السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 9 نوفمبر 2014

كشكول ١٢٢: أصول المعتزلة خمسة، يوافقهم الخوارج في أصل منها



«أُصُولُ الْمُعْتَزِلَةِ خَمْسَةٌ يُسَمُّونَهَا هُمْ: التَّوْحِيدُ، وَالْعَدْلُ، وَالْمَنْزِلَةُ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَإِنْفَاذُ الْوَعِيدِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ. 

وتَوْحِيدُهُمْ هُوَ تَوْحِيدُ الجهمية الَّذِي مَضْمُونُهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، قَالُوا: إنَّ اللَّهَ لَا يُرَى، وَإِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ، وَإِنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ، وَلَا حَيَاةٌ، وَلَا سَمْعٌ، وَلَا بَصَرٌ، وَلَا كَلَامٌ وَلَا مَشِيئَةٌ وَلَا صِفَةٌ مِنْ الصِّفَاتِ. 

وَأَمَّا عَدْلُهُمْ فَمِنْ مَضْمُونِهِ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ، وَلَا خَلَقَهَا كُلَّهَا، وَلَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا، بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ، لَا خَيْرَهَا وَلَا شَرَّهَا، وَلَمْ يُرِدْ إلَّا مَا أَمَرَ بِهِ شَرْعًا، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهِ. وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُتَأَخِّرُو الشِّيعَةِ كَالْمُفِيدِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطوسي وَأَمْثَالِهِمَا، وَلِأَبِي جَعْفَرٍ هَذَا تَفْسِيرٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، لَكِنْ يُضَمُّ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْإِمَامِيَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةَ، فَإِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَا مَنْ يُنْكِرُ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. 

المعتزلة يقولون بالمنزلة بين المنزلتين لأهل الكبائر، والخوارج يقولون: أهل الكبائر في النار خالدين مخلدين كالكفار بل هم كفار. والمعتزلة خالفوا الخوارج، وقالوا: أصحاب الكبائر في منزلة بين المنزلتين، ثم مآلهم إلى النار فخالفوهم في الوصف ووافقوهم في الحكم، 

فإن الأصل الرابع من أصولهم: إنفاذ الوعيد، وهو يقتضي أن هؤلاء ينفذ فيهم الوعيد فيكونون في النار، فهم خالفوا الخوارج في الابتداء ووافقوهم في المآل، فهم يقولون: أصحاب الكبائر في منزلة بين المنزلتين، ليس كقول الخوارج، ولكن قالوا: بأن مآلهم إلى النار؛ إنفاذاً للوعيد. 

والأصل الخامس وهو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حقيقته عندهم: الأمر بالإنكار على السلطان، والحث على الخروج عليه، ورفع السيف». (من (مجموع الفتاوى)، (13/357).).

قال شيخ الإسلام في (الفتاوى الكبرى، (5/85).): «والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يتضمن عندهم جواز الخروج على الأئمة، وقتالهم بالسيف»، 

فهذا أصل من أصول المعتزلة التي توافق الخوارج، 


ليس عندهم أمر بالمعروف ونهي عن المنكر مثل أهل السنة بضوابط أهل السنة.

كشكول ١٢١: مراتب الذين يعلمون، من كتابي (التأصيل في طلب العلم)



مراتب الذين يعلمون،
من كتابي (التأصيل في طلب العلم). 

الذين يعلمون يكونوا على مراتب هي:

- من علم حكم الشرع في المسألة بدليلها، فهو من الذين يعلمون فهو عالم.

- ومن أخذ بقول غيره دون معرفة الدليل، فهو مقلد ليس بعالم.

- ومن علم المسألة بدليلها، إن علمها بدليلها مع نظره في الأقوال المختلفة فيها وأدلتها، وأخذ بحسب الراجح عنده بما ظهر له، فهو مجتهد.

- ومن علم المسألة بدليلها، بمعنى أنه أخذ بالقول في المسألة الذي ظهر له دليله، دون أن يعمل نظره في الأقوال الأخرى وينظر فيها، إنما علم بالراجح بدليله فقط، فهو متبِع.

- والمجتهد إن كان هذا نهجه في جميع مسائل العلم، لا يلزم نفسه في النظر في أصول مذهب معين، فهو المجتهد المطلق. 

- فإن ألزم نفسه عند النظر في المسألة بأصول مذهب معين، فهو مجتهد مقيد. 

- فإذا كانت هذه حالة من الاجتهاد في جميع مسائل الشرع، فهو المجتهد الكلي.

- وإن كانت هذه حالة في بعض مسائل العلم دون بعض، فهو المجتهد الجزئي. 


- قد يكون الرجل في مسألة مجتهداً اجتهاداً جزئياً، وفي مسألة متبعاً، وفي مسألة مقلداً، وذلك بحسب ما تيسر له حال نزول النازلة التي تتعلق بها المسألة.

هل تعلم ١٦: أن الانقطاع في السند خمسة أنواع



هل تعلم:

أن الانقطاع في السند خمسة أنواع: 

النوع الأول: المنقطع، وهو أن لا يسمع الراوي ممن يليه. 

النوع الثاني: المرسل، وهو أن يقول التابعي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 

النوع الثالث: المدلس، والمراد هنا تدليس الإسناد فقط، وهو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمع منه، مالم يسمعه منه بصيغة توهم السماع. بالعنعنة، والأنئنة، والقطع، والعطف. 

النوع الرابع: المعلق. وهو أن يسقط آخر السند، ويبرز أوله من جهة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 


النوع الخامس: المرسل الخفي. أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه.

هل تعلم ١٥: أن جميع أنواع الحديث الضعيف تقبل التقوي والإنجبار بتعدد الطرق، إلا خمسة أنواع


هل تعلم: 

أن جميع أنواع الحديث الضعيف تقبل التقوي والإنجبار بتعدد الطرق، إلا خمسة أنواع، وهي المعبر عنها بالضعيف شديد الضعف، وهي التالية: 

النوع الأول: الحديث الموضوع الذي في سنده راو وضاع، يكذب.

النوع الثاني: الحديث الذي في سنده راو متروك، أو شديد الضعف جداً.

النوع الثالث: الحديث الشاذ. 

النوع الرابع: الحديث المنكر. لا الراوي الذي وصف بأنه منكر الحديث، لا الحديث الذي وصف بأنه منكر؛ لأن الحديث الخطأ خطأ أبداً. 


النوع الخامس: حديث الراوي المتهم بالكذب.

كشكول ١٢٠: بعض تعليقات الإخوة فوق أنها تثري موضوع المنشور الذي أكتبه... أستفيد منها



بدون مجاملة... ولا أقصد التقرب إلى أحد...
بعض تعليقات الإخوة فوق أنها تثري موضوع المنشور الذي أكتبه... أستفيد منها؛ فجزاكم الله جميعًا خير الجزاء، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

علمني ديني ٥٩: أن أترك الغلو حتى فيمن أحب، وأعلم أنه على حق


علمني ديني:

أن أترك الغلو حتى فيمن أحب، وأعلم أنه على حق؛ فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن الغلو فيه، فنهى عن الإطراء الخارج عن الحد.
مما أمرنا به الرسول -صلى الله عليه وسلم- ترك الغلو فيه. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ -رضي الله عنه- يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ».». (أخرجه البخاري في (كتاب أحاديث الأنبياء)، باب قول الله: {واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت}، حديث رقم: (3445).). 

بل حتى في الدين جميعه ينهى المسلم عن الغلو.

عن ابْن عَبَّاسٍ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةَ الْعَقَبَةِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: «هَاتِ الْقُطْ لِي». فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: «بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ». (أخرجه أحمد في المسند (الرسالة: 3/ 351، تحت رقم: 1851)، والنسائي في (كتاب مناسك الحج)، باب التقاط الحصى، حديث رقم: (3057)، وابن ماجه في (كتاب المناسك)، باب قدر حصى الرمي، حديث رقم: (3029)، وابن خزيمة (4/ 274، تحت رقم: 2867)، وابن حبان (الإحسان (9/ 183، تحت رقم: 3871)، والحاكم (1/ 466). والحديث صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وصحح إسناده محققو مسند أحمد، ومحقق الإحسان). 

والحديث نص صريح في النهي عن الغلوِّ في الدين، فمنهاج الدين وسبيله هو السماحة، والتيسير، وترك التشدد، في حدود ما جاء في الشرع. 

ومن فوائد الحديث تنبيهه على قضية خطيرة جدًّا، وهي أن الغلو في الدين من أسباب هلاك الأمم قبلنا، فالقصد القصد.


ومن الأدلة: ما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ». (أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب: هلك المتنطعون، حديث رقم: (2670).). والمتنطعون هم -كما قال شراح الحديث-: «الْمُتَعَمِّقُونَ، الْغَالُونَ، الْمُجَاوِزُونَ الْحُدُود فِي أَقْوَالهمْ وَأَفْعَالهمْ». والحديث ظاهره خبرٌ عن حال المتنطعين، إلا أنه في معنى النهي عن التنطع.

فينبغي أن يتحلى طالب العلم بترك الغلو في الدين، وفي أشياخه ومعلميه ومن يحب من طلبة العلم وأهله، والله المستعان.

خطر في بالي ١٧: التنبيه على أن بعض من يتكلم في الجرح والتعديل، ويجرح في الرواة، متكلم فيه غير مرضي، ولا يقبل قوله


خطر في بالي:

التنبيه على أن بعض من يتكلم في الجرح والتعديل، ويجرح في الرواة، متكلم فيه غير مرضي، ولا يقبل قوله؛

ففي مقدمة (فتح الباري) ذكر في رواة البخاري المتكلم فيهم، قال ابن حجر -رحمه الله-: «أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي روى عنه البخاري أحاديث بعضها قال فيه: «حدثنا»، وبعضها قال فيه: «قال أحمد بن شبيب».

ووثقه أبو حاتم الرازي، 

وقال ابن عدي: «وثقه أهل العراق، وكتب عنه علي بن المديني».

وقال أبو الفتح الأزدي: «منكر الحديث غير مرضي».

ولا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه هو ضعيف، فكيف يعتمد في تضعيف الثقات» اهـ.

وفي رواة صحيح البخاري، إسرائيل بن موسى البصري؛ 

وثقه بن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وغيرهم 

قال أبو الفتح الأزدي: «فيه لين».


فتعقبه ابن حجر بقوله: «والأزدي لا يعتمد إذا انفرد، فكيف إذا خالف» اهـ.

كشكول ١١٩: ليس معنى السلفية أن السلفي معصوم عن الخطأ



ليس معنى السلفية أن السلفي معصوم عن الخطأ؛

عن عَلِي بْن مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ عن قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ». (أخرجه أحمد (الرسالة، (20/ 344)، تحت رقم: 13049)، والترمذي، في (كتاب صفة القيامة والرقائق والورع)، باب منه، حديث رقم: (2499)، وابن ماجه في (كتاب الزهد، باب التوبة، حديث رقم (4251)، والدرامي في كتاب الرقاق، باب في التوبة)، حديث رقم: (2727). وقال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ قَتَادَةَ» اهـ، قلت: علي بن مسعدة اختلف فيه، والذي يظهر لي من ترجمته أنه صدوق له أوهام، كما في تقريب التهذيب، فإن قول أبي حاتم: «لا بأس فيه»، يقابل قول البخاري: «فيه نظر»، وتضعيف العقيلي تبعاً للبخاري، كما نبه عليه ابن حجر في (التهذيب، (7/ 382).)، وقول النسائي: «ليس بالقوي»، وقول ابن حبان: «لا يحتج بما لا يوافق فيه الثقات» اهـ، في معنى قول ابن حجر، ولا يعارضه، فيتحرر أنه صدوق له أوهام).

جعلني الله وإياك من التوابين المستغفرين.

والله أعلم.

علمني ديني ٥٨: أن لا ألعن المعين من الكفار، ولا أحكم عليه بالنار بعينه


علمني ديني: 

أن لا ألعن المعين من الكفار، ولا أحكم عليه بالنار بعينه. 

عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا» بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ...} إِلَى قَوْلِهِ: {...فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}». وفي رواية: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ؛ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ...} إِلَى قَوْلِهِ: {...فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}». (أخرجه البخاري في (كتاب المغازي)، باب: {ليس لك من الأمر شيء}، حديث رقم: (4070).). 

ومن الأدلة: قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}. (البقرة:  161). 

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}. (آل عمران:  91). 

وقوله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}. (النساء: 18). 

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}. (محمد: 34). 

ووجه الدلالة في هذه الآيات: 

أنها بينت أن الكافر الذي يستحق الخلود في النار، والذي يلعن هو الذي مات كافراً، أمّا قبل ذلك فأمره إلى الله، إذ لا نعلم حاله عند الموافاة. 

فأهل السنة لا يجيزون لعن المعين من الكفار؛ أما على الكراهة أو على التحريم. 

ولا يجيزون الحكم على المعين من الكفار بأنه خالد مخلد في النار؛ لأننا لا ندري بماذا يختم له، فإن مات على ما هو عليه من الكفر حكمنا عليه بحسبه. 

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وَاللُّعنةُ تُجَوِّزُ مُطْلَقًا لِمَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَأَمَّا لَعْنَةُ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا جَازَتْ لَعْنَتُهُ. 

وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُعَيَّنُ، فَلَا تَنْبَغِي لَعْنَتُهُ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُلْعَنَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ حِمَارٍ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ (أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الدين، حديث رقم: (6780)، ولفظه: «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: «اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ». فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».»، مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَعَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ عُمُومًا، مَعَ أَنَّ فِي لَعْنَةِ الْمُعَيَّنِ -إذَا كَانَ فَاسِقًا أَوْ دَاعِيًا إلَى بِدْعَةٍ- نِزَاعٌ» اهـ. (مجموع الفتاوى: ( 6/ 511)، وانظر منه: (8/ 335).). 

فمن شك في هذا الأمر، ولم يكفر من كفره الله، أو شك في تكفير من كفره الله، فقد شك في صدق كلام الله، وفي صدق كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-. 

وكذا لا يجوز أن ينكر المسلم، أو يشك في تكفير من كفره الله ورسوله، فمن كذب كفر هؤلاء، أو شك فيه، فقد كذب كلام الله جل وعلا، والرسول -صلى الله عليه وسلم-.

علمني ديني ٥٧: أن أحكم بكفر الكافر، ولا أشك في كفره



علمني ديني: 

أن أحكم بكفر الكافر، ولا أشك في كفره. 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ». (أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حديث رقم: (153).).
يعني أنه كافر مخلد في النار؛ فمن لم يكفر الكافر؛ كذَّب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن شك في كفر اليهود، أو في كفر النصارى، أو في كفر المشركين، فقد شك في صدق كلام الله وكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم -، ومن شك في صدق كلام الله وكلام الرسول فقد كفر، قال تبارك وتعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}. (النساء: 122). 
نعم أهل السنة لا يجيزون لعن المعين من الكفار؛ أما على الكراهة أو على التحريم، ولا يجيزون الحكم على المعين من الكفار بأنه خالد مخلد في النار؛ لأننا لا ندري بماذا يختم له، فإن مات على ما هو عليه من الكفر حكمنا عليه بحسبه. 
ويجوز تكفير الكفار على العموم؛ نقول: اليهودية كفر، واليهود كفار خارجون من الدين، وهم من أهل النار خالدون مخلدون فيها. 
ونقول: النصارى كفار خالدون مخلدون في النار. 
ونقول: إن المشركين شركاً أكبر خالدون في النار. 
وحينما نأتي إلى المعين نمتنع من الحكم عليه بعينه منهم أنه من أهل النار، إلا إذا قيدنا الكلام،
فنقول: إن مات على ما هو عليه؛
فاليهودي المعين إن مات على يهوديته فهو في النار. 
والنصراني المعين إن مات على نصرانيتة فهو في النار. 
والمشرك المعين إن مات على إشراكه فهو في النار وهو كافر خالد مخلد في النار. 

وما ورد من لعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكافرين بأعيانهم فقد ورد أنه منسوخ.

علمني ديني ٥٦: أن لا جهاد مع عدم القدرة على المواجهة


علمني ديني: 

أن لا جهاد مع عدم القدرة على المواجهة. 

والدليل على أن القدرة شرط في الجهاد: ما جاء عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكُمْ؟».

قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ!...» الحديث. 

وفيه ذكر الدجال، ثم ذكر نزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام-، فقال: «إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ ،

فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى: 

إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ؛ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ. 

وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ؛ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ، حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ». (أخرجه مسلم فِي (كتاب الفتَن وأشراط الساعة)، باب: ذكر الدجال وصفته وما معه، حديث رقم:(2937).). 

ففي هذا الحديث أنه لما كان عيسى -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين لا طاقة لهم بقتال يأجوج ومأجوج، أمره الله ألا يقاتلهم ويجاهدهم، فما الحال في أمة الإسلام وهم في حال ضعف القوة والقدرة؟! 

مع ملاحظة: أن عيسى -عليه الصلاة والسلام- وما ذكره إنما هو في أمة الإسلام، أمة دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن عيسى سيحكم بشريعة الإسلام، 


وأن الحال يومئذ حال جهاد الدفع، إذ يأجوج ومأجوج ينزلون بأرض المسلمين وبلادهم، فما الذي جعل الجهاد والقتال في ذلك الوقت حين نزول عيسى -عليه الصلاة والسلام- ممنوعاً بسبب عدم القدرة وجعله اليوم واجباً؟!

علمني ديني ٥٥: أن الجهاد وقتال الكفار لا يشرع في حال ضعف المسلمين، وعدم قدرتهم على مواجهة الكفار


علمني ديني: 

أن الجهاد وقتال الكفار لا يشرع في حال ضعف المسلمين، وعدم قدرتهم على مواجهة الكفار. 

وأن الدعوة إلى الجهاد في حال ضعف المسلمين من العجلة المذمومة

والبشرى للمسلمين بأن المستقبل لهذا الدين. 

عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: «أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟».

قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». ( أخرجه البخاري حديث رقم (6943).). 

ووجه الدلالة: 

أنه لا أحد أعلم بالدين من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا أحد أغير على الدين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك لم يدع إلى الجهاد ونصرة المستضعفين رغم ما يصيبهم من أذى الكفار حتى جاؤوا يشكون، وأمرهم بالصبر وترك العجلة، والثقة بالله -سبحانه وتعالى- أنه ناصر دينه.

خطر في بالي ١٦: التنبيه على أن الجرح لا يلزم منه إسقاط الرجل



خطر في بالي:

التنبيه على أن الجرح لا يلزم منه إسقاط الرجل؛

فالراوي الثقة قد يجرح؛ فينزل عن الثقة إلى درجة الصدوق.

والراوي الصدوق قد يجرح؛ وينزل عن الصدوق إلى صدوق يهم.

والراوي الصدوق يهم قد يجرح؛ وينزل إلى ضعيف يسير الضعف.

والراوي الضعيف يسير الضعف قد يجرح؛ فينزل إلى مرتبة الضعيف شديد الضعف.

بل قد يتكلم في الثقة، ويبقى في درجته، فهؤلاء الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب الجرح.


المقصود: أن ما يفعله بعض الأخوة من إسقاط الرجل لمجرد الجرح فيه بدون تأمل في الحال خلاف طريقة أهل العلم.

كشكول ١١٨: الفرق بين التنظيمات الإدارية التي لا تخالف شرع الله وتحقق المصلحة، وبين النظم الكفرية التي يخالف فيها شرع الله



الفرق بين التنظيمات الإدارية التي لا تخالف شرع الله وتحقق المصلحة، وبين النظم الكفرية التي يخالف فيها شرع الله:

قال الشنقيطي في (أضواء البيان، في إيضاح القرآن بالقرآن، (3/ 260).):

«اعْلَمْ، أَنَّهُ يَجِبُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ النِّظَامِ الْوَضْعِيِّ الَّذِي يَقْتَضِي تَحْكِيمُهُ الْكُفْرَ بِخَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبَيْنَ النِّظَامِ الَّذِي لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ:

أَنَّ النِّظَامَ قِسْمَانِ: 

إِدَارِيٌّ، 

وَشَرْعِيٌّ، 

أَمَّا الْإِدَارِيُّ: الَّذِي يُرَادُ بِهِ ضَبْطُ الْأُمُورِ، وَإِتْقَانُهَا عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لِلشَّرْعِ، فَهَذَا لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَلَا مُخَالِفَ فِيهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ عَمِلَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مِنْ ذَلِكَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مَا كَانَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَكَتْبِهِ أَسْمَاءَ الْجُنْدِ فِي دِيوَانٍ لِأَجْلِ الضَّبْطِ، وَمَعْرِفَةِ مَنْ غَابَ وَمَنْ حَضَرَ، كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الَّتِي تَحْمِلُ دِيَةَ الْخَطَأِ، مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِتَخَلُّفِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ تَبُوكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَاشْتِرَائِهِ (أَعْنِي عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-) دَارَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَجَعْلِهِ إِيَّاهَا سِجْنًا فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، مَعَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَتَّخِذْ سِجْنًا هُوَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ، فَمِثْلُ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْإِدَارِيَّةِ الَّتِي تُفْعَلُ لِإِتْقَانِ الْأُمُورِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ لَا بَأْسَ بِهِ، كَتَنْظِيمِ شُئُونِ الْمُوَظَّفِينَ، وَتَنْظِيمِ إِدَارَةِ الْأَعْمَالِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ،  فَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْأَنْظِمَةِ الْوَضْعِيَّةِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. 


وَأَمَّا النِّظَامُ الشَّرْعِيُّ الْمُخَالِفُ لِتَشْرِيعِ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَتَحْكِيمُهُ كُفْرٌ بِخَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ،  كَدَعْوَى أَنَّ تَفْضِيلَ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فِي الْمِيرَاثِ لَيْسَ بِإِنْصَافٍ، وَأَنَّهُمَا يَلْزَمُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْمِيرَاثِ. وَكَدَعْوَى أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ ظُلْمٌ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ ظُلْمٌ لِلْمَرْأَةِ، وَأَنَّ الرَّجْمَ وَالْقَطْعَ وَنَحْوَهُمَا أَعْمَالٌ وَحْشِيَّةٌ لَا يَسُوغُ فِعْلُهَا بِالْإِنْسَانِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَتَحْكِيمُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ النِّظَامِ فِي أَنْفُسِ الْمُجْتَمَعِ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ وَعُقُولِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ كُفْرٌ بِخَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَتَمَرُّدٌ عَلَى نِظَامِ السَّمَاءِ الَّذِي وَضَعَهُ مَنْ خَلَقَ الْخَلَائِقَ كُلَّهَا، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِهَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مُشَرِّعٌ آخَرُ عُلُوًّا كَبِيرًا {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. [42 \ 21]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}. [  10 \ 59]، {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}. [ 16 \ 116]، وَقَدْ قَدَّمْنَا جُمْلَةً وَافِيَةً مِنْ هَذَا النَّوْعِ فِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ...}، الْآيَةَ [17 \ 9].» اهـ.

كشكول ١١٧: تجربة... أثر الرواة غير الضابطين على الخبر



تجربة... أثر الرواة غير الضابطين على الخبر. 

أجرى أحد المختصين بالإعلام تجربة للطلاب في الفصل؛ ليبين لهم كيف يتحور الخبر، ويتحرف بمجرد نقله، ولو على نطاق محصور. 

كتب خبراً على بطاقة في عدة أسطر. 

اطلع عليه الطالب الذي في طرف الفصل، فقرأه في نفسه، ثم طلب منه الأستاذ أن يبلغه بعبارته إلى من بجواره سراً.

والطالب الذي يبلغه الخبر يبلغه سرًا إلى الذي بجواره، حتى آخر طالب في الفصل. 

وطلب منه الأستاذ أن يكتب الخبر على بطاقة، ويسلمها له. 

وكانت المفاجأة أن الخبر الذي كتبه الأستاذ على البطاقة، يختلف عن الخبر الذي بلغ الطالب وكتبه على البطاقة الأخرى التي لديه. 

فتصوروا الآن عظم المسؤولية في نقل الأخبار، وضبطها في مجال الحياة اليومية! 

القضية ليست سهلة، 

ولذلك لابد من التثبت.

ولابد من الحذر من الإشاعة.

ولابد من الضبط ما أمكن، 

فما آفة الأخبار إلا رواتها. 


بوركتم.

قال وقلت ٣٢: المهم أنك تتبع العلماء وتأخذ قولهم، فتقول: أنا لا علم لي بالجرح والتعديل، لكن اتبع كلام العلماء فيه ولا أخالفهم!


قال: «أصبحت المعادلة: «إن لم تجرّحه؛ جرحناك».».

قلت: ليس هذا هو المهم، المهم أنك تتبع العلماء وتأخذ قولهم، فتقول: أنا لا علم لي بالجرح والتعديل، لكن اتبع كلام العلماء فيه ولا أخالفهم! هذا هو الموقف الصحيح.

أما رفض الجرح. 

ورفض كلام العلماء.

ثم التشنيع فلا!


بارك الله فيك.

كشكول ١١٦: لا يشترط في كونك سلفياً أن تجرح وتعدل



قال: «للأسف الشديد العبرة الآن بالمواقف وإن صح التعبير (انتماءات)!! فإن لم يكن لك موقف تجاه الشيخ الفلاني أو العلاني؛ فأنت إما مميع أو مخذل، وهذا نتيجة سكوتك وعدم الخوض في مسائل الأعراض، خاصة ممن عرفو بسلفيتهم ودعوتهم وجهادهم ضد أهل الباطل، نسأل الله تعالى أن يصلح حالنا جميعاً، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا، وبارك الله فيكم، ونفع بكم البلاد والعباد، والله المستعان وعليه التكلان».

قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولهذا بعض الناس يحبون السلف، ويريدون اتباع السلف ومنهجهم ليس على طريقة السلف، لابد أن يتخلقوا بأخلاق السلف، ويتركوا الأمر لأهل العلم، ولا يجعل الواحد همه هو الكلام في الناس جرحًا وتعديلاً. 

فإنه لا يشترط في كونك سلفياً أن تجرح وتعدل. 

تعلّم السنة 

واتبع العلماء

واحذر البدعة وأهلها، لا تصاحبهم ولا تجالسهم. 

واعمل بما علمت. 

وأحيي السنن.

واستعد للآخرة.

وتزود لها من الدنيا.

هذا المطلوب. 


والله المستعان، وعليه التكلان.

كشكول ١١٥: لا جمعة على المساجين



لا جمعة على المساجين.

(762 ـ الجمعة لا تقام في السجن) 

«من محمد بن إبراهيم، إلى صاحب الفضيلة رئيس المحكمة الكبرى بأبها -سلمه الله-، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

وبعد: بالإشارة إلى خطابكم رقم: 3209، وتاريخ: 14/6/1388هـ، بخصوص طلب سجناء المشرف إقامة صلاة الجمعة بالسجن، وتسألون عن حكم ذلك. 

والجواب: لم يبلغنا أن أحداً من السلف فعل ذلك. مع أنه كان في السجون أقوام من العلماء المتورعين. والغالب أنه يجتمع معهم أربعون وأكثر موصوفون بصفات من تنعقد بهم الجمعة، فلو كان ذلك جائزاً لفعلوه. ووجه عدم جواز إقامتها في السجن أن المقصود من الجمعة إقامة الشعار. ولذلك اختصت بمكان من البلد ما لم يوجد مسوغ شرعي يوجب تعددها من ضيق المسجد وحصول العداوة وغير ذلك من الأسباب. والسلام عليكم». 

مفتي الديار السعودية (ص ـ ف 3158ـ 1 في 11/10/1388هـ) 

حكم صلاة السجناء جمعة وجماعة خلف إمام واحد وهم في عنابرهم: 

«من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى فضيلة الأخ المكرم مدير إدارة الشئون الدينية بالأمن العام -وفقه الله-، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فأشير إلى كتابكم رقم: 275 / د وتاريخ: 1/ 5 / 1405 هـ، ومشفوعه الذي تستفسرون فيه عن حكم صلاة السجناء جمعة وجماعة خلف إمام واحد يتقدمهم، وهم في عنابرهم بواسطة مكبر الصوت. ونظرًا إلى أن المسألة عامة ومهمة رأيت عرضها على مجلس هيئة كبار العلماء، وقد اطلع عليها المجلس في دورته السادسة والعشرين المنعقدة في الطائف في 25 / 10 / 1405 هـ إلى 7 / 11 / 1405 هـ، 

وبعد دراسة المسألة واطلاعه على أقوال أهل العلم في الموضوع: 

أفتى بعدم الموافقة على جمع السجناء على إمام واحد في صلاة الجمعة والجماعة وهم داخل عنابر السجن يقتدون به بواسطة مكبر الصوت؛

لعدم وجوب صلاة الجمعة عليهم حيث لا يمكنهم السعي إليها.

واتفاقا مع فتوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- رقم: 762 وتاريخ: 11 / 10 / 1388 هـ بعدم وجوب إقامتها في السجن، ولأسباب أخرى. 

لكن من أمكنه الحضور لأداء صلاة الجمعة في مسجد السجن، إذا كان فيه مسجد تقام فيه صلاة الجمعة، صلاها مع الجماعة، 

وإلا فإنها تسقط عنه ويصليها ظهرًا، 


وكل مجموعة تصلي الصلوات الخمس جماعة داخل عنبرهم، إذا لم يمكن جمعهم في مسجد أو مكان واحد. فآمل الاطلاع والإحاطة، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه رضاه».

كشكول ١١٤: من يقتله البغاة والخوارج... من العسكر شهيد، إذا كان خروجه في سبيل الله؛ حماية لبلاد المسلمين، وأموالهم، وأعراضهم



من يقتله البغاة والخوارج... من العسكر شهيد، إذا كان خروجه في سبيل الله؛ حماية لبلاد المسلمين، وأموالهم، وأعراضهم.

قال ابن عبد البر في (الاستذكار، (5/97).): «وأما قوله: «في سبيل الله» فالمراد به الجهاد، والغزو، وملاقاة أهل الحرب من الكفار.


على هذا خرج الحديث، ويدخل فيه بالمعنى كل من خرج في سبيل بر وحق وخير مما قد أباحه الله، كقتال أهل البغي الخوارج، واللصوص، والمحاربين، أو أمر بمعروف، أو نهي عن عن منكر، ألا ترى إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قتل دون ماله فهو شهيد».» اهـ.

كشكول ١١٣: حماك الله يا بلادي... حماك الله يا بلادي!



يا أحلى قصيدة أنشدها.

يا أروع صورة أنقشها.

في سماء العز كوني.

في العلا دائمًا صيري.

ثراك خميلة.

ورباك نسايم ليل.


حماك الله يا بلادي... حماك الله يا بلادي!

لفت نظري ٩: جرت عند كثير من الناس أمور هي من قبيل صرفهم عن الخير، واستمرار شيوع الأسماء والكلمات التي لا ترضى



لفت نظري:
ما شاهدته على اليوتيوب، حيث أجريت تجربة لأثر الكلام الحسن والجميل على حبوب موضوعة في علبتين زجاجيتين محكمتي الإغلاق، ووضع على كل واحدة علامة لنفترض العلبة (أ) والعلبة (ب)؛ 

فكان صاحب التجربة يأتي كل يوم إلى العلبة (أ) ويلفظ أمامها بعبارات حسنة وجميلة، 

وأمام العلبة (ب) ويلفظ عندها بعبارات سيئة بذيئة، 

وبعد أسبوع لوحظ ظهر العطن والعفن في الحبوب التي في العلبة (ب)، وبعد شهر العلبة (ب) الحبوب مغطى بالعفن، بينما العلبة (أ) الحبوب فيها تغلب عليه السلامة من العفن. 

وتجربة أخرى على الماء الذي ذكر عليه اسم الله، وللماء الذي لم يذكر عليه اسم الله؛ فظهرت بلورات الماء الذي ذكر عليه اسم الله تعالى بأشكال جميلة، بينما الآخر على خلاف ذلك. هذه التجربة تؤكد تأثير الكلمات الحسنة والجميلة على النفس والعكس بالعكس حتى ولو لم تعلم معانيها! 

وجاءت السنة بالنهي عن استعمال العبارات السيئة مثل ما أخرجه الشيخان البخاري: (6179)، ومسلم: (2250) عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لاََ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي». وأمرت السنة بإفشاء الكلمات التي فيها ذكر الله، 

عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض، فأفشوا السلام بينكم». (أخرجه البخاري في (الأدب المفرد)، تحت رقم: (989).)، وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة)، (184).). 

ومنه ما يتعلق بباب المناهي اللفظية. 

ومن ذلك ما ورد أن الغناء (رقية الزنى). 

وقد جرت عند كثير من الناس أمور هي من قبيل صرفهم عن الخير، واستمرار شيوع الأسماء والكلمات التي لا ترضى. 

مثل قولهم للطفل النجيب المتميز في درسه: «شاطر». فيقولون: «هذا تلميذ شاطر» مثلاً، وهذه الكلمة (شاطر) ينبغي ترك استعمالها لمعناها السيئ، فهي بمعنى: الذي أعيا أهله في تربيته لخبثه. 

وكذا كلمة (كشخة)، فتراهم يقولون: «فلان لابس كشخة»، أو «كشخان اليوم»، وهذا لفظ ينبغي هجره، لأن الكَشْخَانُ، ويُكْسَرُ الدَّيُّوثُ. وكَشَّخَه تَكْشيخاً، وكَشْخَنَه قال له يا كَشْخانُ، كما في القاموس المحيط. 

وتراهم يستبدلون من اسمه (عبد الله) بـ (عبادي) دلعا. ومن اسمه (عبد الرحمن) بـ (دحمي). ومن اسمه (عبد القادر) بـ (قدوري) . وهكذا يتلاعب الشيطان، فمرة يحرمهم ذكر الله، ومرة يسمعهم الكلمات الخبيثة من حيث لا يشعرون. 


وعلى المسلم أن يتجنب ذلك، وأن يتنبه لما يلفظه من كلمات وعبارات، فقد تكون تحمل معاني سيئة وهو لا يدري؛ فيكون في استعمالها أثر عكسي من حيث لا يشعر، بل ومن حيث لا يقصد!

خطر في بالي ١٥: لماذا هذا النهي والتشديد فيه عن البدعة؟


خطر في بالي:
لماذا هذا النهي والتشديد فيه عن البدعة؟ 

فرأيت ما ذكره الشاطبي في الاعتصام (1/325): 

«قال ابن حبيب: «أخبرني ابن الماجشون أنه سمع مالكًا يقول: «التثويب ضلال؟». قال مالك: «ومن أحدث في هذه الأمة شيئًا، لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خان الدين؛ لأن الله تعالى يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا» اهـ.

فخطورة البدعة؛

أنها تورث في قلب صاحبها وعقله من حيث لا يشعر أمرين: 

أولهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصر في إبلاغ الدين. 

ثانيهما: أن الدين ناقص. 

ولذلك ترى عامة من يستمري البدع، يصل إلى حال من الانحلال عن الدين عجيبة، بل قد يؤدي به ذلك إلى الإلحاد؛ 

فإن عدم تركه للبدعة وإصرره عليها مع قيام الأدلة على أنها ليست من الدين، يؤدي به إلى ترسيخ معنى التقصير في البلاغ، والنقص في الديانة؛ لأن إصراره على البدعة يستدعي أنه يرى حسنها وجمالها، فإذا كانت كذلك فلم لم يعلمنا إياها الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ لماذا لم تذكر في الدين؟ فيرسخ في نفسه أن هناك تقصير ونقص، فتراه يبالغ في إظهار محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتراه ما يعود يحترم كلام أهل العلم، وشيئاً فشيئاً ينحل من الدين، ومن صوره أن ينجر إلى القول بوحدة الوجود، أو الحلول. 

هذا فيما يظهر لي من أهم الأسباب في التحذير من البدع، والتشديد فيه. والعلماء يحذرون من البدعة وأثرها على صاحبها، 

بل جاءت عبارة عند بعض أهل العلم فيها ما يفيد نفي الأخوة الإيمانية بين المسلم وأصحاب البدع. 

قال المزني في رسالته المعروفة بشرح السنة: «والإمساك عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة والبراءة مِنْهُم فِيمَا أَحْدَثُوا مَا لم يبتدعوا ضلالاً، فَمن ابتدع مِنْهُم ضلالاً كَانَ على أهل الْقبْلَة خَارِجًا، وَمن الدّين مارقًا، ويتقرب إِلَى الله عز وَجل بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ، ويهجر، ويحتقر، وتجتنب غدته؛ فَهِيَ أعدى من غُدَّة الجرب» اهـ. 


وقال ابن تيمية في (الواسطية): «وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ، لَا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِمُطْلَقِ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ، كَمَا تَفْعَلُهُ «الْخَوَارِجُ»، بَلْ الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي» اهـ. فنص على بقاء الأخوة الإيمانية مع المعاصي. ولم يذكر البدع. فالأمر خطير، والله المستعان.