السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأربعاء، 22 أبريل 2015

كشكول ٨٧٣: خبايا الزوايا...



خبايا الزوايا...
في كتب الفنون المتنوعة، يحصل أن مؤلف الكتاب يذكر مسألة في غير مظانها، فتعتبر هذه المسألة من خبايا الزوايا.
فتجد أحيانا في كتاب فقهي، يذكر مسألة تتعلق بالأطعمة والأشربة في كتاب الطهارة، فهذه المسألة وتلك جردها من كتاب الطهارة وسجل موضعها بالجزء والصفحة وأحفظها بمفردها، وكذا قد تجد في كتاب الصلاة مسائل تتعلق بالطهارة وبالملابس وبالآداب وغيرها، فجردها، حتى تنتهي من الكتاب فيصبح لديك خبايا زوايا هذا الكتاب الذي قرأته في الفقه.
يصلح أن تنشره على أنه كشافاً للمسائل المذكورة في هذا الكتاب في غير مظانها،
ويصلح أن يكون موضوعاً لبحث هذا المسائل وتتوسع فيها، بحيث أنك تقارن بين رأيه في المسألة في مظانها ورأيه في المسألة في غير مظانها، ووتعرضه بحسب الدليل.
وأعجب ذلك ما قد تجده في كتب الرجال من ذكر حكم إمام على راو في غير ترجمته، يورد أثناء ترجمة راو آخر!
وفي كشف الظنون: 
«خبايا الزوايا في الفروع 
لبدر الدين : محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي 
المتوفى : سنة 749 ، تسع وأربعين وسبعمائة 
أوله : ( الحمد لله الذي لم تزل نعمته تتجدد . . . الخ ) 
ذكر فيه ما ذكره الرافعي في النووي (والنووي) في غير مظنتها من الأبواب فرد كل شكل إلى شكله وكل فرع إلى أصله،
واستدرك عليه الشريف عز الدين : حمزة بن أحمد الحسيني الدمشقي الشافعي 
المتوفى : سنة 874 ، أربع وسبعين وثمانمائة 
وسماه : ( بقايا الخبايا) 
ولبدر الدين أبي السعادات : محمد بن محمد البلقيني 
المتوفى : سنة 890 ، تسعين وثمانمائة حاشية عليه»اهـ.

سؤال وجواب ١٧١: إقامة الحدود والأخذ على أيدي المجرمين والسفهاء من وظيفة ولي أمر المسلمين



سؤال:
«انا من .... والمنطقة التي أسكن فيها يوجد بها مجرمون يستوقفون الناس أحيانًا يسرقون سيارتهم ويخطفونهم، وأحيانا يقتلونهم، والدولة غير مهتمة أو غير قادرة الله أعلم.
السؤال هل اذا استطعت أنا ومجموعة من شباب المنطقة القضاء عليهم حيث أنه لدينا السلاح والشجاعة ..والذي يستوقفنا هو أننا لا نريد أن نخرج عن طوع الدولة...ولكن يسلب الناس أمامنا ومنهم من يتعرض للخطف كما أسلفت...بارك الله فيكم».

الجواب:
اعلم -بارك الله فيك- أن إقامة الحدود والأخذ على أيدي المجرمين والسفهاء من وظيفة ولي أمر المسلمين؛
فإذا ضعف عن ذلك ما جاز لآحاد الناس القيام بهذا الأمر -أعني إقامة الحدود والتصدي للمجرمين والسفهاء-، إلا إذا كان ما يمكن تقديمه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في شيء يحدث أمامك فتشارك في رفع الظلم وكف الأذى بدون تعدي، ومحل ذلك إذا أمنت على نفسك، وعلى غيرك من أن يؤدي هذا الفعل إلى ضرر أكبر أو حال أخطر.
والحال أنك تتعامل مع المذكورين من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع الظلم وكف الأذى، فقط، وتدفع صيال الصايل بالأدنى فالأدنى.
ولا يجوز أن ترفع السلاح وتستخدمه في وضعك هذا إلا للدفاع عن نفسك وأهلك ومالك.
وينبغي على الجميع في بلادكم أن يستجيبوا للنداء المتكرر بتسليم الأسلحة؛ لأن وجودها وانتشارها سبب من أسباب انتشار هذه الفتن، والله يحفظكم ويرعاكم.

سؤال وجواب ١٧٠: سؤال عن صحة هذا الأثر...



سؤال:
«قال ابن ابي شيبة : يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنْ، الْأَعْمَشِ، عَنْ، إِبْرَاهِيمَ، عَنْ، هَمَّامٍ، عَنْ، حُذَيْفَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى جِذْعٍ فِي دَارِهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: «مَا الَّذِي أَهَمَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟». فَقَالَ: «هَكَذَا بِيَدِهِ وَأَشَارَ بِهَا»، قَالَ: قُلْتُ: «الَّذِي يُهِمُّكَ وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْنَا مِنْكَ أَمْرًا نُنْكِرُهُ لَقَوَّمْنَاكَ»، قَالَ: «اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ رَأَيْتُمْ مِنِّي أَمْرًا تُنْكِرُونَهُ لَقَوَّمْتُمُوهُ». فَقُلْتُ: «اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ رَأَيْنَا مِنْكَ أَمْرًا نُنْكِرُهُ لَقَوَّمْنَاكَ». قَالَ: «فَفَرِحَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِيكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مَنِ الَّذِي إِذَا رَأَى مِنِّي أَمْرًا يُنْكِرُهُ قَوَّمَنِي».
ليس في الأثر ذكر السيف وما قولكم في سنده شيخنا».

الجواب:
هذه الرواية في سندها يحيى بن عيسى قال في مختصر الكامل: «يحيى بن عِيسَى - كُوفِي سكن الرملة.
قَالَ ابْن معِين: «مَا هُوَ بِشَيْء».
وَقَالَ الدَّارمِيّ: «هُوَ ضَعِيف».
وَمرَّة قَالَ يحيى: «ضَعِيف لَا يكْتب حَدِيثه».
وَقَالَ أَحْمد: «مَا أقرب حَدِيثه». قَالَ عبد الله: قلت لَهُ: «سَمِعت مِنْهُ شَيْئا؟». قَالَ: «لَا».
وَقَالَ البُخَارِيّ: «مَاتَ سنة 251 أَو نَحْوهَا».
وَقَالَ النَّسَائِيّ: «لَيْسَ بِالْقَوِيّ».
وَقَالَ ابْن عدي: «وَعَامة رواياته مِمَّا لَا يُتَابع عَلَيْهِ».»اهـ.
وليس في هذه الرواية أن عمر -رضي الله عنه- قال هذا الكلام على منبر.
وليس فيها ذكر السيف. وقد نبه على ذلك السائل -وفقه الله-.
والذي فيها قوله: «لقومناك»، وهذا معناه أي لقدمنا إليك النصيحة. وأعناك على أمرك بالمعروف. وهذا أمر رغب فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا كان على الطريقة الشرعية.
كما في حديث عياض بن غنم قال لهشام بن حكيم: ألم تسمع يا هشام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: «من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فليأخذ بيده فليخلوا به فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى الذي عليه». (أخرجه أحمد في المسند (3/ 403 - 404)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 154، تحت رقم: 876)، وفي كتاب السنة له (معه ظلال الجنة للألباني 2/ 274، تحت رقم: 1098). والحديث صححه الألباني ومحقق الآحاد والمثاني).
والحمد لله على التوفيق.

كشكول ٨٧٢: يفتح للمسلم من أعمال الخير ما يصلح له


يفتح للمسلم من أعمال الخير ما يصلح له.
ومن فتح له في باب حرم من آخر.
وقلة من المسلمين من يفتح له من أبواب الخير كلها! 
قال ابن عبدالبر عند كلامه على حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبدالله هذا خير؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان».  فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي ما على من دعي من هذه الأبواب كلها من ضرورة فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها؟».  قال: «نعم وأرجو أن تكون منهم». (التمهيد: (7/184- 185): 
«[فيه] أن أعمال البر لا يفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها وأن من فتح له في شيء منها حرم غيرها في الأغلب.
وأنه قد تفتح في جميعها للقليل من الناس، وأن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- من ذلك القليل.
وفيه أن من أكثر من شيء عرف به ونسب إليه، ألا ترى إلى قوله: «فمن كان من أهل الصلاة»، يريد من أكثر منها فنسب إليها؛ لأن الجميع من أهل الصلاة. وكذلك من أكثر من الجهاد، ومن الصيام على هذا المعنى، ونسب إليه دعي من بابه ذلك والله أعلم.
ومما يشبه ما ذكرنا ما جاوب به مالك -رحمه الله- العمري العابد؛ وذلك أن عبدالله بن عبدالعزيز العمري العابد كتب إلى مالك يحضه إلى الانفراد والعمل ويرغب به عن الاجتماع إليه في العلم؛ فكتب إليه مالك : «أن الله -عز وجل- قسم الأعمال كما قسم الأرزاق؛
فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم.
وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصيام.
وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصلاة.
ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر وقد رضيت بما فتح الله لي فيه من ذلك.
وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه.
وأرجو أن يكون كلانا على خير.
ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم له، والسلام.
هذا معنى كلام مالك؛ لأني كتبته من حفظي وسقط عني في حين كتابتي أصلي منه»اهـ.
ونقله في سير أعلام النبلاء (8/ 114).

كشكول ٨٧١: خذ من العمل ما تقبل عليه نفسك... بعد أداء الواجب!



خذ من العمل ما تقبل عليه نفسك بعد أداء الواجب!
قال في مجموع الفتاوى (7/ 651): 
«فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ : فَالْأَسْبَابُ الَّتِي يَقْوَى بِهَا الْإِيمَانُ إلَى أَنْ يَكْمُلَ عَلَى تَرْتِيبِهَا؛ هَلْ يَبْدَأُ بِالزُّهْدِ؟ أَوْ بِالْعِلْمِ؟ أَوْ بِالْعِبَادَةِ؟ أَمْ يَجْمَعُ بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ؟ 
فَيُقَالُ لَهُ : لَا بُدَّ مِنْ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ وَالْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ وَالزُّهْدِ الْوَاجِبِ، ثُمَّ النَّاسُ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْإِيمَانِ كَتَفَاضُلِهِمْ فِي شُعَبِهِ، وَكُلُّ إنْسَانٍ يَطْلُبُ مَا يُمْكِنُهُ طَلَبَهُ وَيُقَدِّمُ مَا يَقْدِرُ عَلَى تَقْدِيمِهِ مِنْ الْفَاضِلِ.
وَالنَّاسُ يَتَفَاضَلُونَ فِي هَذَا الْبَابِ؛
فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الْعِلْمُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ مِنْ الزُّهْدِ 
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الزُّهْدُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ 
وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ الْعِبَادَةُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا؛
فَالْمَشْرُوعُ لِكُلِّ إنْسَانٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
وَإِذَا ازْدَحَمَتْ شُعَبُ الْإِيمَانِ قَدَّمَ مَا كَانَ أَرْضَى لِلَّهِ وَهُوَ عَلَيْهِ أَقْدَرُ؛
فَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْمَفْضُولِ أَقْدَرَ مِنْهُ عَلَى الْفَاضِلِ، وَيَحْصُلُ لَهُ أَفْضَلُ مِمَّا يَحْصُلُ مِنْ الْفَاضِلِ، فَالْأَفْضَلُ لِهَذَا أَنْ يَطْلُبَ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ وَهُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَلَا يَطْلُبُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ مُتَعَذِّرًا فِي حَقِّهِ أَوْ مُتَعَسِّرًا يَفُوتُهُ مَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ وَأَنْفَعُ؛ 
كَمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِاللَّيْلِ فَيَتَدَبَّرُهُ وَيَنْتَفِعُ بِتِلَاوَتِهِ وَالصَّلَاةُ تَثْقُلُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِعَمَلِ، أَوْ يَنْتَفِعُ بِالذِّكْرِ أَعْظَمَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِالْقِرَاءَةِ.
فَأَيُّ عَمَلٍ كَانَ لَهُ أَنْفَعَ وَلِلَّهِ أَطْوَعَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مِنْ تَكَلُّفِ عَمَلٍ لَا يَأْتِي بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، بَلْ عَلَى وَجْهٍ نَاقِصٍ وَيَفُوتُهُ بِهِ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ.
وَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ الذِّكْرَ فِي فِعْلِهِ الْخَاصِّ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ.
وَأَنَّ الذِّكْرَ وَالْقِرَاءَةَ وَالدُّعَاءَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا خَيْرٌ مِنْ الصَّلَاةِ»اهـ.

كشكول ٨٧٠: الجهمي والرافضي واليهود والنصارى



الإمام البخاري -رحمه الله-

قال -رحمه الله-: «ما أبالي أصليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم». (خلق أفعال العباد ص: (125).).

كشكول ٨٦٩: الفهم الصحيح



الفهم الصحيح.
روى البخاري عن ابي جحيفة قال : قلت لعلي بن أبي طالب: «هل عندكم كتاب؟». قال : «لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم».
يقول ابن القيم -رحمه الله رحمة واسعة- في كتابه (إعلام الموقعين 1/ 87): 
«صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا، بَلْ هُمَا سَاقَا الْإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِمَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ طَرِيقَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ فَسَدَ قَصْدُهُمْ، وَطَرِيقُ الضَّالِّينَ الَّذِينَ فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ، وَيَصِيرُ مِنْ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ حَسُنَتْ أَفْهَامُهُمْ وَقُصُودُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُمْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ.
وَيَمُدُّهُ (يعني : يعين على الفهم الصحيح ويقويه لدى العبد) حُسْنَ الْقَصْدِ، وَتَحَرِّي الْحَقَّ، وَتَقْوَى الرَّبِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ.
وَيَقْطَعُ مَادَّتُهُ (يعني: يمنع الفهم الصحيح) اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَإِيثَارَ الدُّنْيَا، وَطَلَبَ مَحْمَدَةِ الْخَلْقِ، وَتَرْكَ التَّقْوَى»اهـ.
ح/ 111

كشكول ٨٦٨: ليس معنى وصف الراوي بكونه عدلاً ضابطاً أنه لا يخطيء، وأنه لا يقع منه الوهم مطلقاً



ليس معنى وصف الراوي بكونه عدلاً ضابطاً أنه لا يخطيء، وأنه لا يقع منه الوهم مطلقاً.
ولمّا تكلم الحافظ العقيلي على ابن المديني بسبب وهم وقع فيه، كان مما قاله الذهبي -رحمه الله- تعقباً عليه (ميزان الاعتدال ( 3/141)): «وأنا أشتهى أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه، بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له، وأكمل لرتبته، وأدل على اعتنائه بعلم الأثر، وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها، اللهم إلا أن يتبين غلطه ووهمه في الشيء فيعرف ذلك، فانظر أول شيء إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكبار والصغار، ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسنة، فيقال له: هذا الحديث لا يتابع عليه،
وكذلك التابعون، كل واحد عنده ما ليس عند الآخر من العلم، وما الغرض هذا، فإن هذا مقرر على ما ينبغى في علم الحديث.
- وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحًا غريبًا.
- وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرًا.
- وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظًا أو إسنادًا يصيره متروك الحديث، ثم ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصومًا من الخطايا والخطأ، ولكن فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أولهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم، فزن الأشياء بالعدل والورع»اهـ.

سؤال وجواب ١٦٩: ما معنى ملك اليمين؟



سؤال:
«ما معنى ملك اليمين؟».

الجواب:
المقصود بملك اليمين هو ما يملكه الشخص من العبيد والإماء شراء، أو هبة، أو بغيرها من طرق التملك.
ويقع الناس في الرق من طرق؛
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية المعتمدة (3/ 298):
«حَصْرِ مَصَادِرِ الاِسْتِرْقَاقِ بِمَصْدَرَيْنِ اثْنَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا، وَإِنْكَارِ أَنْ يَكُونَ أَيُّ مَصْدَرٍ غَيْرُهُمَا مَصْدَرًا مَشْرُوعًا لِلاِسْتِرْقَاقِ:
أَحَدُهُمَا: الأَْسْرَى وَالسَّبْيُ مِنْ حَرْبٍ لِعَدُوٍّ كَافِرٍ إِذَا رَأَى الإِْمَامُ أَنَّ مِنَ الْمَصْلَحَةِ اسْتِرْقَاقَهُمْ.
وَثَانِيهُمَا : مَا وُلِدَ مِنْ أُمٍّ رَقِيقَةٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا ، أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ»اهـ.
فأبطل الإسلام الاسترقاق عن طريق السرقة والنهب.
وأقر الاسترقاق عن طريق الأسر في الحروب، وعن طريق شراء ما توالد من العبيد والإماء.
ولملك اليمين أحكام تذكر في كتب الفقه عند الكلام عن أحكام العتق، أو أحكام الخدم، وعند ذكر الزواج من ملك اليمين.
والزواج من ملك اليمين أن يأتي رجل حر، ويطلب من صاحب أمة مملوكة (جارية) أن يزوجه إياها، فإذا زوجه إياها فإن ولده منها يؤول إلى مالك الأمة، فيكون رقيقاً تبعاً لأمه، ولذك كره الإسلام نكاح الجواري المملوكات، ورغب عنه، قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. (النساء: 25).
والله الموفق.

كشكول ٨٦٧: تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة



تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة.
قال الشاطبي -رحمه الله-: «ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وعدم ضم أطرافه بعضها إلى بعض، فإن مآخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هي على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتَّبة عليها، وعامّها المرتب على خاصها، ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر بمبينها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها، فإذا حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام، فذلك هو الذي نطقت به حين استنطقت»اهـ.
الاعتصام (1/181).

كشكول ٨٦٦: من قال إن معظم الشرعية ثبت بالإجماع. أو قال: أن معظم الأحكام إنما تؤخذ بالقياس؛ إنما يخبر عن حاله وعلمه، وإلا فإن الواقع ليس كذلك...



من قال إن معظم الشرعية ثبت بالإجماع.
أو قال: أن معظم الأحكام إنما تؤخذ بالقياس؛
إنما يخبر عن حاله وعلمه، وإلا فإن الواقع ليس كذلك ...
قال في مجموع الفتاوى (19/ 200):
«ومن قال من المتأخرين : إن الإجماع مستند معظم الشريعة فقد أخبر عن حاله؛ فإنه لنقص معرفته بالكتاب والسنة احتاج إلى ذلك.
وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج فيها إلى القياس؛ لعدم دلالة النصوص عليها؛ فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب والسنة ودلالتهما على الأحكام.
وقد قال الامام أحمد -رضي الله عنه-: إنه ما من مسألة إلا وقد تكلم فيها الصحابة أو في نظيرها فانه لما فتحت البلاد وانتشر الإسلام حدثت جميع أجناس الأعمال؛ فتكلموا فيها بالكتاب والسنة، وإنما تكلم بعضهم بالرأي في مسائل قليلة، والإجماع لم يكن يحتج به عامتهم ولا يحتاجون إليه؛ إذ هم أهل الإجماع فلا إجماع قبلهم»اهـ.

كشكول ٨٦٥: بيان وكشف الداعية إلى بدعته أمام الملأ؛ لتحذير الناس من شره!



بيان وكشف الداعية إلى بدعته أمام الملأ؛ لتحذير الناس من شره!
قال الامام ابن تيمية -رحمه الله-:
«إذا كان المتكلم فيه داعياً إلى بدعة، فهذا يجب بيان أمره للناس؛ فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق».
منهاج السنة: (١٤٦/٥).

كشكول ٨٦٤: الاتباع للشرع هو أصل كل علم شرعي



قال أيوب بن سليمان القرطبي: (التجربة أصل كل فن ومعنى مفتقر إليه)( انظر: المعيار المعرب: 10/79.).
قلت : هذا يسلم في العلوم الدنيوية، أما في العلوم الشرعية فالاتباع للشرع هو أصل كل علم شرعي،
فهو إيمان.
وعمل.
وتواصي بالحق.
وتواصي بالصبر.

سؤال وجواب ١٦٨: هل هنالك علة لتحريم الخنزير؟



سؤال:
«هل هنالك علة لتحريم الخنزير؟».

الجواب:
لعل السائل يعني بالعلة الحكمة؛ لأن العلة في تحريم الخنزير تعبدية، بمعنى أن الله أمرنا بذلك فامتثلنا وسمعنا وأطعنا، وليس كل حكم شرعي نعلم علته، وما لا تعلم علته يسميه العلماء بـ (الحكم التعبدي).
والمسلم يتعبد لله -عز وجل- بطاعته في أمره واجتناب ما نهاه عنه وزجر، سواء علم علته أو لم يعلم.
وللمسلم أن يتطلب معرفة الحكمة،
- فهناك أمور قد لا يتبين له كذلك الحكمة التشريعية، فعليه أن يسلم بها،
- وهناك أمور قد تتبين له الحكمة منها، وكم من أمر لم تعلم الحكمة الشرعية منه، في وقت ثم تعلم بعد ذلك، ومن هذا الصنف حكم تحريم لحم الخنزير، وذلك لما تَبَيَّنَ من مَا يَحْمِلُهُ هَذَا الْحَيَوَانُ الْخَبِيثُ مِنْ أَمْرَاضٍ وَصِفَاتٍ خَبِيثَةٍ، أَرَادَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يَحْمِيَ مِنْهَا الْمُجْتَمَعَ الإِْسْلاَمِيَّ. وقد يمكنك الوقوف على ذلك بالرجوع إلى الكتب العلمية بشأن التغذية باللحم ومنه لحم الخنزير، وما يذكرونه فيه من تسببه بأمراض كثيرة، وما ينتج عن أكل لحمه من أمور تُلْمس في شخصية الإنسان ونفسيته.

سؤال وجواب ١٦٧: ما هي عورة ملك اليمين؟



سؤال :
«ما هي عورة ملك اليمين؟».

الجواب :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَوْرَةِ الأَْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ.
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : إِنَّ عَوْرَتَهَا هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ : عَوْرَتُهَا مِثْل عَوْرَةِ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَارِمِهَا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِنَّ عَوْرَتَهَا كَعَوْرَةِ الْحُرَّةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلاَّ مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْحُرَّةِ.
هذا والذي يترجح أن الأمة عورة ما بين السرة والركبة كما هو قول المالكية والشافعية، وكذا من عورتها ما لا تبديه في خدمتها، فيدخل في ذلك البطن والظهر، وما علا من الساعدين والساقين، وصدرها، فكل ذلك من عورتها التي لا تبديها للأجانب، كما يدل عليه واقع الصحابة -رضوان الله عليهم-، على ما قرره ابن تيمية في شرح العمدة عند كلامة على (عورة الأمة). والله أعلم .

سؤال وجواب ١٦٦: لماذا الزواج من أربعة وقد أحل عدد ماشاء الله من ملك اليمين؟



سؤال:
«لماذا الزواج من أربعة وقد أحل عدد ماشاء الله من ملك اليمين؟».

الجواب:
الزواج من الحرائر غير ما أحله الله تعالى من ملك اليمين؛
فالمرأة ملك اليمين ليس من حقها المطالبة بقسمة، وتبقى أمة مملوكة يمكنه بيعها وقتما شاء ما لم تأت بولد. وليس من حقها النفقة مثل المرأة الحرة الزوجة.
فإذا علمت ذلك ظهر لك شيئاً من حكمة قصر الزواج بالحرائر في أربع نسوة فقط، وإباحة عدد ما شاء من ملك اليمين؛ فإن مؤنة الحرة وما يلزم لها، ليست كمؤنة المملوكة، والله أعلم.

سؤال وجواب ١٦٥: لماذا تم القضاء على ملك اليمين وهو شيء حلال؟



سؤال:
«لماذا تم القضاء على ملك اليمين وهو شيء حلال؟».

الجواب:
أرتب الكلام على فقرات؛ فأقول: 
أولاً : ملك اليمين هو من المباحات وليس من الأمور الواجبة.
ثانياً : يجوز الاتفاق على ترك شيء من المباحات؛ لتجنب ما ضرره أكبر، أو لتحصيل ما منافعه أكثر.
ثالثاً : إن الإسلام قد رغب في العتق من ذلك ما جاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربًا منه من النار حتى إنه ليعتق اليد باليد والرجل بالرجل والفرج بالفرج». (أخرجه الشيخان).
وأجمعت الأمة على صحة العتق وحصول القربة به.
بل هو من أفضل القرب؛ لأن الله تعالى جعله:
- كفارة للقتل.
- وكفارة الوطئ في رمضان.
- وكفارة حنث اليمين.
- وجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- فكاكًا لمعتقه من النار.
- ولأن فيه تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق، وملك نفسه، ومنافعه، وتكميل أحكامه، وتمكينه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب إرادته واختياره.
ففتح الدين الإسلامي أبواب عتق الرقيق، وضيق أسبابه.
إذا فهمت ما تقدم؛ فأعلم أن ملك اليمين اليوم ملغي بسبب اتفاقيات هيئة الأمم المتحدة؛ وذلك أن الإسلام أقر ملك اليمين وبين أنه يكون بأحد سببين:
- بالشراء .
- أو بالاسترقاق بسبب جهاد الكفار.
فلما حصل الاتفاق على أن لا يعد القتال طريقاً للرق.
وأُمر الناس بإطلاق الأرقاء. وعوض من يستحق التعويض.
انتهى الرق، وهذا أمر سعى إليه الإسلام بتوسيع أبوابه، وتضييق طرق حصوله، لما في ذلك من الخير، والنفع.
واقرأ ما في هذا الرابط لتستبين المخاطر العظيمة التي كان يتعرض لها الأحرار بسبب نظام الرق؛
وبناء على ما سبق فإن تساوق الدول الإسلامية إلى إلغاء الرق فيه الخير للناس، بجلب منافع لهم ودفع مضار عنهم، خاصة وأنهم لم يتركوا فيه شيئاً واجباً، ولم يفعلوا حراماً، إنما استغنوا عن أمر مباح لما تبين لهم أن في الاستمرار عليه أضراراً بالغة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا ضرر ولا ضرار». وبالله التوفيق.
أرفق لك رابط صورة الوثيقة التي تضمنت بند الإجراءات التي اتخذتها المملكة السعودية للإلغاء الرقيق، وتعويض أصحاب الرقيق إذا كانوا يستحقون التعويض.

كشكول ٨٦٣: لص يتمسك بأصول المذهب


جاءتني في الواتساب...
لص يتمسك بأصول المذهب:
ورد من بعض الفضلاء الظرفاء:
قال أحمد بن المعذل:
كنت عند ابن الماجشون فجاءه بعض جلسائه فقال:
«يا أبا مروان أعجوبة».
قال : «ما هي؟».
قال : «خرجت إلى حائطي بالغابة فعرض لي رجل، فقال:
اخلع ثيابك؟
قلت : لم؟
قال : أنا أولى بها منك!
قلت : ومن أين؟
قال : لأني أخوك وأنا عريان
قلت : فالمواساة؟
قال : قد لبستها برهة
وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها.
قلت : فتعريني؟
قال : قد روينا عن مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانًا.
قلت : ترى عورتي
قال : لو كان أحد يلقاك هنا ما تعرضت لك.
فقلت : أراك ظريفًا
فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب فأوجه بها إليك
قال : كلا
أردت أن توجه إلي أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزق جلدي ويطرح في رجلي القيد؟!
قلت : كلا
أحلف لك إيمانًا أني أوفي لك بما وعدتك ولا أسوءك
قال : كلا
إنا روينا عن مالك أنه قال:
لا تلتزم الأيمان التي يحلف بها للصوص.
قلت : فأحلف أني لا أحتال في أيماني هذه
قال : هذه يمين مركبة على اللصوص!
قلت : فدع المناظرة بيننا
فو الله لأوجهن إليك هذه الثياب طيبة بها نفسي.
فأطرق ( اللص ) ثم رفع رأسه وقال:
تدري فيم فكرت ؟
قلت : لا
قال :
تصفحت أمر اللصوص من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى وقتنا هذا
فلم أجد لصا أخذ نسيئة!
وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون علي وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة !!
=> اخلع ثيابك.
قال فخلعتها ودفعتها إليه فأخذها وانصرف.
[ السير (521/11) ]

كشكول ٨٦٢: لا يحبط الأعمال جميعها إلا الكفر



لا يحبط الأعمال جميعها إلا الكفر.
جاء في المستدرك على مجموع الفتاوى (1/ 126- 127): 
«المشهور عند «أهل السنة» القائلين بعدم تخليد الفاسق ورجاء الشفاعة له والرحمة أنه لا يحبط العمل إلا الكفر؛ فإن نصوص القرآن تقتضي حبوط العمل بالكفر في مثل البقرة والمائدة والأنعام والزمر و(ق) وغير ذلك، وهذا لأن ما سوى الكفر من المعاصي يثبت معه أصل الإيمان، ولا بد أن يخرج من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان وأما الكفر فينتفي معه الإيمان الذي لا يقبل العمل إلا به، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [124/4] ، {مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [19/17] إلى نصوص متعددة يصف فيها بطلان عمل الكافر وتحريم الجنة عليه.
وأما «المعتزلة» فإنهم يقولون بتخليد الفاسق الملي، وأنه لا ينعم أبدًا، وأن من استحق العقاب لا يستحق ثوابًا بحال، ومن استحق الثواب لا يستحق العقاب؛ فالتزموا لذلك أن تحبط جميع الأعمال الصالحة بالفسق، كما تحبط الأعمال بالكفر. ثم أكثرهم يفسقون بالكبيرة ومنهم من لا يفسق إلا برجحان السيئات وهي التي تحبط الأعمال. وهذا أقرب.
[حبوط بعضها بالفسق أو الرياء]
قلت: الذي ينفي من الإحباط على أصول أهل السنة هو حبوط جميع الأعمال فإنه لا يحبط جميعها إلا بالكفر، وأما الفسق فلا يحبط جميعها؛ سواء فسر بالكبيرة، أو برجحان السيئات؛ لأنه لا بد أن يثاب على إيمانه فلم يحبط.
وأما حبوط بعضها وبطلانه إما بما يفسده بعد فراغه وإما لسيئات يقوم عقابها بثوابه، فهذا حق دل عليه الكتاب والسنة كقوله:
{لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [264/2] فأخبر أن المن والأذى يبطل الصدقة، كما أن الرياء المقترن بها يبطلها وإن كان كل منهما لا يبطل الإيمان؛ بل يبطله ورود الكفر عليه أو اقتران النفاق به.
وقوله في الحديث الصحيح: «إن الذي تفوته صلاة العصر فقط حبط عمله» وقول (بياض) : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت عنده لأخيه مظلمة في عرض أو مال فليأته فليستحل منه قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار، وإنما فيه الحسنات والسيئات» وقوله: «ما تعدون المفلس فيكم» ؟ قالوا: المفلس من ليس له درهم ولا دينار، قال: «ليس ذلك بالمفلس وإنما المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا لم يبق له حسنة أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار».»اهـ.
ولاحظ :
- قوله: «المشهور عند أهل السنة»اهـ؛ فإنه يفيد أن لأهل السنة قولاً آخرًا في المسألة غير مشهور.
- أن ما ذكره ابن تيمية هو المنصوص عليه في كتب العقيدة. وهو المتفق مع النصوص القرآنية التي ذكرها الشيخ -يرحمه الله-.

كشكول ٨٦١: اختلاط الرجال بالنساء



اختلاط الرجال بالنساء:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية المعتمدة (2/ 290- 291)
«يَخْتَلِفُ حُكْمُ اخْتِلاَطِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ بِحَسَبِ مُوَافَقَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ، فَيَحْرُمُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَ فِيهِ:
أ - الْخَلْوَةُ بِالأْجْنَبِيَّةِ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إِلَيْهَا.
ب - تَبَذُّل الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ احْتِشَامِهَا.
ج - عَبَثٌ وَلَهْوٌ وَمُلاَمَسَةٌ لَلأْبْدَانِ كَالاِخْتِلاَطِ فِي الأْفْرَاحِ وَالْمَوَالِدِ وَالأَْعْيَادِ، فَالاِخْتِلاَطُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِثْل هَذِهِ الأْمُورِ حَرَامٌ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ.
قَال تَعَالَى: { قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} . . . { وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} . (سورة النور: 30-31)، وَقَال تَعَالَى عَنِ النِّسَاءِ: { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}.  وَقَال: { إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}. (سورة الأحزاب: 53 ). وَيَقُول النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ».  وَقَال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَِسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. 
كَذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ لَمْسِ الأْجْنَبِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَجُوزًا لاَ تُشْتَهَى فَلاَ بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ (هذا محل نظر عندي بازمول). 
وَيَقُول ابْنُ فَرْحُونَ : فِي الأْعْرَاسِ الَّتِي يَمْتَزِجُ فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاءُ، لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِذَا كَانَ فِيهِ مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ؛ لأِنَّ بِحُضُورِهِنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُنَّ.
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الاِخْتِلاَطِ الْمُحَرَّمِ:
مَا يَقُومُ بِهِ الطَّبِيبُ مِنْ نَظَرٍ وَلَمْسٍ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ.
وَيَجُوزُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدِ، وَأَجَازَ الْبَعْضُ خُرُوجَهَا لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ مِنَ الرِّجَال.
كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مُعَامَلَةُ الرِّجَال بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. 
وَلَقَدْ سُئِل الإِْمَامُ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُل، فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا، وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ، هَل تَرَى ذَلِكَ لَهُ حَسَنًا؟ قَال: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلْيُدْخِل مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ.
قَال ابْنُ رُشْدٍ : هَذَا عَلَى مَا قَال إِذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لاَ يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ.
انظر : ابن عابدين (5 / 243 ط ثالثة)، والبدائع (5 / 125 ط الجمالية) والاختيار(4 / 154 – 156) ، والمغني (3 / 237 - 372 و2 / 200 - 204 و 6 / 558) ، ومنتهى الإرادات (3 / 5 – 7) ، والمهذب (1 / 71 ، 100 ، 126 و 2 / 35) ، ومغني المحتاج (1 / 467) ، ومنح الجليل (1 / 133 ، 231 ، 275 ، 439 ، 484 و3 / 738) ، والمدخل لابن الحاج (1 / 237 ، 275 و 2 / 17 ، 53) ، والتبصرة بهامش فتح العلي (1 / 296).

استنباطات ٤٧:



عن الْحَارِث الأَشْعَرِيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ -جَلَّ وَعَلا- أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَات يعْمل بِهن وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل يَعْمَلُوا بِهِنَّ وَإِنَّ عِيسَى قَالَ لَهُ : إِنَّ الله أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ تَعْمَلُ بِهِنَّ وَتَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيل يَعْمَلُوا بِهِنَّ فَإِِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرهُم قَالَ: أَي أخي إِنِّي أَخَاف إِن لم آمُرهُم أَن أعذب أَو يخسف بِي قَالَ: فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ وَجَلَسُوا عَلَى الشَّرُفَاتِ فَوَعَظَهُمْ وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ -جَلَّ وَعَلا- أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ بِهِنَّ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ:
أَوَّلُهُنَّ : أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرَقٍ وَقَالَ لَهُ : هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ هَكَذَا وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ فَاعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .
وَآمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ فَإِِذَا صَلَّيْتُمْ فَلا تَلْتَفِتُوا فَإِِنَّ الْعَبْدَ إِِذَا لَمْ يَلْتَفِتِ اسْتَقْبَلَهُ -جَلَّ وَعَلا- بِوَجْهِهِ.
وآمركم بالصيام وَإِنَّمَا مثل ذَلِك مثل رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ وَعِنْدَهُ عِصَابَةٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَجِدُوا رِيحَهَا فَإِِنَّ الصِّيَامَ عِنْدَ الله أطيب من ريح الْمسْك.
وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَإِِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُو فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِِلَى عُنُقِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِيَفُكَّ نَفْسَهُ مِنْهُمْ .
وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ فَأَتَى عَلَى حِصْنُ حُصَيْنٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِِلا بِذِكْرِ اللَّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهَا:
بِالْجَمَاعَةِ.
وَالسَّمْعِ.
وَالطَّاعَةِ.
وَالْهِجْرَةِ.
وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قيد شبر فقد خلع ربقة الإِِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِِلا أَنْ يُرَاجِعَ وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى جَاهِلِيَّة فَهُوَ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ.
قَالَ رَجُلٌ : «وَإِِنْ صَامَ وَصَلَّى». قَالَ: «وَإِِنْ صَامَ وَصَلَّى فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ الله» أخرجه ابن حبان (الإحسان 14/126 - 127، تحت رقم: 6233)، واللفظ من موارد الظمآن (1222). وهو عند الترمذي والنسائي وابن خزيمة والحاكم. وصحح إسناده محقق الإحسان، ومحقق الموارد، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي وصحيح سنن النسائي.
وفيه مسائل:
الأولى: فيه أن ما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحقق ما جاء في الأمور الخمسة التي ذكرها يحي بن زكريا -عليه الصلاة والسلام-؛
فلزوم الجماعة يتحقق به التوحيد وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وذكر الله . وبدون لزوم الجماعة لا يتمكن المسلم من تحقيق إقامة الدين!
الثانية : لزوم السمع ولزوم الطاعة والهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام وهجرة الذنوب والآثام، والجهاد في سبيل الله، كلها أمور تحقق الجماعة ، فلا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بأمير، ولا أمير إلا بسمع وطاعة؛ 
فإذا ضاع السمع والطاعة لولي الأمر ضاعت الإمارة. 
وإذا ضاعت الإمارة ضاعت الجماعة.
وإذا ضاعت الجماعة ضاع الدين.
الثالثة : فيه سبب تسمية بعض العلماء لكتب الأذكار بـ (الحصن الحصين).
الرابعة : فيه ضرب الأمثال لتقريب المعاني وتوضيحها، فلا حرج في وسائل الإيضاح إذا كانت لا تشتمل على مخالفة شرعية.
الخامسة : فيه خطورة مفارقة الجماعة. وخطورة دعوى الجاهلية من التفاخر الأنساب والأحساب، أو الدعوة لقبيلة فأصحاب ذلك من جثا جهنم.
وفي صحيح ابن حبان (الإحسان 14/126 - 127، تحت رقم: 6233)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ (هو ابن حبان): «الْأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ بِلَفْظِ الْعُمُومِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخَاصُّ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ إِجْمَاعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَنْ لَزِمَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَشَذَّ عَنْ مَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يَكُنْ بِشَاقٍّ لِلْجَمَاعَةِ، وَلَا مُفَارِقٍ لَهَا، وَمَنْ شَذَّ عَنْهُمْ وَتَبِعَ مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَ شَاقًّا لِلْجَمَاعَةِ، وَالْجَمَاعَةُ بَعْدَ الصَّحَابَةِ هُمْ أَقْوَامٌ اجْتَمَعَ فِيهِمُ الدِّينُ وَالْعَقْلُ وَالْعِلْمُ، وَلَزِمُوا تَرْكَ الْهَوَى فِيمَا هُمْ فِيهِ، وَإِنْ قَلَّتْ أَعْدَادُهُمْ، لَا أَوْبَاشُ النَّاسِ وَرِعَاعُهُمْ، وَإِنْ كَثُرُوا»اهـ.

كشكول ٨٦٠: إلى دعاة التغيير...



إلى دعاة التغيير...
التغيير سنة كونية مرتبطة بحال النفس.
يقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}. (الرعد: 11).
والتغيير سنة كونية تحدث في كل شيء؛ فسبحان الذي يغير ولا يتغير!
حتى الدين عرضة للتغيير إذا بعد الناس عن السنة والاهتداء بها؛ فيبعث الله من يجدده؛
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»( أخرجه أبو داود فِي كتاب الْمَلاحم, باب: مَا جَاءَ فِي قرن الْمِائة، حديث رقم: (4291).).
والْمُرَاد مِنْ التَّجْدِيد -كما بيَّنه فِي عون الْمَعبُود-: إِحْيَاء مَا اِنْدَرَسَ مِنَ الْعَمَل بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّة، وَالأَمْر بِمُقْتَضَاهُمَا، وَإِمَاتَة مَا ظَهَرَ مِنْ الْبِدَع وَالْمُحْدَثَات.
ويطالب بالتغيير بعض الناس؛ وليس كل من يطلب التغيير محق؛ فقد قص الله -جل وعلا- قصة القرية التي بارك فيها، وكان أهلها يسيرون ليالي وأياما آمنين فطلبوا التغيير إلى المباعدة بين الأسفار!
قال الله -تبارك وتعالى- في سورة سبأ : {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (18)  فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ(20)}.
هل رأيت؟!
وقص الله علينا قصة بني إسرائيل، لما طالبوا بتغيير نعمة الله عليهم من المن والسلوى قال -جل وعلا- : {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}. (البقرة: 61).
وهذا فيه بيان أنه ليست كل مطالبة بالتغيير حق!
وفيه بيان أن المطالبة بالتغيير ينبغي أن تكون إلى الذي هو خير.
وقص الله -جل وعلا-، قصة قرية رفضت التغيير إلى الحق الذي أرسل به المرسلون، قال -جل وعلا-:  {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}. (النحل: 112).
وقال -جل وعلا- في سورة سبأ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ(17)}.
وفي ذلك بيان أن التغيير إلى الحق والاهتداء بهدى الله هو الصحيح، وهو الخير!
وبعض الناس نظرتهم محدودة الأفق؛
فهو يطالب بالتغيير ويسعى إليه، ولكن ما هي حدوده؟
تعجب إذا سمعت مطالباتهم بالتغيير؛
المطالبة بالتغيير من أجل الوصول إلى كرسي الحكم.
المطالبة به من أجل تغيير النظام الحاكم.
المطالبة به من أجل الحياة الدنيا... لتغيير أوضاع اقتصادية أو صحية أو حضارية أو نحو ذلك!
والمسلم يعلم أن التغيير سنة كونية!
ويعلم أن التغيير ينبغي أن يكون إلى الذي هو خير!
ويؤمن بأن الخير خير الآخرة.
فالدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم!
فكل شيء في الدنيا يبعد عن الله إلا هذه المذكورات!
فهو يتخذ الدنيا معبراً إلى الآخرة.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ»(( ) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ»، حديث رقم: (6416).).
وليس معنى ذلك أن ينسى نصيبه منها، فهو فيها كمن يستظل بظل شجرة.
{وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ}. (القصص: 77).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَاٍٍ». (أخرجه أحمد ((7/ 259)، (الرسالة تحت رقم: 4208).).
حتى المساجد بيوت الله نهينا عن زخرفتها وتشييدها، ولذا لما بنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مسجده كان يقول: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة»، تذكيراً بحقيقة الدنيا، وأن ليست هم المسلم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا»، قَالُوا: «لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ»، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ: 
«اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ»( أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، بَابٌ: هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانُهَا مَسَاجِدَ، حديث رقم: (418)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب ابتناء مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- رقم: (524).).
والمسلم لا يغره ما بلغ إليه الكافرون في الدنيا؛ فهو متاع زائل.
قال -جل وعلا-: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ* لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ} (آل عمران: 196 – 198).
ومن هذه النظرة التي علمنا إياها ديننا جاءت أمور؛
- أن لا نسعى للتغيير بإثارة الفوضى والاضطرابات والاعتصامات؛ لأن التغيير يبدأ من النفس.
- أن التغيير ينبغي أن يكون للذي هو خير، وما خفي علينا حاله نظرنا في مآله.
- أن لزوم الجماعة والسمع والطاعة في المعروف، والصبر على أئمة الجور خير من السعي إلى تغيير يسبب إراقة الدماء أو الفوضى العارمة أو الاضطراب الاجتماعي.
- أن الدعوة إلى التغيير ليست دائمًا إلى حق وهدى وخير.
- أن التغيير إلى الحق والهدى والخير بالرجوع إلى الدين ولزوم سنته -صلى الله عليه وسلم-.

كشكول ٨٥٩: من الاعتقادات الخاطئة عن كفارة الحلف بالله



جاءني على الواتساب
مـــن الاعتقـــادات الخـــاطئــــة
[اعتقاد أن كفارة الحلف بالله هي صيام ثلاثة أيام، وهذا غير صحيح]
فإن كفارة الحلف هي أن يختار الإنسان أحد هذه الأمور الثلاثة وهي:
١) إطعــــام عشرة مساكين،
٢) أو كسوة عشـرة مساكين،
٣) أو عتـــق رقبــــــــــــة،
فمن لم يستطع على واحد من هذه الأمور الثلاثة مثل الفقير فإنه:
يصــوم ثــــلاثـــــة أيــــــام،
فمن كان قادرًا على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة،
وصـــام ثـــلاثـــــة أيـــــــام بنيــــة الكفـــــارة فإن ذلك لا يجزئه.
....................................................
سورة المائدة، آية: ٨٩،
تفسيـر الشــيخ أبن عثيمين -رحمه الله-،
وفتاوى اللجنة الدائمة ٢٣ / ٥ - ٤٥

سؤال وجواب ١٦٤: إذا توضأت داخل المرحاض هل أسمي الله؟



سؤال:
«إذا توضأت داخل المرحاض هل أسمي الله؟».

الجواب:
الوارد: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه»، وذكر اسم الله يجزي ولو بالقلب؛ وعليه فإن توضأ المسلم في مثل هذه الأماكن فإنه يذكر اسم الله في قلبه، والله أعلم.


سؤال وجواب ١٦٣: إذا قال الرجل لزوجته: «أنت علي حرام»، وقصد إيقاع الطلاق، هل يقع الطلاق؟



سؤال :
«إذا قال الرجل لزوجته: «أنت علي حرام»، وقصد إيقاع الطلاق، هل يقع الطلاق؟».

الجواب:
نعم يقع الطلاق إذا قصده ونواه بهذا اللفظ؛ لأن هذه العبارة من الكنايات، وهي تحتمل:
- الظهار.
- الطلاق.
- اليمين.
وقصده ونيته تحدد ما يقع بها.
وهذا الذي عليه أبو بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد -رحمهم الله-.

سؤال وجواب ١٦٢: يفرق بين الحديث المنكر، والراوي الذي روى حديثاً منكراً



سؤال:
«قلتم أولا أن الحديث المنكر لا يقبل الاعتبار والمتابعة ولا يرتقى بمجموع الطرق ... عند القاعدة ٣٤ ، وقلتم عند القاعدة ٤٤ : أن الراوي إذا جاﺀ بمتن منكر أو ... فحديثه في المرتبة الأولى والثانية من الجرح، يعني: في مرتبة الاعتبار...
فكيف يمكن التوفيق بين هذين القولين وجزاكم الله خيرًا».

الجواب:
تقدم ما يبين المقصود، وأنه يفرق بين الحديث المنكر، والراوي الذي روى حديثاً منكراً، فهنا الراوي لا ينزل عن درجة الاعتبار، طبعاً في غير الحديث المنكر. أما الحديث المنكر فإنه لا يقبل التقوي والانجبار. والله الموفق.

سؤال وجواب ١٦١: سؤال عن الحديث المنكر وتوثيق ابن حبان


سؤال:
«قلتم في نفس القاعدة السابقة الذكر عند كلامكم عن درجات توثيق ابن حبان: «وفي الحال الثاني والخامس : ينظر في الراوي فإذا كان الحديث الذي يرويه ليس بمنكر، ... أما إذا جاﺀ بمتن منكر، أو روى عن ضعيف، أو الراوي عنه ضعيف ولم يرو عنه أكثر من ثقة؛ فحديثه في المرتبة الأولى والثانية من الجرح، يعني : في مرتبة الاعتبار وقد ينزل عنها إذا كانت نكارة المتن لا تُعرف إلا من طريقه، فتنبه». انتهى كلامكم.
فقد أشكل علي قولكم عند القاعدة ٣٤ ص: ١٤٦ : كل أنواع الحديث الضعيف تقبل الاعتبار والمتابعة وتترقى بمجموع الطرق؛ إلا الحديث الذي ... والحديث المنكر.
وقلتم بعدها بأسطر بعدما ذكرتم كلام ابن الصلاح:
وقد دل هذا الكلام على إخراج الأنواع التالية عن قبولها للترقي بتعدد الطرق، وهي : 
...
...
الحديث المنكر. اهـ».

والجواب:
نعم الحديث المنكر لا يقبل الترقي والإنجبار بتعدد الطرق، فالمنكر أبداً منكر؛ لأنه خطأ.
أما الراوي الذي وصف بأنه له مناكير، أو تعرف وتنكر، أو منكر الحديث، فإنه لا ينزل بذلك عن درجة الاعتبار.
ومرادي عند الكلام عن درجات توثيق ابن حبان الكلام عن الرواة. 
ومرادي عند الحديث عما يقبل التقوي والإنجبار في المنكر : الحديث المنكر. وقد نصصت على ذلك في عبارتي، فقلت: «الحديث المنكر»اهـ.
فإن الراوي إذا روى حديثاً منكراً، لا ينزل عن درجة الاعتبار في روايته لغيره، وإنما حديثه المنكر هو الذي لا يترقى بتعدد الطرق.
ففرق بين الحديث المنكر، ووصف الراوي بأنه منكر الحديث، أو له مناكير، أو تعرف وتنكر. 
وبالله التوفيق.

سؤال وجواب ١٦٠: سؤال عن توثيق ابن حبان



سؤال:
«قلتم في كتابكم التخريج ودراسة الأسانيد عند القاعدة ٤٤ في درجات توثيق ابن حبان:
عند قولكم: 
أما إذا لم يكن من شيوخه فلا يخرج عن الأحوال التالية:
وذكرتم ست نقاط كلها بخصوص من ذكره ابن حبان في الثقات إلا النقطة الأخيرة قلتم فيها:
٦- أن يذكره مع تصريحه بأنه لا يعرفه ولا يعرف أباه.
السؤال:
هل يذكره ابن حبان في كتاب الثقات أم في المجروحين ؟ وأيضا هل من كان لا يعرفه ولا يعرف أباه فهل هو ثقة عنده على منهجه في التعديل؟».

والجواب: 
نعم ابن حبان يذكر من لا يعرفه ولا يعرف أباه في كتابه الثقات؛ لأن شرطه في الثقة أن لا يعرفه بجرح، وهو بهذا يخالف الجمهور الذين عندهم أن الثقة هو من نص على توثيقه، فلا بد عندهم من التنصيص على أنه ثقة ليحكم بأنه ثقة، وعند ابن حبان يكفي أن لا يعرف بجرح.
ولذلك انتقد في هذا، وبنى كتابه (الثقات) على هذا الأصل، حتى لو وجد رجلاً لا يعرف عينه، فلا يعرفه ولا يعرف أباه أدخله في كتابه الثقات، ومن هؤلاء جملة؛
ففي الثقات لابن حبان (6/ 240، الترجمة رقم: 7539): «حبَان يروي عَن أَبِيه عَن عَليّ لست أعرفهُ وَلَا أَبَاهُ روى عَنهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ»اهـ.
وفي الثقات لابن حبان (6/ 447، الترجمة رقم: 8522): «شُعْبَة شيخ يروي عَن كريب بن أَبْرَهَة روى عَنهُ سليط بن شُعْبَة الشَّعْبَانِي لست أعرفهُ وَلَا أَبَاهُ»اهـ.
وفي الثقات لابن حبان (7/ 436، الترجمة رقم: 10798): «مُحَمَّد بْن يَزِيدَ شيخ يروي عَن أَبِيه عَن عَليّ روى عَنْهُ مجاعَة بْن الزبير الْعَتكِي لست أعرف أَبَاهُ»اهـ.
وفي الثقات لابن حبان (7/ 518، الترجمة رقم: 11258): «مُطِيع الغزال أَبُو الْحسن يروي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كَانَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا صَعَدَ الْمِنْبَرَ أَقْبَلْنَا بِوُجُوهِنَا إِلَيْهِ روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن الْقَاسِم وَأهل الْكُوفَة لست أعرف أَبَاهُ وَلَا جده وَالْخَبَر لَيْسَ بِصَحِيح من طَرِيق أحد فَيعْتَبر بِهِ»اهـ.
وفي الثقات لابن حبان (8/ 63، الترجمة رقم: 12262): «إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق شيخ يرْوى عَن بن جريج روى عَنهُ وَكِيع بن الْجراح لست أعرفهُ وَلَا أَبَاهُ»اهـ.
وفي الثقات لابن حبان (8/ 242، ترجمة رقم: 13233): «رَبَاح شيخ يروي عَن بن الْمُبَارك عداده فِي أهل الْكُوفَة روى عَنهُ إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْفراء لست أعرفهُ وَلَا أَبَاهُ إِن لم يكن رَبَاح بن خَالِد فَلَا أدرى من هُوَ»اهـ.
وفي الثقات لابن حبان (8/ 299، ترجمة رقم: 13552): «سيف أَبُو مُحَمَّد شيخ يروي عَن مَنْصُور روى عَنهُ عَمْرو بن مُحَمَّد الْعَنْقَزِي لست أعرف أَبَاهُ فان كَانَ سيف بن مُحَمَّد فَهُوَ واه وَإِن كَانَ غَيره فَهُوَ مَقْبُول الرِّوَايَة حَتَّى تصح مُخَالفَته الْإِثْبَات فِي الرِّوَايَات أَو يسْلك غير مَسْلَك الْعُدُول فِي الْأَخْبَار فَحِينَئِذٍ يلزق بِهِ الوهن»اهـ.
والله الموفق.

سؤال وجواب ١٥٩: هل يجوز الوضوء داخل المراحيض؟



سؤال:
«هل يجوز الوضوء داخل المراحيض؟».

الجواب:
لا حرج عليك في الوضوء والاغتسال فيها، بشرط أن لا يرتد إليك الماء بنجاسة، فإذا كنت تأمن النجاسة؛ فتوضأ واغتسل، والله الموفق.

سؤال وجواب ١٥٨: ما حكم قول المرأة لزوجها: «أنت علي حرام»؟



سؤال :
«ما حكم قول المرأة لزوجها: «أنت علي حرام»؟».

الجواب:
هذا من باب تحريم ما أحل الله لها، وهو يمين، عليها أن تكفر كفارة يمين وترجع لزوجها؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)}.سورة التحريم، والله الموفق.