قال: «قولك: «أن لا يكون في خروجه بغير رضى والديه»، هذا في جهاد الطلب، أما في جهاد الدفع فلا».
قلت: إطلاق القول بأن جهاد الدفع لا يشترط فيه إذن الوالدين مطلقاً فيه نظر؛
لأن محل عدم استئذان الوالدين في جهاد الدفع هو ما كان فيه من باب دفع الصائل، بحيث إنه لا يمكنه الرجوع لولي الأمر ولا لغيره، فإما أن يدفع الكافر المعتدي، وإما أن يقتله، أو يستولى على البلد. أما ما لم يكن على هذه الصورة فإن استئذان الوالدين مطلوب، والرجوع إلى ولي الأمر مطلوب.
يوضح هذا أن تعلم أن معارك الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي خاضها أغلبها من باب الدفع،
بدر جهاد دفع.
أحد جهاد دفع.
الأحزاب والخندق جهاد دفع.
فتح مكة صورته صورة الطلب، وحقيقته دفع.
وعلى سبيل المثال: في معركة أحد دفع الكفار عن المدينة، وقد جاءوا يقاتلون المسلمين قريباً منها، ومع ذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرد ابن عمر -رضي الله عنه- لصغر سنه، وكذا الأحاديث التي ورد فيها أنه رد من جاءه من الشباب ليقاتل، وسأله: «أحي والداك؟». قال: «نعم». قال: «ففيهما فجاهد». بدون استفصال، أو بيان من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ففيه أن هذا مطلوب في كل قتال، أن لا يخرج إلا بعد استئذانهما، ما دام يمكنه ذلك.
ففي هذا أن قضية أن محل طلب استئذان الوالدين للخروج إلى القتال هو فقط في جهاد الطلب، لا يصح على إطلاقه!