السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الاثنين، 27 أكتوبر 2014

علمني ديني ٣٥: أن الدين يسر



علمني ديني: أن الدين يسر.

ومعنى هذا: أن ما ثبت أنه من الدين، فهو يسر.

فلا يصح أن نتخير من أقوال العلماء أيسرها ونقول: «الدين يسر»؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقل: اليسر دين، أو الأيسر من كلام العلماء هو الدين، إنما قال: «الدين يسر». فما ثبت أنه دين فهو يسر.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ، وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». (أخرجه البخاري في (كتاب الإيمان)، باب: الدين يسر، حديث رقم (٣٩)، ومسلم في (كتاب صفة القيامة، والجنة والنار)، باب: «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى»، حديث رقم ( ٢٨١٦).).

«وَالْمُشَادَّة بِالتَّشْدِيدِ: الْمُغَالَبَة، يُقَالُ: شَادَّهُ يُشَادُّهُ مُشَادَّة إِذَا قَاوَاهُ. وَالْمَعْنَى لَا يَتَعَمَّق أَحَد فِي الْأَعْمَال الدِّينِيَّة وَيَتْرُك الرِّفْق، إِلَّا عَجَزَ، وَانْقَطَعَ؛ فَيُغْلَب.

قَوْله: «فَسَدِّدُوا»، أَيْ: اِلْزَمُوا السَّدَاد: وَهُوَ الصَّوَاب، مِنْ غَيْر إِفْرَاط، وَلَا تَفْرِيط. قَالَ أَهْل اللُّغَة: السَّدَاد: التَّوَسُّط فِي الْعَمَل.

قَوْله: «وَقَارِبُوا»، أَيْ: إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذ بِالْأَكْمَلِ، فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّب مِنْهُ.

قَوْله: «وَأَبْشِرُوا»، أَيْ: بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَل الدَّائِم وَإِنْ قَلَّ، وَالْمُرَاد: تَبْشِير مَنْ عَجَزَ عَنِ الْعَمَل بِالْأَكْمَلِ، بِأَنَّ الْعَجْز إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صَنِيعه، لَا يَسْتَلْزِم نَقْص أَجْره، وَأَبْهَمَ الْمُبَشَّر بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَتَفْخِيمًا.

قَوْله: «وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ»، أَي: اِسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَة الْعِبَادَة بِإِيقَاعِهَا فِي الْأَوْقَات الْمُنَشِّطَة. وَالْغَدْوَة بِالْفَتْحِ: سَيْرُ أَوَّل النَّهَار. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «مَا بَيْن صَلَاة الْغَدَاة، وَطُلُوع الشَّمْس». وَالرَّوْحَة بِالْفَتْحِ: السَّيْرُ بَعْد الزَّوَال. وَالدُّلْجَة بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْحه وَإِسْكَان اللَّام: سَيْرُ آخِر اللَّيْل. وَقِيلَ: سَيْر اللَّيْل كُلِّه. وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالتَّبْعِيضِ؛ وَلِأَنَّ عَمَل اللَّيْل أَشَقُّ مِنْ عَمَل النَّهَار.

وَهَذِهِ الْأَوْقَات أَطْيَب أَوْقَات الْمُسَافِر، وَكَأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - خَاطَبَ مُسَافِرًا إِلَى مَقْصِد فَنَبَّهَهُ عَلَى أَوْقَات نَشَاطه؛ لِأَنَّ الْمُسَافِر إِذَا سَافَرَ اللَّيْل وَالنَّهَار جَمِيعًا، عَجَزَ وَانْقَطَعَ. وَإِذَا تَحَرَّى السَّيْر فِي هَذِهِ الْأَوْقَات الْمُنَشِّطَة أَمْكَنَتْهُ الْمُدَاوَمَة مِنْ غَيْر مَشَقَّة. وَحُسْن هَذِهِ الِاسْتِعَارَة: أَنَّ الدُّنْيَا فِي الْحَقِيقَة دَار نُقْلَة إِلَى الْآخِرَة، وَأَنَّ هَذِهِ الْأَوْقَات بِخُصُوصِهَا أَرْوَح مَا يَكُون فِيهَا الْبَدَن لِلْعِبَادَةِ». (من (فتح الباري، (١/ ٩٤-٩٥)).). 

وفيه: قَالَ اِبْن الْمُنيِّر: «فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة؛ فَقَدْ رَأَيْنَا، وَرَأَى النَّاس قَبْلنَا: أَنَّ كُلّ مُتَنَطِّع فِي الدِّين يَنْقَطِع. وَلَيْسَ الْمُرَاد مَنْع طَلَب الْأَكْمَل فِي الْعِبَادَة؛ فَإِنَّهُ مِنْ الْأُمُور الْمَحْمُودَة، بَلْ مَنْع الْإِفْرَاط الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَال، أَوْ الْمُبَالَغَة فِي التَّطَوُّع الْمُفْضِي إِلَى تَرْك الْأَفْضَل، أَوْ إِخْرَاج الْفَرْض عَنْ وَقْته؛ كَمَنْ بَاتَ يُصَلِّي اللَّيْل كُلّه، وَيُغَالِب النَّوْم، إِلَى أَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فِي آخِر اللَّيْل؛ فَنَامَ عَنْ صَلَاة الصُّبْح فِي الْجَمَاعَة، أَوْ إِلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْت الْمُخْتَار، أَوْ إِلَى أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْس؛ فَخَرَجَ وَقْت الْفَرِيضَة» اهـ.).

والحديث نصٌّ في أن الدين يسرٌ.

و أن الدين قَصْدٌ، وأَخْذٌ بِالْأَمْرِ الْوسَط، فلا يفرط المرء على نفسه، ولا يفرِّط.

سؤال وجواب ٢٨: كيف نوفق بين حديث: «من أراد أن ينصح لذي سلطان...» وحديث: «خير الشهداء...»؟



سؤال: «كيف نوفق بين حديث: «من أراد أن ينصح لذي سلطان، فلا يبده علانية»، -أو كما قال رسول الله- وحديث: «خير الشهداء: حمزة، ورجل قام إلى ذي سلطان، فأمره، ونهاه؛ فقتله»، -أو كما قال رسول الله-؟». 

الجواب: لا معارضة ولا اختلاف بين الحديثين؛ لأن حديث: «سيد الشهداء: حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره، ونهاه؛ فقتله»، فيه قوله: «إلى إمام جائر»، بمعنى أتاه في خاصة نفسه؛ فنصحه، كالحديث الأول، يفسره حديث: «أفضل الجهاد كلمة عدل (وفي رواية: حق) عند سلطان جائر»؛ فالمراد أنه أتاه في مجلسه، ونصحه في خاصة نفسه. 

نكتة علمية: 

جاء التعبير في الحديث بصيغة اسم الفاعل (جائر)؛ ليدل على أن وصف الجور: ثابت، مستقر، دائم، ملازم في هذا الإمام، وعليه: فإن هذا الوصف لا يصدق على من كان يجور أحياناً؛ لأنه لا يقال له جائر. 

تنبيه:

الرواية التي ذكرتها مقيدة للحديث الذي أورده السائل، بأن يكون ذي السلطان موصوفاً بالجور، وعليه: فإنه يشترط لنيل هذه الدرجة العالية، الشروط التالية:

- أن يقوم له نصيحة؛ فيأمره، وينهاه. 

- أن يأتيه في مجلسه، وينصحه في خاصة نفسه. 

- أن يكون ذو السلطان موصوفًا بالجور.

- أن يقتل السلطان الجائر هذا الناصح. 


مما تقدم تعلم خطأ ما يفعله بعض الناس من الإنكار العلني على المنابر، أو في الدروس، أو المحاضرات، أو الجلسات، فإن هذا ليس من طريقة أهل السنة في معاملة ولي الأمر، إذا أريد نصحه، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر. والله أعلم.

خطر في بالي ١٠: قولهم: «الأعمال شرط؛ لكمال الإيمان»، المحظور في هذه العبارة أنها تدل على أن العمل خارج الإيمان


خطر في بالي:
قولهم: «الأعمال شرط لكمال الإيمان»، المحظور في هذه العبارة أنها: تدل على أن العمل خارج الإيمان؛

لأن الشرط: هو ما كان خارج الماهية، وعلى ذلك فالعمل خارج ماهية الإيمان، وهذا مذهب المرجئة. 

لكن هذه الدلالة تضعف بالأمر التالي: 

كون العمل بحسب العبارة السابقة (شرط لكمال الإيمان) ينافي مذهب المرجئة؛ لأن الإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص، وأهله في أصله سواء؛ فإيماني كإيمان جبريل، والرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكإيمان أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم-، فالعمل لا تعلق له بكماله عند المرجئة. 

ولذلك كان من قال: «الإيمان يزيد، وينقص» بريء من الإرجاء كله أوله وآخره. 

وعليه: فهذه العبارة مجملة موهمة، لا يحسن استعمالها، وترد، لكن لا ينسب قائلها إلى مذهب المرجئة حتى يتبين ذلك منه.
ولذلك كان البقاء على عبارات السلف في الباب، وترك الزيادة عليها، هو الأصل الذي يُدعى إليه، والله أعلم.

سؤال وجواب ٢٧: هل للناس الحرية في اعتقادهم ودينهم؟


سؤال: «هل للناس الحرية في اعتقادهم ودينهم؟».

الجواب:

عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي: دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». ([١]).

في هذا الحديث يبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر بأن يدعو الناس إلى الإسلام: عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يتبعوه في بلاغه عن ربه، فلا حرية لأحد في اعتقاده، بل لابد من الدخول في الإسلام أو القتال. 

ويؤيده قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (الأنفال: ٣٩).

وخرج من هذا الحكم أهل الكتاب، فلهم أن يبقوا على دينهم ويدفعوا الجزية، فقال جل وعلا: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة: ٢٩)... تابع القراءة على الرابط التالي:


سؤال وجواب ٢٦: قول الصحابي هل هو حجة؟



سؤال: «قول الصحابي هل هو حجة؟». 

الجواب :

ليس بحجة مستقلة، فهو ليس كالقرآن العظيم، ولا السنة النبوية، وهذه بدهية شرعية عقدية. وهو حجة تبعية؛ بمعنى أنه يكون حجة تبعاً لأمور، أو في أحوال معينة، وهي التالية: 

١- قول الصحابي في ما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه.

٢- قول الصحابي الذي لا مخالف له؛ لأنه إجماع سكوتي. 

٣- قول الصحابي في تفسير مرويه؛ لأنه أدرى بالمراد به.

٤- قول الصحابي في تفسير القرآن الكريم؛ لأنه يبنيه على ما فهمه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- في معنى الآية.

٥- قول الصحابي في سبب النزول، سواء بصيغة صريحة، أم بصيغة غير صريحة.

٦- قول الصحابي في ما يسميه علماء التفسير: (قراءة تفسيرية)؛ لأنه على أدنى الأحوال حديث مسند.

٧- قول الصحابي في المسائل التي اختلفوا فيها؛ فإنه حجة في أن لا يخرج عن أقوالهم؛ لأن اختلافهم على هذه الأقوال، دليل على أنها لا تحتمل غيرها. 


٨- قول الصحابي إذا اتفقوا؛ فهو إجماع.

سؤال وجواب ٢٥: تفسير الصحابي للقرآن العظيم كيف يكون في حكم المرفوع؟


سؤال: «تفسير الصحابي للقرآن العظيم كيف يكون في حكم المرفوع؟ 
إن قيل: ألم يختلف الصحابة في تفسير القرآن الكريم، ألا يدخل الرأي والاجتهاد تفسير الصحابة للقرآن العظيم؟».

فالجواب : 

نعم يدخل تفسيرهم الرأي والاجتهاد، ولكنه مبني على ما فهموه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من معاني القرآن الكريم، وهذا يجعل لتفسيرهم ميزة، وهو أن المعنى الأصلي، والقاعدة التي ينطلق منها كلام الصحابي في الآية: هي المعنى الذي فهمه من الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

هذا المعنى جعل أهل الحديث يجعلون تفسير الصحابي للقرآن الكريم في حكم المرفوع. 

قال ابنُ أبي حاتم في تقدمة كتاب الجرح والتعديل (١/٧): «فأما أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله -عز وجل- لصحبه نبيِّه -صلى الله عليه وسلم-، ونصرته، وإقامة دينه، وإظهار حقه، فرضيهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوة، فحفظوا عنه -صلى الله عليه وسلم- ما بلَّغهم عن الله عز وجل، وما سنَّ، وشرع، وحكم، وقضى، وندب، وأمر، ونهى، وحظر، وأدَّب، ووعوه وأتقنوه؛ ففقهوا في الدين. وعلموا أمر الله، ونهيه، ومراده: بمعاينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب، وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه؛ فشرفهم الله -عز وجل- بما منَّ عليهم وأكرمهم به، من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشكَّ والكذب، والغلط، والريبة، والغمز، وسمَّاهم (عدول الأمَّة)، فقال -عزَّ ذكرُه- في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}. (البقرة: من الآية: ١٤٣)، ففسَّر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن الله -عزَّ ذكره- قولَه: {وسطًا}، قال: «عدلًا»؛ فكانوا عدول الأمَّة، وأئمة الهدى، وحجج الدين، ونقلة الكتاب والسنة، وندب الله -عز وجل- إلى التمسك بهديهم، والجري على منهاهجم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بهم، فقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}. (النساء: ١١٥)، ووجدنا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قد حضَّ على التبليغ عنه في أخبار كثيرة، ووجدناه يخاطب أصحابه فيها، منها أن دعا لهم فقال: «نَضّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا حَتَّى يُبَلِّغَهَا غَيْرَهُ». وقال -صلى الله عليه وسلم- في خطبته: «فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ». وقال: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ»، ثم تفرَّقت الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- في النواحي، والأمصار، والثغور، وفي فتوح البلدان، والمغازي، والإمارة، والقضاء، والأحكام؛ فبثَّ كل واحد منهم في ناحية، وبالبلد الذي هو به، ما وعاه وحفظه عن رسول -صلى الله عليه وسلم-، وحكموا بحكم الله -عز وجل-، وأمضوا الأمور على ما سنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظائرها من المسائل، وجرَّدوا أنفسهم (مع تقدمة حسن النية، والقربة إلى الله -تقدس اسمُه-)؛ لتعليم الناس الفرائض، والأحكام، والسنن، والحلال والحرام، حتى قبضهم الله -عز وجل- رضوان الله، ومغفرته، ورحمته عليهم أجمعين» اهـ. تأمل قوله -رحمه الله-: «وعلموا أمر الله، ونهيه، ومراده، بمعاينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب، وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه» اهـ. 


قال ابنُ القيِّم -رحمه الله- في كتابه (أعلام الموقعين، (٤/١٥٣).): «ما تقولون في أقوالهم في تفسير القرآن، هل هي حجَّة يجب المصير إليها؟ قيل: لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوبُ من أقوال مَنْ بعدهم. وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى أن تفسيرهم في حكم المرفوع؛ قال أبو عبد الله الحاكم في (مستدركه): «وتفسيرُ الصحابيِّ عندنا في حكم المرفوع». ومرادُه أنه في حكمه في الاستدلال به والاحتجاج، لا أنه إذا قال الصحابي في الآية قولًا، فلنا أن نقول: هذا القول قولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وله وجه آخر: وهو أن يكون في حكم المرفوع بمعنى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيَّن لهم معاني القرآن، وفسَّره لهم، كما وصفه تعالى بقوله: {لتبيِّن للناس ما نزل إليهم}، فبيَّن لهم القرآن بيانًا شافيًا كافيًا، وكان إذا أشكل على أحد منهم معنى سأله عنه، فأوضحه له...» اهـ.

كشكول ٧٦: من منهج السلف: الاهتمام بأقوال الصحابة


من منهج السلف: الاهتمام بأقوال الصحابة. 

وهي عقبة كأداء أمام أهل البدع. 

أقوال الصحابة، ومتابعتها، والاهتمام بها، هي: الفرقان بين السلفي، وغيره من دعاة الباطل؛ 

لأن السلفي يقيد فهمه للكتاب والسنة بفهم الصحابة -رضوان الله عليهم-. وهؤلاء يفهمون الكتاب والسنة بمقتضى العقل واللغة فقط. ؛

فهم يقولون مثل كل من ينتسب إلى الإسلام: «أصلنا: القرآن، والسنة».

ما الذي يفرقهم عن السلفيين؟ 

الذي يفرقهم عن السلفيين: تركهم اتباع أقوال الصحابة وخروجهم عن فهمهم، والسلفيون: يلتزمون باتباع أقوال الصحابة وعدم الخروج عن فهمهم؛

- لأن ذلك سبيل المؤمنين، 

- ولأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن النجاة من التفرق والاختلاف: بلزوم ما كان عليه هو، وأصحابه. 


وفق الله الجميع لطاعته.

ليس من منهج السلف ٥: الاهتمام بالأحاديث المرفوعة، دون الآثار الموقوفة


ليس من منهج السلف:

الاهتمام بالأحاديث المرفوعة، دون الآثار الموقوفة.

قال وقلت ٢٤: ما معنى: (خلاف يعتد به)؟


قال لي: «ما معنى: (خلاف يعتد به)؟»

قلت: (الخلاف المعتد به): هو الخلاف المعتبر، الذي من آثاره أنه يبطل حكاية الإجماع، ويحوج إلى مراعاته، والخروج منه ما أمكن، ويفتح الباب أمام تسويغ الأخذ به؛ لعدم وجود الدليل الذي يلزم اتباعه في المسألة. قال أبو الحسن ابن الحصار في كتابه (الناسخ والمنسوخ) لما نظم ذلك: 
«فليس كل خلاف جاء معتبراً ... إلا خلاف له حظ من النظر».

كشكول ٧٥: لا تعينوا الشيطان على أخيكم


لا تعينوا الشيطان على أخيكم.

في البخاري تحت رقم: (٦٧٨٠) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: «اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟». فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». 


وأخرج تحت رقم: (٦٧٨١) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: «مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ».

كشكول ٧٤: الصدقة باقية لصاحبها عند الله -جل وعلا-


الصدقة باقية لصاحبها عند الله -جل وعلا-.

عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}، قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: «مَالِي، مَالِي»، قَالَ: «وَهَلْ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟».». (أخرجه مسلم في أول (كتاب الزهد والرقائق)، حديث رقم: (٢٩٥٨).). 

وعَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا بَقِيَ مِنْهَا؟». قَالَتْ: «مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا». قَالَ: «بَقِيَ كُلُّهَا، غَيْرَ كَتِفِهَا». (أخرجه الترمذي في كتاب (أَبْوَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، وَالرَّقَائِقِ وَالْوَرَعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، باب، حديث رقم: (٢٤٧٠). 

والحديث قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ»، وَأَبُو مَيْسَرَةَ هُوَ الهَمْدَانِيُّ اسْمُهُ: عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ» اهـ. وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي).).

كشكول ٧٣: لا تجعل قلبك مثل السفنجة!


نصيحة غالية، عالية...

قال ابن القيم في كتابه (مفتاح دار السعادة، ومنشور ولاية العلم والإرادة، (١/ ١٤٠).):

«وَقَالَ لي شيخ الإسلام -رضي الله عَنهُ- وَقد جعلت أورد عَلَيْهِ إيرادا بعد إِيرَاد: 

لا تجعل قَلْبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة؛ فيتشربها، فَلَا ينضح إلا بهَا، 

وَلَكِن اجْعَلْهُ كالزجاجة المصمتة، تمر الشُّبُهَات بظاهرها، وَلَا تَسْتَقِر فِيهَا؛ فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته.

وَإِلَّا فإذا أشربت قَلْبك كل شُبْهَة تمر عَلَيْهَا، صَار مقرًا للشبهات -أَوْ كَمَا قَالَ-.

فَمَا أعْلَم أني انتفعت بِوَصِيَّة فِي دفع الشُّبُهَات، كانتفاعي بذلك» اهـ.

قال وقلت ٢٣: من أصاحب؟


قال لي: «من أصاحب؟».

قلت: صاحب الأخيار، الذين هم أهل سنة وعلى المنهج؛ 

فلا تغرك فيه صلاته.

ولا يغرك فيه صيامه الاثنين، والخميس، والأيام البيض.

ولا يغرك قيامه في الليل.

ولا تغرك لحيته.

ولا يغرك قصر ثوبه.

أعرض حاله على السنة والمنهج.

ألا ترى أن الخوارج جاء في وصفهم: «يحقر أحدكم صلاته جنب صلاتهم، وصيامه جنب صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعود».

إذا سمعت الرجل يقال عنه: «جامي أو مدخلي»؛ فأعرف أنه على المنهج؛ فصاحبه. 

إذا سمعت الرجل يقال عنه: «يجالس علماء السلطان، ومشايخ المدينة»؛ فاعلم أنه على السنة، والمنهج فصاحبه.


انتبه! فـ«المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».

شبهة والرد عليها ٢٢: تصح إمامة الحكام حتى إن لم يكونوا من قريش


شبهة:
«لا تصح إمامة هؤلاء الحكام؛ لأن شرط الإمام أن يكون قرشياً؛ فإن الأئمة من قريش.
عن ابْن عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ». (أخرجه البخاري في (كتاب الأحكام)، باب الأمراء من قريش، حديث رقم: (٧١٤٠)، ومسلم في (كتاب الإمارة)، باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش، حديث رقم: (١٨٢٠)).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ، وَالنَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، إِذَا فَقِهُوا تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ». (أخرجه البخاري في (كتاب المناقب)، باب قول الله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوباً وقبائل}، حديث رقم: (٣٤٩٦)، ومسلم في (كتاب الإمارة)، باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش، حديث رقم: (١٨١٨).).
قال النووي (ت٦٧٦هـ) -رحمه الله-: «قَوْله: «النَّاس تَبَع لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْن مُسْلِمهمْ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرهمْ لِكَافِرِهِمْ»، وَفِي رِوَايَة: «النَّاس تَبَع لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْر وَالشَّرّ»، وَفِي رِوَايَة: «لَا يَزَال هَذَا الْأَمْر فِي قُرَيْش مَا بَقِيَ مِنْ النَّاس اِثْنَانِ»، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ: «مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اِثْنَانِ». هَذِهِ الْأَحَادِيث وَأَشْبَاههَا دَلِيل ظَاهِر أَنَّ الْخِلَافَة مُخْتَصَّة بِقُرَيْشٍ، لَا يَجُوز عَقْدهَا لِأَحَدٍ مِنْ غَيْرهمْ، وَعَلَى هَذَا اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع فِي زَمَن الصَّحَابَة، فَكَذَلِكَ بَعْدهمْ، وَمَنْ خَالَفَ فِيهِ مِنْ أَهْل الْبِدَع أَوْ عَرَّضَ بِخِلَافٍ مِنْ غَيْرهمْ فَهُوَ مَحْجُوج بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة.
قَالَ الْقَاضِي: «اِشْتِرَاط كَوْنه قُرَشِيًّا هُوَ مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة»، قَالَ: «وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ أَبُو بَكْر وَعُمَر عَلَى الْأَنْصَار يَوْم السَّقِيفَة، فَلَمْ يُنْكِرهُ أَحَد»، قَالَ الْقَاضِي: «وَقَدْ عَدَّهَا الْعُلَمَاء فِي مَسَائِل الْإِجْمَاع، وَلَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف فِيهَا قَوْل وَلَا فِعْل يُخَالِف مَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدهمْ فِي جَمِيع الْأَعْصَار»، قَالَ: «وَلَا اِعْتِدَاد بِقَوْلِ النَّظَّام وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْخَوَارِج وَأَهْل الْبِدَع أَنَّهُ يَجُوز كَوْنه مِنْ غَيْر قُرَيْش، وَلَا بِسَخَافَةِ ضِرَار بْن عَمْرو فِي قَوْله: «إِنَّ غَيْر الْقُرَيْشِيّ مِنْ النَّبَط وَغَيْرهمْ يُقَدَّم عَلَى الْقُرَشِيّ لِهَوَانِ خَلْعه إِنْ عَرَضَ مِنْهُ أَمْر»، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ بَاطِل الْقَوْل وَزُخْرُفه مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَة إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ. وَاَللَّه أَعْلَم» اهـ. ((شرح النووي على مسلم) تحت شرح الحديث رقم: (١٨١٨).)».


وللرد أقول:
هنا أمور تزيل -إن شاء الله- الشبهة وهي مايلي:
- أنه في حال الاختيار، إذا صلح لولاية الأمر رجلان: أحدهما من قريش، والآخر من غير قريش، فإن القرشي يقدم على غيره، للأحاديث السابقة. وهذا محل الإجماع.
- أنه في حال ترك القرشي الاستقامة على الدين لا أفضلية له، لمجرد أنه قرشي، وهذا يدل عليه ما جاء عَنْ مُعَاوِيَة أنه قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ».». (أخرجه البخاري في (كتاب الأحكام)، باب الأمراء من قريش، حديث رقم: (٧١٣٩).).
- أنه في حال تغلب رجل مسلم على المسلمين، وإقامته لشرع الله؛ فإنه تجب له البيعة والسمع والطاعة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ».». (أخرجه البخاري في (كتاب الأحكام)، باب السمع والطاعة للإمام، مالم تكن معصية، حديث رقم: (٧١٤٢).). وهذا محل اتفاق، وإجماع.
وكان هذا المعنى قد فقهه الأئمة من آل سعود، فقد سئل الإمام عبد العزيز ابن محمد بن سعود: «هل تصح الإمامة في غير قريش؟»
فأجاب: «الذي عليه أكثر العلماء، أنها لا تصح في غير قريش إذا أمكن ذلك، وأما إذا لم يمكن ذلك واتفقت الأمة على مبايعة الإمام، أو اتفق أهل الحل والعقد عليه، صحت إمامته ووجبت مبايعته، ولم يصح الخروج عليه، وهذا هو الصحيح الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة، كقوله: «عليكم بالسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي…».». (الدرر السنية، (ط/٥/١٤١٦هـ) (٩/٥-٧).).
وقـال محمد بن عبد الوهاب (ت١٢٠٦هـ) -رحمه الله-: «الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا؛ لأن الناس من زمن طويل، قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم» اهـ. (الدرر السنية، (ط /٥/١٤١٦هـ)، (٩/٥).).
وقال أيضاً -رحمه الله-: «من تمام الاجتماع: السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبدًا حبشيًا؛ فبين النبي هذا بيانًا شائعًا ذائعًا، بوجوه من أنواع البيان شرعًا وقدرًا، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم، فكيف العمل به». (الدرر السنية، (ط /٥/١٤١٦هـ)، (٩/٥-٧).).
وقال -رحمه الله- في رسالته لأهل القصيم: «وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برّهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله. ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه، حتى صار خليفة، وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه» اهـ. (مجموعة مؤلفات الشيخ، (٥/١١).).
وقال الشوكاني (ت١٢٥٠هـ) -رحمه الله-: «لما اتسعت أقطار الإسلام، ووقع الاختلاف بين أهله، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان؛ اتفق أهله على أنه إذا مات، بادروا بنصب من يقوم مقامه. وهذا معلوم، لا يخالف فيه أحد، بل هو إجماع المسلمين أجمعين، منذ قبض رسول الله إلى هذه الغاية» اهـ. ((السيل الجرار، (٤/٥٠٢)، وانظر (السيل الجرار، (٤/٥١٢).).

خطر في بالي ٩: كيف تفسر أن جماعات الإرهاب في سينا هدأت في السنة التي تولى فيها مرسيهم؟


خطر في بالي:

كيف تفسر أن جماعات الإرهاب في سينا هدأت في السنة التي تولى فيها مرسيهم، بل حتى حماس مشت على خط دولة صهيون، وعسل على سمن، ولما راح قامت الدنيا واشتعلت ناراً؟!

سؤال وجواب ٢٤: ليبي موجود في تونس؛ للعلاج منذ أربعة أشهر، وأصلي قصر، هل صلاتي صحيحة؟


سؤال: «أنا ليبي موجود في تونس؛ للعلاج منذ أربعة أشهر، وأصلي قصر، هل صلاتي صحيحة؟».

الجواب:

أسأل الله أن يشفيك، ويعافيك، ويردك إلى بلدك معافاً سالماً.

إذا نويت الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام، فإنك تتم الصلاة من حين تصل إلى البلد (تونس).

وإن لم تنو إقامة وبقيت متردداً، فلك أن تقصر الصلاة إلى عشرين يومًا، ثم تتم الصلاة.

وفي حالتك: لا يصح أن تقصر الصلاة طوال هذه المدة التي ذكرت، 


والذي ورد عن ابن عمر -رضي الله عنه- في قصر الصلاة مدة ستة أشهر، هذا كان في طريق السفر لما سد الثلج عليه الطريق، فلا يصح الاستدلال به في حال من كان في بلد يقصدها -والله الموفق-.

قال وقلت ٢٢: كتب التفسير لمصنفين أشاعرة، هل يجوز أن نبيعها في المكتبة؟


قال لي: «كتب التفسير لمصنفين أشاعرة، هل يجوز أن نبيعها في المكتبة؟».

قلت: من شهد له بالعلم فالظن أن ما وقع فيه من موافقة للأشاعرة إنما وقع فيه عن خطأ، هو فيه مأجور أجراً واحداً وفاته الآخر. وعليه فإن كتب هؤلاء يستفاد منها مثل: كتاب ابن العربي المالكي، وابن عطية، والقرطبي، وغيرهم من كبار المفسرين. 

أمّا من عرف بأنه من أهل الأهواء والبدع، وأصحاب الرأي المذموم، يعادي السنة، وأهلها، ويددس بدعته، ويقررها، ويفاخر بها؛ فهذا لا ينبغي شراء كتبه، ولا بيعها مثل: كتب الزمخشري، ومحمد زاهد الكوثري، ونحوهما من أهل البدع والضلالة. 


وأهل السنة والجماعة يفرقون بين خطأ العالم، وبين غيره من أهل الأهواء والبدع! والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

كشكول ٧٢: قال لي: «قيل لمحمد قطب: «كتب أخيك فيها أمور انتقدها أهل العلم فلا تنشرها!».


قال لي: «قيل لمحمد قطب: «كتب أخيك فيها أمور انتقدها أهل العلم فلا تنشرها!».

فقال: «هذا تراث علمي».


فقال له: «إذا كان لابد من نشر هذا التراث، علق على هذه المواضع بما تبرأ به الذمة». فوعد خيراً ولم يصنع شيئاً! وإلى يومك هذا الحال كما هو!».

كشكول ٧١: مقال خطير أرشد إليه الأستاذ ماهر باهديلة -رعاه الله-


مقال خطير أرشد إليه الأستاذ ماهر باهديلة -رعاه الله-:


كشكول ٧٠: إذا صارتِ الشبهاتُ أهواءً أخرجتْ من النفوس الداءَ الدفين.


«إذا صارتِ الشبهاتُ أهواءً، أخرجتْ من النفوس الداءَ الدفين».
(جامع المسائل لابن تيمية، (٥/٤٢).).

كشكول ٦٩: لا تسكت على شبهة تدور في قلبك


لا تسكت على شبهة تدور في قلبك.

اسأل أهل العلم واسع في دفعها، لا تتمكن وتنفسح في قلبك؛ فتصير داءً دفينًا يصعب إخراجه بعد ذلك.

لا تجامل، لا تتأخر.


قال ابن تيمية -رحمه الله-: «إذا صارتِ الشبهاتُ أهواءً أخرجتْ من النفوس الداءَ الدفين»اهـ. (جامع المسائل لابن تيمية (5/42).).

كشكول ٦٨: دليل الاستقراء



(دليل الاستقراء) من الأدلة المختلف فيها. 

ومعناه: تتبع جزئيات قضية معينة للخروج بها إلى حكم مسألة. 

وهو نوعان: 

الأول: الاستقراء التام، بتتبع كل الجزئيات إلا صورة محل النزاع؛ لإثبات حكم كلي، فيثبت في محل النزاع، وتعريفه: إثْبَاتُ حُكْمٍ فِي جُزْئِيٍّ لِثُبُوتِهِ فِي الْكُلِّيِّ. فيستدل بتتبع جزئيات الكلي في ثبوت حكم، ليستدل به عَلَى صُورَةِ النِّزَاعِ، وَهُوَ مُفِيدٌ لِلْقَطْعِ. وهو حجة بالاتفاق. 

النَّوْعُ الثَّانِي: اسْتِقْرَاءٌ نَاقِصٌ، بِأَنْ يَكُونَ الاسْتِقْرَاءُ بِأَكْثَرِ الْجُزْئِيَّاتِ؛ لإِثْبَاتِ الْحُكْمِ الْكُلِّيِّ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ جَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ، بِشَرْطِ أَنْ لا تَتَبَيَّنَ الْعِلَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْحُكْمِ، وَيُسَمَّى هَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (إلْحَاقُ الْفَرْدِ بِالأَعَمِّ الأَغْلَبِ)، فَهُوَ ظَنِّيٌّ. وَيَخْتَلِفُ فِيهِ الظَّنُّ بِاخْتِلافِ الْجُزْئِيَّاتِ. فَكُلَّمَا كَانَ الاسْتِقْرَاءُ فِي أَكْثَرَ كَانَ أَقْوَى ظَنًّا. 

قال في (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن، (٥/٣١).): 

«تقرر في الأصول: أن الاستقراء من الأدلة الشرعية، 

ونوع الاستقراء المعروف عندهم بـ (الاستقراء التام) حجة بلا خلاف، وهو عند أكثرهم دليل قطعي، 

وأما الاستقراء الذي ليس بتام وهو المعروف عندهم بـ (إلحاق الفرد بالأغلب) فهو حجة ظنية عند جمهورهم. 

والاستقراء التام المذكور هو: أن تتبع الأفراد، فيوجد الحكم في كل صورة منها، ما عدا الصورة التي فيها النزاع، فيعلم أن الصورة المتنازع فيها حكمها حكم الصور الأخرى التي ليست محل نزاع. 

وإذا علمت هذا؛ فاعلم أن الاستقراء التام -أعني تتبع أفراد النسك-، دل على أن كل نسك من حج، أو قران، أو عمرة، غير صورة النزاع (وهي هل مكة ميقات للعمرة لمن فيها) لا بد فيه من الجمع بين الحل والحرم، حتى يكون صاحب النسك زائراً قادماً على البيت من خارج، كما قال تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالاً وعلى كُلِّ ضَامِرٍ}. (الحج: ٢٧) الآية. 

فالمحرم بالحج، أو القران من مكة لا بد أن يخرج إلى عرفات: وهي في الحل، والآفاقيون يأتون من الحل لحجهم وعمرتهم، فجميع صور النسك غير صورة النزاع، لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم؛ فيعلم بالاستقراء التام أن صورة النزاع لا بد فيها من الجمع أيضاً بين الحل والحرم» اهـ.

فلابد على أهل مكة ومن كان فيها إذا أراد العمرة أن يخرج إلى أدنى الحل؛ وأدنى الحل من جهة الشمال التنعيم. وأدنى الحل من جهة الجنوب الحسينية. ومن جهة الشرق عرفة. ومن جهة الغرب الشميسي (الحديبية). 

مثال آخر: أن يقال: إن قول العامي ليس بمؤثر في الإجماع، والعبرة فيه بالعلماء، فإنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الصَّحَابَةِ عُلَمَاؤُهُمْ وَعَوَامُّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمُوَافَقَةِ الْعَامِّيِّ وَلَا بِمُخَالَفَتِهِ. 

فإن قيل: «أَنَّهُ دَعْوَى لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ!».

فالجواب: دليل ذلك الاستقراء، فلا نعلم أن الخلفاء والعلماء من الصحابة استدعوا عامياً لأخذ رأيه في مسألة. وقصتهم مع ابن عباس لمّا أدخله عمر في أهل بدر مشهورة، وهي قاضية بأنه ما كانوا يرضون أخذ رأي إلا من عرف بالعلم وتميز فيه! 


مثال آخر: أن يقال: «استقراء الشريعة وأدلتها يدل على اعْتِبَار المآلات في الحكم».

كشكول ٦٧: الأخذ بأقل ما قيل


(الأخذ بأقل ما قيل) من الأدلة المختلف فيها. 

ومحله: إذا كان الأقل جزءاً من الأكبر، ولم يجد الفقيه دليلًا غيره، فيأخذ به؛ لأنه قد حصل الإجماع الضمني على الأقل. 

فهو: دليل مركب من الإجماع، والبراءة الأصلية. 

ومعناه: الأخذ بالمتحقق المتيقن. 

[قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: «وَحَكَى بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ إجْمَاعَ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَيْهِ. وَحَقِيقَتُهُ -كَمَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ-: «أَنْ يَخْتَلِفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِي مُقَدَّرٍ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى أَقَاوِيلَ، فَيُؤْخَذُ بِأَقَلِّهَا عِنْدَ إعْوَازِ الْحُكْمِ، أَيْ إذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الزِّيَادَةِ دَلِيلٌ». وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: «هُوَ أَنْ يَرِدَ الْفِعْلُ مِنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُبَيِّنًا لِمُجْمَلٍ، وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِهِ، فَيُصَارُ إلَى أَقَلِّ مَا يُؤْخَذُ، -كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ- فِي أَقَلِّ الْجِزْيَةِ بِأَنَّهُ دِينَارٌ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَامَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتٍ، فَصَارَ إلَى أَقَلِّ مَا حَكَى عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْجِزْيَةِ».».]. (ما بين معقوفتين من (البحر المحيط، (4/337)).).


ومثاله: دية الذمي، فلو كانت الأقوال فيها ثلاثة:
الأول: إنها ثلث دية المسلم.
الثاني: إنها نصف دية المسلم.
الثالث: إنها كدية المسلم.
فأخذ الفقيه بالثلث، بناء على أن الثلث أقل ما قيل في المسألة، وهو مجمع عليه؛ لأنه مندرج ضمن قول من أوجب النصف، أو الكل، والأصل براءة الذمة بالنسبة لمن سيدفع الدية، فلا يجب عليه شيء إلا بدليل، ولا دليل يوجب الزيادة على الثلث، وإنما أوجبنا عليه الثلث للإجماع. وليعلم أن المثال يذكر للتوضيح لا للتدليل.

كشكول ٦٦: يذكر المثال للتوضيح لا للتدليل.


يذكر المثال للتوضيح لا للتدليل. فلا تتعقب المثال في ثبوته. واستفد منه في فهم ما يراد. بهذا اعتذر ابن الصلاح لما اعترض عليه في (الوحدان).

علمني ديني ٣٤: أن لا أكون فَاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا


علمني ديني: 

أن لا أكون فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا،  أَيْ نَاطِقًا بِالْفُحْشِ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ على الْحَد فِي الْكَلَام السيء. و أتكلف ذَلِكَ، فلا أتخلق بذلك ولا أعمله. 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاحِشًا وَلاَ مُتَفَحِّشًا»، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا». (أخرجه البخاري (٣٥٥٩)، ومسلم (٢٣٢١). وانظر (فتح الباري) لابن حجر (٦/ ٥٧٥). 

واعلم أن أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- تذكر؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أسوة للمسلمين، 

قال -تبارك وتعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا}. (الأحزاب: ٢١).


وتذكر لبيان ما كان عليه من الأخلاق العالية مصداقاً لقوله -تبارك وتعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. (القلم: ٤).

كشكول ٦٥: يا أخي الناس أهل إسلام، ويريدون الإسلام، وهم حذرون...


يا أخي الناس أهل إسلام، ويريدون الإسلام، وهم حذرون... 

هذا اللي في الخاطر... 


لا تقل إلا خيرًا، ادعو الله لهم، الله يعينهم، وييسر أمورهم، وينصرهم على من يعاديهم.

كشكول ٦٤: عامة من ينسب التكفير إلى (مجموعة الدرر السنية لعلماء الدعوة النجدية) لا يخلو حاله من الأمور التالية أو بعضها


استمعت لمقابلة لأحدهم، يرد على من نسب (مجموعة الدرر السنية لعلماء الدعوة) إلى التكفير؛ لكني لاحظت عليه أنه يقر استدلال المقدسي بما جاء في الكتاب، ولم يرد ذلك بصورة واضحة، فأقول: اعلم أن عامة من ينسب التكفير إلى (مجموعة الدرر السنية لعلماء الدعوة النجدية) لا يخلو حاله من الأمور التالية، أو بعضها: 

- أن يكون نقل عنهم كلاما مبتوراً، لو أتمه فيما جاء بعده لتغير معنى الكلام، ولكن اقتصر على بعض الكلام وترك بعضه، كمن يقرأ: {ويل للمصلين} ولا يكمل. 

- أن يكون نزع كلاماً لهم عن سياقه، فنزله على غير تنزيله. وهذا واقع جمهور أهل التكفير، وقد نبه على هذا الشيخ العنقري في رسالة (مفردو) مطبوعة في أول الدرر السنية، وقد جردتها وحققتها؛ لأهميتها. تجدها في موقعي، وطبعتها مع ملحقات الرد على كتب مشبوهة في آخره؛ فانظرها فإنها هامة. 


- أن يجهل مرامي كلامهم، ولا يفهمه على وجهه، فقد سمعت بعضهم يقول: «في الدرر السنية تكفير استندت عليه داعش». فقال له المحاور: «اذكر أمثلة». فذكر أمثلة كلها ترجع إلى التكفير بالنوع. ومعلوم أن التكفير بالنوع لا يلزم منه تكفير المعين. فمثلاً لو قلت: «من يعبد القبر مشرك كافر»، فإنه لا يلزم من هذه العبارة تكفير من يفعل ذلك بعينه، إلا بعد أن تقام عليه الحجة، يعني بعد أن يعرف ويعلم، فإن أصر ولا مانع يمنع عنه، وصف الكفر كفر بعينه. ولذلك العلماء يقولون: «لا يلزم من تكفير القول والعمل تكفير الفاعل والقائل، حتى تقام عليه الحجة». فمن يقول: «إن في مجموعة الدرر السنية تكفير للناس»، ويورد كلامهم في التكفير بالنوع؛ لم يفهم كلامهم ولا علم مراميه. هذا والله الموفق والهادي سواء السبيل!

كشكول ٦٣: إذا ارتفع صياح إيران وخصومتها مع أمريكا؛ فاعلم أن هناك ما يدبر تحت الطاولة


قال لي: إذا ارتفع صياح إيران وخصومتها مع أمريكا؛ فاعلم أن هناك ما يدبر تحت الطاولة. يا ترى، هل ما يحصل في اليمن من الحوثيين هو كل شيء؟!

خطر في بالي ٨: أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»، إنما المراد به على الأصل القارئ لكتاب الله الذي ليس في ظاهره فسق


خطر في بالي:


أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»، إنما المراد به على الأصل القارئ لكتاب الله الذي ليس في ظاهره فسق، فلو اجتمع من هو قارئ لكتاب الله وظاهره فسق، كأن يكون حليق اللحية، أو مسبل القميص، أو الإزار، أو متلبس بفسق، وآخر ظاهره حسن ولا يحفظ مثله، فالمقدّم هو الثاني؛ لأن الأول لا يليق أن يكون في موضع الإمامة، والله أعلم.
نعم لو اجتمع من هو أقرأ القوم مع ظاهر حسن، وآخر أفقه منه، يقدم القارئ مطلقًا مراعاة للفظ الحديث. وكذا يقدم الأقرأ ولو كان صغيراً في الحاضرين من هو أسن منه، والله أعلم. يشعرك بهذا اختلافهم هل تصح إمامة العاصي والصلاة خلفه؟ فإن ذلك يدل على أن المقصود تقديم الأقرأ إذا لم يكن متلبسًا بمعصية ظاهرة. وهذا مع أن الراجح صحة صلاته والصلاة خلفه. ولكن البحث ليس في الصحة، إنما في المراد من الحديث، والله أعلم.