرسول والصحابة الكرام مخالفة تضاد.
ولذلك ليس كل ما ساغ لغة ساغ تفسيراً.
وليس كل ما ساغ إعراباً ساغ تفسيراً.
وهذا يشير إلى أن تفسير القرآن يراعى فيه المعنى المراد، لا مجرد معنى اللفظ بحسب اللغة!
وما تمت الإحالة فيه إلى لغة العرب إنما المراد به، أن المعنى المراد بحسب ما جاء عن الرسول والصحابة الكرام هو ذلك، لا أن لغة العرب هي المعتمدة في تقريره بمجردها!
ففي تفسير الطبري (جامع البيان ط هجر 1/ 70): قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: 
وَجْهٍ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا.
وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ.
وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ.
وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ".
فالمراد بذلك الوجه الذي تعرفه العرب من كلامها ، هو ما أحال الرسول الصحابة في بيانه على لغة العرب؛ لا أن لغة العرب تستقل ببيان معاني القرآن العظيم، وإلا ما كان لهذه الوجوه الأخرى معنى!
ومنها أن ما ورد عن التابعين في التفسير، لا يأخذ مكانه في التفسير بالمأثور إلا إذا جزم بأنه يتحقق فيه أنه مأخوذ عن الصحابة، ولذلك قيد بأن يكون مما اتفقوا عليه، وإلا فإن كلامهم ككلام غيرهم في معاني القرآن العظيم.
فإن قيل : ألم يجتهد الصحابة في تفسير القرآن العظيم؟
فالجواب : بلى اجتهدوا، ولكن اجتهادهم كان مبنيا على بيان النبي للقرآن وما شاهدوه وعلموه من قرائن التنزيل ووقائع التأويل؛ فاجتهادهم في التفسير يحمل في طياته البيان الذي علموه من النبي لمعاني القرآن العظيم.
وبهذه الطريقة لا يفهم القرآن العظيم فقط، بل الدين كله؛ إذ هو يقوم على ما جاء عن الله ورسوله ، بما نقلوه الصحابة من بيان!
وهذا يفسر اهتمام الأئمة رحمهم الله بجمع التفسير الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم في تفسير القرآن الكريم.
واعلم أن بيان النبي للقرآن العظيم على صور شتى؛ 
فتارة يذكر الرسول الآية ويفسرها.
وتارة يذكر الرسول ما يفسر الآية بغير أن يذكرها.
وتارة يفسر الآية بالتطبيق العملي منه ، فكل ما ورد عنه في الصلاة ، وفي الزكاة، هو بيان لقوله تعالى: ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾، وكل ما ورد عنه في الصوم هو بيان لآيات الصوم، وهكذا في آيات الحدود والعقوبات، وغيرها.
وتارة يفسر القرآن بخلقه الذي كان عليه في كل شأنه .
وبهذا تعلم أن الرسول فسر جميع القرآن وبينه، امتثالاً لأمر ربه له ببيانه، فكان فيه إنهاء الاختلاف والهدى والرحمة؛

وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (النحل: 64).