السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 9 نوفمبر 2014

علمني ديني ٥٨: أن لا ألعن المعين من الكفار، ولا أحكم عليه بالنار بعينه


علمني ديني: 

أن لا ألعن المعين من الكفار، ولا أحكم عليه بالنار بعينه. 

عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا» بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ...} إِلَى قَوْلِهِ: {...فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}». وفي رواية: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ؛ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ...} إِلَى قَوْلِهِ: {...فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}». (أخرجه البخاري في (كتاب المغازي)، باب: {ليس لك من الأمر شيء}، حديث رقم: (4070).). 

ومن الأدلة: قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}. (البقرة:  161). 

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}. (آل عمران:  91). 

وقوله: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}. (النساء: 18). 

وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}. (محمد: 34). 

ووجه الدلالة في هذه الآيات: 

أنها بينت أن الكافر الذي يستحق الخلود في النار، والذي يلعن هو الذي مات كافراً، أمّا قبل ذلك فأمره إلى الله، إذ لا نعلم حاله عند الموافاة. 

فأهل السنة لا يجيزون لعن المعين من الكفار؛ أما على الكراهة أو على التحريم. 

ولا يجيزون الحكم على المعين من الكفار بأنه خالد مخلد في النار؛ لأننا لا ندري بماذا يختم له، فإن مات على ما هو عليه من الكفر حكمنا عليه بحسبه. 

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وَاللُّعنةُ تُجَوِّزُ مُطْلَقًا لِمَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَأَمَّا لَعْنَةُ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا جَازَتْ لَعْنَتُهُ. 

وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُعَيَّنُ، فَلَا تَنْبَغِي لَعْنَتُهُ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُلْعَنَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ حِمَارٍ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ (أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الدين، حديث رقم: (6780)، ولفظه: «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: «اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ». فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ».»، مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَعَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ عُمُومًا، مَعَ أَنَّ فِي لَعْنَةِ الْمُعَيَّنِ -إذَا كَانَ فَاسِقًا أَوْ دَاعِيًا إلَى بِدْعَةٍ- نِزَاعٌ» اهـ. (مجموع الفتاوى: ( 6/ 511)، وانظر منه: (8/ 335).). 

فمن شك في هذا الأمر، ولم يكفر من كفره الله، أو شك في تكفير من كفره الله، فقد شك في صدق كلام الله، وفي صدق كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-. 

وكذا لا يجوز أن ينكر المسلم، أو يشك في تكفير من كفره الله ورسوله، فمن كذب كفر هؤلاء، أو شك فيه، فقد كذب كلام الله جل وعلا، والرسول -صلى الله عليه وسلم-.