السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الخميس، 27 نوفمبر 2014

تطبيق أصولي ٥: جمع المصحف بين دفتين


تطبيق أصولي: مثال المصلحة المرسلة التي لم يكن لها مقتضى على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ووجد مقتضاها في زمن الصحابة جمع المصحف بين دفتين، والله أعلم. 

جمع المصحف لم يقم المقتضي له في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ 

لأن تنزيل القرآن العظيم لم يكتمل إلى قريب وفاته -صلى الله عليه وسلم-. فلما اكتمل تنزيل القرآن قام أبو بكر بجمع المصحف،

وجمعه بين دفتين.

وفعله ليس ببدعة؛

لأن الله جل وعلا سمى القرآن العظيم كتاباً: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}. (البقرة: 2)، 

فتسميته بالكتاب تدل على أن جمعه بين الدفتين لا يخالف الشرع

فتحصل أن جمع المصحف بين دفتين مصلحة مرسلة صحيحة؛ لعدم مخالفته للكتاب والسنة، 


وتحققت فيه جميع الشروط المذكورة. والله الموفق.

تطبيق أصولي ٤: ماذا عن تلك الخشبات التي تجدها في بعض المساجد يضعها المنفرد للسترة؟


تطبيق أصولي: ماذا عن تلك الخشبات التي تجدها في بعض المساجد يضعها المنفرد للسترة؟

الجواب: هذه الخشبات التي توضع في المسجد لتكون سترة للمصلي، كان الداعي المقتضي لها موجوداً زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك لم يفعلها.

ولم يأمر بها.

وإنما كان الصحابة يبتدرون السواري، 

ولم يرد أنهم كانوا يصنعون مثل هذه الخشب للسترة. 

فاتخاذها في المسجد خلاف السنة، 

ولا تدخل من أجل هذه المخالفة في المصالح المرسلة،


فإن إتباع السنة في الفعل والترك. وفق الله الجميع لطاعته.

تطبيق أصولي ٣: هل يمكن تنزيل مسألة وضع الخطوط في المساجد من أجل إستقامة الصف على المصالح المرسلة؟


تطبيق أصولي: هل يمكن تنزيل مسألة وضع الخطوط في المساجد من أجل إستقامة الصف على المصالح المرسلة؟ 

الجواب: وضع الخطوط على السجاد من أجل تسوية الصف لا تدخل في باب المصالح المرسلة؛ لأنها تخالف السنة؛ 

ووجه ذلك أن المقتضي لها كان موجوداً وميسراً زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك لم يفعله، 

فاستعمالها في المسجد من أجل تسوية الصف بدعة وليس مصلحة، 

لأنه يخالف السنة التركية للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

فيما يظهر.


ملحوظة: لا تنس أن هذه مسألة اجتهادية، فمن أهل العلم من يرى خلاف ذلك. والمقصود التطبيق الأصولي.

تطبيق أصولي ٢: لا يصح اعتبار الخروج في المظاهرات والاعتصامات من باب المصالح المرسلة


تطبيق أصولي:
استدل بعض من (يدعون) السلفية أن (المظاهرات) و(الاعتصامات) ((السلمية)) من هذا الباب؛ باب المصالح المرسلة. 

أقول: لا يصح اعتبار الخروج في المظاهرات والاعتصامات من باب المصالح المرسلة لعدة أمور:

- لأن فيها ضياعاً لتحقيق مقاصد الشرع من حفظ الأنفس، والدين، والأموال؛ لأنها في الغالب تؤدي إلى ذلك ومن خيالاتهم قولهم: مظاهرات سلمية!

- لأن في ذلك تشبهاً بالكفار؛ فهذا الأسلوب من التعبير أسلوب وافد إلى المجتمعات الإسلامية، لعله يناسبهم لكنه لا يناسبنا.

- لأن في ذلك خروجاً على ولاة الأمر في نصيحته والسمع والطاعة له، فهو يعارض الكتاب والسنة والإجماع والقياس؛ لأنها جميعها تدل على وجوب لزوم الجماعة والسمع والطاعة، وتلزم بالصبر على جور الأئمة.

- لأن الخروج في المظاهرات والاعتصامات لا يحقق مصلحة لجماعة المسلمين، بل يجعل الجماعة عرضة للفتن والكيد وتسلل أهل الباطل والأطماع والأغراض الخبيثة.

- لأن التجربة الواقعة في البلدان التي لم تخضع لحكم الشرع وحكمته دخلت في دهاليز مظلمة بسبب المظاهرات والاعتصامات لم تخلص منها إلى اليوم!


أسأل الله العافية والسلامة لي ولجميع المسلمين.

كشكول ٢٤٢: تعلموا -بارك الله فيكم- في المسائل الخلافية الاجتهادية التي لا يوجد فيها دليل يلزم اتباعه...


تعلموا -بارك الله فيكم- في المسائل الخلافية الاجتهادية التي لا يوجد فيها دليل يلزم اتباعه؛ 

سعة الصدر للمخالف.

وترك التعنيف للمخالف.

والترفق في مناصحته.


بوركتم.

كشكول ٢٤١: مع المخالف في الدين: {وجادلهم بالتي هي أحسن}؛ فكيف يكون الجدل مع الموافق في الدين في مسألة اجتهادية؟!



مع المخالف في الدين: {وجادلهم بالتي هي أحسن}؛


فكيف يكون الجدل مع الموافق في الدين في مسألة اجتهادية؟!

كشكول ٢٤٠: خيط رفيع في بعض المسائل بين الحق والباطل؛ فلننتبه له حتى لا نقع في الباطل!


خيط رفيع في بعض المسائل بين الحق والباطل؛

فلننتبه له حتى لا نقع في الباطل! 


اللهم ارنا الحق وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل وارزقنا اجتنابه.

كشكول ٢٣٩: الاستحسان


الاستحسان.

معدود من الأدلة المختلف فيها.

وعند التحقيق ليس منها.

والمراد به ما يستحسنه المجتهد بعقله. وهذا المعنى اتفق على أنه باطل لا يجوز أن يتكلم أحد في شرع الله بالعقل المجرد. ولذا قيل: من استحسن فقد شرع. 


والمعاني الأخرى المذكورة للاستحسان والمراد به تدخل في العرف والمصالح المرسلة والقياس والعمل بالكتاب والسنة، وبهذا يخرج الاستحسان إلى معاني متفق عليها غير مختلف فيها.

كشكول ٢٣٨: إجماع أهل المدينة


إجماع أهل المدينة

من الأدلة المختلف فيها

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وعندَ التَّحْقِيقُ هو على مراتب؛ 

مِنْهُ مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. 

وَمِنْهُ مَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ. 

وَمِنْهُ مَا لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا بَعْضُهُمْ. 

وَذَلِكَ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ: 

الْأُولَى: مَا يَجْرِي مَجْرَى النَّقْلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.  مِثْلُ نَقْلِهِمْ لِمِقْدَارِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ؛ وَكَتَرْكِ صَدَقَةِ الْخَضْرَاوَاتِ وَالْأَحْبَاسِ فَهَذَا مِمَّا هُوَ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ أَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَأَصْحَابُهُمَا فَهَذَا حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ كَمَا هُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ مَالِكٍ. وَذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَوَّلُ مَنْ لُقِّبَ قَاضِي الْقُضَاةِ - لَمَّا اجْتَمَعَ بِمَالِكِ وَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَأَجَابَهُ مَالِكٌ بِنَقْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُتَوَاتِرِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ: «لَوْ رَأَى صَاحِبِي مِثْلَ مَا رَأَيْت لَرَجَعَ مِثْلَ مَا رَجَعْت». فَقَدْ نَقَلَ أَبُو يُوسُفَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا النَّقْلِ حُجَّةٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا هُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ غَيْرِهِ، لَكِنْ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا النَّقْلُ كَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَلَمْ يَبْلُغْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَثِيرٌ مِنْ الْحَدِيثِ، فَلَا لَوْمَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُمْ عِلْمُهُ. وَكَانَ رُجُوعُ أَبِي يُوسُفَ إلَى هَذَا النَّقْلِ كَرُجُوعِهِ إلَى أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ اتَّبَعَهَا هُوَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ وَتَرَكَا قَوْلَ شَيْخِهِمَا؛ لِعِلْمِهِمَا بِأَنَّ شَيْخَهُمَا كَانَ يَقُولُ: إنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَيْضًا حُجَّةٌ إنْ صَحَّتْ لَكِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ. وَمَنْ ظَنَّ بِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَتَعَمَّدُونَ مُخَالَفَةَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِقِيَاسِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ عَلَيْهِمْ وَتَكَلَّمَ إمَّا بِظَنِّ وَإِمَّا بِهَوَى. 

الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: الْعَمَلُ الْقَدِيمُ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عفان، فَهَذَا حُجَّةٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الشَّافِعِيِّ. قَالَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى: «إذَا رَأَيْت قُدَمَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى شَيْءٍ، فَلَا تَتَوَقَّفْ فِي قَلْبِك رَيْبًا أَنَّهُ الْحَقُّ». وَكَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد أَنَّ مَا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَهُوَ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا وَقَالَ أَحْمَد: «كُلُّ بَيْعَةٍ كَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ فَهِيَ خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ». وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ بَيْعَةُ عَلِيٍّ كانت بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُعْقَدْ بِالْمَدِينَةِ بَيْعَةٌ. والْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ حُجَّةٌ وَمَا يُعْلَمُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَمَلٌ قَدِيمٌ عَلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. 

وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا تَعَارَضَ فِي الْمَسْأَلَةِ دَلِيلَانِ، كَحَدِيثَيْنِ وَقِيَاسَيْنِ جُهِلَ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ وَأَحَدُهُمَا يَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ؛ فَفِيهِ نِزَاعٌ. فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُرَجِّحُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُرَجِّحُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلِأَصْحَابِ أَحْمَد وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا -وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ- أَنَّهُ لَا يُرَجِّحُ . وَالثَّانِي -وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ- أَنَّهُ يُرَجِّحُ بِهِ. قِيلَ: هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد. وَمِنْ كَلَامِهِ قَالَ: «إذَا رَأَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا وَعَمِلُوا بِهِ فَهُوَ الْغَايَةُ». وَكَانَ يُفْتِي عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَقْرِيرًا كَثِيرًا، وَكَانَ يَدُلُّ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَيَدُلُّ الْمُسْتَفْتِي عَلَى إسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَنَحْوِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَيَدُلُّهُ عَلَى حَلَقَةِ الْمَدَنِيِّينَ حَلَقَةِ أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ وَنَحْوِهِ. وَأَبُو مُصْعَبٍ هُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ مَاتَ بَعْدَ أَحْمَد بِسَنَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ أَحْمَد يَكْرَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الرَّأْيِ وَيَقُولُ: «إنَّهُمْ اتَّبَعُوا الْآثَارَ». فَهَذِهِ مَذَاهِبُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ تُوَافِقُ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي التَّرْجِيحِ لِأَقْوَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. 

وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: فَهِيَ الْعَمَلُ الْمُتَأَخِّرُ بِالْمَدِينَةِ فَهَذَا هَلْ هُوَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ أَمْ لَا؟ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ النَّاسِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةِ شَرْعِيَّةٍ. هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفَاضِلُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِهِ (أُصُولِ الْفِقْهِ) وَغَيْرُهُ، ذَكَرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ إجْمَاعًا وَلَا حُجَّةً عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَرُبَّمَا جَعَلَهُ حُجَّةً بَعْضُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَيْسَ مَعَهُ لِلْأَئِمَّةِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ بَلْ هُمْ أَهْلُ تَقْلِيدٍ. 

قُلْت (ابن تيمية): وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ مَالِكٍ مَا يُوجِبُ جَعْلَ هَذَا حُجَّةً وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ، إنَّمَا يَذْكُرُ الْأَصْلَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ يَحْكِي مَذْهَبَهُمْ. وَتَارَةً يَقُولُ: الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا يَصِيرُ إلَى الْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ وَتَارَةً لَا يَذْكُرُ. 

وَلَوْ كَانَ مَالِكٌ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَأَخِّرَ حُجَّةٌ يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ اتِّبَاعُهَا وَإِنْ خَالَفَتْ النُّصُوصَ، لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُلْزِمَ النَّاسَ بِذَلِكَ حَدَّ الْإِمْكَانِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ اتِّبَاعَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَعَارُضَ فِيهَا وَبِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ عَرَضَ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مُوَطَّئِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: «إنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَرَّقُوا فِي الْأَمْصَارِ وَإِنَّمَا جَمَعْت عِلْمَ أَهْلِ بَلَدِي» أَوْ كَمَا قَالَ. 

وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَفَاوَتَ فِيهِ مَذَاهِبُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ: أَصَحُّ أَقْوَالِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ رِوَايَةً وَرَأْيًا. 

وَأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ حُجَّةً قَاطِعَةً.

وَتَارَةً حُجَّةً قَوِيَّةً. 

وَتَارَةً مُرَجِّحًا لِلدَّلِيلِ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ لِشَيْءِ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ. 

وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيمَا يَعْمَلُونَ: 

إمَّا أَنْ يَكُونَ سُنَّةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛


وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَضَايَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَيُقَالُ: إنَّ مَالِكًا أَخَذَ جُلَّ الْمُوَطَّأِ عَنْ رَبِيعَةَ وَرَبِيعَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؛ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ؛ وَعُمَرُ مُحَدَّثٌ. وَكَانَ عُمَرُ يُشَاوِرُ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ: كَعُثْمَانِ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ؛ وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ وَهُمْ أَهْلُ الشُّورَى؛ وَلِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: «اُنْظُرُوا مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُشَاوَرُ».»اهـ(مجموع الفتاوى (20/303 - 311)، باختصار وتصرف).

كشكول ٢٣٧: إجماع أهل الكوفة، من الأدلة المختلف فيها



إجماع أهل الكوفة.

من الأدلة المختلف فيها.

وذلك؛ لأن علياً -رضي الله عنه- وجَمْعاً كثيراً من الصحابة والعلماء كانوا بها؛ فكان ذلك دليلاً على أن الحق لا يفوتهم. وفيه نظر؛ لأن هؤلاء بعض الأمة، 


والحديث : «لا تجتمع أمتي على ضلالة». ولا فرق بين:
إجماع أهل الكوفة،
وإجماع أهل البصرة،
وإجماع أهل الفسطاط في هذا؛

لأنها كلها بلاد نزلها جماعات من الصحابة. فيتحرر أنه ليس بدليل ولا حجة.